عبد الكريم حسن سلومي
الحوار المتمدن-العدد: 8177 - 2024 / 11 / 30 - 20:12
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
الامن الـمـائي الـعـراقي والغذائي في خطر
تعيش اليوم اغلب الدول العربية حالة خطيره من العجز المائي والذي يهدد كل خطط التنمية لديها ويعطلها مما يجعل اغلبها تعيش ظروف اقتصادية صعبه واجتماعيه وسياسية خطيره فاليوم يـواجـه الامن المائي العربي تـحـديات أسـاســية خطيرة بالشأن المائي
والعراق كبلد عربي بدأ يحصد نتائج خطيره بالشأن المائي رغم جريان نهرين منذ الازل في اراضيه حيث بدأ العراق يعاني من عجز مائي خطير اوقف لديه الكثير من خطط التنميه وادى لعجز كبير وخطير بالامن الغذائي لديه مما جعله يضطر لاستيراد اغلب غذاءه من عام 2003 لليوم ونحن بنهاية سنة 2024 ان الازمات التي يعيشها العراق والتحديات بالشأن المائي تتمحور حول مايلي
اولا-الأزمـة بـيـن الـعـراق وتـركــيــا وسـوريـا
جـاء فـي دراســة لـمـركـز الـدراسـات الاستراتيجية والـدولـيـة فـي واشـنـطـن أنـه بـحـلـول الـقـرن الـواحـد والـعـشـريـن فـإن الـميـاه سـوف تـصــبـح مـحـوراً جــديـاً للـصـراع فـي الـمنـطـقـة وأن منـطـقـة الـشـرق الأوسـط عـلـى حـافـة أزمـة كـبـرى بـسـبـب مـوارد الـمـيـاه
وعلـى الـرغـم مـن الـمـبـاحـثـات الـمسـتـمـرة بـيـن الأطـراف الـثـلاثـة ( تـركـيـا – سـوريـا – الـعــراق ) منـذ عـام 1962م وحتـى الـيـوم إلا أن هـذا كـلـه لـم يـسـفـر عـن تـوقـيـع أي اتفاقيات بـيـن الأطـراف الـثـلاثـة لاقتسام الـمـيـاه أو تـحـديـد حـصـة واضـحـة لـكـل مـنـهـم وتـرتـب عـلـى ذلـك أن الاقتصاد الـسـوري تـعـرض لـخـسـارة حـادة بـسـبب انخـفـاض منـسـوب الـمـيـاه فـي نـهـر الـفـرات ممـا أدي إلـى تـوقـف الـعـمـل فـي عـدد سـبـع وحــدات لـتـولـيـد الـكـهربـاء مـن عـدد ثـمـانـي وحدات بـمـحـطـة سـد الـفــرات وعدم أمكـانـيـة زراعـه منـاطـق أخـرى فـي ســوريــا نتـيـجـة نـقص الـمـاء .
و تم عقد بروتوكول عام 1987 بين سوريا وتركيا ولم يكن الجانب العراقي حاضرًا والذي حددت فيه كمية تدفق المياه عند الحدود السورية – التركية بـ500 متر مكعب وكان من المفترض أن يكون ذلك الاتفاق ثلاثياً ولكن العراق طلب ان لا يقل الحد الأدنى للتصريف عن 700 م3 حتى لا يلحق ضرر بالعراق لكون العراق يعاني قلة التصاريف المائية بالفرات والتي أدت إلى تردي نوعية المياه لزيادة ملوحتها و حولت تلك المنطقة إلى أرض غير صالحة للزراعة .
وفي عام 1990 اتفاق الجانبان بمنح العراق 58 % من المياه و42 % لسوريا. وعلى الرغم من الاتفاق كان يعد موقتاً ولا يتطرق لاقتسام مياه دجلة ، وبخاصة بعد أن أصبح برتوكول عام1987 التركي - السوري نافذ المفعول ، والذي أقر بتصريف 500 م3/ ثا عند الحدود السورية فقد أعطى سوريا حصة من مياه الفرات تتجاوز 6.5 مليارم3 وفق موافقة اللجان الفنية المشتركة .
