أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعاد أبو ختلة - يوم من أيام حرب لا تنتهي














المزيد.....

يوم من أيام حرب لا تنتهي


سعاد أبو ختلة

الحوار المتمدن-العدد: 8139 - 2024 / 10 / 23 - 18:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


عندما تتلقى أمراً بالإخلاء، وأن المكان الذي تنتمي له وينتمي لك أصبح منطقة خطر، وان اجتياحه والقضاء على الأخضر واليابس فيه مسألة وقت لأن أهداف الحرب عند اسرائيل ابادة الشعب والقضاء على مقدراته، حين تنعق البوم بأمر الاخلاء، يتوتر الناس وتهرول العائلات بجزع أين نذهب وماذا نفعل، قد يحملون اشياء لا معنى لها في غمرة جزعهم وينسون المهم، ينطلقون بلا هدف في الشوارع، يتوقف العقل عن التفكير والقلب يرتجف خوفاً أين هو المكان الآمن الذي انقل له عائلتي...؟!! يتذكرون بعض الأقارب والأصدقاء، ينظرون في قائمة جهات الاتصال بالجوال، يتوترون ويقرروا ان يمضوا مع سيل المهجرين للوجهة التي تنقلهم لها، سيارات تنحرف في شارع الرشيد الذي كان رشيداً، على حافة الرصيف تتوقف، تنظر حولك، انهم يحطون عزالهم ويبدأون في تخطيط خيمة، لكنها تحتاج الكثير من الأعمدة والشوادر، تقف تنظر ثم تقرر أن تمضي مع من استمر في السعي على طول الساحل الذي انكمش وجلاً ولسان حاله: ما هذا الذي يحدث ليسوا بمصطافين وملامحهم شاحبة باهتة، هل يرون ما لا أرى؟!!
كلما ابتعدت، يصفى ذهنك، يخبرك أحدهم فلان ابن فلان في المكان الفلاني ربما عنده مكان يأوينا، يتصل ويده ترتجف، تأتيه رسالة لا يمكن الوصول للرقم المطلوب، يحاول ثانية ويغلق الهاتف سريعاً قبل أن يتلقى ذات الرسالة، شبكة الاتصالات لا تعمل، وعقله كموتور السيارة يستنفر الدم في الشرايين والأوردة، تتصلب يديه على عجلات القيادة ويحمد الله أن عربته المتهالكة لم تخونه هذه المرة وحوله الكثيرون يحملون عتادهم أو ما استطاعوا حمله، أطفال ونساء ورجال يسيرون متهدلي الأكتاف، امرأة تجر عربة صغيرة وبها صغير لم ينقشع غمام عينيه، وتحمل آخر على ذراعها وحقيبة على ظهرها وكل فرد من العائلة يحمل شيئاً ينتمي له، لعبة صغيرة، جهاز لابتوب، ثوب تخرج، ألبوم صور، قطة صغيرة وقفص عصافير، ترى على طول الطريق أشياء غريبة، لم ترها آنذاك، كنت مموهاَ مثلهم لا ترى، لاحقاً حين استقروا تذكروا..
أن تقيم في خيمة أو تستأجر مكاناً متهالكاً، لا مفاضلة، فالخيمة التي تتخلى عنك اذا ما هاجمتها الريح كالمنزل المتهاوي الذي تركوه بعد ان عاثت به القذائف ونخرت جدرانه وزلزلت الدبابات اساساته ليبقى شاهداً، بيت بالكاد يقف وقد ضربت أعمدة في الطابق الأرضي ودمر المدخل والردم المحيط من المربع السكني التي استهدفته الأحزمة النارية تحيط المكان باللون الرمادي، فتشعر بأنك في بعد آخر، كوكب ما في مجرة ما مترامية الأطراف نالت منها الكواكب فلا تعيش بها سوى العناكب وأصناف من الحشرات والوحوش الصغيرة -الفئران الضخمة-
نصب البعض خيامهم، زجوا بها أشياءهم القليلة التي حملوها، وأصبحوا يضيفون ويعدلون، وفي القلب غصة، متى تنتهي هذه المهزلة، متى تتوقف الحرب ونسترد حياتنا التي أصبحت رهينة رعونة طاغية لا تبالي بقانون انساني، وكأننا عبء على هذا العالم واتفق على التخلص منا، يأتي الليل على قاطني الخيام فتحلق الخيمة مع قليل من الهواء، ترتجف فرائصهم كيف سيكون الشتاء؟!! وساكني البيوت الخربة يلتصقون ليلاً ببعض خوفاً، صوت الحشرات والفئران وازيز البعوض، وفجأة صوت الطائرة يزأر بشدة ويضرب مكاناً في الوسط فتنتفض الخيمة ويقفز ساكنيها، وتتهاوى قطعة باطون ضخمة كانت تلتصق بالمبنى المجاور بسيخ حديد، ويتعالى صوت الصراخ في كل مكان، شهداء دفنوا في الرمل، خيمة استهدفت، خيمة كان ينام بها أطفال، وامهم، كانوا خائفين، وكأن الصاروخ أراد ان يعاقبهم على خوفهم، وأن يريحهم من مشقة نقل المياه والركض خلف قوت يومهم، لكنه اغتالهم عن عمد، سلبهم الماضي والحاضر والمستقبل، اغتال أحلامهم التي كانت كحلم كل طفل في هذا العالم المترامي، أن يحيا حياة كريمة سعيدة يشعر بالأمان..



#سعاد_أبو_ختلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم التالي للحرب..
- الحرب على غزة
- الحرب على غزة/طفولة مغتصبة ومستقبل موءود
- الحرب على غزة /مشهد من لوحة دامية
- عداد الموتى في غزة تخطى البشر والحجر
- حرب الابادة على غزة صورة خارج التغطية
- غزة تباد جوعاً وقهراً وقصفاً
- الحرب على غزة تفاصيل لا تعرفها المسَيرة
- الحرب على غزة تهجير وخيام وأرواح
- عام من الحرب على غزة
- اليوم العالمي للمرأة قراءة أخرى
- الحب في زمن الكورونا
- أماكن سياحية فاخرة.. مراتع للأمراض!
- عيد العمال يلقي قفازات آلاف العمال المتعطلين عن العمل في وجه ...
- ثقافة الاقتباس
- ثالوث الجهل والفقر والعنف أسباب معاناة النساء
- صندوق الموسيقى
- كلام في حال الصحافة الفلسطينية
- محاكمة مبارك
- العالم الافتراضي .. حيوات أخرى


المزيد.....




- مباشر: فصائل المعارضة السورية تسيطر على مدينة حماة ونزوح عشر ...
- اسم -محمد- يتصدر قائمة أسماء المواليد الذكور في إنكلترا وويل ...
- لافروف يتحدث عن المفاوضات مع أوكرانيا في ظل عدم شرعية زيلينس ...
- إسرائيل تصادر 24 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية في أكبر عمل ...
- القوات الإسرائيلية تواصل نسف المباني في قطاع غزة
- لافروف: ألمانيا لم تزود روسيا بنتائج اختبارات نافالني
- لافروف: ترامب رجل قوي وودود لكن هذا لا يعني أنه مؤيد لروسيا ...
- سموتريتش يبدأ تحركا جديدا لضم الضفة الغربية
- لافروف يكشف تفاصيل آخر لقاء له مع بلينكن
- لافروف ينتقد مواقف زيلينسكي المتناقضة تجاه سكان دونباس ويصفه ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعاد أبو ختلة - يوم من أيام حرب لا تنتهي