في سورية، لم نستمتع بالحياة ولم نحقق التوازن مع إسرائيل ولم نكافح الفساد، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 8190 - 2024 / 12 / 13 - 00:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في سورية، لم نستمتع بالحياة ولم نحقق التوازن مع إسرائيل ولم نكافح الفساد


و تشتتنا بين النضال للحصول على لقمة العيش والركود السياسي والاقتصادي والفساد

سورية أرض غنية بالتاريخ والثقافة. ومع ذلك، أصبحت الحياة بالنسبة للعديد من السوريين معركة مستمرة ضد اليأس. لم يدمر الصراع المستمر البلاد فحسب، بل خنق أيضا أي أمل في التمتع بالحياة أو تحقيق التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، ينتشر الفساد، مما يزيد من تعقيد حياة المواطنين العاديين.

حياة لم تعاش

لسنوات، واجه الشعب السوري العنف وعدم الاستقرار. حولت الحرب السورية التي اندلعت في عام 2011 المدن إلى ساحات معارك. تمزقت الأسر، ودُمرت المنازل، وتحطمت سبل العيش.

حلب على سبيل المثال. كانت ذات يوم مركزا تجاريا وثقافيا مزدحما، لكنها الآن أصبحت خرابا. ترك الدمار العديد من الناس بدون الضروريات الأساسية - الغذاء والماء والمأوى. يضطر الناس إلى التنقل في الحياة اليومية وسط القصف والخوف.

التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل: حلم بعيد المنال

كانت العلاقة بين سورية وإسرائيل محفوفة بالتوترات منذ منتصف القرن العشرين وطرحت شعار التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل وهو شعار صعب التطبيق في وجه الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل. وعلى الرغم من المحاولات العديدة لإجراء محادثات السلام، بما في ذلك تلك التي توسطت فيها قوى دولية مثل الولايات المتحدة (وهي وسيط غير نزيه) ، فإن التقدم الملموس في أي تفاوض مستقبلي لا يزال بعيد المنال.

تمثل مرتفعات الجولان السورية نقطة خلاف كبيرة. فقد احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة(حرب حزيران) عام 1967، وهي ذات أهمية استراتيجية لمن يسيطر عليها. ويرمز عجز سورية عن استعادتها إلى فشل أوسع نطاقا في تحقيق الاستقرار أو الأمن في المنطقة.

في السنوات العشرين الأخيرة، ظهرت المناقشات حول التطبيع بين سورية وإسرائيل ولكنها تظل سطحية وغير جدية في أفضل الأحوال لأن الجانب الإسرائيلي يعتبر نفسه غير مضطرا للتسوية نتيجة تفوقه العسكري والاقتصادي. وبالنسبة للعديد من السوريين، تبدو هذه الجهود الدبلوماسية بعيدة عن نضالاتهم اليومية للحصول على لقمة العيش البسيطة.

الفساد: عائق أمام التقدم

الفساد متجذر بعمق في المجتمع السوري منذ تأسيس الدولة السورية لكنه تطور في السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق. فهو يتغلغل في كل مستوى من مستويات الحكومة ويؤثر على جميع جوانب الحياة - من الرعاية الصحية إلى التعليم إلى كل جوانب الحياة السورية.

على سبيل المثال، تشير التقارير إلى أن الرشوة شائعة عند الوصول إلى الخدمات العامة أو تأمين الوظائف. إن ثقافة الفساد هذه لا تقوض الثقة في المؤسسات فحسب، بل إنها تؤدي أيضا إلى إدامة الفقر وعدم المساواة.

أبرزت دراسة أجرتها منظمة الشفافية الدولية الترتيب المتدني لسورية على مؤشر مدركات الفساد. وتكشف مثل هذه الإحصائيات كيف يعيق الفساد جهود التنمية ويؤدي إلى تفاقم القضايا الاجتماعية.

الخلاصة

باختصار، تتسم الحياة في سورية اليوم بالمشقة وخيبة الأمل والصراع الذي انتهى مؤخرا. ولا تزال أحلام التمتع بالسلام الداخلي أو تحقيق التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل غير محققة. وإلى جانب الفساد المستشري، تخلق هذه التحديات بيئة تتسم بعدم اليقين نتيجة الحرب والصراع الاقليمي والدولي وضعف الامكانيات.

وبينما نتأمل هذا الوضع، يصبح من الأهمية بمكان الأمل بالتغيير الواعد - سواء داخل سورية أو من المجتمع الدولي - للمساعدة في إعادة بناء الروح السورية التي حطمها صراع داخلي وصراع اقليمي ودولي على الأرض السورية.


المراجع

1. Transparency International (2022). "Corruption Perceptions Index." Retrieved from [Transparency.org](https://www.transparency.org/en/cpi/2022/index/nzl)

2. United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA) (2023). "Syria Humanitarian Response Plan." Retrieved from [UN OCHA](https://www.unocha.org/syria)

3. Al Jazeera (2021). "The War in Aleppo: A City Divided." Retrieved from [Al Jazeera](https://www.aljazeera.com/news/2021/4/8/the-war-in-aleppo-a-city-divided)

4. International Crisis Group (2020). "Syria’s Peace Process: How to Move Forward?" Retrieved from [CrisisGroup.org](https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/syria)

5. BBC News (2019). "Israel-Syria Relations: What You Need to Know." Retrieved from [BBC.com](https://www.bbc.com/news/world-middle-east-44412354)

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل