أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع














المزيد.....

كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يا له من شيطان بارع! أحياناً لا نملك إخفاء مدى دهشتنا وإعجابنا حين يأتي أحدنا بصنيع كنا نحسبه مستحيلاً. حينها ننعته بصفات العفريت أو الشيطان أو الجِن، هذا الذي عرف كيف يخادع الأقدار ويمكر على المشيئة الإلهية ومع ذلك ينجو بفعلته ويربح. عكس سائر البشر المُدجنين، المطيعين، الخائفين من معصية الأقدار وتحدي المشيئة الإلهية النافذة، هؤلاء الشياطين يملكون إرادة حرة يمارسونها حتى ضد أقدار الإله، مالك الملك، نفسه؛ يأبون الانقياد الأعمى لقوانينه ولا يتورعون عن الانشقاق ودهس التقاليد والسُنن البالية بنعال أحذيتهم المتسخة؛ هم يملكون الجرأة والاقدام وحب المغامرة إلى حد المقامرة بحياتهم، لكي يعيشوا بأنفسهم- لا كما يُملي عليهم آخرون- حاضرهم الذي سيصنعون منه مستقبلهم- مهما حذرهم الآخرون من سوء المآل ومهالك التمرد والانشقاق على الذات العَلية. تلك هي نعيم شياطين الإنس وجنتهم، أن يستمتعوا بحيواتهم كيفما يريدون ويحلوا لهم، بكرامة وعزة، لا في مذلة أو تقديس وطاعة عمياء لأوامر أو إملاءات أو أهواء أو قوانين أيٍ آخر- حتى لو كان مالك الملك نفسه.

يا له من شيطان بارع بحق! هذا الشرع لم يُسقط إلهه الأعلى المتغطرس فقط، لكنه أحكم أيضاً قبضة فولاذية على مُلكه وفرض هيبته وهيئته وكاريزميته على الكاميرات كما لو كان قد تَشَّرَب تقاليد الحكم أباً عن جد. كثيرون من الملوك والرؤساء والأمراء والسلاطين العرب المؤلهين من شعوبهم قد ولدوا وترعرعوا في قصور وبيوت الرئاسة والملك والإمارة والسلطنة والحكم لكنهم، رغم ذلك، قد لا يتقنون التفوه بجملة عربية صحيحة وموحية كما يفعل، أو يجيدون التحاور مع الآخرين بمثل مهارته ودماثته. ذاك الملك بن الملك، الذي تربى وترعرع داخل القصر الجمهوري، وتلقي تعليمه في أرقى المدارس والجامعات الوطنية والأجنبية، لم يملك يوماً الأرض السورية أو الأثر الدولي كما يفعل الآن هذا الصعلوك إرهابي البارحة، الذي ظل حتى الأمس مطارداً ومختبئاً تحت صخور الجبال من قنابل وعيون العالم كله. لكي نُعطي الشيطان حقه، دعونا نلقي نظرة على ديموغرافيا الأراضي السورية قبل أن يفرض بالقوة سيطرته عليها مباشرة. كذلك، دعونا نعود بالذاكرة إلى ما حل بالعراق من فوضى وحرب أهلية فور أن اختطف الشيطان الأمريكي من العراقيين إلههم الصدامي؛ كذلك، دعونا لا ننسى ما لا يزال يجري حتى الآن في ليبيا بعد إسقاط إلهها القذافي، أو اليمين بعد صالح، أو السودان بعد البشير. حقاً، يا لك من عفريت شيطاني يا أحمد الشرع- إلى الآن على الأقل!

من أخص خصائص الإله أن يكون هو عِلة ذاته، لا مَعلولاً لأي شيء آخر؛ يَخلق ولا يُخلق. كذلك، لابد أن يكون الإله هو القاهر، الحاكم المطلق، في ملكه ورعاياه؛ يكافئ بنعيمه المطيعين المخلصين منهم، ويُذيق المنشقين والمخالفين أبشع أنواع الذل والمهانة والتنكيل والعذاب. في ذلك، لن يختلف أحمد الشرع كثيراً عن بقية أعضاء مجمع الآلهة العرب. مثلهم، هو أيضاً علة ذاته، أوجد نفسه بنفسه ولم يُوجده أحد. كذلك، لأن هذا هو دأب الآلهة منذ الأبد، لابد، مثل نظرائه العرب، أن يخص بنعمه ومزاياه ورضاه المؤمنين به من رعاياه، وبغضبه ونقمته المنشقين عليه والخارجين على حكمه.

