أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - طائر لم يغادر القفص (قصة سريالية)















المزيد.....

طائر لم يغادر القفص (قصة سريالية)


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


في احدى زوايا مدينتي الضبابية كانت هناك حارة مظلمة تقع في مكب نفايات الزمان، كان هناك قفص عتيق مصنوع من الحديد الصدئ. داخل هذا القفص، كان يعيش طائر ذو ريش ملون كألوان قوس قزح، لكنه لم يغادر القفص أبدا كان الطائر يقضي أيامه في التأمل في السماء الزرقاء، حيث كان يرى الطيور الأخرى تطير بحرية، تتراقص بين السحب وتغني أغاني الحياة. رغم جمال السماء، كان الطائر يشعر بالراحة في قفصه، وكأن الجدران الحديدية كانت تحميه من عالم مليء بالفوضى كل صباح كان الطائر يقوم بحركات رشيقة، وكأنه يرقص أمام الجمهور الخفي. كان يحلم بالتحليق عالياً، لكنه كان يكتفي بإصدار أصوات جميلة، تأخذ على عاتقها نقل مشاعر الحرية التي لم يعرفها في أحد الأيام، دخلت فتاة صغيرة إلى الزاوية المظلمة التي يقع فيها القفص في مكب نفايات الزمان. كانت تحمل في يدها حبة قمح، وعندما رأت الطائر، اقتربت منه. نظرت في عينيه، ورأت فيهما حزنًا عميقًا، وأمنيات محبوسة.
سألت الفتاة: "لماذا لا تخرج من هنا؟
أجاب الطائر بصوت هادئ: أخشى أن أفقد كل ما أعرفه، حتى لو كان هذا القفص هو سلاحي وسجني.
تأثرت الفتاة بكلامه، وقررت أن تساعده. بدأت تأتي كل يوم، تحمل معها حبة قمح وتتحدث إليه عن العالم الخارجي، مع مرور الوقت بدأ الطائر يشعر بشغف تجاه الحياة خارج القفص، في إحدى الأيام، قررت الفتاة أن تفتح باب القفص، في لحظة بدأت الجدران الحديدية للقفص تتآكل، وكأن الزمن قد قرر أن يكشف ما بداخل الطائر، كان الصدأ يتغلغل في تفكيره، يشبه الأفكار السلبية التي كانت تحبسه في مكانه غادر الطائر القفص في لحظة من الشجاعة، قرر أن يتجاوز الصدأ ويفتح جناحيه، انطلق نحو السماء، وجد نفسه محاطًا بالألوان والحياة، أدرك أن الحرية ليست مجرد غياب الجدران، بل هي أيضًا القدرة على مواجهة المخاوف في المقابل، ماذا لو اختار أن يبقى، سيتحول القفص إلى عالم من الذكريات المؤلمة والأفكار المحبوسة، بينما تتآكل الجدران، تتآكل روحه أيضًا، فيصبح أسيرًا لأفكاره، متجاهلًا الفرص التي كانت أمامه كان الطائر مترددًا، لكن شغفه بالحرية تغلب على خوفه عندما فُتح الباب، شعر بنسيم الهواء البارد يداعب ريشه تردد لحظة، ثم طار نحو السماء، حيث كانت الألوان تتلألأ، والأصوات تتعالى. عندما نظر إلى الوراء، رأى الفتاة تبتسم، وكأنها قد أعطته جناحين جديدين. مع كل ارتفاع، أدرك أن الحرية ليست مجرد غياب الجدران، بل هي أيضًا مواجهة المخاوف والبحث عن الذات. في تلك اللحظة، فهم أن القفص لم يكن سوى جزء من رحلته، وأنه الآن يمكنه الاستمرار في الطيران نحو آفاق جديدة. بعد أن قرر الطائر أن يترك القفص، انطلق نحو السماء، مسافرًا بين السحب والألوان الزاهية. كانت لحظات الطيران مليئة بالشعور بالحرية والفرح، لكنه سرعان ما واجه تحديات جديدة، بدأ الطائر في استكشاف العالم الخارجي، محاولًا فهم من هو وما الذي يريده. كانت هذه الرحلة صعبة، حيث واجه الأخطار والمخاوف التي كانت محبوسة في داخله بينما التقى بطيور جديدة، أدرك أن التواصل مع الآخرين يجلب له شعورًا بالانتماء، ولكنه أيضًا زاد من شعوره بالوحدة عندما تذكر الفتاة الصغيرة، بينما كان الطائر يطير بحرية، بدأت العلاقة بينه وبين الفتاة في التحول، أصبحت الفتاة تشعر بالحنين والشوق، تتذكر اللحظات التي قضتها مع الطائر بدأ هو يشعر بالرغبة في العودة إلى الفتاة، لكنه كان خائفًا من أن لا تفهمه أو أن تكون قد نسيته بينما كان بعيدًا، بدأ الطائر في إرسال أغانيه عبر الرياح، محاولًا إبلاغ الفتاة بمشاعره. كانت هذه الأغاني تحمل رسائل عن الحرية، التغيير، والشوق في النهاية تقرر الفتاة أن تبحث عنه، عندما التقيا مجددًا، كان اللقاء مليئًا بالعواطف. أدرك الطائر أن الحرية لا تعني فقدان العلاقة، بل على العكس، زادت من عمقها عادا معًا، لكنهما الآن يحملان تجارب مختلفة. تعلما معًا أن الحرية تعني أيضًا القدرة على الحفاظ على الروابط العاطفية، وأن كل منهما أصبح جزءًا من رحلة الآخر. هذه الرحلة الجديدة تجسد فكرة أن العلاقات يمكن أن تتطور وتزداد قوة رغم المسافات والتحديات بعد مغادرة الطائر، واجهت الفتاة الصغيرة ايضا مجموعة من التحديات التي أثرت في حياتها بشكل كبير، شعرت الفتاة بفراغ كبير في حياتها. كانت تفتقد الحوار اليومي والأوقات الجميلة التي قضتها معه زاد هذا الشعور من حزنها، مما جعلها تفكر في كيفية ملء هذا الفراغ بدأت الفتاة في استكشاف نفسها بعيدًا عن وجود الطائر. كانت تسأل نفسها، من هي بدون تلك العلاقة؟ هذا البحث ساعدها في اكتشاف شغفها الخاص وهوايات جديدة، لكنه جعلها تشعر بعدم اليقين مع انشغالها بالتفكير في الطائر، بدأت تتلقى انتقادات من الآخرين الذين لم يفهموا شغفها وعاطفتها، كان عليها أن تواجه ضغوط المجتمع وأن تدافع عن مشاعرها، مما جعلها أكثر قوة وثقة في نفسها شعرت بالرغبة في التواصل مع الطائر، لكن لم تكن تعرف كيف. كانت تخشى أن يكون قد نسيها أو أنه سعيد بدونها هذا التحدي دفعها إلى التفكير في كيفية التعبير عن مشاعرها بطرق جديدة، مثل كتابة الرسائل أو الأغاني، مع مرور الوقت بدأت تشعر بالحاجة إلى تحسين مهاراتها في التعبير عن نفسها، بدأت في تعلم الرسم أو الكتابة، ساعدها على تحويل مشاعرها إلى فن بعد مغادرة الطائر، كانت الفتاة تحتاج إلى التفاعل مع الآخرين أكثر، لكن هذه الخطوة كانت مخيفة بالنسبة لها ،كانت تخشى من التفاعل مع أصدقاء جدد لذا بدأت في بناء صداقات جديدة، مما زاد من شعورها بالانتماء كان عليها أن تجد توازنًا بين الذكريات الجميلة مع الطائر ورغباتها الحالية هذا التحدي علمها كيف تحتفظ بالذكريات الجميلة دون أن تجعلها تعيق تقدمها، تظهر هذه التحديات كيف أن الفتاة نمت وتطورت بعد مغادرة الطائر، مما يعكس الصراع الداخلي الذي يواجه كل فرد في رحلة البحث عن الذات. تعلمت كيفية مواجهة تلك التحديات، مما جعلها أقوى وأكثر قدرة على العيش بحرية وامتنان. تمكنت الفتاة من التغلب على شعورها بالفراغ بعد مغادرة الطائر بدأت الفتاة في كتابة القصص والشعر، مما أعطاها منفذًا للتعبير عن مشاعرها. الكتابة كانت وسيلة لتحويل الحزن إلى فن، بدأت في كتابة رسائل إلى الطائر، تعبّر فيها عن مشاعرها وأفكارها. هذه الرسائل كانت وسيلة لتجديد الاتصال الروحي بينهما، تمكنت الفتاة من تحويل شعورها بالفراغ إلى فرصة للنمو والتطور. أصبحت أكثر قوة واستقلالية، مدركة أن الذكريات الجميلة يمكن أن تكون مصدر إلهام بدلاً من أن تكون سببًا للألم تمثل صورة الطائر كيانًا سرياليًا في حلم الفتاة الصغيرة، لكنه يحمل أيضًا أبعادًا واقعية تعزز من تجربة الفتاة. هذه الثنائية تضيف عمقًا للمعنى، مما يجعلها تعكس الصراعات الإنسانية والتطلعات بشكل جميل صحوت صحوة سريالية من حلمي، حيث تتداخل المشاعر والأفكار، وتصبح الرموز أكثر وضوحًا. كنت طائرا محبوس في قفصه، يبدو كأنه يمثل جوانب من حياتي والطائر يرمز إلى الحرية والرغبة في الانطلاق، ولكنه مغلوب على أمره بوجوده في قفص صدئ الذي يمثل القيود، سواء كانت نفسية أم اجتماعية ام اقتصادية. يتعلق الأمر بمخاوف، ضغوط، أو حتى اختيارات حياتية لكن لماذا يرفض الطائر المغادرة؟ يمكن أن يكون هذا تعبيرًا عن الخوف من المجهول أو التمسك بالراحة رغم القيود، ربما اننا نشعر بعدم اليقين مما يخبئه العالم الخارجي، من التزامات او تحديات، أو حتى موروثات ثقافية؟ التأمل في الأسباب تجعلنا تشعر بأننا محاصرون. نهضت من حلم سريالي قلبي طائر، في قفص صدئ قضبان تحاصرني احلق في سماء الخيال.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نافذة على حافة اللامكان( قصة سريالية)
- دوامة الهاشتاغات (قصة سريالية)
- خنازير تتكلم بلغة البوم ( قصة سريالية)
- عطر نيتشة ( قصة سريالية)
- (زئير)نمر استطاع ان يصطاد ذيله ( قصة سريالية)
- شمس زعيمة الصعاليك (قصة سريالية)
- حصان افلاطون (قصة سريالية)
- الذكاء الساخر(قصة سريالية)
- الإنسان الفيروس( قصة سريالية)
- الاتجاه العلفي (قصة سريالية)
- كروش مبتسمة ( قصة سريالية)
- كلاب الزينة المدللة (قصة سريالية)
- يوتوبيا الواقواق (قصة سريالية)
- سقراط و زينوفيا ( قصة سريالية)
- ظفر أحمر متلاشي ( قصة سريالية)
- حمار بوريدان (قصة سريالية)
- صعود الهرمونات ( قصة سريالية)
- الهروب (قصة سريالية)
- طيران اسطوري ( قصة سريالية)
- حكاية دجاجة (قصة سريالية)


المزيد.....




- النساء والفنون القتالية: تمكين للعقل والجسد
- الشاعر معز ماجد: اللغة منظومة تاريخية وجمالية تشكل نظرتنا لل ...
- مشروع CAST الكوري يأسر الشرق الأوسط وتايوان ويعرض الانجذاب ا ...
- المغرب.. مشهد من فيلم في مهرجان مراكش يثير جدلا
- مهرجان مراكش يعلن عن المتوجين بجوائز -ورشات الأطلس-
- معرض العراق للكتاب.. زوار يبحثون عن الغريب والجديد
- Strategic Culture: تجاهل العقيدة النووية الروسية المحدثة يقر ...
- اللغة الأكادية في العراق القديم تكشف ارتباط السعادة -بالكبد- ...
- مهرجان مراكش السينمائي الدولي يستضيف الممثل والمخرج شون بن ف ...
- المصور الأميركي روجر بالين: النوع البشري مُدمَّر!


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - طائر لم يغادر القفص (قصة سريالية)