في حيثيات وأهداف مؤتمر بروكسل المسدي، ٢٠٢٤. الجزء الثالث.

نزار فجر بعريني

الحوار المتمدن-العدد: 8151 - 2024 / 11 / 4 - 10:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مساء الخير،
في حيثيات وأهداف مؤتمر بروكسل المسدي!
الجزء الثالث.
في الجزء الثاني، حول الأطروحات والأفكار السياسية التي تسم وتميّز جوهر نشاط مسد وتبيّن حقيقة دوافع وأهداف مساره الديمقراطي ،تناولتُ مفهوم " اللامركزية " وأوضحتُ انّ تطبيقه في الشروط التاريخية السورية القائمة يعني تثبيت وشرعنة سلطات الأمر الواقع الميليشياوية التي تبلورت قبل نهاية ٢٠١٩ وباتت تشكّل " النظام السوري"، وأنّ تبنيه من قبل مسد ، الواجهة السياسية لسلطة الأمر الواقع المهيمنة ، في إطار جهود مستمرة منذ ما قبل نهاية ٢٠١٩لتشكيل " جسم ديمقراطي سوري "، أتي في سياق خطوات وإجراءات التسوية السياسية الأمريكية الجزئية التي تسعى للوصول إلى تهدئة مستدامة وتأهيل متزامن لجميع سلطات الأمر الواقع ، خاصة سلطة قسد، وسلطة النظام السوري الشرعية ، بما يضمن بقاء حصّتها و وكيلها على خارطة السيطرة الجيوسياسية لسوريا الراهنة والمستقبل.
في هذا الجزء ، اتناول أطروحة " الهوية الوطنية السورية " في ترابطها الجدلي وفقا لمنظور مسد مع " اللامركزية "، كما أكّدت مخرجات جلسات الحوار التي أدارتها مسد منذ نهاية ٢٠١٩ في سلسلة من اللقاءات داخل مناطق سيطرة قسد ، وفي العواصم الأوربيّة الداعمة لسياسات السيطرة الأمريكية- باريس برلين ستوكهولم وبروكسل!
كيف نفهم هذا " الترابط الجدلي "بين المفهومين في منظور مسد ؟ وما هي طبيعة التناقض بينهما في الممارسة السياسية ؟
إذا كانت تشكّل أطروحة " اللامركزية " أحد اعمدة مشروع مسد ، وكان الإعتراف بها شرطاً اساسيا لقبول جميع المشاركين في مؤتمرات مسد التالية لمؤتمر ستوكهولم ٢ – ٢٠٢١ ،( حيث تمّ التوافق على اعتبارها المبدأ الأساسي في مفاهيم مسار بناء جسم ديمقراطي سوري) ، فقد تمّ التوافق على اعتبار مفهوم " الهوية الوطنية السورية في مؤتمر ستوكهلم الثالث ٢ ٢٠٢ كمبدأ ثان ، لأهداف دعائية تضليلية محضة، تعكس رغبة القائمين في تغييب حقيقة تناقض أهداف ونتائج تطبيق " اللامركزية " مع أسس ومقوّمات الهوية الوطنية السورية !!
ضمن هذا الإطار ، نفهم حرص القائمين على مسار مسد على تكرار ما يدّعون أنّ الهدف النهائي "للمسار الديمقراطي" هو " سورية موحَدة " ، وأنهم يلتزمون بقرارات الشرعية الدولية وتطبيق القرار ٢٢٥٤ ، متجاهلين الوقائع التي تبيّن أنّ خطوات وإجراءات تسوية سياسية شاملة، وفقا للقرار ٢٢٥٤ تتناقض مع نتائج تطبيق" اللامركزية" و مصالح قسد/ مسد ، وجميع سلطات الأمر الواقع ، لانّها تتضمّن إقامة سلطة مركزية " تصالحية " انتقالية في دمشق ، وإعادة بسط سلطة الدولة المركزية على كامل الجغرافيا السورية عبر تفكيك سلطات الأمر الواقع !
لنستمع الى ما يقوله الأستاذ "موفّق نيربية "، عضو "اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى والشخصيات الديمقراطية في سوريا" ، وأحد أكثر الديمقراطيين المتحمسين لأطروحة "اللامركزية" والعاملين على "مشروع مسد الديمقراطي" :
في تعقيبه على " التصريح الصحفي" ، الذي صدر عن " مسد " في نهاية لقاء استكهولم الثالث ، يقول الأستاذ :
"هما مسألتي الهويّة السورية واللامركزية التي تعمل عليهما لقاءات استوكهولم - الثاني ، ٩١٠ نيسان الماضي ، والثالث ، ١٤١٥ أيّار الجاري" .

أمّا لماذا يحظى مفهوم (الهويّة الوطنية )، وضرورة الوصول الى توافق حوله تلك الاهميّة القصوى في مواقف " الفريق الديمقراطي العربي"؟ :
《عندما انبحثت في القاء ٢ مسألة اللامركزية ، كنّا من حيث الشكل كأننا نعطي للكرد نقطةٍ،( مع اني انا مع اللامركزية أكثر من الكرد) ..!
النقطة الثانية ، التي يجب أن تتبعها في استوكهولم ٣، هي " الهويّة السورية ".وهي مسألة لنا نحن . للسوريين ، لنا جميعا . هما نقطتان ، تتوازنان معا!
مثل ما ههن بدهن اللامركزية(؟!) ، نريد أن يرى جميع السوريين أن الكرد ليسوا كما يقال انفصاليين . هم يؤمنون بسوريا الموحّدة (!!). يؤمنون بوحدة سوريا ، وهذا نسير باتجاهه!!.
إذا استبدلنا كلمة " الكرد " ب" قسد " الذين يريدون اللامركزية لأسباب مشروعهم الخاص ، الغير مرتبط إطلاقا بمصالح الكرد المشتركة مع السوريين ، بل بضرورات احتفاظ واشنطن بحصّتها من الكعكة السورية، يصبح واضحا أنّ ما يريده الأستاذ "موفق نيربية " ومجموعته من الديمقراطيين السوريين هو إدخال مفهوم " الهويّة الوطنية " في أطروحات مسد من أجل إقناع الرأي العام السوري ،العربي والكردي، أنّ قيادة قسد " ليست انفصالية ، وانّ ما يقومون به هو نتيجة إيمانهم بوحدة سوريا ؟
هل يسعى ورفاقه "الشيوعيون " لتبرير مشاركة مَن باتوا في السياق الأمريكي "قوى الديمقراطية" في مشروع يتناقض مع مسارات بناء الدولة الوطنية السورية، ناهيكم عن قيم الديمقراطية ؟ !!
يا لها من " حنكة " سياسية !!
في التعقيب على نتائج ومجريات مؤتمر بروكسل الراهن ، كان الأستاذ نيربية أكثر رفاقه حرصا على " التمويه " لواقع دور مسد القيادي في المؤتمر .في تصريحاته للعربي الجديد " ، حرص على التأكيد أنّ "مجلس سوريا الديمقراطية مساهم مهم في هذا المسار "، ومبرر دوره هو فقط لأنّ أعضاء اللجنة ، المستقلون، يحتاجون ".. إلى طرف موجود على الأرض حتى يكون ارتباطنا بالداخل السوري وعلى الأرض ممكناً، ووقع اختيارنا على (مسد) للبدء بهذا التوجّه".
يعني ، هم ، الرفيق موفق ولجنته التحضيرية ، الذين اختاروا مسد ، وليس العكس ، وكان يمكن أن يقع اختيارهم على " هيئة التنسيق " أو " قيادة حراك السويداء" او " الحكومات المحلية ، المؤقتة أو " الإنقاذ " !
يتجاهل الأستاذ أنّ مسد هي التي شكّلت اللجنة التحضيرية عام ٢٠٢٠ في إحدى لقاءات العواصم الأوربيّة، وانّه قد حصل على شرف قيادتها بفعل ما يحوزه من ثقة المُشغل في مسد / قسد !!
هنا يتكشّف الفارق بين الدعاية والحقيقة في أطروحات مسد ، وسعيها لصناعة غطاء سوري ديمقراطية وطني للتغطية على حقيقة الأهداف التي تتمثّل في جهود تأهيل قسد على الحصة الأمريكية، كما يتبيّن طبيعة الدور الوظيفي الذي تقوم به شخصيات وتيّارات مسد " الديمقراطية "!
فهل نريد دليل أكثر وضوحا لطبيعة مشروع قسد – مسد – واشنطن ، وظيفة النخب السياسية والثقافية "الديمقراطية المعارضة"!

(١)-
مما لاشكّ فيه أنّ تطبيق نظرية "اللامركزية " في الشروط التاريخية القائمة تؤدّي في السياقات والصيرورة إلى تثبيت أسس وشرعنة وجود وديمومة سلطات الأمر الواقع التي تبلورت في نهاية ٢٠١٩على الحصص التركية والإيرانية والأمريكية، و بالتالي عوامل تقسيم سوريا ؛ بما يتناقض مع ابسط مقوّمات الوطنية السورية - سلطة وشعب وجغرافيا موحّدة !!
طبيعة تلك المخاطر يؤكّدها ارتباط المفهوم بخطط وسياسات السيطرة الأمريكية كما أتت في دراسات تفصيلية ونصائح سياسية لخبراء مؤسسة بحث أمريكية متخصصة خلال ٢٠١٥ تحت عنوان:
" A Peace Plan for Syria.
Options for Future Governance"
James Dobbins, Philip Gordon, and Jeffrey Martini".
كما ويدلل على حقيقة الأهداف طرح المفهوم من قبل مؤسسات وحكومات أوروبية خلال ٢٠٠٢ وما قامت به من نشاط من إجل تبنّي المفهوم في ظروف التحضير الأمريكي لغزو العراق ، وفي منظور خطط واشنطن لليوم التالي ، و كان تأسيس كيان " كردي " يتصدّر مخططات أمريكية وجهود نخبوية لتقسيم العراق إلى " مكوّنات " قومية وطائفية.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل