أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - صلاح الدين محسن - ..مصر لا تسكن فينا ، ولا نحن















المزيد.....

..مصر لا تسكن فينا ، ولا نحن


صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)


الحوار المتمدن-العدد: 1783 - 2007 / 1 / 2 - 11:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في زمن أن كانت الغالبية العظمي لشعب مصر فلاحين .. كان الأغلبية الساحقة لهؤلاء الفلاحين هم أجراء فقراء لا يملكون شيئا من أراضيها الزراعية ، ويعملون لدي الملاك الاقطاعيين ، ويبدأ عملهم من طلعة الشمس وحتي غروبها ، في مقابل ما يسد رمقهم هم وأولادهم وبالكاد (!) ولم يكن داء البلهارسيا يترك الفلاحين في حالهم ، وانما كان يشارك الفقر والاقطاع في مص دمائهم !
في ذلك الزمان وفي ظل تلك الظروف التي كان الفلاح - أي معظم شعب مصر – يعيشها .. كان مطرب مصر الأول : محمد عبد الوهاب يغني قائلا :
محلاها عيشة الفلاح ... متطمن قلبه ومرتاح ...!!
كلام شاعر رومانسي ..أو هفة رومانسية من شاعر ...
فالشعراء الرومانسيون لا يميزون في الغالب بين الراحة والشقاء ، أو لا يرون سوي الراحة فقط وان لم تكن موجودة ..ولا تري أعينهم سوي ما غنت به مطربة ، من كلمات شاعر رومانسي تقول :
كل شيء جميل .. كل شيء جميل ...... (!)
صحيح أن الحالمية ، وأحلام اليقظة يحتاجها الانسان لأجل صحته النفسية - كما يقول العلم – ولكنه يحتاج الي القليل منها فقط .. أما الكثير فانه مهلكة ...
من سنوات ليست باالبعيدة ظهرت أغنية في مصر ، تقول كلماتها الرومانسية عن مصر :
عشة جنب نيلها تسوي ألف قصر .. (!)
فهل صحيح لو أننا منحنا الشاعر مؤلف هذه الكلمات عشة جنب النيل – كما نعرف العشة التي تبني جنب نيل مصر .. حيث تبني من جريد النخيل والبوص ، وخالية من الماء أو الهرباء أو دورة مياه .. .. فهل كان سيقبلها فرحا ملهوفا ويترك شقته الفاخرة ليسكن بتلك العشة جنب نيل مصر ، لأنها أفضل من ألف قصر ..؟!
أبدا ... ...
ولكنه كلام رومانسي .. كلام أغاني .. شاعر أغاني ...
ومصر الآن أغلب شبابها يعاني من البطالة ..
وكل شعبها يعاني من الغلاء الحارق الخانق ..
و9 مليون من أبنائها وبناتها أصابتهم بارومة العنوسة ..
و9 ملايين أخرون يسيرون في الطريق للعنوسة ليلحقوا ب ال 9 مليون الأولي ..
وهناك ملايين يعيشون بالقبور والعشوائيات غير الآدمية ..
وهناك ما يقرب من 30 ألف بالسجون والمعتقلات ...
ومواطنو مصر يبحثون عن أي مخرج يخرجهم منها ولو علي سفينة مستهلكة متوجهة لايطاليا واحتمال غرقها 50% فالحياة بمصر لم تعد تختلف كثيرا عن الموت ، وكثيرا ما يكون الموت أرحم ..
فقد طفحت مجاري الفساد والافساد بكافة أنحاء مصر وفسد الهواء والماء والطعام والشراب ، ومن يقول ذلك بالداخل فانه :
ان كان صحفيا يلقي به في السجن أو يضرب ويجرد من ملابسه ويلقي به عاريا بصحراء المقطم
وان كانت صحفية .. يتم اغتصابها أمام باب نقابة الصحفيين
وان كان من القضاة : يتم سحله ودوسه بالحذاء أما باب نادي القضاة ..
وان كان ناشطا سياسيا كمحمد الشرقاوي يضرب ويعذب ويغتصب في قسم الشرطة ..
وان كان سائقا كسائق بولاق الدكرور .. يهتك عرضه وتدس العصا بمؤخرته ويصور فيديو .. كل ذلك بمعية الشرطة التي واجبها حماية ممتلكالت وأعراض الشعب ..
أي أن مصر لم تعد وطنا يسكن فيه المصريون وانما سجنا مفتوحا يعذب فيه المواطنون بالزحام والغلاء والتلوث والرشوة والعنوسة والبطالة والبلطجة الانتخابية .. ومن يحتج أو يعترض علي السجن المفتوح : يلقي به في السجن المغلق الأبواب العالي الأسوار .!
ومصر لم تعد وطنا يسكن بداخل مواطنيه ، كما هم لا يسكنون بداخله وانما يتعذبون ..
فلم يعد غريبا أن نسمع شاعرا في معرض الكتاب يلقي قصيدة يقول فيها :
ملعون أبو الوطن ... ( الذي لا يوفر للمواطن حقوق المواطنة ..) كلام بديهي ومنطقي ..
وكان زمان – قبل خراب مصر علي يد عصابات حكم العسكر – جمال ،أنور ، حسني - كان الشاعر يقول عن وطنه مصر :
وطني لو شغلت بالخلد – بالجنة - عنه نازعتني اليه في الخلد نفسي
ولكن حال مصر الوطن الآن اختلف فأصبح قول الشاعر يعدل بما يتطابق مع الواقع وبدون كذب شعراء الرومانسية ..
فها هي مدونة من المدونات التي أضحت بديلا لصحافة الحكم الفاسد وفساد الحكم .. ، اسم المدونة " وأنا مالي .." اسم معبر جدا عن حال السلبية واللامبالاة التي وصل اليها المواطن في مصر بعد أن سرق منه وطنه ..!
المدونة وضعت لها شعارا يقول معدلا قول الشاعر السابق عن مصر الوطن :
وطني لو شغلت بالخلد عنه : اتسرق ... ... (!) .
نعم انه شعار متطابق مع الزمن الحالي .. وطن اتسرق ، سرقه اللصوص الحكام من مواطنيه المصريين ..
والشعوب التي تسرق أوطانها ، عليها أن تنتزعها انتزاعا من أيادي اللصوص .. لا أن تسكن الأوطان في قلوبها بينما هي لا تجد لها سكنا أو عيشا هانئا بالأوطان ..
ان المصريين الذين اضطروا لهجرة وطنهم مكرهين لاضطهادهم طائفيا أو سياسيا أو هربا من الفقر والافقار المفروض علي مصر وشعبها ، وتضييق كل سبل العيش الكريم في وجوههم ، اغلب هؤلاء تفزعهم فكرة زيارة الوطن ، فمن ذا الذي يريد رؤية وطنه مهانا مداسا ملوثا مسروقا منهوبا مففرا مديونا للخارج وبالداخل (!!) ، وطنا جريحا ينزف وينهش لحمه ويمتص دمه عسكر ومباحث بالاشتراك والتواطؤ مع شلة الأنس السياسي الحاكمة ..
من المصريين المهاجرين من زار مصر بعد 10 أو 15 سنة ، وبمجرد وصوله للمطار يشعر بالانقباض ، حيث يري بوادر رائحة جثة الوطن وخرابه بمجرد أن تطأ قدمه أرض المطار ..
ومن عاد من مصر بعد زيارتها ليشكو من الأمراض بسبب التلوث والضوضاء
ومن عاد ليشكو من سؤ المعاملة ..
ومن أمضي بالخارج 20 و30 سنة ولا يزال مترددا في زيارة الوطن الذي هلهله ولوثه حكم عسكري طال لأكثر من نصف قرن ..
قال لي أحد المهاجرين أنه أرسل ابنه ليقضي أجازة نهاية العام الدراسي 2006 في مصر ، ليس ليكون علي تواصل مع مسقط رأس الآباء والأجداد ، كما ظننت وكما كان يحدث من قبل حكم العسكر .. كلا ..
ولكن – كما قال لي - : لكي يعود ابنه من مصر عارفا قيمة النعمة التي يعيش فيها هنا - بالخارج - ...(!)
أي أرسله لغرض : الاصلاح والتقويم ...! أرسله لمصر .. كسجن ، يعود منه عارفا قيمة الحرية .. .. !
نعم مصر لم تعد وطنا يعيش فيه المصري ، ولم تعد تصلح كوطن لأن يسكنها المصري بداخله ..
الشعراء الرومانسيون .. ليس من صالح أوطانهم أن يقربوا السلطة ..أي شكل من أشكال السلطة ، حرام عليهم أن يفعلوا ذلك ، وحرام علي كل من يساعدهم علي الاقتراب من السلطة ، وحرام علي كل من يساعدهم علي البقاء فوق كراسي السلطة .. فالشعراء خلقوا ليكتبوا الشعر في بيوتهم لا من فوق كراسي السلطة .. ، ولا يظهروا الا في الأمسيات الثقافية والمنتديات الشعرية حيث يصفق لهم جمهور الشعر فقط ولا رعايا لهم أو جمهور سوي : جمهور الشعر فقط ...
فقد وصل الشاعر الافريقي " ليوبولد سنجور " الي كرسي السلطة في السنغال وظل جاثما فوقه لمدة 21 عاما ..
فتري : هل سمعتم أن السنغال قد نهضت وقد أصبحت نمرا صناعيا في افريقيا كنمور آسيا ، علي غرار تايوان أو هونج كونج أو اندونيسيا ؟! أو حتي أصبحت السنغال في طليعة دول افريقيا ؟!
الجواب : كلا .. لا تزال السنغال شأنها شأن كل دول افريقيا التعيسة .. فقد ترك السنغال لا تشبه حتي جنوب افريقيا ، ولا من حيث الديموقراطية وحسب .. !
اذن ماذا كان يفعل حضرة الشاعر طوال أكثر من عشرين سنة جالسا فوق كرسي السلطة رئيسا للجمهورية بالسنغال ؟!!
الجواب : كان يكتب شعرا ، ويقمع المعارضة قمعا ويكرس الشمولية في الحكم ، ويحصل لنفسه .. علي أرفع جوائز عالمية : في الشعر .. .. ! .
ولك الله يا وطن ...(!) .



#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا عراق : عيد سعيد
- القضاة .. في ظل العسكر والمباحث
- القاضي المصري المنحاز
- هل تسقط حضارة الغرب علي يد الاسلام ؟
- ميليشيات الأخوان ظهرت .. بالأزهر ..
- ( ! )حتشبسوت في المغرب
- حتشبسوت في المغرب
- نحن والغرب : اطماع ، ومخاوف ، وأوهام
- الحلقة الأخيرة / سيناريو سقوط واسقاط الاسلام
- الحلقة الثالثة / سيناريو سقوط واسقاط الاسلام
- الحلقة الثانية / سيناريو سقوط واسقاط الاسلام
- ذكري تركيع كاتب
- الحلقة الأولي / سيناريو سقوط واسقاط الاسلام
- اختبار جديد للحريات في مصر
- سيناريو سقوط واسقاط الاسلام
- الحجاب مشكلته : الرسول الكريم
- أعياد الجلوس و.. التجليس (!)
- (!) المرأة التي فهمت
- يحدث ببلد الرسول الكريم وأراضيه الطاهرة
- لماذا لا تنتقد المسيحية ؟؟


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - صلاح الدين محسن - ..مصر لا تسكن فينا ، ولا نحن