أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام نفاع - نيران شقيقة تخدم الإحتلال















المزيد.....

نيران شقيقة تخدم الإحتلال


هشام نفاع

الحوار المتمدن-العدد: 1788 - 2007 / 1 / 7 - 10:56
المحور: القضية الفلسطينية
    


في اليوم الثالث من العام الجديد، سقط خمسة ضحايا فلسطينيين جدد بنيران شقيقة. نيران "أشدّ مضاضة" من أية نيران غيرها. ليست نيران "ذوي القربى" فحسب، بل نيران أبناء الشعب والهمّ والقضية والمصير الواحد، وفي صدورهم. هل يجب تكرار مقولات العيب والعار؟
صورة الواقع لا تحتمل تجميلا. هناك اليوم سلطتان. لديهما جهازان للأمن. ومِن خلال مشاهد بشاعة اصطدامهما المتكرر، يبدوان كجهازين للأمن الفصائلي، الفئوي والضيّق، وليس للأمن الوطني الفلسطيني الجامع الموحّد. لا توجد حاليًا قيادة موحّدة. مثلا، قال جهاز الأمن الوقائي التابع لسلطة فتح بعد آخر قتلٍ فلسطيني-فلسطيني، في بيان رسمي: إن مجموعة مجهولة قامت بخطف ضابط في جهاز الامن الوقائي بعد إصابته، وبعد أن توفرت معلومات لدى الجهاز عن مكان وجوده تحركت قوة من الأمن الوقائي باتجاه المكان لتحريره والقبض على الخاطفين. وفور وصول القوة للمكان تعرضت لوابل من الرصاص مما أدى الى اصابة عنصر بالامن الوقائي واثناء قيام سيارة لنقل المصاب الي مستشفى خان يونس قامت عناصر من القوة التنفيذية باطلاق النار على السيارة مما ادى مقتل ثلاثة من عناصر الوقائي و اصابة آخرين.
أما القوة التنفيذية التابعة لسلطة حماس فقد قالت بالمقابل إن الأمن الوقائي حاصر منزل عنصر من القوة التنفيذية واطلق النار على ساكنيه وتدخلت القوة التنفيذية وتم التوصل الى اتفاق مع جهاز الامن الوقائي بسحب افراده من المكان. وأضاف الناطق باسم القوة فى بيان "لقد تفاجأنا من قيام جيب للامن الوقائي باطلاق النار على افراد القوة التنفيذية المتواجدة داخل المستشفى وقام افراد التنفيذية بالرد على اطلاق النار و اثناء هروب جيب الامن الوقائي اصطدم بجدار اسمنتي مما اوقع الاصابات و القتلى".
هاكم معضلة: أمام تراشق الاتهامات هذا وتحميل المسؤولية للآخر بالمُطلق، من سيحسم في أمر الروايتين؟ أي جهاز يملك صلاحية تحديد المسؤوليات؟ أي سلطة عليا فوق السلطتين ستقول الكلمة الأخيرة؟ أية منظومة حكم هي القادرة على احتواء السلطتين تحت سقف سياديّ واحد؟
هذا مجرد انعكاس واحد فقط للأزمة الفلسطينية-الفلسطينية المتفاقمة. وشيء قليل فقط من الوضع الخطير الراهن: قوتان عسكريتان مواليتان لسلطتين مختلفتين تصطدمان بالنار والرصاص وتسفكان دماء بعضهما البعض وبعض المارّة. على ماذا تدور المعارك؟ وهل هي ملتزمة بقضايا وحقوق الشعب الفلسطيني الحقيقية، أم أن ما يجعلها تستعر، ليس سوى الحرب على السلطة.. سلطة تحت الإحتلال؟ قاسٍ هذا التساؤل.
المعطيات التي نشرها مركز الميزان لحقوق الانسان ومقرّه في غزة، تشير الى تصاعد حاد وخطير فيما اصطلح على تسميته بالفلتان الأمني. وهو لا يشمل الاقتتال الفصائلي فحسب، بل أشكالا أخرى بينها العبث بالسلاح وسوء استخدامه وخصخصة أهدافه. فبينما كان عدد الحالات التي سقط فيها قتلى (قتيلان) عام 2002 هو ثلاث حالات، ارتفع حتى شهر آب فقط من العام المنصرم 2006 الى 453 حالة، وبلغ عدد ضحاياه 107 فلسطينيين بينهم 15 طفلا.
