أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد محمد عبدالله - حوار صحفي: مستقبل السودان في ظل التحديات السياسية الراهنة وموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال















المزيد.....


حوار صحفي: مستقبل السودان في ظل التحديات السياسية الراهنة وموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال


سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 8126 - 2024 / 10 / 10 - 04:49
المحور: الصحافة والاعلام
    


"سعد محمد عبدالله: مستقبل السودان في ظل التحديات السياسية الراهنة وموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال"

مقابلة|09 أكتوبر - 2024م

africa inside - حاورته - د.ربيعة خطاب

•في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها السودان بعد سنوات من الصراع السياسي والعسكري، يتساءل كثيرون عن مستقبل البلاد وكيفية الوصول إلى حلول شاملة ومستدامة.

•من بين الفاعلين الرئيسيين على الساحة السودانية، تلعب الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال (الجبهة الثورية) دورًا محوريًا في المفاوضات والنقاشات حول مستقبل السودان.

•للحديث عن هذه القضايا، نلتقي اليوم مع سعد محمد عبدالله، الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، ليقدم لنا رؤيته حول الوضع الحالي، التحديات التي تواجه البلاد، ودور الحركة في إيجاد مخرج للأزمة السودانية.

1. كيف تقيم الوضع السياسي في السودان بعد التحولات الأخيرة؟
هل هناك إمكانية لاستقرار طويل الأمد في ظل الوضع الحالي؟

أعتقد المسألة السياسية السودانية معقدة وذات أبعاد داخلية وخارجية زادتها تعقيدًا إذا نظرنا لواقع اليوم ومجريات الأحداث، ولذلك نجد أن المسرح لا يخلو من المشاهد السياسية المتناقضة إلي حد اللا معقول؛ فقد أفرزت الصراعات قبل الحرب واقعًا معقدًا للغاية، وكنا نلاحظ وننبه ونحذر من مغبة التشظي السياسي لكن دون سامع، وكانت هذه الحرب بمثابة نقطة تحوُّل كبيرة في المسار السياسي السوداني، وهذا الأمر أحدث هزات سياسية عميقة في صميم التحالفات والروئ الآنية والمستقبيلة التي سوف تؤثر علي الممارسة السياسية ومكوناتها، وفرضت الحرب ضرورة قصوى للمراجعات السياسية والفكرية الجادة إلا الذين يمانعون فسوف يذهبون إلي غياهب التاريخ لا محال، وقد إتضح لكل متابع ضعف التنظيمات السياسية وعدم القدرة علي إنتاج حلول مقنعة تخرجنا من هذه الدوامة التي أدخلونا فيها عنوة بعصبيتهم وتصلب مواقفهم رغم كل المحاولات التي نتلمس في بعضها الجدية ونأمل أن تتم إعادة طرحها وتطويرها لتكون الأساس الذي يُبنى عليه سودان المستقبل، وأعتقد أن الإستقرار سيأتي بعد هزيمة العدوان وإستسلام المتمردين وإقرار حلفائهم بهذه الهزائم وهذا هو الخيار الأقرب للواقع أو في حالة التفاوض السلمي الذي يضع حلاً شاملاً للأزمة القائمة، وفي كل الأحوال لا ينبغي أن نعود إلي الوراء مهما حصل أو التكلم عن حلول سياسية بمفهوم ما كان قبل تلك الحرب لأن المنطق يقوُّل أن المشهد قد تبدل تمامًا، ويجب أن تتجدد الروئ السياسية بحيث تخاطب الواقع بواقعية، وأن نتحدث عن حلول جديدة تؤسس لبناء سودان جديد وموحد يسع جميع الأطياف والألوان دون فرز أو تمييز.