وفي عام1991 شدد الجانبان السوري والعراقي تمسكهما ببروتوكول التعاون الاقتصادي الموقع في دمشق في 17 / 7 / 1987 والبند المتعلق بالمياه الذي بمنح العراق 58 في المائة من مياه الفرات ولكن على ان يسمح لسوريا بالتعويض بسحب كمية من نهر دجلة ولحد اليوم لم تقم سوريا بسحب أي كمية من نهر دجله الذي يشكل الحدود بينها وبين العراق وتركيا لمسافة لاتقل عن 50 كم .
وبـالنـسـبـة للـعـراق فـإن نـقـص الـمـيـاه أدى الى عـدم إمـكـانـيـة زراعـة ما يقارب 40% من الأراضـي فـي حـوض نـهـر الـفـرات وتـوقـف محطـة كـهـربـاء سـد حديثة عـن الـعـمـل تـمـامـاً مـنـد 1991م . ودعت الجامعة العـربـيـة الـحـكـومـة الـتـركـيـة لـبـدء مـفـاوضـات ثـلاثـيـة حـتـى يــمـكـن الـتـوصـل إلـى اتـفـاق نـهـائـي لـقـسـمـة عـادلـه تـضـمـن حـقـوق الأطـراف الـثـلاثـة طـبـقـاً لأحـكــام الـقـانـون الـدولـي . وأعـربـت الـجـامـعـة الـعـربـيـة قـلـقـهـا إزاء الـمـشـاريـع الـتـركـيـة عـلـى نـهـري دجـلـه والـفـرات دون التشاور المسـبـق مـع سـوريـا والـعـراق وفـق أحـكــام الـقـانـون الـدولـي والـمـعاهدات الـدولـية الـمنـظمـة لاستخدام الـمـيــاه .
ولكن بالواقع وحقيقة الامر ان تركيا تسعى ومن عقود لتصبح قوة مائية مهيمنة على اغلب مياه الشرق الاوسط فهي بدأت فعلا بالتحكم في منابع أنهار دولية وسيطرت بالكامل على تدفقات مياه هذه الأنهار عبر الحدود بعد ان قامت بأنشاء منظومة سدود مكنتها فعلا من خزين كل واردات هذه المياه لسنوات حيث شيدت من نصف قرن مشاريع هندسية مائية ضخمة على الأنهار العابرة للحدود واصبحت تستحوذ على كميات هائلة من المياه وعرضت بيع المياه وهذا دليل قاطع على وجود فائض مائي حيث طرحت المياه للبيع عبر ما سمته مشروع السلام فتركيا اليوم هي تمتلك البنك المائي بالشرق الاوسط الاضخم وهي من تتحكم بصنبور المياه
ان تركيا اليوم تتحكم فعلا بتدفقات المياه العابرة للحدود بينها وبين العراق وسوريا ورغم ذلك فإنها ترفض وبلا انسانيه مجرد التفكير في تقاسم المياه أو قبول التعاون مع دول المصب للأنهار العابرة لحدودها وفي حين تلتزم الدول المجاورة التي تتقاسم أنهاراً مشتركة معها باتفاقيات المياه وبروتوكولات التعاون التي أبرمتها معها الا ان تركيا لم توافق لليوم على ابرام معاهدة خاصة بالمياه مع أي من الدول العربية المجاورة التي تشترك معها في أنهار مخالفه بذلك كل القوانين والاعراف الدولية والإسلامية التي تربطها مع الدول المجاورة لها وهي العربية فقط
ان العديد من ساسة تركيا الكبار زاروا العراق لكن للأسف حكام العراق مطلقا لم تكن مطالبهم جاده وملحه في قضية المياه التي اصبحت قضيه مأساويه بصيف عام 2022 وبسبب تحكم دول الجوار العراقي المتشاركة بالمياه بواردات العراق المائية كما ونوعا فان القطاع الزراعي قد تراجع لديه بصوره كبيره وبات الامن الغذائي مهدد فعلا فقد اصبحت الصورة واضحه فدجله يشهد انخفاضا في مياهه بنسبة كبيره و الفرات ليس بأحسن حالا منه لكون تدخل سوريا بقوه أيضا في مسألة واردات الفرات كما ونوعا
وقد استغل ساسة تركيا أزمة المياه التي يعيشها العراق اليوم لتحقيق مطالب تركيه بتفعيل الاتفاقية الأمنية التي كان وقعها العراق قبل 2003 مع تركيا والتي بعض موادها تنص على حق القوات التركية بالتوغل في عمق الأراضي العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا لكن للأسف لم يخبرنا المسؤولين العراقيين ماذا فعلوا بهذا المطلب وهل استفادوا من هذه اللحظة المهمة ليجبروا تركيا على تثبيت حقوق العراق المائية المكتسبة تاريخيا
ان تركيا استفادت ولم تعطي للعراق شيء فقد ارتفع سقف التبادل التجاري البالغ 5 مليارات دولار في حينه ليصل الى 20 مليار دولار خلال العام 2014ومستمر بالزيادة دون اي مقابل للعراق ويتضح من جميع اجواء الزيارات التي يقوم بها ساسة ترك للعراق أن الحكومة التركية تسعى الى تحقيق طموحها في تصدير الغاز العراقي – عبر أراضيها – الى أوروبا لتعزيز موقعها في الاتحاد الأوروبي.
أن تركيا تتعمد تعطيش العراق ورغم كل المساعي لحل ملف أزمة المياه مع تركيا لم تجد نفعاً ولذلك نرى انه على الحكومة العراقية قطع التبادل التجاري مع تركيا والبالغ أكثر من ٢٤ مليار دولار سنوياً والذهاب فورا الى المحاكم الدولية لانتزاع حقوق العراق المائية المكتسبة تاريخيا وعلى الحكومات العراقية العمل بجد وحزم لا يجاد حلول تجنب العراق مخاطر شحة المياه لكون اصبح واضحا ان تركيا تتعمد تعطيش العراق وهذا لا يمثل إلا حربا علنية ضد الشعب العراقي
ان الاهوار شبه جفت والتصحر يخيم على اغلب اراضي العراق والهجرة من الريف للمدينة اصبحت بتزايد خطير ولها انعكاسات كبيرة وتهدد الأمن الغذائي ان ملف المياه ملف خطير ويجب على الدولة بكافة حكوماتها ان يكون ثقلها حاضراً بكل المحافل الدولية لدعم هذا الملف الذي تتوقف عليه حياة كل العراقيين وصدمت الصور المأساوية لحال نهر الفرات أكبر أنهار سوريا المنطقة والعالم، بعد أن تراجع منسوب تدفق المياه فيه إلى أقل من النصف، بعدما حجبت تركيا مياه النهر ما يشكل انتهاكا صارخا للاتفاقية الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1987؛ حيث التزمت تركيا بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية على الأقل يتقاسمها العراق وسوريا.
المنظمات الحقوقية أطلقت التحذيرات من كارثة وشيكة تهدد حياة وسبل معيشة ملاين البشر على مجرى النهر بسوريا والعراق ويشير خبراء سياسيون الى ان تركيا تتعامل مع المياه على أنها سلعة تجارية بما يخالف القانون الدولي، ويستخدم التحكم في مياه نهري دجلة والفرات أيضا كورقة ضغط على سوريا والعراق، لفرض مخطط (النفط مقابل المياه)
ان تركيا كانت دوما تماطل وتتهرب من الحل النهائي مع العراق وسوريا بشأن تقاسم المياه وقد طرحت مفهوم الاستخدام الامثل للمياه بدلا من عقد اتفاقات دائميه لتبقى تتلاعب حسب مزاجها السياسي وهي تستهدف من الاصرار على تطبيق مفهوم الاستخدام الامثل للمياه(خطة المراحل الثلاثه-1-اجراء دراسات تفصيلية عن واقع الموارد المائية والزراعة -2- اصناف التربة 3-التخطيط الهندسي للمشاريع الحالية والمستقبلية وجدواها الاقتصادية ووضع معاير محددة للأراضي التي تخصص لها المياه وتحديد أنواع معينة من المحاصيل ينبغي ان تزرع في كل دولة لغرض استثناء مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية في العراق التي تروي من مياه النهرين منذ امد بعيد (معناه تغيب البعد التاريخي )من الحصص المائية بحجة عدم خصوبة تلك الاراضي واستبعاد زراعة محاصيل معينة بحجة انها تستهلك كميات كبيرة من المياه
ثانيا- الأزمة بين العراق وايران
كانت الحدود المائية وبالذات في منطقة شط العرب هي القضية الخلافية الأولى بين العراق وإيران لفترات طويلة وقد وقّع اثرها البلَدان مواثيق كان آخرها في العام 1975 ضمن اتفاقية الجزائر. اما الموارد المائية التي تقع منابعها في إيران والقادمة الى العراق فلم تكن أمرا ذا شأن إلا في العقدين الأخيرين لان تلك الموارد كانت قبل ذلك تجري برمتها الى العراق دون عوائق لكن أنشاء سدود ومنشآت كبيرة على صدور تلك الانهار غير من الوضع الطبيعي لها وأصبح معها العراق يتلقى نتائج سياسات وأنماط تشغيل لتلك المنشآت لا تتناسب بالضرورة مع مصلحته لا نها تقرر بصورة انفرادية كما هو الحال مع تركيا وبالطبع لم يكن قرار بناء تلك المنشآت بالتنسيق مع العراق كما تفترض مبادئ القانون الدولي، لان معظمها قد أُنشئ في ظل علاقة ملتبسة بين البلدين تخللتها حرب طويلة، كانت كلفتها البيئية والبشرية والاقتصادية باهظة جدا على الطرفين
.تصنف الموارد المائية القادمة للعراق من ايران الى الفئات التالية
• الفئة الأولى تمثل منابع الأنهار الكبرى وروافدها في المرتفعات الإيرانية إلى الشرق من حدود العراق الوطنية وبالأخص نهر الزاب الأسفل الذي يغذي سد دوكان ويصب بنهر دجلة إلى الشمال من مدينة بيجي، ونهر ديالى الذي يغذي سدَّي دربندخان وحمرين ويصب في دجلة إلى الجنوب من بغداد.
• الفئة الثانية هي الأنهار ومجاري السيول الموسمية، وخاصة في محافظة واسط جنوب مدينة الكوت بين مدينتي شيخ سعد وعلي الغربي، وفي محافظة ميسان وأشهرها نهرا الطيب ودويريج.
• الفئة الثالثة تتمثل بمياه النهرين الكبيرين وهما نهر الكرخة ونهر كارون، حيث يصب الأول في هور الحويزة جنوب شرق مدينة العمارة، والذي يغذي بدوره نهر دجلة شمال القرنة عن طريق نهر الكسّارة ، وشط العرب جنوب القرنة عن طريق نهر السويب، أما نهر كارون فيصب في شط العرب حوالي (30) كم جنوب مدينة البصرة.
• والفئة الرابعة هي مياه شط العرب التي تتكون من مياه الأنهار الأربعة الكبرى دجلة والفرات والكرخة والكارون، والتي تتأثر بظاهرة المد والجزر الطبيعية وتمتزج وفقها بمياه البحر التي تتسبب برفع مناسيب المياه في الشط او خفضها تبعاً لتلك الظاهرة الأزلية
وكما في اي مكان في العالم تكمن مشكلة المياه المشتركة بالاستخدامات الجديدة لها في منابع او صدور الأنهار، وفي حالة العراق يتمثل ذلك في استخدامات المياه في الأجزاء الإيرانية من الأنهار والروافد والوديان المشتركة حيث يُحدث ذلك تأثيرا مباشرا في العراق كدولة مصب، خاصة وانه قد سبق جيرانه في استخدام تلك المياه، ونشأت في ضوء وفرتها تاريخيا المدن والقرى والحقول وغير ذلك
سبق العراق جارته الشرقية في استخدام مياه الأنهار المشتركة بعدة عقود من الزمن واستثمر في البنى التحتية والمنشآت الكبيرة على الأنهار المشتركة، ونشأت مدن وقرى ومزارع وحقول بناء على وفرة تلك المياه. فعلى سبيل المثال انشأ العراق اول سد خزني كبير له على الزاب الأسفل، وهو سد دوكان، في عام 1961 بسعة خزنيه تبلغ اكثر من (7) مليارمتر مكعب، ولعب السد وما يزال دورا كبيرا في الارتواء وتوليد الطاقة الكهرومائية. كذلك أقيمت سدة تنظيمية آخرى على النهر وهي سدة دبس في منتصف الستينيات للتحكم بمياه الري وإرواء مشاريع استصلاح كبرى اهمها مشروع ري كركوك، علما ان معدل التصريف السنوي لنهر الزاب الأسفل كان يقدر بحوالي (8) مليارات متر مكعب ويمتد حوضه عبر الحدود بنسبة (75 %) داخل الحدود العراقية والربع الأخير ضمن الحدود الإيرانية.
كذلك الأمر في نهر ديالى، حيث تقع ربع مساحة حوضه داخل الحدود الإيرانية، ويتميز بان روافده الكبيرة مثل نهر سيروان ونهر الوند هي مشتركة بين العراق وايران، وكذلك عشرات الروافد الأصغر حجما والتي تغذي مدنا وقرى عديدة في العراق. فقد انشأ العراق في عام 1962 ثاني اكبر سد له آنذاك، وهو سد دربندخان بسعة (3) مليارات، وأعقبه بإنشاء سد حمرين بسعة تقرب من (4) مليارات متر مكعب، وهما من المنشآت المهمة في نظام السيطرة والتحكم بالموارد المائية العراقية في منطقة تعد من أخصب الأراضي العراقية.
اما في ايران، فما عدا سد دز الذي انشأ على احد روافد نهر كارون العام 1962، فان السدود الكبرى الاخرى أنشأت في وقت متأخر نسبيا، ومنها سد نهر الكرخة في العام 2001 وسلسلة سدود على نهر كارون أكملت العام 2006. كما حفرت القنوات وأقيمت سداد لها تأثير مباشر على انسيابية حركة المياه إلى العراق.
تجلب الوديان ومجاري السيول والأنهار الموسمية بين البلدين في مواسم الفيضان كميات كبيرة من المياه الجارفة، بعضها يصب في هور السناف ثم هور الحويزة، كما في حالة نهر دويريج والطيب اللذين يزيد إيرادهما السنوي على مليار متر مكعب احيانا، وبعضها الآخر يندفع الى العمق العراقي في محافظة واسط، ويغطي مساحات واسعة من الأراضي بسبب انبساطها، فتتحقق معه فوائد بيئية وايكولوجية مهمة، الا انه يسبب في بعض الأحيان إضرارا كبيرة في الممتلكات والمزارع والإحياء والقرى المنتشرة في المساحات المنخفضة، كما حدث في أواخر العام 2012 و في العام 2013.
من الجدير ملاحظته انه لم تنشئ أي من الدولتين منشآت هيدروليكية على هذه الوديان وبالتالي فان فيضانها او جفافها يعتمد على العوامل الطبيعية، علما ان العراق قام بإنشاء سداد حماية للمدن والقرى والطرق من فيضانات السيول القادمة من الجانب الإيراني، إلا أنها لم تصمد كثيرا إزاء الأمطار التي حصلت في نهاية العام 2012 والعام 2013 بسبب تهالكها وعدم استخدامها لفترة طويلة حيث تميزت المنطقة بسيادة حالة الجفاف لحوالي عشرين عاما.
ان تاثير السياسة المائية الإيرانية على العراق يأتي بالدرجة الثانية بعد السياسة المائية التركية ولها تأثير سلبي وكبير على البيئة , إذ ابتدأ النزاع بين البلدين حول المياه الدولية منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضي ومستمر لغاية الآن وذلك بسبب تغيير إيران اتجاه روافد كانت تصب بالعراق نحو أراضيها ومن هذه الروافد (وزرين جوي الكبير - و دويريج - و كرخة - وقره تو- و كنجان جم – و وادي كنكير – و هركينه - والوند- الطيب – و كارون ) مما أحدث نقصان كبير جدا بالمياه الواردة من الأراضي الإيرانية إلى الأراضي العراقية بنسبة تتراوح ما بين 60- 70% .
ونتيجة لذلك فقد شهدت مناطق كردستان العراق الفاصلة مع إيران جفاف لا سابق له بسبب حصيلة الإجراءات الايرانية ( الحرب المائية الإيرانية ) غير المعَّلنة و غير قانونية والتي تعتبر خرقًا للقانون الدولي المرتبط بالأنهار المشتركة .
فقد عمدت الحكومة الإيرانية على إثارة جملة من الخلافات الحدودية منذ انبثاق الدولة العراقية الحديثة . خاصةً بما يتعلق بشأن خط الحدود في مياه شط العرب وبقيت مشكلة تثبيت الحدود البرية مُعَّلقة بين البلدين بسبب المطالبة الإيرانية بأولوية الدخول بمفاوضات حول فض النزاع في شط العرب بين البلدين. وقد توصل البلدان في العام 1975 إلى صيغة اتفاق لرسم الحدود بين البلدين في مياه شط العرب وفقاً لمجرى الملاحة التالوك ( خط العمق ) وكان الدور الامبريالي بالمنطقة قد اجبر العراق على اتفاق العام 1975 الذي عرف باتفاقية الجزائر لكن سرعان ما نشبت الحرب بين البلدين بعد ثورة ايران عام 1979وخاض البلدان حرب ضروس استمرت 8 سنوات(1980-1988) ثم عادا الطرفان إلى اتفاقية الجزائر في عام 1975.
أن الواردات القليلة للجداول والسواقي والانهار الصغيرة التي تعبر الحدود الايرانية وتدخل العراق تخدم القرى والمدن الصغيرة العراقية الحدودية وهي مصدر مياهها الوحيد , لذا فان اي انقطاع فيها يؤثر تأثيرًا كبيرًا فيها سيما وانها بعيدة شرقا عن دجلة و لاتصل لها المياه ويبقى خلاف العراق الرئيسي مع ايران هو شط العرب بالدرجة الاولى وتغذية الأهوار بالمياه الايرانية بالدرجة الثانية .
لقد تطورت مشكلة فقدان المشاريع الاروائية للمياه في العراق بسبب سياسة ايران المائية عن طريق اقامة السدود وتحويل مجاري الانهار وقد أحدث هذا السلوك المنفرد الى إبادة الكثير من البساتين والحقول العراقية وبالتحديد في مناطق شرق محافظات ديالى و واسط و ميسان , فضلًا عن التسبب بالهجرة القسرية للسكان من اراضيهم التي تحولت الى صحاري ، لقد بلغ مجموع ما قطعته ايران او قلصت تدفقه (44) نهرًا ورافدًا كبيراً وصغيرًا دائميًا وموسميًا كانت تصب في العراق وتغذي نهر دجلة والاهوار الشرقية وشط العرب ومن ضمنها (نهر الوند) الذي يجري في خانقين ويغذي العديد من قراها ويروي مساحات زراعية تقدر بأكثر من (1000) هكتار قبل ان يصب في نهر ديالى في طريقه لتغذية نهر دجلة .
كما قطعت السدود الايرانية مياه نهر الطيب ولعل اخطر ما قامت به ايران هو تحويلها لمجرى نهر الكارون العملاق الى نهر بهمنشير داخل الاراضي الايرانية بعد ان كان يصب في شط العرب بالقرب من مدينة المحمرة المقابلة لمدينة البصرة ويجهزه بأكثر من عشرة مليارات م 3 من المياه العذبة سنويا فيحافظ على ارتفاع مناسيبه ويدفع اللسان الملحي ويمنع تملحه بمياه الخليج العربي اثناء فترات المد فألحقت به كارثة بيئية كبرى وحرمت سكان البصرة والمدن العراقية الاخرى على شط العرب والمزارع والبساتين التي تتميز بها المنطقة الواقعة على ضفتيه من المياه العذبة فالكارون النهر الذي كان يفيض بخيره بالأمس القريب على المدن الواقعة على ضفتيه، صار يحتضر جراء السياسات الإيرانية لإنشاء السدود وتغيير مجاري الأنهار وتعمل طهران في الوقت نفسه على عدة مشاريع لحفر أنفاق تمر من وسط الجبال لتحويل مجرى الأنهار إلى محافظات وسط إيران
يقول الاستاذ الدكتور شاكر عبد العزيز المخزومي في كتابه (في طريق العطش)
((لقد بدأ العراق معاناته من سياسات ايران المائية منذ الخمسينات والستينات من القرن المنصرم خلال حكم الشاه ولم يتغير الحال خلال الحكم الحالي فقد ادت مشاريعها في اقامة السدود وتحويل مجاري الانهار التي تنبع في اراضيها (كسد كرزال وسد بريسو على الزاب الصغير) الى حرمان العراق من حوالي 7 مليارات م3 سنويا من المياه
واخيرا لانرى نحن كمختصين بمجال ادارة الموارد المائي انه لاحل لازمات العراق المائية ابلى بالتوجه للمحافل الدولية واستخدام مايملكه البلد من اوراق ضاغطة لانتزاع حقه المكتسب تاريخيا من دولتي تعطيش العراق الممنهج وهي كل من تركيا وايران واهم الاوراق لدى الحكومات العراقية هي الورقه الاقتصادية والامنية والا فأن العراق ستنتهي لديه الزراعه ويفقد امنه المائي والغذائي وعند ذلك يفقد امه السياسي كليا ليصبح رهينه بيد الدول الخارجية فهل تعي الحكومات لديه هذه التحديات ام تخضع لمخططات الدول الخارجية .
المهندس الاستشاري
26-11-2024
#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