عبد الكريم حسن سلومي
الحوار المتمدن-العدد: 8182 - 2024 / 12 / 5 - 21:22
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
احتلت قضية الزراعة والمياه جزء كبير من الفكر الصهيوني في مرحلة ما قبل انشاء دولة اسرائيل ثم استمر بالطبع بعد انشاء الدولة ففي المرحلة الاولى كانت السيطرة على الاراضي الزراعية ومشروعات المياه على حساب اهل البلاد الفلسطينيين وكان القول الشائع لبن جوريون مؤسس دولة الصهاينة (اننا لن يمكنا تحويل الصحراء الى جنة خضراء دون السيطرة على مصادر المياه في المنطقة وفي مقدمتها مياه نهر الاردن) ,وبعد حرب عام 1967 سيطرت اسرائيل على مياه نهر بانياس وعشرة كيلومترات اضافية من نهر اليرموك وكامل الضفة الغربية لنهر الاردن وكل المياه الجوفية لقطاع غزة وتشتمل السياسة الاسرائيلية بالسيطرة التامة على نهر الاردن اضافة الى استنزاف المياه الجوفية في المناطق المحتلة
يحصل الفلسطينيون في الضفة الغربية حاليا على 120 مليون م3 بينما في غزة على 45 مليون م3 اضافة الى 65 مليون م3 تسحب من احتياطي الابار الجوفية مما يؤثر على صلاحية الابار مستقبلا
أصـبح واضحا اليوم ان الـمـيـاه وجـمـيـع مـصـادرهـا تـشـكـل عـامـلاً اسـاسـيــاً فـي رسـم حدود ( الـدولـة الـيـهـوديـة ) ولقد بدأت فعلا حرب المياه بين دولة الصهيونية والعرب فعلا من عـام 1951م حـيـنـما شـرع الـصهاينة فـي تـنـفـيـذ مـخـطـطـهـم بـتـحـويـل مـجـرى نـهـر الأردن .
وفـي عـام 1955 حـدد ديفـيـد بـن جــوريــون رئيـس وزراء اســرائـيـل آنذاك أهـمـيـة الـمـاء لـلدولـة الـعبـريـة بـقـولـه ( إن الـيهـود يـخـوضون مـعـركـة شرسة مـع الـعـرب وهـي مـعـركـة الـميـاه وعـلى مـصيـر تـلـك الـمعـركـة يـتـوقـف مـصـيـر إسـرائـيـل فأن خـسـرنـاهـا فـلـن نـكـون فـي فـلـسـطـيـن ابــداً .
لـذا إسـرائـيـل تـسـرق حـالـيا 850 مـلـيـون مـتـر مـكـعـب مـن مـيـاه قـطـاع غـزة وهـو مـا يـعـادل 95% مـن مـوارد الـمـيـاه الـفـلـسـطـيـنـيـة. و فـي وقـت يـعـانــي فـيــه الـفـلـسـطـيـنـيــون مـن أزمـة مـيــاه كـبـيــرة جـدا حـيــث يـسـتـهـلــك الــفـــرد الـفـلـسـطـيـنـي بـيـن 40إلــى 50لــتــرا فـي الـيـوم مـقـابـل مـا بـيـن 220إلـى 240 لـتــرا للـفـــرد الإسـرائـيـلـي
وتـمـارس إسـرائـيـل مـنـذ احـتــلال الــجـولان عـام 1967م ســيـاســة الـسـطــو عـلـى الـمـيـاه فـي هـذه الأراضــي إذ تـسـتـغــل مـا يـقــارب 81مـلـيــون مـتـر مـكـعـب سنويا مـن مـيـاه الـجــولان وهـو مـا يـمـثـل نـسـبــة 25% مـن اسـتهـلاك إســرائـيـل للـمـيـاه . وتـمـتـد الأطـمـاع الإسـرائـيـلـيـة إلـى مـيــاه الـلـيـطـانـي حـيـث شـرعـت إسـرائـيـل مـنـذ احـتـلالـهـا لـجـنـوب لـبـنـان عـام 1978 م بـالـسـيـطـرة عـلـى نـحـو 150 مـلـيــون مـتـر مـكـعـب وتـصـادر مـا يـقـارب 200 مـلـيـون مـتـر مـكـعـب سـنـويـا كـمـا تـعـتـمــد ربـع أراضـيـهـا الـزراعـيــة عـلـى مـيـاه الـجــنـوب اللبناني .
لقد اكد الكيان الصهيوني منذ بداية نشأته في عام 1948 على اهمية المياه لتأسيس كيانهم المزروع في قلب الوطن العربي حيث أوصوا ان تكون مصادر المياه لهم ( الاردن والليطاني ) وقد فرضوا مطالبهم في جميع مراحل الاتفاقيات والمباحثات مع الدول العربية , لذلك فأن المياه ستكون عباره عن قنبلة موقوته تنفجر بأي لحظة مالم تكن هنالك معادلة حقيقية منصفة لمشكلة المياه مبنية على الحق والحقوق المكتسبة تاريخيا لا على اساس النهب والحرمان للحقوق واستخدام المياه كورقة ضغط للإذلال والحصول على تنازلات عن طريق اداة الارهاب المائي و الانصياع لأطماعهم غير قانونية .
فموضوع المياه ليس بعيدا عن التحالف التركي الاسرائيلي فقد ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية ان اتفاق التعاون التركي الاسرائيلي من ضمن ما يدعوا اليه من امور قيام تركيا ببيع المياه الى اسرائيل .
فقد باشرت اسرائيل بسرقة المياه العربية بعد حرب حزيران عام 67 واصدرت العديد من القوانين والتعليمات للسيطرة على المياه فبدأت بتهديم الكثير من المضخات والابار العربية , كما انها لوثت مياه نهر الاردن فسيطرت على 85% من مياه الضفة الغربية واستمرت اطماع اسرائيل بالمياه العربية لأنشاء دولة ما يسمى بإسرائيل , بالإضافة الى ذلك تجرب اسرائيل اليوم ومع الامبريالية العالمية متمثلة بالبنك الدولي الامبريالي الى جعل المياه سلعه دولية كما هو البترول اليوم والذهب والمعادن الاخرى . وتبرز اهم اثار اسرائيل على المياه العربية عن طريق الاتي:
- استخدم المياه كوسيلة ضغط لا لزام العرب على تطبيع العلاقات مع اسرائيل اي تستخدم الارهاب المائي مع فرض الامر الواقع على العرب بعد ان بدأوا يحسون بالعطش من جراء الحصار المائي عليهم من قبل اسرائيل والدول المجاورة
- عدم احترام اسرائيل للاتفاقيات الدولية التي ابرمتها مع الدول العربية بشأن المياه حيث تقوم اليوم باستنزاف المياه العربية بقوه وصلت لحد النضوب .
- ان مشكلة المياه تكاد تكون من القضايا المهمة بالصراع العربي الاسرائيلي وستبقى قضية المياه من اهم عوامل عدم الاستقرار بالمنطقة في المستقبل .
- اتفاق اوسلوا بين الفلسطينيين واسرائيل كان مثلا واضحا على اطماع الكيان الصهيوني بالمياه فتقرر ان يكون نصيب الفرد الصهيوني 246م3 مياه سنويا بينما الفلسطيني 56م3 علما ان ما يصل الفرد العربي – الفلسطيني اليوم 35م3 .
ان تنازع المياه تعد لها الدوائر الامبريالية الغربية منذ عقود وقد تتأجج بأي يوم ولكنها ستشكل حروب نهاية المطاف في الصراع العربي الصهيوني فأما الحياة واما الممات .
وتـصـل الأطـمـاع الإسـرائـيـلـيـة إلـى مـيـاه الـنـيـل ويـرتـكـز الـمـخـطـط الإسـرائـيـلـي الـمـقـبـل عـلـى هـذا الـهـدف وقـد طـرحـت مـشـاريـع لـهـذا الـغـرض أبـرزهـا مـشـروعـا ( الـيـشـع كـالـي )ا و ( شــاؤول أرلــوزورف) الـلـذان كـانـا يـهـدفـان إلـى تـزويـد صـحـراء الـنـقـب بـنـصـف بـلـيـون مـتـر مـكـعـب ضـمـن تـوجـه حـاز عـلـى اهـتـمـام خـاص مـن الأعـلام الإسـرائـيـلـي
وقد تقدم من مصر عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية ببيان عاجل الى كل من رئيس الوزراء ووزير الري المصري يطالبه بضرورة الحفاظ على الثروات القومية من المياه لمصر وحذر من حرب المياه التي سيتسبب فيها قلة الموارد المائية في العالم ودعا البيان لبذل جهود كبيرة من قبل وزارة الري في تأمين حصة مصر وزيادتها إن أمكن مع ضرورة الالتفات لتأمين خزانات المياه الجوفية على الشريط الحدودي بين مصر وإسرائيل لوقف نزيف الثروة المهدرة.
حيث ظهرت عدة تقارير علمية تؤكد استغلال إسرائيل للمياه الجوفية المصرية نتيجة الانحدار الطبيعي لخزانات المياه على الشريط الحدودي واستخدامهم لآلات شفط المياه الجوفية لاستخدامها في تبريد مفاعل ديمونة مخالفة بذلك للمواثيق الدولية كما انها تقوم ببيع المياه لبعض فنادق شرم الشيخ بأسعار باهظة علاوة على العلاقات الوطيدة التي أصبحت تربط إسرائيل بدول القرن الأفريقي والشراكة العلمية والتقنية في مجال استغلال الموارد المائية مع دول مثل أوغندا ورواندا وإثيوبيا وكينيا وزائير والتي بلا شك هدفها الرئيسي محاولة استغلال منابع النيل ومنطقة هضبة البحيرات للحصول على المياه مما يمثل تهديداً لحصة مصر من مياه نهر النيل .
أن بعض دول حوض النيل تردد بين الحين والآخر الأقاويل حول التعاون مع إسرائيل في بناء سدود لزيادة حصتهم من مياه النيل في ظل عدم اتضاح الرؤية حول اتفاق دول حوض النيل على حصص ثابتة
من الواضح جدا لأي مختص هو ان الإمبريالية العالمية بزعامة اميركا وربيبتها بالمنطقة ( اسرائيل ) خططت وفعلت ولازالت لغرض الاستحواذ على مصادر المياه للتحكم بالمياه الداخلة للعالم العربي لجعل العرب بحالة خوف متواصل من دول الجوار العربي ولتسويق السلاح الغربي بحجة الاتزان مع دول الجوار او الصهاينة إذ جعلت المخططات الإمبريالية تركيا تلعب وتحتل اليوم مركز مهم في التخطيط الاستراتيجي الامريكي في الشرق الاوسط و ان موقع تركيا الجغرافي السياسي مهم فيما يتعلق بالعراق وسوريا وايران مما يساعد على الابقاء على اهميتها الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية حيث تتمتع تركيا بالإمكانيات التي تمكنها ان تكون لاعب مهم بالشرق الاوسط
#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