2. ما هي العوامل الرئيسية التي أدت إلى تأزم الوضع في السودان خلال الفترة الأخيرة؟
هل ترى أن هناك طرفاً يتحمل مسؤولية أكبر في هذا التصعيد؟

دولة السودان محفوفة بتعقيدات سياسية وإجتماعية وثقافية ظلت حاضرة في كل الصراعات التاريخية والمعاصرة، وكانت بلادنا تعيش صراعًا سياسيًا وعسكريًا حول السلطة والثروة، ولم تتفق القوى السياسية والعسكرية علي أجندة واضحة للتغيير أو مشروع وطني للحكم والإدارة والتنمية في الريف والمدينة، وبعد التغيير الذي حدث عقب ثورة ديسمبر المجيدة إتضح جليًا حجم المطامع المُحاطة بسيل من تباينات الأفكار والأراء والمواقف بين السياسيين والعسكريين حول قضايا جوهرية تتعلق بحكم وإدارة السودان سيما فيما يتعلق بتلك التوجهات الغير موضوعية لبعض التنظيمات التي سعت سعيًا حثيثًا وأجهرت بتفكيك المؤسسات المدنية والعسكرية عبر إعتمادها أطروحات ومفاهيم وآليات كانت مدمرة بمعنى الكلمة، وخلقت دولة رخوة لا تملك قرارها ولا يمكن توحيدها وتقويتها إذا إستمر الوضع علي ما كان عليه آنفًا، وكنا نحذر من مغبة الإستعلاء السياسي وإقصاء الأخر والتوجه نحو تفكيك الدولة، والمعاداة ممن كانوا وقتها يسمون أنفسهم زورًا بمدنيين يعملون ضد العسكريين تحت شعار الديمقراطية ولكنهم بذلك لم يراعوا تعقيدات الحالة السودانية، وكنا نطرح فكرة الديمقراطية التشاركية في فترة إنتقالية يشترك فيها السودانيين في إدارة سودانهم حتى إنعقاد مؤتمر قومي دستوري يعالج الإختلالات البنيوية للدولة ويخاطب قضايا السلام والمواطنة بلا تمييز والديمقراطية ونظام الحكم والإدارة وقيام الإنتخابات، لكن البعض رفضوا ذلك وإختاروا الذهاب إلي خيارات السطو علي السلطة والإنفراد بها وتخوين الأخرين وبل إدعاء الصلاح المطلق من خلال خطابهم السياسي الذي عهدناه، وكتابة وثيقة دستورية متناقضة كليًا وقبلنا إصلاحها لاحقًا عبر موائمتها مع إتفاقية جوبا لسلام السودان حتى نحافظ علي وحدة وتماسك الجبهة الداخلية، ولكن كانت الكارثة الأكبر عندما قررت النخبة السياسية التحالف مع مليشيا الدعم السريع بتوجيه ودعم من بعض حكومات العالم والإقليم بغية الإنقلاب والإستيلاء علي مقاليد السلطة بقوة السلاح وتفكيك بنية القوات المسلحة وإستبدالها بمليشيا الدعم السريع مما فجر أحداث العنف المستعرة والمستمرة إلي يوم الناس هذا.

3. كيف تؤثر النزاعات الداخلية بين الجيش وقوات الدعم السريع على مستقبل السودان؟
هل ترى أن هذه الصراعات قد تؤدي إلى تقسيم البلاد؟

نعم، هنالك قوى إقليمية ودولية تسعى لتقسيم السودان من دولة مستقلة وموحدة وذات سيادة إلي مستعمرات جغرافية ضعيفة ومتهالكة بعد تشريد شعبنا وتقاسم الموارد كما حدث في دول كثيرة من حولنا، وأن يتم تنفيذ هذا المخطط الخبيث عبر إستخدام آلة القتل والتدمير التي أعطوها لمليشيا الدعم السريع الإرهابية التي لا لجام لها البتة، وغلفوا مطامعهم بخطب وكلائهم السياسيين والإعلاميين الذين فتحت لهم وقتئذن وإلي الآن أبواب السفارات للتبضع والقنوات الفضائية لترويج بضائعهم التالفة والمنتهية الصلاحية، ولكن الواقعية تقوُّل بأن لا شك أبدًا في تأثير الصراع السياسي والعسكري في السودان علي الداخل نظرًا لعقدة تركيبة البلاد وتنوع شعبها الذي لم يستخدم لبناء أنسجة السلام والمُساكنة الرحيمة وأنسنة الحياة وتعزيزها بمشروع ”السودانوية والوحدة في التنوع“ إنما كان يحاول البعض جعلها ”كورة نارية“ كلما دحرجوها وقذفوها نحو أفئدة الجماهير بخاطب من العنصرة والكراهية أحرقوا بها الوطن، وأيضًا هنالك تأثيرات سالبة نراها تتكشف بين الفينة والآخرى علي مستوى المحيط الإقليمي الذي يشهد هزة سياسية وأمنية تقترب من مرحلة الإنفجار نتيجة تصاعد حدة الصراعات الداخلية والرخو الملازم للدولة المعاصرة ومطامع خارجية لا تتوقف علي الإطلاق؛ فنحن وسط كل هذه الأزمات نرى أن مستقبل السودان محفوف بمخاطر صُنعت داخليًا وبعضها ذات أبعاد إقليمية ودولية، وهنا أودُ أن ألفت الإنتباه لوجود الجماعات المرتزقة المستجلبة من دول الجوار المباشر والغير مباشر للقتال مع مليشيا الدعم السريع في السودان، وأعجب أن ذلك يجري بعلم تلك الحكومات الداعمة للحرب، والتي كما ذكرنا سابقًا أن حكومتنا قد وضعت شكوة ضدها أمام مجلس الأمن الدولي، والمطلوب اليوم أن تكف الدول عن تمويل الإرهاب العابر للحدود الإقليمية والدولية ومحاربة كل الجماعات الإرهابية، ويجب معرفة حقيقة وضعية السودان علي خارطة افريقيا التي يتوسط فيها شريط القرن والساحل الافريقي بكل ما فيه من إضطرابات، ويُعد السودان بوابة افريقيا للشرق الأوسط عبر البحر الأحمر، والذي لا يخلوا هو الأخر من معوقات حركة الملاحة البحرية كما يعلم الجميع، وأعتقد جازمًا أن المستقبل المرجو للسودان يحمل في داخله مستقبلاً لأفريقيا والشرق الأوسط عامة ودول الجوار بشكل خاص، والطريق الأمثل لصناعة مستقبل مشترك هو أن تتم مراجعة كافة المواقف الإقليمية والدولية المضادة لمفهوم الدولة، وإيقاف تلك السياسات التي تدعم تفكيك بلادنا بإجراء عملية إصلاحية واسعة في توجهات الهيئات العالمية من أجل الوصول إلي مستقبل أنضر.

4. هل تعتقد أن التدخلات الإقليمية والدولية قد فاقمت الأوضاع في السودان، أم ساهمت في تهدئة النزاعات؟
وما هو دور القوى الإقليمية مثل مصر، الإمارات، والسعودية في هذا الصراع؟

أعتقد أننا قبل كل شيئ بحاجة للتفريق بين مفهوم التدخل والتعاون في العرف الدولي؛ فلكل مسار خصائصه، وتعتبر جمهورية مصر جارة وصديقة لجمهورية السودان، وتربط بين البلدين مصالح سياسية وإقتصادية وإجتماعية لا يمكن قطعها أو تجميدها مهما حصل، لذلك تعمل حكومة مصر بسياسة تعاونية مع حكومة السودان لتحقيق المصالح العليا في الأمن والسلام والإستقرار وتجنيب المنطقة المزيد من الأزمات، أما المملكة السعودية فلديها أيضًا علاقات تاريخية مميزة مع السودان، ويمثّل الأمن الملاحي والحركة التجارية البينية والعابرة عبر البحر الأحمر من أهم دوافع تعاونها لحلحلة أزمة الحرب في السودان، وأثمرت جهودها مع الولايات المتحدة الأمريكية في توقيع إتفاقية “جدة“ التي لم تُنفذ نصوصها بعد، ولكن للأسف نجد أن دولة الإمارات العربية تحمل شارة الممول الأول للحرب في بلادنا، وعباقرة شعبنا هم من بنوها، وحتى هذه اللحظة لا نعرف لماذا تموُّل المليشيا الإرهابية لتشريد شعب كريم ومحب للسلام والحرية؟، وماذا تريد دولة الإمارات من بلادنا وشعبنا؛ ليت قادة دولة الإمارات خرجوا لتبرير ما يفعلونه من أجل فتح حوار معهم حول دوافع قتلهم لشعبنا لكنهم صامتون كأنهم لا يسمعون صرخات الأطفال وأنات النساء اللائي يحملن آمالهن لفجر جديد لم يأتي بعد؛ فلا أرى خيرًا في التدخلات الخارجية في شؤون بلادي أو أيّ بلاد آخرى بمثّل هكذا مفهوم سالب، فهذه التدخلات تساهم في تأزيم المشهد المتأزم أصلاً، وأعتقد الأسلم والأقوم هو طرح التعاون الإقليمي والدولي مع حكومة السودان كبديل معمول به في كل العلاقات الدولية التي تحترم سيادة الدول، ويجب تطبيق مفهوم سياسة ”الحلول السودانوية لمشكلات السودان“ وذلك للحفاظ علي هذه البلاد موحدة ومستقرة، ومنع الذهاب بها إلي خيارات أخطر.

5. كيف يمكن للشعب السوداني التعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور في ظل الصراعات؟
وما هي التداعيات الاجتماعية التي قد تترتب على ذلك؟

الوضع الإقتصادي متدهور بشكل كبير جدًا نتيجة إتلاف وتدميير متعمد ومقصود من قِبل مليشيا الدعم السريع لمواقع الإنتاج مثّل المصانع والمزارع والأسواق التجارية وكل مرافق الدولة الحيوية، والتي طالتها أياديهم الآثمة، ويعاني الشعب السوداني فعليًا من آثار الحرب المدمرة في حياته اليومية خاصة مع إنتقال الملايين منهم من مساكنهم الطبيعية إلي مراكز إيواء في ولايات آخرى أو إلي خارج حدود البلاد، وهذا الأمر غَيِر نمط الحياة وطبيعة كسب الأرزاق وشتت لحمة الأسرة وتماسكها وزاد من نسبة البطالة وسط الشباب والنساء مع محدودية الإعانات التي تصلهم من وقت لأخر من المنظمات الإنسانية، وكل هذا الوضع الكارثي سوف يرمي بظلاله علي حياة الإنسان السوداني الذي بات لا يقوى علي الإستمرار في دوامة التهجير القسري بسبب إنتهاكات المليشيات الإرهابية التي تواصل القتل العشوائي، وأعتقد أن حكومة السودان قد تمكنت خلال فترة وجيزة من إستعادة ما يقدره البعض بـ(80%) من الإرادات التي توقفت تمامًا بعد إندلاع الحرب، وتعمل الحكومة خاصة في وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي علي ترتيبات لإحتواء الفجوات الإقتصادية وكذلك صرف مستحقات العامليين في الدولة وتطوير برنامج لتنظيم عملية الإنتاج والبحث عن وسائل عقد شراكات إقتصادية وإستجلاب الإستثمارات التي من شأنها أن تُعيد وضع الإقتصاد الوطني في المسار الصحيح.

6. ما هو دور المجتمع المدني والقوى الشعبية في التأثير على مسار الأحداث السياسية؟
هل تعتقد أن هناك إمكانية لإعادة الزخم الثوري ضد النظام العسكري؟

القوى المدنية والثورية الحية الآن وأطياف واسعة من الشعب السوداني الجسور تقف إلي جانب المؤسسات العسكرية والمدنية من أجل صياغة المستقبل الجديد للسودان والسودانيين، وهذه الكتلة الضخمة سوف تكون العمود الأساسي لإحداث التغيير في المرحلة المقبلة، وأعتقد أن منسوب الزخم الثوري اليوم أعلى من ما كان عليه، ويرجع ذلك لنضج الشعور القومي الذي تشكل في أذهان وقلوب الجماهير والقوى الوطنية الساعية إلي التحرر؛ فقد لاحظ شعبنا وهو ذو نظرة ثاقبة وذكاء وفطنة وحساسية عميقة وذاكرته قوية لا تمحوها الشعارات التي يرددها البعض، وقد لمست الجماهير عدم الجدية في الحكومة السابقة سيما تعاطيها مع قضايا السلام والأمن وإصلاح الخدمة المدنية وغيرها من الأشياء التي ترتبط بحياة الناس؛ بل كان إنشغال تلك النخبة السياسية بتصفية حساباتها الضيقة مع الخصوم التقليديين أو أصدقاء الأمس وشركاء الواقع، ولم تكن هنالك رغبة لإقامة مصالحة في حدها الأدنى مع رفاق الثورة والتغيير، لكن السودانيات والسودانيين يراقبون كل ما يدور في الساحة الوطنية حتى لحظة إنفجار الحرب في 15 ابريل، ولذلك أرى أن من مصلحة كافة الجماهير مواصلة مشوار الثورة عبر دعم مؤسسات الدولة وإسناد القوات المسلحة في معارك تحرير السودان وحماية الوحدة من عدوان المتمردين والمستمرين الذين يودون محو السودان من خارطة العالم؛ فمهمتنا الآن أن نحقق أهداف الثورة في بناء دولة السلام والمواطنة المتساوية والتنمية المتوازنة للريف والمدينة وصيانة الوحدة والسيادة الوطنية وتكوين الجيش القومي والمتنوع والمهني الذي يحمي الدستور وحدود البلاد.

7. ما هي فرص التوصل إلى حل سياسي بين الأطراف المتصارعة؟
وهل يمكن الوثوق بالاتفاقيات التي تبرم بين الفصائل العسكرية والسياسية؟

الفرصة موجودة لحل المشكلة السودانية عبر الوسائل السلمية لكن قبل ذلك يجب أن تسقط مليشيا الدعم السريع سلاحها وتكف عن قتل المواطنيين ونهب كل ممتلكاتهم وتهجيرهم قسرًا من مساكنهم ومناطقهم وعليها إيقاف تلك الإنتهاكات والإنسحاب فورًا من الساحة وتسليم الأسلحة للمؤسسة العسكرية المنوط بها حماية حدود الدولة ومصالح الشعب؛ كما يجب أن يتوقف الحلفاء السياسيين لهذه المليشيا المتمردة عن توفير الأغطية السياسية لها وتبرير جرائمها الجسيمة ضد المدنيين، وعليها أن تتوقف أيضًا عن مهاجمة الدولة دون حق، وهنا ينبغي تأكيد أهمية الإلتزام بخارطة الطريق الحكومية المعلنة لحلحلة الأزمة السودانية المشتعلة منذ عام ونيف، وبداية هذا الطريق يكون بتنفيذ كل ما جاء في إتفاقية ”جدة“ التي لم تلتزم بها مليشيا الدعم السريع؛ فأيّ حل سياسي لا يمكن أن يستقيم دون وضع الأسلحة تحت سيطرة القوات المسلحة وضمان تحقيق العدالة الناجزة عبر تقديم الجناة للقانون وإسترداد المنهوبات وفتح صفحة جديدة تبدأ بفترة تأسيسية لبناء مؤسسات الدولة من جديد مع إجراء حوار سودانوي شامل والتأكيد علي آليات التوافق والإنتخابات كوسائل للوصول إلي السلطة.

8. كيف ترى تأثير النزوح الجماعي والهجرة القسرية على مستقبل السودان وعلى استقرار المنطقة؟

بكل تأكيد؛ يمثّل النزوح واحدة من وسائل التغيير الديموغرافي في السودان، وهجرة هذا العدد الهائل من البشر سواء كان من داخل أو خارج السودان سوف يؤثر سلبًا علي الإستقرار والتنمية والبناء والتعميير وعملية الإنتاج بعد أن تزول هذه الغُمة عن سماء بلادنا، وهذا الأمر يحدث الآن بأبشع طرق أمام أعين العالم أجمع، وهو مخالفة صريحة للقانون الإنساني الدولي في عالمنا الذي يسن القوانيين ولكن يغض الطرف عن المليشيات التي تعمل ضدها، وأعتقد أن هذا التناقض لا يمكن فض الغبار حوله إلا من خلال الإلتزام الصارم بتطبيق القانون، وأرى من الأنجع أن تلتفت اليوم الأمم المتحدة للكارثة الإنسانية التي تجري في السودان بسبب التهجير القسري الذي تقوم به مليشيا الدعم السريع والمرتزقة الذين تم إستجلابهم من قِبل الحكومات التي تموُّل عملية الإستعمار الإستيطاني في السودان، ولذلك نرى من واجب العالم إظهار مواقف أكثر وضوحًا وشفافية تجاه هذا الوضع المُختل والمثير للريبة والقلق؛ فإذا إستمرت هذه الكارثة الإنسانية في ظِل حالة الصمت العالمي الذي يلف المشهد حاليًا ربما تنتقل العدوة إلي مواقع آخرى لا سيما مع الحدود المفتوحة بين السودان والجوار الإقليمي.