عدد الضحايا الفلسطينيين بغير نيران الاحتلال الاسرائيلي بحسب السنة كان كالتالي: 2002- ضحيتان؛ 2003 – 18 ضحية بينهم 8 أطفال؛ 2004 – 57 ضحية بينهم 6 أطفال؛ 2005 – مئة وضحية واحدة بينهم 23 طفلا. من الواضح أن هناك تفاقمًا كبيرا، وقفزات أكثر دموية من سنة الى أخرى. لأجل ماذا سقط هؤلاء الشهداء؟
آخر الضحايا، هذا الأسبوع، سقطوا بعد عقد اتفاق ثان على وقف متبادل للنار في 20 كانون الأول الماضي. وكان سبقه اتفاق آخر تقوّض، وقام كل طرف طبعًا باتهام الطرف الآخر بإفشاله. يكاد هذا الوضع يتجاوز حدود العبث، بحيث لا يوصَف سوى بالتفجّع، لولا أنه لا مكان للإستعارات المسرحيّة والأدبية عامة هنا. لكن الموقف الذي عبّر عنه جون جينج، وهو مسؤول كبير من الامم المتحدة في غزة، في مؤتمر صحفي قبل أسبوعين، أضاف شجونًا جديدة، تعجز السياسة عن استيعابها. "هناك نزاع سياسي.. احسموه سياسيا"، قال مخاطبًا أصحاب القضية، ومضيفًا بأن الأمم المتحدة اضطرت الى اغلاق بعض مراكز توزيع المساعدات الغذائية والمدارس بسبب الاقتتال! في هذا الكثير من الرمزيّة وبأكثر الألوان قتامةً. الأمم المتحدة تناشد أبناء الشعب الفلسطيني الواحد وقف إطلاق النار. هل بات يجب أن نتخيّل جلب قوات دولية، ليس لصدّ جرائم الاحتلال الاسرائيلي، بل لصد هذا الإنحدار الفلسطيني؟ هل تنتظرنا قوات تدخّل سريع دولية لإبعاد الرصاص الفلسطيني عن صدور فلسطينية؟ خطير.
لشدة التعقيدات الراهنة التي تمر فيها القضية الفلسطينية، لا يُعقل استيعاب أي مبرّر لهذا الاقتتال. ممنوع السماح بأية محاولة لعقلنة ذرائع هذا الجنون. وبالتالي، فيجب الامتناع عن جميع أنواع الوسطيّة كالوقوف في موقف تقسيم المسؤوليات عن هذا الوضع بين طرفين والخروج بمنطق "الصُّلحة" العشائرية. وكما سبق أن كُتب في مقال سابق: من الخطأ، بل أكثر، خلق معادلة تتساوى فيها الاتهامات حتى تتساوى فيها المسؤوليات والمناشدات، لتتعادل المعادلة بالتالي في صفر واحد كبير. لا. بل إن تركيبة الأمور ووحدتها معًا، لا تحتملان أصلا هذه التقسيمة الثنائية المطلقة، لأنه لا يوجد شيء إسمه مصالح فتح ومصالح حماس، إلا إذا كان ما يشغلهما هو احتلال السلطة، بدلا من دحر الاحتلال. وهما ليسا هكذا. فالفصيلان ليسا قبيلتين ولا غريمين مرسومين بالأبيض مقابل الأسود، إلا إذا كنا نعتقد بوجود محور خير ومحور شر في الشعب الفلسطيني. وكل من يرفض هذه اللغة الأمريكية البغيضة يجدر به الابتعاد الواعي عن أي نمط من الانحياز العصبيّ الضيق الى هنا أو هناك.
لا نحتاج للإكثار من الشرح بغية القول إن هذه الحالة الدموية الداخلية هي نقطة ضعف شديدة حدّ التهديد الملموس. ولا حاجة للكثير من التحليل، للقول إن نقطة الضعف الفلسطينية هذه تتحول نقطة قوّة بنفس الشدّة لصالح الاحتلال. هنا، يكون الاستنتاج مؤلمًا: الاحتلال الاسرائيلي يحقق مكسبًا خالصًا تتم صناعته بأيدٍ فلسطينية. فكيف لا يفهم سياسيو هذا الشعب ذلك. وإذا كانوا يفهمونه، فكيف لا يستنتجون المطلوب بناءً عليه؟
يوم الجمعة الماضي، أجرت "الجزيرة" مقابلة مع رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل. وهناك صرّح بأمرين هامين جدًا، في هذا السياق. ففي معرض ادعائه أن حركة حماس مصرّة على إقامة حكومة وحدة وطنية، ذكر أن هناك مرجعية لذلك، هي وثيقة الوفاق الوطني التي وضعها الأسرى الفلسطينيون. أهمية هذا التصريح هي أنه يجري من خلاله إعادة الاعتبار الى هذه الوثيقة الهامة، بل أهم برنامج سياسي فلسطيني مرحلي راهن مطروح. وأيضًا، لأن الاعلان عن استعداد حماس لاعتمادها إياها، يضع نقاطًا على حروف جرى طمسها مرارًا، حين خرجت من حماس مواقف متناقضة بشأنها. مرّة قيل أن عددا من أسرى الحركة سحبوا تواقيعهم عنها، ومرة أخرى تم التراجع عن بعض ما ورد فيها، وغير ذلك. لكن تصريح مشعل الأخير، يزيل كثيرًا من اللُبس، وهذا مشجّع. الأمر الثاني هو ما أعلنه مشعل في سياق سؤال حول ضرورة فتح أفق سياسي. فقد قال بخصوص الموافقة على المبادرة العربية(التي خرجت من قمة بيروت، ربيع 2002) إن من يرفضها هو إسرائيل. وحين سئل عن موقف حماس اذا ما وافقت عليها اسرائيل، قال فيما يستحق اعتباره سبقًا صحفيًا: اذا جرى ذلك، فلن نخالف موقفًا يجمع كل الأخوة العرب.
بموازاة ذلك، هناك أصوات رسمية في فتح لا تزال تؤكد أيضًا أن الهدف الأول هو اقامة حكومة وحدة وطنية. مثلا، عاد العقيد جبريل الرجوب، القيادي في فتح، أواخر الأسبوع الماضي الى تأكيد أولوية ذلك الهدف قبل أي شيء آخر. وهذا رغم خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشهر الفائت حول امكانية حل المجلس التشريعي، وبالتالي الحكومة أيضًا، والذهاب الى انتخابات مبكرة. وهو ما يجب مواصلة الأمل بأنه جاء من باب الضغوط فحسب، وليس من أيّ باب آخر تعصف فيه رياح أمريكية سَموم!
والسؤال: إذا كانت فتح وحماس متفقتين على أولوية حكومة الوحدة، وعلى مرجعيتها المتمثلة بوثيقة الأسرى، وعلى ضرورة فتح أفق سياسي يكسر الحصار الفعلي المباشر وذلك السياسي الأكثر تعقيدًا، فما الذي يمنع إذًا التقدّم في هذا المسار؟ وما الذي يبقي الأمور تراوح في مكانها، لتنفجر هنا وهناك بصدامات مسلّحة شقيقة قاتلة؟
هناك إمكانيتان: الأولى أن التصريحات من الطرفين غير جادة بل تُقال لأغراض تكتيكية لا غير. والثانية أن التصريحات جادة تمامًا، لكن أسباب الصراع لا تدور حول المواقف والاجتهادات، بل حول مجرّد التحكّم بالسلطة. إمكانيتان، أحلاهما مُرٌّ!
في ظل هذا الوضع، لا بدّ من إعادة الزخم الى وثيقة الأسرى، ذات الطرح السياسي العملي والمسؤول، داخليًا وخارجيًا، وذات القيمة المعنوية والأخلاقية المتميزة، كونها خُطّت بأيدي مناضلين ووُقعت بأقلام من خلف قضبان السجون. فهل تقوم بقية الفصائل، إضافة الى قوى عديدة مقربة من الحركتين المتنافستين الأكبر، بتأليف محور ثالث فاعل يضغط بهذا الاتجاه؟ ذلك أن مواصلة المراوحة في مواقع التراشق، الكلامية منها والنارية، لن تزيد الوضع إلا تفاقمًا، وقضية شعبنا إلا ضعفًا، والاحتلال الاسرائيلي إلا أرباحًا.. في هذه الساعة العصيبة، ما أحوج شعبنا الى كسر هذه الدائرة المفرغة، عبر اتفاق وطني نحو الداخل، وأفق سياسي نحو الخارج.



#هشام_نفاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يبدو أن مؤسسة الجريمة المنظمة الحاكمة في اسرائيل، كأخلاقها، ...
- شرطة اسرائيل تحارب إعلاميًا أيضًا لمنع كشف جرائمها
- عنجهيات الحرْب ومسارات الهرَب
- ملاحظة على حرب الحسابات الخاطئة
- البلدوزر التاريخ لا يغيب خلف آخر أيام الجنرال هشام نفاع
- التحريض والاستعلاء العنصري شفاعمرنا وصحافتهم
- عن اعادة ترتيب الدبابات
- فقر وجوع لدى بلفور وهرتسل
- حتى تصبح الدبابات بكامل كاريكاتوريتها
- عمليات انتحارية، سياسيا أيضا
- قصة اعلان تعزية


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام نفاع - نيران شقيقة تخدم الإحتلال