أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد أبو ختلة - سيارة رينو ١٩














المزيد.....

سيارة رينو ١٩


سعاد أبو ختلة

الحوار المتمدن-العدد: 8144 - 2024 / 10 / 28 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


سيارة رينو 19 كانت رفيقة تحركاتنا على مدار 28 عام، أحزاننا وافراحنا، في الشدة نجدها تهرول بنا، بها من العيوب ما يتعجب منه الشخص، لكنها، كما لو انها تماهت مع روحنا، في النزوح الأخير حملتنا لوجهتنا الأولى ثم اعتذرت عن اكمال المسيرة، اصابها عطب شديد ولم يتمكن الميكانيكي من علاجها، حاولنا جاهدين لكنها خذلتنا كما لم تفعل من قبل، تركتنا نمضي وحدنا، وتركناها أمام منزل أخي وحيدة، وكأنها ترفض النزوح، ترفض أن تربض عجلاتها في غير مكانها، أو أنها لم تحتمل أن ترانا مشردين في خيمة بالية ينهشنا البرد، وربما خافت أن يتطفل الصغار على زجاجها فيجرحوه، أو يتغول عليها لص فيسرق تاريخها القديم وذكرياتها معنا ونحن نعود لمنزلنا من المستشفى بفرد جديد للعائلة، شهدت معنا ميلاد كل أطفالي، زيارات الطبيب، التسوق لابتياع الحليب، الحفاظات، والألعاب، اعياد ميلادهم وصخبهم وهم يتناوبون بجوار الشباك ليطلوا على العالم ويكتشفوا الأشياء، يتهجون لغتهم الأولى، يهرولون اليها متسابقين لزيارة الأجداد،
كانت فرداً من العائلة، تعيش معنا كل التفاصيل، كم ضحكنا وبكينا فيها وكم تشاجرنا وتغاضبنا وطرقنا بابها بغضب وتحملتنا، أهملناها فتركنا المطر يأكل جسدها، الصدأ ينخر عصبها، وكنا نعتذر فنحمل الدلاء لنغسلها ونمسح زجاجها ونزينها ببعض المداليات وعلب المعطر، وفي كل مناسبة كنا نضعها في الورشة لتتلقى غسيلاً نوعياً وننفض غبار الشوارع والسوس الذي يغزوها كل حين وحين كسيدة جميلة ندللها بجلسات عناية بالبشرة ونغذيها بالزيوت الأصلية كي لا يصيبها العطب، في ظل الحصار وانعدام الوقود لم نفكر مرة أن نغذيها بالزيوت كي لا يتلف موتورها كي لا تئن،
تاريخنا العائلي كان مدوناً عليها، مرآة الشباك المهشمة، أكرة الباب الأيمن التي لا يجيد فتحه سوى زوجي ومن ثم حين كبر الأولاد اكتسبوا مهارة التعامل معها بحرفية، كانت من لحم ودم، كانت روح تناجينا في الليالي العاصفة فنهب لنجدتها نشد عليها شادراً من النايلون، نقبلها بود ونعتذر منها ونقول لها نامي بسلام، تغضب من اهمالنا فتتوقف بطاريتها عن العمل صباحاً لنركض نسخن الماء، نستجدي الجيران ليدعموها بشحنة طاقة لتنتفض وتسخر منا بزئير وتنطلق متحشرجة قبل أن تنساب على الطريق بسلاسة، سيارتنا لها آلاف الاخوات والصديقات اللاتي كن روح عائلاتهن، قضين نحبهن شهيدات أسفل جنازير الدبابات أو ضربهن صاروخ بشدة كي يمضين بروح من بقي متحسراً على تاريخه المدون بين طيات الحديد الذي لم يكن يوماً جماداً صلداً بل أحن من قلوب كثير شاهدوا المذابح والمجازر كأنما يتابعون فيلم رعب يشتهون انهاء ليلتهم بمتابعته مع كوب من الحليب كي يناموا بهدوء ولا يتسلل المشهد لأحلامهم...



#سعاد_أبو_ختلة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية
- يوم من أيام حرب لا تنتهي
- اليوم التالي للحرب..
- الحرب على غزة
- الحرب على غزة/طفولة مغتصبة ومستقبل موءود
- الحرب على غزة /مشهد من لوحة دامية
- عداد الموتى في غزة تخطى البشر والحجر
- حرب الابادة على غزة صورة خارج التغطية
- غزة تباد جوعاً وقهراً وقصفاً
- الحرب على غزة تفاصيل لا تعرفها المسَيرة
- الحرب على غزة تهجير وخيام وأرواح
- عام من الحرب على غزة
- اليوم العالمي للمرأة قراءة أخرى
- الحب في زمن الكورونا
- أماكن سياحية فاخرة.. مراتع للأمراض!
- عيد العمال يلقي قفازات آلاف العمال المتعطلين عن العمل في وجه ...
- ثقافة الاقتباس
- ثالوث الجهل والفقر والعنف أسباب معاناة النساء
- صندوق الموسيقى
- كلام في حال الصحافة الفلسطينية


المزيد.....




- اضبط الريسيفر.. تردد روتانا سينما الجديد 2025 هيعرضلك أفلام ...
- مصر تستعيد 21 قطعة أثرية من أستراليا (صور)
- إدريس سالم في -مراصدُ الروح-: غوص في مياه ذات متوجسة
- نشرها على منصة -X-.. مغن أمريكي شهير يحصد ملايين المشاهدات ل ...
- رد حاسم على مزاعم وجود خلافات مصرية سعودية في مجال الفن
- أخيرًا.. وزارة التعليم تُعلن موعد امتحانات الدبلومات الفنية ...
- فيلم -Eddington- المثير للجدل سياسيًا بأمريكا يُشعل مهرجان ك ...
- وزيرة الثقافة الروسية لم تتمكن من حضور حفل تنصيب البابا
- مخرج فلسطيني: الفن كشف جرائم إسرائيل فبات الفنانون أهدافا لج ...
- لوحة سعرها 13.2 مليون دولار تحطم الرقم القياسي لأغلى عمل لفن ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد أبو ختلة - سيارة رينو ١٩