9. هل هناك دور يمكن أن تلعبه الحركات المسلحة السابقة أو القوى المعارضة في تقديم حلول بديلة؟

حركات الكفاح المسلح حاضرة في ميادين معارك التحرير وعلي المسارح السياسية المختلفة، وقد قدمت الحركات العديد من المبادرات السياسية لإحتواء الأزمة قبل إندلاع شرارة هذه الحرب لكن قُوبل كل هذا العمل بنوع من الرفض الغير مبرر من قوى سياسية محدودة الأفق السياسي، وكانت التنظيمات السياسية مشغولة بتقاسم السلطة وإقصاء كل من هو آخر أو مختلف، وهم في ذلك لا يسمعون ولا يبصرون، وبعد أن إنفجر هذا المشهد بصورة دامية كما تشاهدون اليوم وقفت وقدمت الحركات المسلحة من جديد رؤيتها بشجاعة لمواجهة الأزمة وحلها إذا كان ذلك عبر حوار الألسن أو من خلال البنادق، وكان من بين مواقفها التاريخية الواضحة إنحيازها كليًا للقوات المسلحة كواحدة من مؤسسات الدولة التي لا يمكن إستبدالها وبيعها بأيّ ثمن، وقالت الحركات مجددًا أن الحلول السياسية يجب أن تكون حلول شاملة لا تُعيد تجربة ”حكم النشطاء“ الذين أخذوا البلاد إلي بوابات الجهيم، وأكدنا جميعًا أن القتال مع القوات المسلحة جزء لا يتجزأ عن مفهوم التحرير الوطني السلمي والمسلح الذي خضناه قبل سنوات طويلة للوصول إلي سودان مستقل وموحد ومزدهر في كل المجالات، وهذه الحركات المسلحة نشأت كمدارس للتغيير والتحرر، ولم يكن من اللائق بها الوقوف مع زرائع الإستعمار الإستيطاني وقوى الظلام التي لا تعمل لتحقيق شعارات الثورة كما تدعي بل تتشاكس فيما بينها ومع غيرها في الهيمنة علي السلطة والثروة فقط، ومن أوجب واجبات الحركات المسلحة الدفاع عن حرية وكرامة الشعب وإستقلال وسيادة البلاد، ونحن فخورن جدًا بأننا من مواليد مشروع تحرري ضخم تقوده الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال (الجبهة الثورية) وشخصيًا قضيت فيها 20 عام من الكفاح الثوري التحرري بأعتبارها من أقدم حركات الكفاح السلمي والمسلح في أرض السودان وافريقيا قاطبة.

10. كيف ترى دور الإعلام المحلي والدولي في تغطية الأزمة السودانية؟
وهل يتم تسليط الضوء بشكل كافٍ على الأبعاد الإنسانية والسياسية للصراع؟