غير أن الشرع أمام مأزق صعب لم ينجو منه حكام عرب آخرون حاولوا لعب دور الألوهية على شعوبهم ودفعوا أثماناً باهظة كلفتهم وكلفت أوطانهم ليس بأقل من الخراب والهلاك. حتى يُصدق الرعايا في ألوهية الإله لابد ألا يكونوا شهود عيان على عملية خلق وتنصيب إلهاً عليهم- الإله لا يُخلق ولا يُنصب. الملوك والأمراء في منطقة الخليج والمغرب يمتد سلسال ألوهيتهم إلى أبعد من قدرة ذاكرة رعاياهم على الاستدعاء والتذكر، وهو ما يضمن لهم هالة من القداسة والتبجيل جديرة بها الآلهة من رعاياها. في المقابل، حين حاول جمال عبد الناصر ورفاقه صدام حسين والقذافي وعلي عبد الله صالح وأمثالهم الانتقال من مرتبة الثوار الشياطين المنقلبين ضد آلهتهم آنذاك إلى مرتبة الآلهة المعبودين من رعاياهم، كانت ذكرى الانقلابات لا تزال حية ونابضة في وجدان شعوبهم: "لقد شاهدناكم بأم أعيننا وأنتم تقتلوا بأيديكم آلهتنا وساعتها فرحنا وصفقنا وهتفنا ورائكم: حرية، كرامة، لا استعباد بعد اليوم! هل قتلتموهم لكي تحررونا من عبوديتنا لهم حقاً أم لكي تخلفوهم على عروشهم ونكون قد استبدلنا إلهاً بإله وعبودية بعبودية أخرى؟! هل هذا يصح؟! أليس الله واحد أحد، فرد صمد، لا يحيا ولا يموت، أم مجمع آلهة يتناحرون مثل البشر فيما بينهم لكي نصفق ونهلل للغالب، حتى يأتي الدور على آخر لنعاود التصفيق والتهليل وهلم جرا؟!"



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (6)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (5)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (4)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (3)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (2)
- في مآلات المشروع العربي الناصري
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا
- حاسبوا أنفسكم مع بشار
- هل تُبالي حكومة حماس بحياة الفلسطينيين؟
- السيد صاحب مفتاح مطبخ الفرح
- ما ضير الديمقراطية لو انتخب المعاتيه معتوهاً منهم؟
- عن حاجة الإنسان إلى رَبْ
- في القانون بين الرذيلة والفضيلة
- في معرفة الواحد
- العُقْدَة اليهودية في العقل العربي
- تمرير ديمقراطية عربية تحت غطاء ديني!
- رأسمالية روسيا ما بعد الشيوعية
- باسم العدالة والمساواة حكومات تحتكر الاقتصاد
- الأنانية في المجتمع والدولة
- الأمة العربية والإسلامية لكن بزاوية نَظَر حادة


المزيد.....




- الأردن.. جدل حول بدء تنفيذ نص قانوني يمنع حبس المَدين
- إيران تؤكد مقتل علي شدماني قائد -مقر خاتم الأنبياء- في غارات ...
- ما الذي حدث في غزة خلال 12 يوماً من المواجهة بين إيران وإسرا ...
- ألمانيا.. السوري المشتبه به بهجوم بيليفيلد عضو في -داعش-
- بزشكيان يؤيد منطقة خالية من الأسلحة النووية بما يشمل إسرائيل ...
- نيوزويك: هل كان قصف ترامب مواقع إيران النووية فكرة صائبة؟
- مقتل 17 جنديا في شمال نيجيريا إثر هجوم جديد على قواعد تابعة ...
- زيمبابوي تحطم الرقم القياسي بمبيعات التبغ لعام 2025 بأكثر من ...
- إريتريا تسعى لإلغاء ولاية المحقق الأممي لديها بعد إدانتها
- الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع