قراءة أولويّة في نتائج صفقة وقف إطلاق النّار بين إسرائيل وحزب الله.

نزار فجر بعريني

الحوار المتمدن-العدد: 8174 - 2024 / 11 / 27 - 15:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

صباح الخير،
زعمت القناة الـ 12 الإسرائيليّة أنّ مسوَّدة الاتفاق تتضمّن فترة انتقالية مدتها 60 يوماً، ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي، بينما ينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، وينقل حزب الله أسلحته الثقيلة إلى شمال الليطاني؛ وتتضمن المسوّدة أيضاً لجنة إشرافية بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات. ونقلت صحف إسرائيليّة أنّه «بموجب الاتفاق، وافقت واشنطن على تقديم ضمانات لإسرائيل تتضمن دعمها العمل العسكريّ الإسرائيليّ ضدّ التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانيّة، واتخاذ إجراءات لتعطيل إعادة تأسيس الوجود العسكري لحزب الله بالقرب من الحدود. كما يتضمن الاتفاق إجراءً إسرائيلياً بعد التشاور مع الولايات المتحدة في حال عدم تعامل الجيش اللبنانيّ مع التهديد».
الحقيقة الأبرز في نتائج الصفقة الأمريكية هي انتصار الحزب في الحافظ على ما يكفي من السلاح للهيمنة على الدولة اللبنانية وضبط منافسيه السياسيين...وبقاءه قاعدة ..وهي وظيفته الإيرانية الرئيسية التي سعى لتحقيقها في مواجهة الخصوم والأعداء اللبنانيين والإقليميين، ولن تترك خسارته لورقة المقاومة تأثيرا نوعيا ، طالما كان بقاء الجنوب نقطة مواجه لتبرير امتلاكه للسلاح الكافي لفرض شروط هيمنته الداخلية.
في كلّ ما بذلته إدارة بايدن الديمقراطية من جهد منذ الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣ لمنع "انتشار النزاع إقليميّا" (في مواجهة حروب حكومة اليمين الساعية لتجيير عواقب الهجوم الحمساوي من أجل تفكيك مرتكزات السيطرة الإيرانية التي باتت تشكّل حلقة نار حول عنق دولة الإحتلال)، استهدفت بالدرجة الأولى حماية حماس وحزب الله والنظام الايراني... والذرائع ، مخاطر انتشار النزاع إقليميّا على قواتها وقواعدها في الإقليم، وضرورة التوصّل لوقف إطلاق نار، لحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، وهي تعلم أن قوّاتها قادرة على حماية نفسها ، وسحق كلّ أشكال التطاول عليها، وأنّ الذي ستحميه عمليا في التوصّل إلى "هدن مؤقّتة" هو الميليشيات المسلّحة المسيطرة ميدانيّا ، وقد كان هدف حماية المدنيين في جميع الحروب التي خاضتها واشنطن طيلة القرن الماضي آخر همومها!!.
إذ فشلت إدارة بايدن في حماية حماس لأسباب ترتبط جوهريا بالإنتخابات، تنجح اليوم في حماية سلاح الحزب، وبقائه خنجرا في صدر الدولة اللبنانية، بما يحمي أقوى مرتكزات الوجود الإيراني في لبنان !!
في أعقاب هزيمته المدويّة أمام ترامب، استطاع "الديمقراطي" بايدن استخدام جميع الضغوط التي فرضت على حكومة الحرب الموافقة على وقف إطلاق النار ، قبل تحقيق أهدافها السياسية المُعلنة ( خاصة قرار محكمة العدل الدولية، والتهديد بقرار رادع في مجلس الأمن !) ، وبعد تحرر مجموعته من عبء ضرورة كسب معركة الرئاسة... وقد كان ذلك العامل الرئيسي في فشل سياسات حمايته السابقة تجاه حماس!!

عموما،
إذا كان ليس غريبا أن لا تدرك نخب "اليسار" (التي التحق بعضها ثقافيا و سياسيا بالمشروع الايراني "المقاوم" ، والبعض الآخر بالمشروع " الديمقراطي " الأمريكي، الراعي و الحامي)، حقائق و مخاطر أنّ الديمقراطيين هم أصحاب مشروع "الإسلام السياسي الخمينيّ"، كما كانوا أصحاب "الإسلام السياسي الوهّابي- القاعدي"، واستخدموا بلدوزر "الإسلام الجهادي" لتدمير دول و شعوب المنطقة، وضمان السيطرة المطلقة على هذا الركام والخراب، الغريب حقّا ان تغييب تلك الحقيقة المحورية عن وعي "صفوة اليسار" الوطنية الديمقراطية التي نجت بأعجوبة من جرثومة " المقاومة الإيرانية"، و"الديمقراطية الأمريكية" الحاضنة !!
لقد بيّنت أبرز دروس الحروب المستمرّة في أعقاب هجوم طوفان الأقصى أنّه دون إدراك تلك الحقيقة، يبقى وعي "الصفوة" السياسي والثقافي الوطني الديمقراطي يدور في فلك "ثقافة ووعي" اليسار "المقاوم الديمقراطي" المهزوم ، رغم الانفصال الموضوعي في التخندقات.
فهل بقي مَن يتعلّم ؟!
تقول الرفيقة الجميلة " هيفاء أحمد الجندي " في مستهل مقالها اليوم حول " مهدي عامل ...عن اليسار والتحرر الوطني ":
"المطلوب اليوم هو إحداث تغيّر نوعي في استراتيجية اليسار وتركيبه ، وشعاراته، والمطلوب هو خط سياسي جديد ..." هي حقيقة ، وبناء خط سياسي يساري جديد، على أنقاض وعي وثقافة اليسار المهزوم ، بات حاجة وطنية وديمقراطية، ولا يقلل من القيمة النظرية النوعية التي قدّمها المفكّر مهدي عامل في إطار جهود بناء خط سياسي يساري ماركسي واقعي ، إقليميّ، (من منظور وقائع وحقائق مشروع السيطرة الإقليميّة الأمريكية التشاركية- وليس لينينيّا أو ستالينيّا او ماويّا...أو ترتوسكيّا ..ناهكيم عن كونه بكداشيا أو تركيّا - نسبة إلى رياض الترك ) انّه وقع ضحية تمدد الأسلام الجهادي الأمريكي قبل أن يستطيع إدراك أبعاد "التشاركية " بين مشروع الإسلام الجهادي - الخميني والقاعدي - والديمقراطية الأمريكية!!

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل