|
مِثليّةُ الـ 99
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8096 - 2024 / 9 / 10 - 04:51
المحور:
كتابات ساخرة
بعد تسع سنوات من آخر لقاء اتصلتْ، تُذكّرني بوعد قطعتُه على نفسي... قلتُ لها يوما أنها الوحيدة التي سيبقى الباب مفتوحا أمامها وإلى الأبد، كانت تغيب أشهرا وأحيانا سنة أو ثنتين ثم تتصل فنلتقي، عادة ما يكون ذلك سبتا وأحدا، كثير من الجنس وكثير من الكلام، أسمعُ لها عادة دون أن يكون كلامها ذا شأن، كنتُ أقرب للطبيب مني للعشيق... والعشيق الذي أعرف، لا يسمعُ عادة لما لا يَهم، بل فقط يمارس الجنس ويسمح فقط بالكلام في مواضيع يمكن لأي كان الكلام فيها، تلك الجميلة لا يجب افقادها مزيتها الملكية بحشرها في أماكن لا تستطيع أن تكون فيها إلا جارية. كلام سيزعج محبي المرأة، لكن ماذا أفعل؟ عرفتُ شتى الأنواع؛ من التي لم تتجاوز الابتدائية إلى التي حصلتْ على أعلى الشهادات، من جنوب البلاد إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها، بل حتى من وُلدتْ وعاشت في الغرب... وكان الأمر نفسه يُعاد كأسطوانة بالية تافهة لا يهتم لها إلا أهلها! ذلك الصوت الغبي في عقلي أضاع وقتي مرات عديدة بالزعم أن الخلل فيّ لا فيهن، وكان جوابي بسيطا: يوما ما، كانت البشرية تعتقد أن الأرض مسطحة وثابتة، وفقط أفراد من وعوا الحقيقة، أولئك الأفراد سخر منهم الرعاع واضطهدوهم لأنهم خرجوا من سجون جهلهم وعبوديتهم... واليوم، كما الأمس كلهن يعتقدن أن الأرض مسطحة، وأرضهن المسطحة ثقافة بائسة تربين عليها وعشن أوهامها ولا يزلن، نتيجة ذلك بسيطة وهي أنهن كلهن سواسية ولا يختلفن إلا في القشور، والقشور لا قيمة لها أمام الأصول، وأصولهن واحدة؛ التي ترعى الغنم في رأس جبل ناء، والتي تشق البطون والصدور، والتي تدرس في السوربون... كلهن سواسية! لا أعلم لم تركتُ لها تلك القيمة، ولا أعلم كيف تحملتُها، ربما أعطيتها ما لم تأخذه غيرها، لأني لم أرها لحظة واحدة رفيقة وحبيبة... لو فعلتُ لكنت حاسبتها ولما بقيتْ كل الوقت الذي بقته... تستطيع أن تكذب معي مثلا دون عقاب عكس الرفيقة التي يكون ذلك معها خطا أحمرا إذا تجاوزته حوسبتْ... تستطيع أشياء أخرى كثيرة لا أهتم لها، لكن الشيء الذي ربما جعلني أعطيها تلك المنزلة هو كوني رجل حياتها، الرجل الوحيد الذي تفعل معه الأمور التي نفعلها عندما نلتقي، وليس ذلك شرفا وتعففا منها أو حبا كما تقول بل لأنها مثلية، أو لنقل أنها 99%مثلية والباقي مغايرة، وذلك الباقي شاءت الصدف أن أكون الأول الذي أثاره وأحياه وبقيتُ وحدي أفعل... تقول لي دائما أنها تحبني، وأسمع لها وأسكتُ دون تسفيه قولها، لأن حقيقتها أنها تعودت عليّ ولا وقت عندها ولا رغبة في البحث عن بديل لي، والأهم من كل ذلك استحالة وجود من يقبل بعلاقة مشابهة، فهي لا تهتم إلا للنساء، وبعد أشهر، سنة أو سنتين تتحرك رغبة ذلك الـ 1% فتعيشها... حاولتْ مرّة مع أحدهم فأحبّها ونغّص عليها حياتها قبل أن تتخلّص منه، ومنذ تلك التجربة صرتُ الـ "أولى أحد" بالـ 1%. هي التي تتصل دائما لا أنا، ورقمها لا يكون مسجلا عندي، لمبدأ يقول أني أبقي فقط الأرقام التي أتصل بها... عندما تتصل، ولا أرد لأي سبب، ترفق اتصالها برسالة لأعلم أنها من اتصلتْ... ممنوع أن تتصل مرة أخرى، وأنا مجبر أن أتصل... عندما تكون عندي رفيقة، لا نلتقي، لمبدأ غبي يقول أني لا أستطيع أن ألعب على حبلين، وليس لكون التي معي أولى أحد بالطبع بل عدل وإنصاف أن أرفض فعل ما لا أرغب أن يُفعل فيّ... أما عندما لا يكون عندي أحد فنلتقي حتى إن لم تكن عندي الرغبة فيها: هذا تقريبا القانون المعمول به. عندما نلتقي ممنوع عليّ أن أمنعها من الكلام في موضوع ما، ممنوع ألا أرغب فيها، ممنوع أن أجرحها بأي شيء وإن كانت ملاحظة بسيطة عن شيء تافه... تقول لأنها تحبني حقيقة، وعندما نلتقي تلك الليلة أو الليلتان يكون ذلك بالنسبة لها كشحنة أوكسيجين يجب أن تكفيها إلى اللقاء القادم، لأنها إن لم تكف عاد ذلك بالسلب على علاقتها بحبيبتها... التي تعرف بوجودي، وحاربتْ كثيرا في البدء لتمنعها من لقائي لكنها في الأخير أذعنتْ وقبلتْ. لا أزال لا أستطيع رد حجة واحدة على حبها المزعوم لي، حجة قوية حقيقة لا أجد لها تفسيرا، ولو لم أعاينها ما صدقتُ وجودها أصلا... كيف لمثلية الـ 99% أن ترغب في كل ما نعيشه معا عندما نلتقي وتكون مثلية؟ ثم كيف تغيب عنها تلك الرغبة لأشهر وأحيانا لسنة أو أكثر؟ والذي نعيشه في ليلة وليلتين يشبه فنتازيات لا يحياها ملايين البشر طوال أعمارهم وأنا نفسي لم أعش أغلبها مع الرفيقات؟ هي تقول أن ذلك حب وأنا أسكت لأني لا تفسير عندي. إذن، بعد تسع سنوات من آخر لقاء اتصلتْ... غيابها الذي طال، كنتُ على يقين أن وراءه زواج، كانت دائما تزعم أنها لن ترضخ لإملاءات أسرتها، وكنتُ أسخر منها وأقول ستتذكرينني عندما ستشعرين بأنهم باعوكِ كما كن الصغيرات يُبعن عاهرات... وقد كان! قالت أنها تريد أن تراني، كسالف عهدنا وبأن شيئا لم يتغير غير زواجها ممن أُرغمتْ عليه... نفس الشيء وقع على حبيبتها، لكنهما لا تزالان معا. وصادف ألا رفيقة عندي، فظنتْ أنها ستحيا ما تريد... سألتُها عن الأطفال فقالت أنها لا تُريدهم منه، ولا تُريد أن تُجبَر على ذلك! وكلامها كان لوما لأني، وحسب ظنها، السبب في زواجها... وقد اقترحتْ عليّ مرات عديدة الزواج، وفي اقتراحها كان شيء من منطق... نتزوج وكل يعيش الحياة التي يريد، أنتَ لا تُفكر في الزواج، ويوم تجد من تريد تُطلقني وتتزوجها، بالنسبة للأطفال أريد طفلا منكَ، وإن لم تكن تريد ذلك، اعتبر نفسكَ مجرد متبرع ولا علاقة لكَ بالطفل لا من قريب ولا من بعيد... هذا كان الحل الأمثل بالنسبة لها، لكني رفضتُ الزواج منها سابقا... هذه المرة، قالت أني لا أزال أستطيع إنقاذها، إنقاذ حياتها، وإصلاح الخطأ الذي قمتُ به بعدم قبولي الزواج... ويكون ذلك بأن تُنجب مني، وما إن تحمل حتى تطلب الطلاق من زوجها الذي لن يشك في نسبة المولود له لأمرين: الأول أن بيني وبينه بعض الشبه، والثاني أننا نحمل نفس فصيلة الدم... وعندما سألتها كيف ترضى بأن يظن زوجها ذلك؟ قالت أنه لا يعنيها في شيء خصوصا بعد قبوله الزواج منها مع علمه أنها لا تحبه... لكنها لم تقل له أي شيء عن مثليتها... الحاصل... شكرتُها لأنها حرّرتني من وعد ما استحقته طرفة عين، وأعلمتها أن رقمها سيُسجل عندي هذه المرة، لكن في القائمة الممنوعة... بعد أن أنهيتُ الاتصال تساءلتُ: هل المشكلة فيّ أم فيهن؟ لم أر نفسي يوما عبقري زماني ونادرة عصري، فكيف يمكن وصفهن إذن؟
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منحرف نرجسي
-
أختُ الحليب
-
سمر
-
الهندسة والمرافقة والطب
-
ثلاثة سفهاء (3)
-
ثلاثة سفهاء (2)
-
ثلاثة سفهاء
-
مانيفستو عروبي إسلامي
-
المانيفستو اليهودي
-
رسالة في زجاجة، خربشة عن الكتابة...
-
عن الشذوذ، وكراهية إسرائيل والإسرائيليين، واليهود...
-
عن العنصرية، وكراهية فلسطين والفلسطينيين...
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...8: سلمى (*)
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-11
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-10 ملحق
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-10
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-9
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-8
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-7
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-6
المزيد.....
-
رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري
-
على طريقة الأفلام.. فرار 8 أشخاص ينحدرون من الجزائر وليبيا و
...
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|