سيدتي، أسمحي لي أن أعرب لك عن شكري وإمتناني لك ولموقع (AFRICA INSIDE) علي إهتمامكم الكبير بفتحكم مساحات لمناقشة قضايا بلادي؛ ولكني محبط جدًا من الإعلام العالمي الذي لا يسلط الضوء كما ينبغي علي الأحداث الكبيرة الجارية في السودان، وربما هذا الأمر جعل مليشيا الدعم السريع الإرهابية تقوم بممارسة إنتهاكات فظيعة لأنها تعلم بغياب الإعلام عن دوائر الأحداث الحربية وتلك الموبوئة بالكوليرا والملاريا وحمى الضنك وغيرها من مخلفات الحرب خاصة في المواقع التي تقطع تلك المليشيات الطرق المعدية إليها، ويجب علينا أن لا نكتفي بأن نجري مقابلات صحفية ونتحدث عن مشاهد الوضع في المدن المستقرة إنما يجب الدخول إلي كل المناطق وتصويرها ونقل صوت السودان إلي الخارج كيما يعلم العالم بما يجري هنا، وربما يحرك الإعلام الحر ضمائر الشعوب للتضامن مع شعبنا والضغط علي الهيئات الدولية لإصدار قرارات صارمة تمنع الدول التي تدير هذه الحرب من الإستمرار فيها وتضع عقوبات شاملة ضد قادة المليشيا، وأعتقد أن الإعلام من أهم الأسلحة التي يجب وضعها في مقدمة إستراتيجية السودان من أجل منازلة كل من يحاولون تفكيك دولتنا وتدميرها، ومن هنا أناشد الأجهزة الإعلامية العالمية بأن توجه آلاتها لنقل وقائع الأحداث عبر الصورة والصوت من داخل مدن وقرى السودان وعكس ذلك للعالم من حولنا إظهارًا للحقيقة.



#سعد_محمد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاة الفنان السوداني المبدع سبت عثمان:
- أسباب وتداعيات إنسحاب القائد مالك عقار من جلسات المنتدى السن ...
- قراءة صفحات تاريخية من دفتر كفاح المناضل الثوري والسياسي الم ...
- حوار صحفي: رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال لمستقبل ...
- نظرة علي مؤتمر وزراء شرق افريقيا والصين الشعبية
- تهنئة بمناسبة المولد النبوي اليريف
- حوار صحفي: سعد محمد عبدالله - الناطق الرسمي باسم الحركة الشع ...
- نتائج المنتدى الافريقي الصيني
- ماذا يعني إستقرار السودان؟
- ماذ يعني إستقرار السودان؟
- المنتدى الافريقي الصيني
- حول كارثة السيول في شرق السودان وحادثة إنهيار سد أربعات
- بمناسبة تعيين القائد عبدالله يحي أحمد حسين عضوًا بمجلس السيا ...
- الحركة الشعبية - العيد الـ(70) لتأسيس الجيش السوداني مناسبة ...
- بمناسبة تعيين القائد صلاح الدين آدم تور (رصاص) عضوًا بمجلس ا ...
- توضيح حول تحوير تصريحات القائد مالك عقار لقناة العربي عقب زي ...
- قصيدة مرثاة الربيع بين الزهور والشموع علي مرقد السارد والمتر ...
- الحركة الشعبية: إستنكارًا لإنتهاكات مليشيا الدعم السريع بود ...
- نظرة حول تحولات العلاقات الدولية وإنعكاساتها علي المستقبل ال ...
- قيادة الحركة الشعبية تنعي الشهداء من الجيش الشعبي والجيش الس ...


المزيد.....




- أنثى فرس النهر الشهيرة -مو دينغ- تتنبأ بالفائز في انتخابات أ ...
- طهران تعلن وفاة المواطن الإيراني الألماني جمشيد شارمهد قبل ت ...
- أكثر من 130 منظمة وناشط حقوقي حول العالم يطالبون بفرض عقوبات ...
- زاخاروفا تعلن استعداد روسيا للنظر في أي مقترحات أمريكية بعد ...
- الجيش الروسي يؤمن طريقا حدوديا في مقاطعة كورسك (فيديو)
- ترامب يهاجم بيلوسي: أرغب بوصفها بكلمة تبدأ بحرف B (فيديو)
- حملة ترامب تعول على إقبال الناخبين والمقترعين -الصامتين-
- الجيش المصري يعلن تحطم مروحية ومصرع ضابطين
- مراسل RT: غارة إسرائيلية تستهدف مبنى في بلدة الجية في جبل لب ...
- وزارة الدفاع البيلاروسية لا تستبعد لجوء المعارضة للإطاحة بال ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد محمد عبدالله - حوار صحفي: مستقبل السودان في ظل التحديات السياسية الراهنة وموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال