أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد أبو ختلة - ثقافة الاقتباس














المزيد.....

ثقافة الاقتباس


سعاد أبو ختلة

الحوار المتمدن-العدد: 4241 - 2013 / 10 / 10 - 14:58
المحور: الادب والفن
    


ثقافة الاقتباس
غزت التكنولوجيا ضروب الحياة المختلفة حتى طالت بعض المثقفين الذين ما زال بهم رغبة للمطالعة وفي ظل تقلص عدد رواد القراءة في رحلة الركض خلف أسباب الحياة المادية ومطاردة لقمة العيش والغلاء الفاحش ومن سمات الحياة التي أخذت تتلاحق وترهق عقل وجسد الانسان.
توغلت التقنيات لتصبح الكتب الكترونية وكتب الورق يعتليها الغبار ويطال تجارتها الكساد في عالم الديجيتال والانترنت وأصبحت القراءة حصرية على مراسلات العمل أو الاصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت كلمات شير وكومنت ولايك من مفردات المجاملات الاجتماعية وتحديث البوست اشعار بالوجود ضمن المنظومة الاجتماعية ومواكبة للحدث، ودخلت هذه المفردات قاموس اللغة المتداول مع مفردات أخرى تحولت من مصطلحات تقنية جافة لتعابير متداولة مثل ( سَيف ) بمعني خزن أو حفظ و(لكد) بمعنى أغلق أو أُستغلق عليه، كذلك اختزلت الكتب والروايات في اقتباسات على لسان الكتاب أو أبطال الروايات .
ونشطت عبر الانترنت مواقع لنشر الاقتباسات أدبية وفكرية وحتى فقهية فأصبحت الفكرة مبتورة بل وحادت عن أصلها مما خلق بلبلة وجدل واسع في كثير من الاحيان بين أوساط المتابعين، على سبيل المثال العديد من المقولات المشهورة عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم والعديد من المفكرين العرب قبل عصور الظلام العثماني، تم اقتباسها على أنها لمفكرين أجانب محدثين والحقيقة أنهم اقتبسوها عن الأولين لكن ضاع المصدر الحقيقي وأصبح المقتبس هو المبدع الأول وللأسف يتم تداولها من قبل شريحة واسعة من المثقفين دون بحث وتمحيص في أصل المقولة .
وفي ظل هذا النسق السريع ازدادت صفحات الاقتباسات على مواقع التواصل الاجتماعي لتسهل على المستخدم (الشخص الواقعي في الشبكة الافتراضية ) اقتباس عبارة تواكب حالته النفسية أو توجهه الايديولوجي، يتم اقتباس فقرة مستقلة تؤخذ من المصدر الأم لتصبح كياناً مستقلاً، عملية بتر كاملة للنص العام وكأنها مخلوق آخر، عمل أبتر بعيد عن حس الكاتب الأصلي وكأنه زهرة قطعت من حديقتها لتوضع في زهرية ومن ثم تحول لصورة ومن ثم لمجسم من جبس وتبقى محتفظة باسمها كزهرة معينة من حديقة بعينها وهذا أمر مناف للحقيقة ؛ فقد طالها تغيير في اللون والرائحة والمنظر العام في الحديقة ، تلاعبت بها زوايا التصوير وتغير لونها وفقدت رائحتها فأصبحت عمل آخر لا نستطيع أن نعطيه ذات الاسم وربما تكون العبارة التي تقتبس من رواية بذات الصفات فهي تؤخذ من سياق عام، حالة نفسية متكاملة بين الكاتب والفكرة أو بين بطل الرواية وجوه النفسي وقد تحمل طابعاً مغايراً للفكرة الأصلية التي من أجلها صيغت العبارة أو تكاثفت الفقرة، ويتم تداولها بعيداً عن سياقها ويضفى عليها طابعاً مغايراً لنصها، على سبيل المثال هناك اقتباسات متداولة من رواية أحد عشر دقيقة للكاتب باولو تساق في جو الروحانيات والسمو بينما هي في حقيقة الأمر تساق في نسقها الروائي على لسان مومس تبحث في سر السعادة الجنسية في الدقائق الاحدى عشر اللاتي تعتبرهن مدة الممارسة وهو أمر مناف لما يتداوله المقتبسون في صفحاتهم حيث يضفون الروحانية ويشعرون القارئ بالسمو الاخلاقي وهو ما لا تناقشه الفقرة في سياقها الأم في الرواية ، كذلك رواية الأسود يليق بك التي غزت اقتباساتها الصفحات الخاصة والعامة في لوع رومانسي وسمو عاطفي، بينما في سياقها داخل الرواية وضمن المنظومة المتكاملة فيها انهزام عاطفي أنثوي وانحطاط واستغلال ذكوري والعديد من الاقتباسات التي يتم تناقلها دون وعي لتؤكد ضحالة الفكر وهشاشة الثقافة في غمرة التيه التقني وخيوط الشبكة تغري المستخدم للإبحار هنا وهناك في حركة دؤوبة ليكتشف بعد حين أن لا سمك في شبكته ...خاوي الفكر ، معدوم الثقافة ..
سعاد أبو ختلة
كاتبة واعلامية



#سعاد_أبو_ختلة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثالوث الجهل والفقر والعنف أسباب معاناة النساء
- صندوق الموسيقى
- كلام في حال الصحافة الفلسطينية
- محاكمة مبارك
- العالم الافتراضي .. حيوات أخرى


المزيد.....




- والدة هند رجب تأمل أن يسهم فيلم يجسد مأساة استشهاد طفلتها بو ...
- دواين جونسون يشعر بأنه -مُصنّف- كنجم سينمائي -ضخم-
- أياد عُمانية تجهد لحماية اللّبان أو -كنز- منطقة ظفار
- إبراهيم العريض.. جوهرة البحرين الفكرية ومترجم -رباعيات الخيا ...
- حصان جنين.. عرضان مسرحيان في فلسطين وبريطانيا تقطعهما رصاصة ...
- من بنغلاديش إلى فلسطين.. جائزة الآغا خان للعمارة تحتفي بمشار ...
- ملتقى الشارقة للراوي يقتفي أثر -الرحالة- في يوبيله الفضي
- بعد عامين من الحرب في السودان.. صعوبة تقفّي مصير قطع أثرية م ...
- أبرز إطلالات النجمات في مهرجان البندقية السينمائي 2025
- أبو حنيحن: الوقفة الجماهيرية في الخليل حملت رسالة الالتزام ب ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد أبو ختلة - ثقافة الاقتباس