أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - نظرة وجيزة عن أعجوبة -تديين الإلحاد-















المزيد.....

نظرة وجيزة عن أعجوبة -تديين الإلحاد-


أمين بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8108 - 2024 / 9 / 22 - 02:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"خطورة الإلحاد" (العبارة خطأ وسيأتي كيف)... الإلحاد يشبه مفتاحا يفتح أغلال الأديان وآلهتها، تلك الأغلال التي قُيّد بها منذ الصغر الجميع تقريبا إلا من شذّ... مفتاح يفتح باب سجن مظلم، عند فتح الباب، عادة ما يُترك المفتاح فيه، لكن قلة من البشر يحملون معهم المفتاح ليفتحوا به باب السجن من جديد ويعودوا إليه... الإلحاد نظرة بانورامية لعالم الأديان والآلهة (العبارة خطأ وسيأتي كيف)، البشر ينظرون لذلك العالم بمجهر فيظنون ما يرونه "كل شيء" لكن الإلحاد يُعلّمهم أن ما رأوه "لا شيء"... الإلحاد صفعة قاسية (العبارة خطأ وسيأتي كيف)، تنسف بمجرد كلمة عوالم وتواريخ وآلاف الوقائع والكتب والأسماء العظيمة: عالمكَ كله بنيته على خرافة، على كذبة، على وهم، على ترهة، على خزعبلة! كل ما سمعتَه ولُقنته واعتقدته ودافعتَ عنه وافتخرت به مبني على خرافة! يخص هذا، اليوم، الشعوب التي لا تزال تعيش تحت حكم الدين وأهمها بالطبع الشعوب الإسلامية...
الإلحاد في حقيقته مجرد مفتاح يفتح باب الأديان ليس لتدخل إليها بل لتخرج منها. مجرد مفترق طرق في لحظة ما من حياتكَ: من هنا الأديان، وفي الاتجاه الأخر الإلحاد. إذا أخذنا مثال مؤمن ملتزم، يكون دينه المحرك الرئيسي في كل خطوة في حياته، ويمكن تشبيهه بسيارة سيركبها لتوصله إلى لحظة النهاية، تلك السيارة لن يستعمل المؤمن غيرها بل ستكون الوحيدة التي سيريدها لأنه مأمور ومعتقد بأنها الأحسن... الإلحاد ليس سيارة لا يركب الملحد غيرها، الإلحاد في محطة البداية يقول: تلك السيارة التي تمثل الدين/ الإله سيئة لا يجب أن يركبها بشر. فقط!
الإلحاد لا يوفر سيارة بديلة، بل يكتفي بقول ما قلتُ، وبما أن الدين فرض النظرة الثنائية (إما طريق الإيمان وإما طريق الشيطان) يكون الإلحاد بطريقة غير مباشرة وكأنه "سيارة" برغم أنه في الأصل ليس كذلك...
يتربع الإلحاد على عرش "الكفر"، لأنه يقطع بخطأ كل ادعاءات الأديان وأولها/ أهمها فكرة الإله، بعكس الربوبية التي ترفض كل مزاعم الأديان إلا زعمها الرئيسي أي وجود إله، وبعكس اللاأدرية التي ترفض الأديان لكنها تتذبذب في قبول فكرتها عن الإله: الربوبي واللاأدري كلاهما لم يأتِ بفكرة الإله من كيسه بل "حصرا" من الدين الذي لوّث فكره منذ صغره، وهنا يتعجب الملحد عادة كيف يرفضان كل شيء يخص الأديان ويأخذان منها أعظم فرية افترتها؟!
عودة إلى التعريفات... وأدقها عندي مثال المفتاح، مع توضيح مهم: الدين منظومة كاملة تتحكم في كل كبيرة وصغيرة في حياة المؤمن منذ لحظة ولادته حتى مماته وبعدها في قبره وفي حياته الأخرى المزعومة، أي ولنشبه ذلك الباب الذي سيفتحه الإلحاد، أنه يفصل بين عالم الدين ولنشبهه بمدينة أو دولة فيها كل شيء، وبين عوالم أخرى في الجهة الأخرى من الباب، ليس "عالم الإلحاد" بل عوالم كثيرة يبقى الإلحاد فيها مرددا معيدا: "الدين لا يصلح في كل هذه العوالم"، والمقصود بهذه العوالم كل فكر أو أيديولوجيا أو فلسفة سيتبناها الملحد كأن يكون ماركسيا أو ليبراليا أو قوميا إلخ...
"خطورة الإلحاد": الإلحاد مجرد مفتاح مثلما ذكرتُ، وبذلك لا يكون لا خطرا ولا نافعا، الخطورة والنفع يأتيان مما سيأتي بعد الإلحاد أي من كل طريق سيسلكه الملحد بعد أن يكتشف زيف المنظومات الدينية وعدم صلاحيتها. "خطورة الإلحاد" مقولة متدينين يستعملونها انطلاقا من إيمانهم أن دينهم هو الكمال والخير والصلاح المطلق وليس لهم وحدهم بل لكل البشرية، وبما أن الإلحاد يرفض الدين فيكون وتبعا لإيمانهم شرا وفسادا وخطرا ليس عليهم هم فحسب بل على كل البشرية؛ ومن ذلك مثلا ما سُمي بـ "مكافحة الإلحاد" الذي أطلقه الأزهر "الشريف جدا" وساندته الكنيسة الأرثدوكسية ورعاه "العسكري أبو زبيبة": الإلحاد عند المنظومة الدينية العسكرية البدوية التي تستعمر الشعب المصري "وباء" يجب مكافحته، وسلم لي على حرية الضمير والفكر والاعتقاد!
قلتُ: (الخطورة والنفع يأتيان مما سيأتي بعد الإلحاد)، الإلحاد من المفروض فتح باب عوالم مختلفة غير عالم الدين المرفوض، ومن المفروض أن من رفض الدين وتعاليمه العنصرية والعنيفة مثلا لا يكون عنيفا وعنصريا... قلتُ: "من المفروض" وليس: "هذا ما يقوله أو يمليه الإلحاد!" لكننا نجد ملحدين عنصريين وعنيفين والصفتان لهما علاقة مباشرة بفكرهم لا بإلحادهم؛ مثلا عندنا في شمال أفريقيا من يكره العرب حقيقة ولو استطاع لأبادهم من الوجود، نفس الشيء مع الفلسطينيين... طبعا حالات شاذة لكنها موجودة، فهل إلحادهم له علاقة بكراهية العرب كجنس وكلهم!؟ هؤلاء تربوا مسلمين وعربا، وعندما اكتشفوا حقيقة الوهمين أي صاروا ملحدين كرهوا العرب... الجملة خطأ! والصحيح أن نظرتهم/ فهمهم لقوميتهم الحقيقية المكتشَفة هي التي كانت وراء عنصريتهم لا إلحادهم...
قول سيظهر غربيا لكن أدعو للتمعن فيه جيدا، هل الإلحاد يدعو إلى القضاء على الدين أو حتى معاداته؟ سؤال غريب أليس كذلك؟ وأغلبكم إن لم أقل كلكم سيقولون نعم! والجواب قطعا لا... الإلحاد فتح لك الباب وقال لكَ لا تعد إلى ذلك السجن، تلك المنظومة لا تصلح للاستعمال و... فقط! الإلحاد ليس دينا يسن قوانين وشرائع يفرضها على أتباعه كما يفعل الدين... الإلحاد يقول لك بكل بساطة، تلك الجمرة تكوي لا تقترب منها، "من المفروض" أنكَ كملحد لن تقترب منها لكن إن فعلتَ فتلك مشكلتك ولا يجب أن يقال عنكَ أنكَ لم تلتزم بإلحادكَ لأن إلحادكَ لا يُلزمكَ بشيء بل من يريد أن يجعل منه دينا وأيديولوجيا ليركب ظهركَ هو من يفعل... فتأمل! وخصوصا الخطر الذي سيأتي لو حكم ملحدون يرون الإلحاد دينا! كلامي هنا ليس دعوة للتطبيع مع الدين، بل مجرد نقطة نظام... الإلحاد كموقف فكري له إيجابياته لكن أيضا سلبياته، من أهم إيجابيات ما قلتُ إبعاد الإلحاد عن تحويله إلى دين، وقد قرأتُ العجب من أحد الملحدين وصل به الأمر إلى القول بتأسيس تجمعات سكنية إلحادية مثل غتوهات اليهود والمسلمين وغيرهم! شيء إيجابي آخر يخص حياة الملحد الشخصية هو كسر حدة المادية والابتعاد أكثر ما يمكن عن الاغتراب والعدمية. أما السلبيات فمنها التملق للدين وجلاوزته، وفي الحياة الشخصية التهاون والسماح بالجرائم الدينية كالتعليم الديني والختان: ملحد يرسل ابنه للكتاب! الأمر عجيب، لكن لا يمكن بأي حال أن يقال عنه "لم يلتزم بالإلحاد!"، لنقل عنه يُدخن أو يتعاطى المخدرات مع علمه القطعي بضررهما، أو حقن نفسه وأفراد أسرته بحقن الكوفيد وهو عالم بحقيقتها.
السياسة نفاق ومصالح كما هو معلوم، والملحد الذي يشتغل بالسياسة سيكون منافقا كغيره من السياسيين بل قد يتجاوزهم! وأذكر مثال ماركسي يضع يده في أيدي تجار الدين ويراهم "شركاء" مرحليين، وبماركسي أقصد ذلك الذي بالضرورة سيكون على الأقل لادينيا إن لم أقل ملحدا (وألف باء ماركسية يقول ألا شيء ينزل من السماء بل كل شيء يخرج من الأرض)، وليس ذلك "الرفيق الحاج"؛ نفاق الأول، وأحيانا كثيرة غباؤه، يأتيان رغم علمه أن الدين الإسلامي اليوم وتجاره لا يمكن العمل معهم، أما الثاني فهو مجرد جاهل لا يُحتج به كتلك المسلمة الكيوت التي تقول لنا مثلا أن التعدد والجواري والضرب وغيرها من الثوابت الإسلامية القميئة ليست من الإسلام في شيء! ... هنا القصة سياسة، ورؤية معينة للماركسية وليست إلحادا، وهي تشبه ذلك الذي يرسل ابنه للكتاب.
(العبارة خطأ وسيأتي كيف) وضعتها بعد قولي "الإلحاد نظرة بانورامية لعالم الأديان والآلهة" و "الإلحاد صفعة قاسية"، والرد عن القولين أن الإلحاد يشبه حقيقة ما تُرفع أمامكَ: "الجمرة تكوي لا تقترب منها" فقط. أنتَ تريد أن تبحث كيف، ذلك يخصكَ لا الإلحاد (هناك من يمضي عمرا يبحث عن إله ولا يعرف أنه غير موجود إلا في نهاية عمره، تلك مشكلته والإلحاد لم يقل له ابحث وأضع عمرا في التفاهات، غيره تكفيه حجة أو ثنتان من تأمل بسيط في الكون أو نص ديني أو حال شعب وهكذا)، أيضا ما ستشعر به بعد اكتشافكَ للوهم وأنكَ أمضيتَ عمرا مخدوعا شيء يخصكَ، الإلحاد لم يصفعك بل هو مجرد حقيقة أُعلنت لكَ، نتائجها عليكَ ستحددها شخصيتكَ وثقافتكَ والبيئة التي تعيش فيها ووو ... هذا الكلام قد يظهر بديهيا للبعض، لكنه ليس كذلك عند الكثيرين، وهؤلاء يريدون أن يجعلوننا أتباعا لدين جديد اسمه الإلحاد! وهم بذلك يوافقون كثيرين من سذج المؤمنين الذين يزعمون أن الإلحاد "إيمان" و "اعتقاد" و "دين"! وهو حقا أمر عجيب!



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لازانيا
- تأملات في تناقضات العقل البشري (4)
- تأملات في تناقضات العقل البشري (3)
- تأملات في تناقضات العقل البشري (2)
- تأملات في تناقضات العقل البشري (1)
- مِثليّةُ الـ 99
- منحرف نرجسي
- أختُ الحليب
- سمر
- الهندسة والمرافقة والطب
- ثلاثة سفهاء (3)
- ثلاثة سفهاء (2)
- ثلاثة سفهاء
- مانيفستو عروبي إسلامي
- المانيفستو اليهودي
- رسالة في زجاجة، خربشة عن الكتابة...
- عن الشذوذ، وكراهية إسرائيل والإسرائيليين، واليهود...
- عن العنصرية، وكراهية فلسطين والفلسطينيين...
- نحن نقص عليك أحسن القصص...8: سلمى (*)
- نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-11


المزيد.....




- الأفارقة يخسرون نحو 70 مليون دولار بسبب رفض طلبات تأشيرات شن ...
- بولتون يعلق لـCNN على الضربات الأمريكية: الهجوم قد يُمهّد لت ...
- عرائس بلا تيجان.. صيحة زفاف النجمات في صيف 2025
- تفجير انتحاري في كنيسة بدمشق يودي بحياة 22 شخصا على الأقل
- باريس ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل
- اليوم الـ11 من المواجهة: واشنطن مستعدّة لمحادثات مع طهران وإ ...
- ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت -مطرقة منتصف الليل- في شل البرن ...
- -تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب-.. غروسي في دائرة الات ...
- هند جودة: ماذا يعني أن تكون شاعرا في زمن الحرب؟
- واشنطن أطلقت 75 قذيفة دقيقة التوجيه وأكثر من 24 صاروخ توماهو ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين بن سعيد - نظرة وجيزة عن أعجوبة -تديين الإلحاد-