|
هواجس إنسانية وسياسية 303
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8114 - 2024 / 9 / 28 - 18:29
المحور:
قضايا ثقافية
ينظر كل باحث أو مفكر إلى مفهوم الدولة من زوايته، رؤيته، من موقع بحثه وتقييمه ودراساته. هذا ليس جديدًا. إنه قديم. فنظرة عالم الاجتماع يختلف عن عالم التاريخ، ونظرة الفيلسوف ليس بالضرورة أن يتفق مع هذا الطرف أو ذاك. وكل واحد له مجاله. ما زالت هناك مفاهيم متداولة بيننا، وبين غيرنا، يوميًا ويجري على كل مفهوم أبحاث ودارسات، ولم يصل أي واحد إلى قرار محدد ونهائي. نطرح السؤال، كمثال: ما هي الدولة؟ ما هي القومية؟ ما هي الطائفية؟ ما هي الطائفة؟ ننحشر في كم هائل من المفاهيم، دون أن نستطيع تفكيك أي منهم تفكيكًا يرضي ذائقتنا الفكرية، ولا نستطيع أن نركن إلى أي مفهوم، على أنه معطى نهائي. لماذا نختلف، ونشتم بعضنا، ونحن لا نقبض على جزء من الحقيقة. الحقيقة سعيدة في خلودها، أما الإنسان فإنه يدور حولها.
من شرع أو وضع حجر الزاويا للوصايا العشر، لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تكذب، يفترض أنه يعلم مسبقًا أنها تحتاج إلى دولة ومؤسسات دولة لتقوم بتطبيقها. إنها وصايا سياسية لتكريس الملكية في ظل الحضارة الأبوية. هل اسس الله دولة لكل الناس، وطالبهم بتطبيق وصاياه؟ هل أراد تكريس السياسة كعلاقة مسبقة بين البشر؟ هل أراد منّا أن نكون سياسيين ونلتزم بالأخلاق، أخلاقه؟ هذه الاسئلة مشروعة، وتحتاج إلى إعادة قراءة التاريخ قراءة تاريخية، وتفكيكه لإعادتنا إلى ما يرضي ذائقتنا الفكرية؟
الوعي هو القدرة على الإحاطة بما يدور حول المرء، والقدرة على استيعابه وفهمه باقتدار. وإدراك ما يدور حوله في العالم. لا بد للوعي أن يكون مصاحبًا للحدس، للحاسة الدقيقة العليا، يستطيع المر من الدخول إلى الأماكن الشديدة الظلمة، والخالدة في آن واحد، الذي لا يستطيع الإنسان العادي الوصول إليها.
كتبت قبل عدة أيام عن الديمقراطية، وأضيف، أن الانتخابات التي تتم في أعلى مؤسسات الدولة، كأختيار أعضاء البرلمان والمحافظات بشكل ديمقراطي غير كافية. يجب تفعيل الديمقراطية في جميع مؤسسات الدولة، نبدأ من تحت إلى فوق، وليس العكس، بمعنى، أن يتم القضاء على البيروقراطية كلها، في جميع المؤوسسات، أن لا تأتي القرارات من فوق لتحت، وأنما من تحت لفوق، وبشكل جماعي وفي جميع مفاصل الدولة. أن لا تترك الدولة لمزاجية هذا أو ذاك. هناك قرارات تأتي من الوزارة أو الإدارة، هيمنية، بمعنى، أن الدولة الديمقراطية لم تتخلص من ترتبية أخذ القرارات من الجهات العليا. مثلًا، المدير في أية مؤسسة عامة لديه صلاحيات هائلة، يستطيع أن يعين موظفًا ما، حسب ما يرتأيه، ويستطيع أن يسرح أو ينقل موظفا ما من قسم إلى أخر ومن مدينة إلى أخرى، أن يرفع راتب أحدهم إلى خمسين ألف دولار، ويستطيع ان يخفضه إلى عشرة آلاف درولار. بمعنى، أن الطبقة الدنيا في المجتمع الديمقراطي خاضع، ذليل، ينفذ ما يطلب منه دون أي تذمر. ما زال النظام العام في بنية النظام الديمقراطي، أوامري، هيمني، نظام سيطرة، خضوع تام للقرارات التي تأتي من فوق. حتى لا تكون الديمقراطية شكلانية، فوقية، يسيرها مجموعة غير معروفة، وجاءت بانتخابات عامة، سواء في طريقة آداءها، أو ثقافتها، أو قدرتها على فهم المجتمع وتمثيله، لهذا يجب أن تتغير طريقة واسلوب الانتخابات. ما زالت الديمقراطية تصاغ لخدمة أصحاب المال والبنوك والشركات العملاقة، وتصاغ القوانين وجميع المؤسسات لخدمة هذا النموذج من القوى. الانتخابات التمثيلية غير كافية لإدارة الدولة إدارة ديمقراطية، بطريقة نقول أن هذه الدولة دولة ديمقراطية
كتبت قبل عدة أيام عن الديمقراطية، وأضيف، أن الانتخابات التي تتم في أعلى مؤسسات الدولة، كأختيار أعضاء البرلمان والمحافظات بشكل ديمقراطي غير كافية. يجب تفعيل الديمقراطية في جميع مؤسسات الدولة، نبدأ من تحت إلى فوق، وليس العكس، بمعنى، أن يتم القضاء على البيروقراطية كلها، في جميع المؤسسات، أن لا تأتي القرارات من فوق لتحت، وأنما من تحت لفوق، وبشكل جماعي وفي جميع مفاصل الدولة. أن لا تترك الدولة لمزاجية هذا أو ذاك. هناك قرارات تأتي من الوزارة أو الإدارة، هيمنية، بمعنى، أن الدولة الديمقراطية لم تتخلص من ترتبية أخذ القرارات من الجهات العليا. مثلًا، المدير في أية مؤسسة عامة لديه صلاحيات هائلة، يستطيع أن يعين موظفًا ما، حسب ما يرتأيه، ويستطيع أن ينقل موظفًا ما من قسم إلى أخر، ومن مدينة إلى أخرى، أن يرفع راتب أحدهم إلى خمسين ألف دولار، ويستطيع ان يخفضه إلى عشرة آلاف درولار. بمعنى، أن الطبقة الدنيا في المجتمع الديمقراطي خاضع، ذليل، ينفذ ما يطلب منه دون أي تذمر. لا يزال النظام العام في بنية النظام الديمقراطي، أوامري، هيمني، نظام سيطرة، خضوع تام للقرارات التي تأتي من فوق. حتى لا تكون الديمقراطية شكلانية، فوقية، يسيرها مجموعة غير معروفة، وجاءت بانتخابات عامة، سواء في طريقة آداءها، أو ثقافتها، أو قدرتها على فهم المجتمع وتمثيله، لهذا يجب أن تتغير طريقة وأسلوب الانتخابات. ما زالت الديمقراطية تصاغ لخدمة أصحاب المال والبنوك والشركات العملاقة، وتصاغ القوانين وجميع المؤسسات لخدمة هذا النموذج من القوى. الانتخابات التمثيلية غير كافية لإدارة الدولة إدارة ديمقراطية، بطريقة نقول أن هذه الدولة دولة ديمقراطية.
لقد تعلمت في طفولتي المبكرة، أثناء وجودي في اتحاد الشباب الديمقراطي الشيوعي، أن أقبل خساسة البعض، وتفاهتهم من أجل التبشير الديني للحزب اليوتوبي الشيوعي الكاذب. لقد تعلمت اسوأ تعليم في اسوأ مدرسة، أن أدمر الصوت الداخلي في داخلي لإرضاء الأخرين. ولكن كان هناك صوت أخر، صوت جبار، صوت رافض، أنيق ولطيف، كان قابعًا في ممرات عقلي يقول لي لا تسكت، لا تكسر نفسك. عندما كنت في الأعدادي والثانوي، كنت أدخل في حوارات عميقة مع المدرسين بقلب من حديد، كنت أقف أمامهم كالجبل الشامخ وأحاورهم بكل أدب وقوة في قضايا التاريخ والسياسة والأدب. الطلاب الذين كانوا معي في المدرسة يعرفون صلابتي، قدرتي على تحدي المخاطر. الشيء الذي يجب أن أقوله، ان وجودي في هكذا أحزاب خسيسة، أحبط عزيمتي وارتقائي الفكري، عندما احتككت بهم، ورأيت خواء الكثير منهم، وجهلهم ودونيتهم. من الجميل أنني تركتهم مبكرًا، عندما كان عمري لم يتجاوز السابعة عشرة.
الإنسان البليد، لا شك أو لا بد، أنه سيعمر طويلًا، كالقرضاوي. فهو متحجر الأحاسيس والمشاعر، ولا يهمه إلا نفسه، ولا يفكر إلا بالمال والجنس والارتزاق. عاش سعيدًا، أكل وشرب على موائد الديايثة والملوك والرؤوساء الفاسدين، وقبل أحذ يتهم، وخ نع لهم ولممارساتهم. إنه ديو ث لسبب أهم، أنه أخو نجي. والأخ ونجي فاسد وقميء.
الإنسان السوي هو وحده الذي يتلذذ بالحب ويفرح به.
هذا العالم مفكك، رابطه الوحيد هو المال والسلطة، وما تبقى زبد. مفهوم الشعب، القومية، الأمة، الدين، كلها استثمارات سياسية لغايات استمرار السلطة، وتابعتها الدولة. كلنا خلايا نائمة، عيوننا تتجه لهما، علنا نحظى بعظمة أو مرقة، وكلنا أقزام، ننتظر منهما الرحمة والشفقة، لنبقى على قيد الحياة.
مضى عام على الحرب الذي شنته تركيا وأذربيجان وروسيا على أرمينيا، في ظل صمت دولي قاتل ومعيب. في رواية، قصة موت معلن، للروائي الكولومبي، تنطبق أحداث هذه الرواية على هذه المذبحة العالمية بحق دولة صغيرة في حجهما ومواردها وتموضعها الجيوسياسي، أرمينيا. في الرواية جميع أبناء الضيعة يعلمون أن، أخوة الفتاة العاشقة، القصابين، كانوا في طريقهم إلى قتل سانتياغو نصار، العاشق، وينتظرون موته بفارغ الصبر، لعلمهم ان هؤلاء القصابين محترفين في الذبح، يعرفون كيف يقطعون اللحم، وإزالة القلب والأعضاء، وموضع الضعف والقوة في الضحية. عندما كانوا يقطعونه، كانوا يريدون الوصول إلى موضع القلب، لأنه اساس. تخاذل أهل الضيعة، بله رغبتهم الحثيثة بإتمام القتل في أسرع وقت، كان معيبًا ويندى له الجبين. وكانوا عامل اساس ومكمل، للإجهاز على هذا الرجل الاعزل، وعلى قدره الحزين. إنه العالم السياسي المذبذب الذي يكيل بمكاييل كثيرة حسب درجة قربه او بعده من طويل العمر أو مؤخرته، لا فرق. ما يعيب أكثر وجود كتل بشرية مسحوقة تقف مع الأقوى ضد الأضعف دائمًا وأبدًا، لهذا أقول وسأقول في المستقبل أن التعويل على الشعوب كذبة كبيرة. وكنّا مخدوعين.
الكثير يظن أن الهوية كيان ثابت، ومعطى مستمر، هذه مراوغة، خداع، لأن النفس ذاتها متحركها. يعمل العقل الباطن على استرجاعها، استرجاع هذا النبع الماضوي، النبع الكامن في ذات الإنسان، لأن فيه روح الماضي، روح الأجداد والأباء، فيه مجموعة هائلة الانتماءات، منها الحنين، الحب، الصلاة، الاحتفالات بالمناسبات الدينية، والطقوس التي تتوجها الطفولة الجميلة برفقة الأبوين والأهل والأقرباء والأصدقاء والناس. هو الانتماء إلى حاضنة اجتماعية ووطنية وسياسية مشتركة. لكن السؤال يقول: وهل بقى وطن في ظل الحداثة، لتبقى هذه المعطيات التاريخية والماضوية على حالها كما كان قبل عشرات السنين، بله قبل مئات؟ مفهوم الهوية ثابت، والثقافة صيرورة مستمرة وصاعدة. إن الصدام بين الهوية والثقافة المعاصرة، بين الثابت والمتحرك هو لمصلحة الثانية في حركتها. الهوية أضحت كائن ميت، أصبحت فضفاضة، لأنها لا تتناغم مع حيوية التاريخ، وحركته او انكساره أو صعوده، أما الثقافة فهي متجددة ودائمة وتنهل من كل الثقافات العالمية حيويتها ونضوجها ونزوعها نحو معانقة الحياة. الهوية تقليد، وإعادة إنتاج التقليد للإبقاء على الثوابت، الثبات، أما الثقافة فهي ابنة الحاضر والمستقبل.
لو أن الأصدقاء قرأوا كتاب رقعة الشطرنج الكبرى للسادي زبغينو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الامريكي كارتر لعرفوا ماذا يحدث في منطقتنا بدقة شديدة. لقد نشر الكتاب في العام 1996 واضعًا تصوراته عن النظام الدولي في القرن الواحد والعشرين، وكيف سيمكن الولايات المتحدة من تسيد العالم عبر الاعتماد على تركيا كجوكر في اللعبة الدولية، لزال العجب مما يحدث اليوم. إنه سيناريو مكتمل، أن يبقى الصراع الدولي قائما في العالم القديم، أن تحدث الحروب والكوارث فيه. هو ذاته وضع تصوراته حول كيفية فرك أنف السوفييت في الوحل الأفغاني، هو الذي أطلق على المجاهدين الإسلامويين ضد السوفييت لقب أبطال الحرية، وزارهم في الباكستان واشرف على معسكرات تديربهم، وضغط على البلدان العربية والإسلامية لإرسال المرتزقة للقتال هناك. ما استغربه، كيف استطاعوا إيجاد الممثل المطلوب امريكيًا في تركيا بدقة شديدة، في فترة نشر الكتاب وخروجه إلى السطح في العام 2002.
إلى الأن لم نسمع من الولايات المتحدة أي موقف من الموقف التركي الداعم لأذربيجان. هذا يدل أن موقف هذه الدولة، اللاعب الأول في العالم القديم، هو موقف معيب ومخجل، وخائفة أن تصرح عن ابتذالها ومواقفها المبتذلة، لأنها مختبئة وراء الأخرين وتدعمهم في الخفاء، مثل المخرج أو كاتب السيناريو. وهناك ممثلين يجيدون الرقص على الحبال بسرعة، مثل الممثل أردوغان الخفيف كالريشة الذي يغرق يومًا بعد يوم في ملفات خطيرة على حساب تركيا والشعب التركي والسوري واليوناني والليبي وغيرهم. أصبحت تركيا مكروهة سياسيًا على الصعيد العالمي وانكشف خفة وبساطة العقل السياسي للصبي الأمريكي أردوغان. متى سيكبر أردوغان، ويعود إلى الشأن التركي ويعالج مشاكله بدلا من النطنطة واللعب.
أردوغان أصبح مثل ذلك الطفل الأزعر الذي يضع يده في كل مكان، يضرب ابن الجيران، يبصق على وجه طفلة ماشية في الشارع، يبعص أحد الرجال الواقفين مع أصدقائه، يضع أصبعه في أنف امرأة جالسة على المقعد مع زوجها في الحديقة العامة. طفل لا مدنية أو حضارة في ذهنه، عاش مشردًا فلتانًا دون رعاية أو تربية من أهله أو من المجتمع أو الدولة. أردوغان بحاجة إلى إعادة إنتاج، إعادة تربية وتعليم حتى يتهذب قليلًا ويجنب تركيا والعالم شروره.
الكثير أراد تفعيل الثورات عبر إدخال الإسلام المعاصر في الصراع الدائر على السلطة في زمن الحداثة. قلنا وسنقول أن الإسلام المعاصر لا يستطيع أن يكون رافعة سياسية واجتماعية وسياسية للتغيير عبر الثورة، للكثير من الأسباب، منها ان الإسلام ما زال يعيش في زمنه القديم، ومفكك من الداخل ولا روابط اجتماعية وسياسية فيه. هنك إسلام الرسول وإسلام عمر، وابو بكر وعثمان وعلي، ثم معاوية وقبيلته، وهناك إسلام العباسيين، وكمان الشافعي والحنبلي وابن تيمية والحلاج وابن حزم، وابن باز وابن عبد الوهاب والبخاري والترمذي وكمان غيلان الدمشقي، وهناك الجبرية والقدرية والصوفية ووووووو. لم يجر على الإسلام مراجعة تاريخية، ولم يجر تفكيك هذا الإسلام ليكون على مقاس العصر ويدخل العصر ويأخذ مكانه في ظل الحداثة. هل سنقبل اليوم باسلإم ابو اسحق الحويني أو محمد العريفي او الغزالي أو الأخوان المسلمين أو المستشار أحمد عبدو؟ كيف فكر البعض في تفعيل الدين المملوء بالتناقضات في الصراع الدائر على السلطة في ظل النظام الدولي الحديث؟ الإسلام بحاجة إلى إزالة الشوائب منه، تلك الشوائب التي أدخلتها السلطات المتعاقبة عليه عبر التاريخ وشوهته وحولته إلى حاجة يستخدم عند الضرورة، لهذا فإن إخراجه من السياسة هو الهدف الأول. وإن أريد له أن يفعل، عليه أن يشتغل عليه ليصبح على مقاس حاجة المجتمع له، لأن الدولة المعاصرة انفصلت عن المجتمع وتحولت إلى حاجة من حاجات النظام الدولي.
البشرية أنثى مغتصبة، وكل زناة الليل فوق جسدها يرقصون. غريب حال الناس, يدافعون عن الأب الذي اغتصب أمهم
هذه الحضارة التي يعيش فيها الإنسان، قائمة على الاستيلاب، وعلى السياسة وأبعادها. في ظل السياسة والاستيلاب لا يمكننا الوصول إلى الحرية كمفهوم عام، واسع وشامل. الديمقراطية، كبعد سياسي واجتماعي هي الأقرب إلى مجال التحقق، لأنها مفهوم سياسي له علاقة بالسلطة وطريقة إدارتها للدولة، وإنعكاس ذلك عليها إيجابيًا. عندما ترى القوى المسيطرة أن الديمقراطية ينال من مصالحها سترمي بها إلى سلة المهملات. وهذا وارد جدًا، فمن عزز الديمقراطية قادر على إلغاءها.
مفهوم الهوية ثابت، والثقافة صيرورة مستمرة وصاعدة. إن الصدام بين الهوية والثقافة، بين الثابت والمتحرك هو لمصلحة الثانية في حركتها. الهوية كائن ميت لأنه لا يتناغم مع حيوية التاريخ وحركته او انكساره أو صعوده، أما الثقافة فهي متجددة ودائمة وتنهل من كل الثقافات العالمية حيويتها ونضوجها ونزوعها نحو معانقة الحياة. الهوية تقليد، وإعادة إنتاج التقليد للإبقاء على الثبات، أما الثقافة فهي ابنة الحاضر والمستقبل.
وهل يستطيع الإنسان المشتت الذهن أن يحب ويمنح؟ هل يمكن للمستمتع بالذل أن يكون معطاءً وكريمًا في الحب؟ الكثير منًا يشعر بالسعادة في ذل الحبيب له، لهذا ينتهي الحب نهاية مدمرة. أما السوي هو وحده الذي يتلذذ بالحب ويفرح به.
هذا العطش للعيش في الأبد، هو عطش لعشق الذات، والأنا العليا، والتحليق في اللاشعور، للوصول إلى النشوة أو اللذة العليا.
في هذه الحضارة التي يعيش فيها الإنسان، القائمة على السياسة وأبعادها، لا يمكننا الحصول على الحرية كمفهوم عام، واسع وشامل. الديمقراطية، كبعد سياسي واجتماعي هي الأقرب إلى مجال التحقق، لأنها مفهوم سياسي له علاقة بالسلطة وطريقة إدارتها للدولة، وإنعكاس ذلك على المجتمع إيجابيًا إلى حد كبير.
النظام الراسمالي هو دولة عالمية قيد الانشاء, إنه بذرة, عم تكبر وتكبر, منذ القرن السابع عشر, ومستمر, ولن يتوقف الى أن يتحول إلى دولة عالمية متكامل المؤسسات. من أجل أن يسيطر بالمطلق على العالم. إن مؤسساته الحالية عاجزة على بسط كيانه على العالم كله, بيد انه يسير الى الامام خطوة وراء خطوة.
