أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس سياسية وفكرية ــ 293















المزيد.....


هواجس سياسية وفكرية ــ 293


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8104 - 2024 / 9 / 18 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلانا، أنا وهي، كان يهرب من العودة إلى الوراء.
التقينا صدفة، جلسنا في مضافة الآلهة، ارتشفنا القلق والقهر والخوف، وركضنا وراء ظلنا كظلين هاربين.

أنا أقول لك، لا تحزن على أحد، وأنت من ضمنهم. لا تحزن على نفسك، أبق حرًا.
الحزن على النفس عبودية.

القمع أكبر معلم في التاريخ، يعلمنا على المراوغة والكذب على أنفسنا وعلى غيرنا.
يحول الفرد الواحد إلى شخصين مقنعين أو أكثر، الأول منفصل عنك والأخر منفصل عن الأخر، مع الزمن ينحرف الإنسان عن نفسه الطبيعية، ويتحول إلى خادم يغذي انحرفاته وأمراضه النفسية والعقلية.
جاء علم النفس لترطيب الخراب، لترميم البيت المتداعي، يعطي كل واحد منّا الحقن المناسبة من التفاءل والفرح المزيف لتستمر اللعبة مع لعب القمع.
بيد أن الإنسان يدرك في قرارة نفسه أن ما أخذه لا يشفي الغليل ولا يريحه، لكنه لا يدرك أن الزيف الذي تجرعه في ليله ونهاره، أصبح جزءًا من حياته، مستحكمًا في داخله، لا تشفيه كل حقن التاريخ والجغرافية.
القمع جعلنا نمطيين، نذهب إلى الزيف بأرجلنا وأيدينا، دون مسألة أنفسنا لماذا نحن لسنا نحن؟

يا سيد بوتين، لدي اقتراح واقعي جدًا، وعملي جدًا. فبدلاً من تصعيد الحرب في آسيا وأوروبا، وبدلًا من استخدام النووي في العالم القديم، اقترح عليك أن تأخذ غواصاتك النووية المزودة بالأسلحة النووية، إلى جوار الولايات المتحدة، وهددها على حدودها أو فاوضها على مصيرها على حدودها. قل لها:
إما أن ندخل في مفاوضات من أجل السلام الدائم أو الحرب على على حدودكم، هكذا أفضل لك ولنا.
الولايات المتحدة دولة جبانة أكثر مما تتصور، ولا تفهم إلا بلغة القوة، وأفضل أسلوب تلجأ إليه هو نقل المعركة من حدودنا، من حدود بلادنا، أوروبا وآسيا إلى حدود الولايات المتحدة، أي أن تصبح قواتك هناك، في تلك الديار.
إذا كنت ستموت ولا بد، وتريدنا أن نموت معك، فالأفضل أن نموت ابطالا، ويموت النظام الامريكي معنا، هكذا الحسبة صحيحة، ونذهب مع المثل الذي يقول:
علي وعلى أعدائي.

على أرمينيا أن لا تضع سلة بيضها كله في خرج الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا، السياسة لا تقاس بالأمنيات أو الرغبات، أنما بالوقائع المدروسة بدقة.
أنها موجودة في بيئة جغرافية سياسية قاسية جدًا، تحيط بها دول قوية جدًا استراتيجيًا، روسيا إيران وتركيا.
وهذه الأرمينية دولة صغيرة في وسط محيط هيمني عالي جدًا، كل الدول لديها نزوع نحو السيطرة وتهميش الجيران.
لا تستطيع أرمينيا أن تصبح إسرائيل أخرى في وسط هذه الدول، وليس لديها قدراتها، ولا لوبي قوي يمدها بالقوة السياسية في الولايات المتحدة، ولا تملك الموارد والطاقة البشرية ولا العقل الإسرائيلي المتطور والمتقدم.
أرمينيا دولة شرقية، ربما تستهلكها الولايات المتحدة في حروبها القادمة مثل اوكرانيا، ثم ترميها، لا ثقة في الولايات المتحدة ابدًا، ستأخذها لحم وترميها عظم كما يقول المثل، ولنا في فيتنام والعراق وأفغانستان أمثلة صارخة.
عليها أن لا تحول نفسها إلى مداس للأخرين، عليها أن تقرأ الواقع بدقة شديدة، وهناك تجربة قاسية خاضها الأرمن في العام 2020، عندما تركت وحدها في حربها الخاسرة أمام روسيا وتركيا وأذربيجان.
باشياني، رئيس وزراء أرمينيا، لا يصلح أن يكون رجلًا استراتيجيا في ميزان العلاقات الدولية، عليه أن يعرف موقع بلاده، ففي عصره دخل هذا البائس حروبا مهزومة كلفت الأرمن خسائر لا تقدر بثمن، لأنه جاهل وغبي هو ونظامه.

أذكر أني كتبت قبل سنوات أن دور داعش انتهى قبل مجيء ترامب بوقت قصير.
يبدو منذ ذلك التاريخ كان يتم التحضير لتغيير الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية لإدارة شؤون النظام الدولي المتداعي.
وإن انسحاب هذه الدولة من أفغانستان لم يكن اعتباطيًا او خطئًا استراتيجيًا، أنما كان تضليلًا.
لم يهرب الجيش الأفغاني كما تدعي الولايات المتحدة، ولم يهرب الرئيس الأفغاني، أنما جاءته الأوامر أن يخرج من بلاده، وسيؤمنون له ملاذًا أمنًا له ولأولاده.
التحضيرات الاستراتيجية الجديدة للإدارة الأمريكية تبدلت مئة وثمانون درجة عما كانت عليه أثناء الحرب الباردة، لم تعد أوروبا مكسبًا استراتيجيًا لها، وأن الصراع لم يعد ضد روسيا، أنما مع الصين.
تحالفها الجديد هو خارج أوروبا، أو مع الدول الكائنة في المحيط الهادي والأطلسي، أي مع كل الجزر في العالم، انكلترا واستراليا، لمحاصرة الصين
أما أوروبا فلا مكان لها، ولا قيمة في الرؤية الأمريكية الجديدة.
ربما ستتشكل تحالفات جديدة في الطرف الاخر، جزء من أوروبا وروسيا والصين مع بعضهم في مواجهة مع الحلف الأخر.
اتمنى من الصين وأوروبا وروسيا، ان لا يخضعوا للعبة الأمريكية، بمعنى أن لا تأخذهم امريكا في حربها الباردة مع الصين إلى ملعبها كما فعلت مع الاتحاد السوفييتي.
بمعنى، أن لا تسمح لهذه الامريكا ان تستنزفهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا واجتماعيًا كما فعلت في السابق، وتسقطهم أرضًا في الواقع بعد الأخر.
إن امريكا تجيد التدمير الممنهج سياسيا واقتصاديًا في صراعها مع الأخرين، وبامتياز، هذا ملعبها، فمنذ تسيدها السياسة الدولية وهي تفرض شروطها في الصراعات السياسية والاقتصادية، وعلى خارج أراضيها، وتجعل اوروبا وآسيا وأفريقيا أسرى سياستها.

كنت أكتب دائما في السابق، قبل عشر سنوات واكثر، أن الطبقة العليا من الدولة الحديثة شكلانية، عمل الدولة الحقيقي هو تحت الطاولة، المخابرات. جميع مخابرات العالم ينسقون مع بعضهم على قدم وساق، ويجهزون أنفسهم لكل الاحتمالات، ولا خلاف جوهري بين دولة وأخرى، كلهم يعملون على التنسيق الامني مع بعضهم، السياسة شكلانية، كلهم يخدمون رأس المال.
دائمًا تتعامل الولايات المتحدة مع أوروبا بفوقية واستعلاء، وتفرض عليهم إملاءاتها السياسية والاقتصادية.
أكثر بقعة جغرافية في العالم لا يؤخذ موقفها في الحسبان هي أوروبا، بل باستخفاف.
لقد وقعت فرنسا عقدًا في العام 2016 مع استراليا حول بيع هذه الأخيرة عدة غواصات، ثم تتفاجئ فرنسا أن استراليا، فسخت العقد من جانبها أو جمدته، وأبرمت عقدًا جديدًا مع الولايات المتحدة دون أي مرجعية قانونية او سياسية.
وكل المؤشرات تقول أن هناك حلف جديد نشأ بصمت قبل عدة سنوات، بين الولايات المتحدة وانكلترا واستراليا، وهذا يقودنا إلى معرفة اسباب خروج انكلترا من الاتحاد الأوروبي.
هذه الحلف الجديد هو حرب باردة، ستقوده الولايات المتحدة ضد الصين مع شركاء جدد، ممكن تدخله كوريا الجنوبية والهند واليابان وكندا، سيشكلون ستارًا متواصلا فيما بينهم لمحاصرة الصين.
الكارثة الكبرى ستكون، إذا سمحت الصين للولايات المتحدة أن تأخذها إلى ملعبها، وتدير الحرب الباردة الجديدة بأدواتها وسياساتها، بمعنى عليها أن تتنبه لهذا، أن تكون سيدة إدارة الصراع دون أن تسمح للولايات المتحدة أن تدير اللعبة وفق رؤيتها واستراتيجيتها كما حدث مع الاتحاد السوفييتي وكما تفعله اسرائيل مع العرب.
يبدو التحالف الجديد تشكل وهو قيد الانطلاق، ينتظر الأعضاء الجدد للانضمام. و
إن الخروج من أفغانستان مؤشر على أن انسحابها لم يكن اعتباطيًا، أنما تضليلًا.
لقد ظللت العالم كله بقولها، أن الجيش الأفغاني لم يقاتل، بله سلم السلاح وفر، لأن نسبة الفساد فيه عالية، وأنهم من الباشتون، وأن الرئيس هرب وترك كل شيء.
بتقديري أن كل ما حدث هو بأوامر امريكية حقيقية.
ومسرحية الطائرات والمهاجرين كلها من أجل ذر الرماد في العيون، من أجل ترك ظلال المسرحية الأسود، سيقع على العالم القديم، أوروبا والصين وروسيا والباكستان.
لا يمكن الوثوق في السياسات الأمريكية، ولكنها معادلة القوة، وقدرتها على فرض الشروط على الضعفاء.

السلطة في بلادنا تسجن المجتمع، والمجتمع يسجن العائلة، والعائلة تسجن أفرادها.
السجن لا يقتصر على الحيطان الأربعة أو أكثر، أو على القضبان المتراصة.
إننا في سجن متكامل في فكره وثقافته وممارساته وأحلامه وعاداته وتقاليده، وشغف الناس وعشقهم الكامل به.
في السابق كنت أستخدم مفهوم الاستبداد السياسي، والاستبداد الثقافي، أرى أن هذين المفهومين لا يؤديان إلى نتيجة حقيقية أو يفي الواقع حقه.
واقع بلادنا، يعاني من بنية ثقافية ومعرفية وفكرية استبدادية. بنية متكاملة، سواء البناء الفوقي أو تحتي، السلطة والمجتمع يمارسان القمع، كل واحد بنسبة

يتسلل الضوء الخافت خفية من النافذة المفتوحة لبيتي، بصمت، كرعشة راجفة فيه بقايا حنين، بقايا رغبة ووجع الفراق.
يلتفت إلى الوراء بخجل، يلوح للعتمة الراحلة وهو نائم فوق ظلال الغيمات السارحات فوق ظلال الفجر.
أراه خائفًا من نفسه، أن يأخذ ذاته إلى التبدد والضياع، أن يتمازج الانبلاج مع الخفوت،أن يتأرج بين الشفق والعتمة
هذه الرعشة، اهتزاز اليقين في السكون، الخوف أن يذهب به الضوء إلى النهاية.
انهض من مكمني حاملًا في يدي الإبريق، أملاه بالماء، أضعه فوق النار، أمشي الهوينا متمايلًا مخافة أن أقع.
أفتح الخزانة، أخذ الحوجلة الموضوعة على الرف، أضع ثلاثة ملاعق من المتة فيها، وبضع قطرات من الماء.
أعود إلى طاولتي، أجلس خلف الجهاز لأقرأ أو أكتب أو أتامل الزمن كيف ينزاح عن مكانه إلى مكان أخر.

النظام الرأسمالي منتصر علينا سواء أردنا أو لا نريد، سواء قاومناه أو لم نقاوم.
فكلما قاومناه كلما انخرطنا فيه أكثر فأكثر، وإن اكتفينا بالفرجة عليه سننخرط فيه أيضا، لأننا فيه بالسطح والعمق.
معرفة الواقع وآلية التفكير هي المدخل.
لهذا نقول، علينا أن لا نكبر حجارتنا عندما نريد أن نرمي على الأخرين. علينا أن نعرف مقدار قوتنا علميًا وعمليًا.
التحول في النظام الرأسمالي يحتاج إلى فكر نظري يفكك هذا النظام قبل أن نفكر في ضربه بالسلاح.
أفضل أنواع المقاومة هو عبر الفكر، ولا غير الفكر.
سيقول البعض أن هذا الكلام من مخلفات الماركسية، حسنًا فليكن:
ـ هل هذا هو الواقع أم لا؟
كلمة المقاومة كلمة مظللة، هو سم في الدسم، لأن جميع دول العالم والفئات الاجتماعية الفاعلة هي جزء من النظام، تخدمه ويخدمها سواء أرادت أو لم تريد، من حزب الله إلى حماس، وايران والسلطة، مرورا بالصين والهند والباكستان والسعودية وروسيا سواء السوفيتية أو الحالية أو الواق واق.
وكمان القرود السود.

لم يأت الإسلام من أجل الشريعة. وكل من يقول أنه جاء من أجل الشريعة يسيء له.
واعتبر هذا تبسيط للإسلام أو تقزيم له.
دائمًا نقول أن للتاريخ حساباته، طريق سيره ومسيرته. ونطرح السؤال:
لو جاء الإسلام قبل مائة سنة من مجيئه، هل كان سينجح؟
عندما جاء الإسلام كان هناك فراغ سياسي على المستوى العالمي، استطاع أن يغطيه ويحرك السياسة العالمية والمجتمعات الراكدة وعمل على تحريضها من داخلها وخارجها.
سيقول البعض، أن الإسلام لم يفعل شيئًا. نقول لهم، فعل الكثير.
برأي البسيط بعد أن توسع وتحول إلى أمبراطورية، وأكمل مهامه، كان الأجدى بالقوى الاجتماعية السياسية الصاعدة أو الجديدة التي تنطحت لهذا الحمل الثقيل أن تعمل على التغيير من داخلها، والانتقال إلى أشكال أخرى من الحياة الاجتماعية الاقتصادية.
لقد فات ذلك الزمن ولا يمكن أن يعود الزمن إلى الوراء. علينا البحث عن بدائل ضمن شروط الواقع الاجتماعي الاقتصادي المعاصر.
اليوم، هناك من يقول بالدولة الإسلامية، هذا المفهوم مظلل، يأخذه البسطاء السذج على عواهنه، بل يصفقون له دون معرفة.
الدولة الإسلامية إذا وجدت ستعمل ضمن آليات وشروط النظام الرأسمالي.
ضمن قوانينه وعلاقاته المتشعبة، وستخضع له غصبا عنها.
إن النظام الرأسمالي واقع موضوعي واقعي وعملي، يطحن كل من يحاول أن يجير الواقع لمصلحته بعيدًا عنه.
أنا شخصيًا أحزن عندما أرى هذا الكم الهائل من الضحايا، سواء القاتل أو المقتول لهذه البدعة المسماة دولة إسلامية.
وكأن القائمين على ترويج هذا المفهوم يوهموننا إننا خارج النظام والحداثة والعصر. ويستطيعون أن يبنوا لأنفسهم عالمًا ضيقًا على مقاس عقولهم الصغيرة.
إلى هذه الساعة، لا يوجد حداثة خارج الحداثة الرأسمالية في الزمن الممكن والقريب.
الحداثة واقع موضوعي حقيقي له آلياته شروطه، وعمله ولديه دفاعاته.

لم تقم ثورة اكتوبر من أجل الأشتراكية، أنما لرسملة روسيا، أي محاولة إنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التي لم تستطع القيصرية القيام بها، للقصور الذاتي والعطالة الكامنة في الدولة والمجتمع، ومحاولة البلاشفة نقلها قسرًا إلى المنظومة الرأسمالية عبر لي عنق التاريخ.
لقد أراد لينين أن يكذب نفسه، ويكذب على الواقع أنه سيبني نمطًا اجتماعيًا جديدًا في بلاد متخلفة وغير جاهزة موضوعيا لهذا الحمل الثقيل.
ولم يحاول أن يسمع إلى محاججات بليخانوف وكاوتسكي أن روسيا، الدولة الطرفية في النظام الرأسمالي غير جاهزة موضوعيًا وذاتيًا لهذا التحول الخطير.
لا توجد حداثة خارج الحداثة الراسمالية في الزمن الممكن والقريب.
الحداثة واقع موضوعي، حقيقي، له آلياته وشروطه وعمله ولديه آليات دفاعاته.
وإن تعمل من داخله، داخل الحداثة، وفق قوانينه الموضوعية، لتأمين الواقع الموضوعي أو التحول الموضوعي للإنتقال الحقيقي إلى نمط آخر.
انهارت التجربة السوفيتية، والتصق النظام السياسي فيها في النظام الرأسمالي الأم، وانتقلت الصين تلقائيًا إليها وها هي تريد أن تتبوء النظام كله.
إن للتاريخ منطق، وجاء ولوى عنق من أراد لوي عنقه.
الأشتراكية لا تقام عبر القيام بالثورات، هذا محال، الواقع الموضوعي هو الأرضية التي الصلبة التي تعبد لهذا الانتقال.

ينحو الكثير منّا إلى جلد الذات. يرى متعة كبيرة في تقديم نفسه مكسورًا مهزومًا ذليلًا.
عقدة الاضطهاد نابعة من مدرسة مبتذلة، قديمة قدم التاريخ، يجيدها الكثير من الأفراد والشعوب والقوميات.
يتلذذون في إذلال أنفسهم.
يشعرون بلذة الألم اللذيذ عندما يعرضون أنفسهم ضحايا، مظلومين، ظلمهم الحاضر والماضي.
يلعبون دور الضحية الفاقدة القدرة على التصالح مع الواقع، ويرمون أوجاعهم المرضية على المستقبل دون الوقوف أمام أنفسهم ومحاولة معالجة هذا الخلل السيكولوجي الكبير.
أول فعل للخروج من هذه الأزمة هو امتلاك القدرة على التصالح مع الذات، والقوة، لتعالج ما بك من متاعب حقيقية، وإلا ستبقى مهزومًا دائمًا.
بالمناسبة، الضحايا أو الذين يعتقدون أنهم ضحايا لا يشفقون إلا على أنفسهم وعندما تتوفر لهم الامكانات المادية لللإيقاع بغيرهم فإنهم الأقسى.

كما قلت لك يا صديقي، الحق انتصر، بيد أنه مات، الرحمة عليه.
أنا أكره الانتصار في مجالات الحياة كافة، النصر هو تقديس وترسيخ لمكانة الأقوياء المهزومين داخليا، المنتصرين خارجيًا.
الحياة المعاصرة موحشة، لا يمكن للذئاب أن تهضمها لولا الحلم.
الحلم والأمل يجملانها بألوانهما المتعددة، الخارجان من حدود المكان والزمان.

الفكر التوراتي، شكل هذه الحضارة على مقاس أفكاره المزيفة، بناء على تراكم متعاقب من عقدة الاضطهاد والمازوخية.
فكر قائم على الإقصاء والتدمير والحرق والقتل والإبادة.
تبنت المسيحية والإسلام هذا الفكر المريض، ونشروه في كل مكان، ليتحول هذا العالم إلى بيمارستان متنقل، داخله مرضى بالمليارات.
ليس غريبًا أن ينتج هذا الفكر شخصيات لديها خليط من جنون الارتياب، وجنون العظمة، مثل روتشيلد ومورغان وركفيلر وبوش وهتلر وموسوليني:
صناع الحروب والمذابح والإبادات والمجاعة والتشرد والموت، جاء هذا كله من السيطرة على مقدارات المهمشين والفقراء، ونهب وسرقة لقمة عيشهم.

المثقف العضوي هو الرافض للواقع الاجتماعي السياسي القائم، بمعنى أنه غير متصالح مع ما يراه الجميع.
إنه كائن قلق على مصيره ومصير هذا العالم كله.
إنه مثل الناسك الذي يبحث عن الضوء في قلب النهار. ناكر للذات ورافض للأضواء والنجومية والإعلانات الرخيصة.
أما هؤلاء الذين يسوقون أنفسهم من أجل العوم فوق المستنقعات فلا يهمهم إلا نفوسهم المبتذلة.
الثقافة موقف وجهد وعرق وتعب وعطاء وحب دون حدود.
أعرف أن هذا الكلام فيه مثالية، بيد أن الأعمال العظيمة خلدت بفضل الرافضين لإيقاع الحياة القائم.

كان مهران زوج عمتي عاشقًا للموسيقا. كنت صغيرًا جدًا عندما كنت اسمع عزفه على البزق في خلوات الليل في تلك الضيعة الصغيرة، دبانة على ضفاف نهر الجغجغ أو ما تبقى منه
في تلك الأيام كنا نساهر الخلوات اللذيذات وندندن مع الصمت الذي تبدده الموسيقا، نرتقي ونرتعش ونطير.
في أحد الأيام وجدنا البزق قد كسر وتناثر إلى اشلاء. ووجه مهران ودموعه في ذاكرتي. وإلى جانبه زوجته وأمي وجدتي في حالة حزن شديد، قالوا لجدي:
لماذا كسرت هذا الإله الجميل؟ ماذا فعل بك؟ لماذا لم تحتمل وجوده بيننا؟ إنها الموسيقى أيها الرجل العجوز، ما يضيرك هذا الجمال لتقتحمه وتحوله إلى حطام؟ قال:
ـ الموسيقا تمنعنا من رؤية جمال الله.
ـ الله يحب الموسيقا. والموسيقا جمال وإله يتوحدان في ذاتهما ولا يفترقان.
الجميع يعلم أن السوريون أضحوا أحجار شطرنج, مجرد بيادق, في اللعبة المحلية والاقليمية والدولية. والكثير منخرط فيها دون أن يلتفت إلى مستقبل البلد, ومستقبل الناس والحياة فيها.
أريد القول, موتكم وموت أبناءكم مجرد فرق عملة لا غير. كل طرف منكم, يظن أنه سيقبض بعض الريح, لكنها في النهاية هي ريح مارقة من بين يديكم ولن تمسكوها. من أشعلها, هرب وترك البلاد وراءه. أمن على نفسه وأولاده, وترككم في النار.
الأوطان تبنى بالعقل والمعرفة, بالفكر والاعتدال, بالتسويات.

القانون حمولة معبأة بالمصالح. إنه ليس حياديًا. إنه رسالة, قوة, ثقل كبير, مخزون هائل يحمل على كتفيه القوى النافذة بالمجتمع, ويحمي ظهورهم من الطعن.
جميع التشريعات جاءت لحماية أصحاب المال والنفوذ والسلطة.
إنه رسالة إخضاع, استلاب وتكسير أجنحة من يريد أن يطير. عندما تنوجد السلطة, لا مكان للبراءة والعفوية, أو الرحمة.
الضعيف ليس له تمثيل سياسي او اجتماعي حقيقي, لهذا هو مضطر أن يخضع ويقبل على مضض بقانون القوي.
الدول المتخلفة, لا تستطيع استخدام القانون, لضعف تمثيل القوى الفاعلة, في السلطة والمجتمع.

هؤلاء الذين يقتلون بعضهم بحثًا عن كيان خاص فيهم. أريد القول, لا توجد مجتمعات خارج النظام. جميعنا محشورين فيه, ويوما بعد يوم, نخسر أجزاء كثيرة حميمية منا, دون أن ندري, من ماضينا, ثقافتنا, تقاليدنا, وجودنا.
علينا تحسين شروطنا السياسية والاجتماعية بدلا أن نقتل بعضنا, ونعمق الجرح, والشرخ الاجتماعي.

عندما استلم علي بن أبي طالب الخلافة, حاول أن يعيد الزمن إلى زمن الإسلام الأول, وأراد أن يطبق قوانين زمنه على الزمن الذي مضى. لم يكن يدرك أو يصدق أو يعرف, أن التاريخ تغير, وأن هناك قوى اجتماعية سياسية جديدة نافذة, صعدت على السطح, لديها الثروات الهائلة ولا تقبل ان تضحي بها من اجل لا شيء.
قتل علي كان مشروعًا سياسيا, وجب ذلك سياسيا., حتى لو بقي جسدا.
لا تتحفوننا بدولة الخلافة, وما شابه ذلك, من مفاهيم مظللة في هذا العصر الواضح

وضع ماركس تصورًا حول الانتقال من نمط الانتاج الراسمالي إلى النمط الاشتراكي. حلل الرجل آليات النظام, قوانينه, القوى الفاعلة فيه, وشرّح, الطبقات والفئات الاجتماعية النافذة فيه, واتكئ على العمال, كطبقة مسحوقة, في عملية الانتقال. من حيث التحليل, عمل الرجل بدأب, وشجاعة منقطعة النظير, بيد أن الواقع كان أقوى من تصوره, فكذب فكره, وأكمل النظام مسيرته بأقوى من السابق, وتهمشت الطبقات العمالية مع تطوره.
لدينا سؤالين مهمين: هل نعمل من داخل النظام القائم/ النظام الرأسمالي؟ أم نخرج عنه ونقاومه, بيد أن ذلك يحتاج إلى عالم مفهومي متكامل, موضوعي, له آلياته وتصوراته وقواه. هل هذا موجودًا في الواقع؟
الذين ينادون بالدولة الإسلامية, اين موقعها من النظام الرأسمالي؟ هل سيخرجون عنه, وإذا خرجوا إلى أين سيذهبون؟ إلى أي نمط؟
الدولة تحكم من داخل نمط الانتاج, وأفضل من يمثلها هو النظام الرأسمالي.
هذا السؤال, مطروح لكل من يريد أن يقاوم النظام؟ كيف, ومتى, وماذا نحن فاعلون؟

هل نحن مجتمعات منفصلة عن العصر أم داخلين فيه؟ هل نريد الانفصال عنه, أم البقاء فيه؟ وإذا انفصلنا عنه, إلى أين نذهب؟ ما هو تصورنا عن الجديد الذي سنذهب إليه, شكله, مضمونه, آلياته؟ العودة للماضي, للزمن القديم مستحيل, لأن آليات ذلك الزمن مختلف كليًا عن زمننا, أدوات ووسائل العمل, تفكير الناس. ما العمل؟
الهروب إلى الأمام أو إلى الوراء لا يجدي نفعًا, لأن العصر يطرق بابنا كل ثانية ودقيقة.
وإذا قاومنا هذا العصر إلى أين سنذهب, لصالح من؟ ضد من؟ الغلة أو المردود في أي صندوق سنضعه؟
يجب أن نسأل أنفسنا هذه الأسئلة, لأن الجميع منخرط في خراب بلدنا وخراب نفسه. وسيخرج الجميع مكسورين, مهمشين, مهزومين.

تفكيك العلاقة بين السلطة والفئات الاجتماعية الطفيلية, الكومبرادور, التابعة, الخنوعة, الاجيرة. ذات المنشأ والانتماء الدوني سيكون الهدف من ثورتنا بالرغم من النتائج الكارثية التي حلت ببلدنا.
إلى هذه الساعة, لم تخلق لدينا فئة اجتماعية مستقلة قائمة بذاتها. فئة, هاضمة, غول متوحش, يعمل على إعادة إنتاج واقع اجتماعي اقتصادي سياسي, يسعى للدخول في الحداثة والديمقراطية والتاريخ المعاصر.
نأمل أن يعمل التاريخ على لملمة عقده ويضعها في طريقنا.

هل تتناسب القوة الاقتصادية والمالية والعسكرية التي تملكها روسيا والولايات المتحدة والصين واوروبا مع هذا النوع من السياسيين ورجال الدول الذين يحكمون هذه البلاد؟
هذا الشكل من إدارة الدولة لم يعد يرقى إلى مستوى قدرات هذه البلدان. والثروة الهائلة التي تذهب للتسلح لا قيمة عملية لها باستثناء تأكيد العنجهية والتفوق والسيطرة من بعد.
السياسات المعاصرة تحتاج إلى مشاركة جميع البشر من أجل حماية الحياة والبيئة ومستقبل جميع الكائنات الموجودة في الكرة الأرضية.
وإلا السلام على الجميع.

تكرس الصراع الشيعي السني بعد موقعة صفين, بين تيارين برغماتي, سياسوي جسدها معاوية ابن أبي سفيان والآخر دوغما مثلها علي بن أبي طالب, وأراد عودة عقارب الزمن إلى الوراء, إلى فترة وفاة الرسول ناسيًا أن اثنان وعشرون عاماً من التحول الذي رافق الغزو غيرت مزاج الناس والنفوس بعد تدفق أموال البلدان التي نهبت. لدي سؤال:
على ماذا يختلف المسلمون في زمننا, على البرغماتية المبتذلة لمعاوية أم دوغما علي؟
البدء كان من هنا، في صفين وبعدها, ولكن السلطة وصيرورتها وفقهاءها ومنظريها انتجت ذلك وبالطبع اتباع علي كرسوا الشكل الاخر
تحت السياسة، العبودية مستمرة على قدم وساق، تباع الذمم وتشترى، وتسوء النفس الإنسانية، وترتدي الفضيلة ثيابًا سوداء، أو خرق مهلهلة من الداخل والخارج.
يركض العبيد وراء بعضهم كالعميان، من حديقة إلى أخرى، ومن جب إلى أخر.
يكذبون على بعضهم، ينهبون بعضهم، ويمارسون الدعارة المقوننة بكل تفان واتقان، وتتفتح الأذهان على أبشع أساليب النهب والقمع والقتل وبيع الضمير.
فوق السياسة يتربع سادة المال والسلطة، يسكرون ويستمتعون ويفصلون ثياب العبيد على مقاس كل عبد، يتفنون في أغراقهم بالذل والهزيمة.
في ظل الهزيمة المنظم، لا يوجد رحمة أو إنسان أو طبيعة أو بقية الكائنات، الجميع غارق في العبث
السادة يظنون أنهم كسبوا الجولة في عالم الهزيمة المنظم، ينسون أن الزمن لا يبقي على أحد في مكانه.
الزمن والتاريخ أكبر لأعب من الناس والدول والحياة.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس اجتماعية 292
- هواجس أدبية وثقافية 291
- هواجس عامة ــ 290 ــ
- هواجس عامة 289
- هواجس ثقافية وأدبية وفكرية ــ 288 ــ
- هواجس ثقافية 287
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية 286
- هواجس ثقافية وإنسانية ــ 285 ــ
- هواجس وجودية 284
- هواجس ثقافية وفكرية ــ 283 ــ
- هواجس ثقافية 282
- هواجس ثقافية أدبية فكرية ــ 281 ــ
- هواجس ثقافية وأدبية وسياسية وفكرية ــ 280 ــ
- هواجس أدبية وفكرية ــ 279 ــ
- هواجس ثقافية ـ 278 ـ
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية وأدبية ــ277 ــ
- هواجس ثقافية عامة ــ 276 ــ
- هواجس ثقافية أدبية 275
- هواجس فكرية وسياسية وأدبية ــ 274 ــ
- هواجس ثقافية ــ 273 ــ


المزيد.....




- -فشلت الخطة-..ماذا فعل ثنائي أمريكي لم يتحقق حلمهما بالتقاعد ...
- من بيروت.. وزيرة قطرية تكشف عن -رسائل- من لبنانيين مع استمرا ...
- من قرية خضراء إلى أنقاض متناثرة.. مشاهد تظهر ما حلّ ببلدة لب ...
- -سانا-: مقتل شرطي سوري وإصابة آخر بغارة إسرائيلية على مدينة ...
- مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح أعظم مشروع في القرن
- هكذا أطفأ المصريون -نيران- الإسرائيليين -الثمينة-!
- -سي إن إن-: جنرال في الناتو يضع قائمة بالأسلحة التي يمكن للو ...
- إصابة مستشار سموتريتش في جنوب لبنان
- الصحة اللبنانية تصدر تحديثا جديدا بعدد ضحايا الغارات الإسرائ ...
- البوندستاغ يوافق على تخصيص 400 مليون يورو لدعم نظام كييف


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس سياسية وفكرية ــ 293