النظام الدولي ليس في مقدوره إنتاج أي جديد. لا يستطيع أن ينطلق إلى المستقبل بمشروع إنساني أو اجتماعي أو اقتصادي. يعمل جاهدًا على تدوير النفايات القديمة, عبر الأسلوب ذاته, منذ بدء التاريخ وإلى اليوم, القذارة ذاتها, حروب, قتل, سقوط دول, نهوض دول على انقاض غيرها, جوع, تشرد. حسرة وضياع حيويات الناس في مكان, وبطر, وتخمة ورفس نعمة في مكان آخر. صارت لعبة ممجوجة ومقرفة, واصبحت مكشوفة لجميع البشر. بمعنى, اذهبوا وأبحثوا عن اسلوب اخر لتصريف ازماتكم.
الكثير الكثير من الذين جاؤوا إلى أوروبا, دوغما على كل المستويات, لا ثقافة أو معرفة أو حس إنساني عام. نهم هائل للمال, للمتع, للجنس. فراغ عاطفي وروحي. في قلوبهم وحش كامن, لا يعرف الرحمة. في الحقيقة, لا أعرف كيف شكلوا أنفسهم. الدين الذي يدعونه مزيف, المذهب أو الطائفة التي يدافعون عنه مزيف. شخصيات مزيفة, لا رائحة لهم, لا صوت, لا روح, لا قلب. إنهم نفوس ميتة إننا نعيش في صحراء قاحلة. ويا للآلم والحسرة.
في الزمن السياسي الذي يعيشه الإنسان, لا يمكنه الحصول على الحرية كمفهوم عام, واسع وشامل. الديمقراطية, كبعد سياسي واجتماعي هي الأقرب إلى مجال التحقق, لأنه مفهوم سياسي له علاقة بالسلطة وطريقة إدارتها وإنعكاس ذلك على المجتمع.
نعلم أولادنا قيم ومثل عليا, الصدق, الأمانة, الشهامة. وننسى أننا نهيئهم ليتحولوا إلى أحمال وديعة بيد الذئاب, رجالات المال والسلطة والثروة.
هؤلاء الذين قتلوا غيرهم بدم بارد, كيف ورثوا تاريخهم لاولادهم؟ هل ذاقوا الموت؟ كيف كان بالنسبة لهم؟ هل تذكروا ضحاياهم؟ ماذا كان احساسهم؟ ماذا كانوا يظنون أنهم فاعلون؟ أي قضية تستحق أن يقتلوا من أجلها إنسان بريء. تبًا لهذا العالم كم هو قاسي.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس ثقافية فكرية وأدبية 302
-
هواجس أدبية ــ 301 ــ
-
هواجس فكرية وأدبية ــ 300 ــ
-
هواجس وتأملات 298
-
هواجس فكرية ــ 298 ــ
-
هواجس عامة ــ 297 ــ
-
هواجس من كل حدب وصوب 296
-
هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ــ 295 ــ
-
هواجس إنسانية وسياسية 294
-
هواجس سياسية وفكرية ــ 293
-
هواجس اجتماعية 292
-
هواجس أدبية وثقافية 291
-
هواجس عامة ــ 290 ــ
-
هواجس عامة 289
-
هواجس ثقافية وأدبية وفكرية ــ 288 ــ
-
هواجس ثقافية 287
-
هواجس ثقافية وسياسية وفكرية 286
-
هواجس ثقافية وإنسانية ــ 285 ــ
-
هواجس وجودية 284
-
هواجس ثقافية وفكرية ــ 283 ــ
المزيد.....
-
كيف تبدو مئة سعرة حرارية في طعامنا؟
-
صدام حسين في ذكرى اعتقاله، صور مفبركة وجدل متجدد
-
حيث تتوقف الإمدادات الروسية.. تبدأ رحلة تقاسم الرغيف بين أوك
...
-
البنتاغون يبرم عقدا بقيمة 325 مليون دولار في مجال مكافحة تهد
...
-
-الائتلاف الوطني السوري- يتواصل مع -حكومة الإنقاذ- عبر وسطاء
...
-
البرلمان الكوري الجنوبي يصوت اليوم على عزل رئيس البلاد
-
قصف إسرائيلي يستهدف خيام نازحين ومدارس جنوب وشمال قطاع غزة
-
مباشر: الأردن يستضيف قمة دولية حول سوريا لبحث سبل إنجاح العم
...
-
أوهم مساعديه بقدوم الدعم الروسي... تفاصيل عملية هروب الأسد ا
...
-
-انسحاب كبير-: جنرال أمريكي متقاعد يبين معنى خروج روسيا من س
...
المزيد.....
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|