أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إلزا ساسين - حسد القضيب وهمٌ ذكوري














المزيد.....

حسد القضيب وهمٌ ذكوري


إلزا ساسين

الحوار المتمدن-العدد: 8099 - 2024 / 9 / 13 - 22:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في نظرية التحليل النفسي ، يتبنَّى فرويد نموذجاً ذكَرياً ، يجعل فيه من القضيب كعضو ذكورة ، عاملا أساسيا كامنا في اللاوعي ؛ في رؤيته للأنوثة و تفسيره للسلوك الجنسي و البنية النفسية للمرأة ، و في التفريق فسيو - سيكولوجيّا بين السمات الذكرية و السمات الأنثوية للبشر . فقد افترض فرويد أنّ الطفل الذكر يعاني من خوف الخصاء ، عندما يتفطن إلى أن البنت لا تمتلك قضيبا مثله ، فيتكون لديه خوف من فقدان قضيبه . كما افترض أنّ التطور الجنسي والنفسي للمرأة يمر عبر اكتشافها المبكر أنها لا تملك عضوا ظاهرا مثل الذكر ، ما يدفعها إلى الشعور بما سماه (حسد القضيب) .

وهذا الموقف الذكوري من المرأة ، المبني على فرضية شعور الأنثى بالقصور - عقدة الخصاء - إزاء الذكر ، ما هو إلا انعكاس لما ظل مترسبا في نفسه من الديانة اليهودية الذكورية التي نشأ عليها . و يأتي عنده تطابقا مع الأفكار السائدة في القرن التاسع عشر تمييزا للرجل وتبخيسا للمرأة ، و نتيجة لتأثره بالفكر الإغريقي ؛ و خاصة لدى افلاطون في رؤيته للمرأة كمخلوق أدنى منزلة من الرجل ، ولدى أرسطو في اعتباره أن الإناث لسن إلا ذكورا مشوهة ، وأن جسد المرأة بلا قضيب ليس إلا نسخة مشوهة من جسد الرجل ؛ لاعتقاده بأن الأجنة تتكون ذكورا أصلا ، وأن الجنين يتحول إلى أنثى نتيجة لتلوث أو تشوه السائل المنوي !

و ترتكز أفكار فرويد حول حسد القضيب ، على أن البنت تكتشف في طفولتها المبكرة أنها لا تمتلك عضو التناسل الظاهر الذي يملكه أخوها ، فتشعر نحوه بالحسد ! إذْ يقول : " إن النساء لسن نساءً (إناثا) بصورة كاملة ، و لكنهن (ذكور) ينقصهن القضيب ! و هن يرفضن قبول هذه الحقيقة ، حقيقة أنهن (مخصيات) يرغبن بالحصول على عضو ذكري " ! . و يذهب إلى القول بأنه نظرا لعجز المرأة عن الحصول على قضيب ، فإنها تظل في حسرة ذاتية لأنها تفتقد عضو الذكر !

و في المقابل تتبنى كارين هورني نموذجا أنثويا في التحليل النفسي ، فتصوغ مفهوم (حسد الرحم) ، ضدا من مفهوم حسد القضيب ! حيث تقول عالمة التحليل النفسي كارين هورني : إن الرجل يشعر بنوع من القلق إزاء قدرة المرأة على منح الحياة بواسطة الولادة ، وهي القدرة التي يفتقر إليها الرجال ، وهذا يدفعهم - في نظرها - إلى محاولة السيطرة والهيمنة على المرأة ، لإثبات تفوقهم عليها .

وتقول هورني أن حسد الرحم لدى الرجال ، هو أشد أثرا من حسد القضيب لدى النساء ، بدليل أن الرجل يرغب في قهر المرأة والتفوق عليها ، بدرجة أكبر مما ترغب المرأة أن تتفوق على الرجل .
و تؤكد كارين هورني ، أن البنت لا تحسد الولد لأنه يمتلك عضوا ذكريا ، و لكنها تحسده بدافع مشاعر التنافس ، جرّاء الامتيازات الاجتماعية والثقافية التي يعطيها المجتمع الأبويّ للذكر ، و يحرم منها الأنثى .

وفي مقال للطبيب والمحلل النفسي نبيل القط بعنوان (عطايا المهبل) ، نجده يذهب بالرأي إلى ما يقارب التطابق مع أطروحة كارين هورني عن حسد الرحم ؛ فيرى أن الحسد الحقيقي ليس هو حسد القضيب لدى الإناث ، بل هو حسد المهبل لدى الذكور ، وأن حسد المهبل الذي يعاني منه الذكور ، مرده إلى خوفهم من قوة المهبل وعدم قدرتهم على وضعه تحت السيطرة ، حتى إن كثيرا من الرجال يرغبون في تغيير هوياتهم الذكورية إلى هويات إناث .

و بين فرويد و هورني ، تقف نوال السعداوي موقفا ناقدا لأفكار التمييز بين الذكر و الأنثى ، على أساس فسيولوجي - وظائف الأعضاء - تشريحي ، تميل فيه إلى كارين هورني في الموقف من مفهوم حسد القضيب ، دون أن تتبنى معها مفهوم حسد الرحم .
على أن كلتيهما - هورني والسعداوي - تلتقيان مع أورزولا شوي ، على فكرة أن تقسيم العمل جنسانيا بين الرجل و المرأة ، و ما ينتج عنه طبقيا من إعلاء إجتماعي لقيمة الذكورة على قيمة الأنوثة ، هو ما يخلق لدى المرأة قلقا وجوديا على المصير ، تجاه واقع التمييز ضد النساء على أساس النوع الاجتماعي ، ما يدفع بالمرأة إلى النضال من أجل المساواة التامة مع الرجل .

وبعيدا عن وهم (حسد القضيب) ، ومع إدراكنا أنه ما من امرأة طبيعية ، يمكن أن ترغب في التحول إلى ذكر . وأنه ما من امرأة تتمتع بقدر كافٍ من عوامل جودة الحياة ، يمكن أن تشعر بالدونية تجاه الرجل . واستئناسا بما انتهى إليه علم النفس الحديث ، من أنه لا أساس واقعيا لنظرية فرويد حول حسد القضيب لدى النساء ؛ فإن هدف الحركة النسوية الأساس ، هو تحرر المرأة من عبودية إكراهات النظام الأبوي (الذكوري) ، متمثلة في نظام الانقسام الطبقي السائد عالميا ، والذي يحظى فيه الرجال بالامتيازات كافة دون النساء ؛ الأمر الذي لا يتأتى إلا بنسف البنية الذكورية لمجتمع الاستغلال ، المنقسم رأسيا إلى قلة متسلطة وأغلبية مقهورة ، لتقوم على أنقاضها بنى حضارة إنسانية ، يتحرر فيها المرأة و الرجل معا على قدم المساواة ، وذلك هو الرهان التاريخي لنضال الحركة النسوية التقدمية .



#إلزا_ساسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مفكرة تاء التأنيث الساخنة ! (أقصوصتان)
- لا ثقةَ إسلاميّاً بامرأةٍ مطلقة !
- شهوات محرّمة
- و اضربوهن !
- نسويةٌ حتى القضاء على التمييز ضد النساء
- النسوية وعي نسوي بالواقع و حركة للتغيير


المزيد.....




- فيديو.. سحابة سامة قرب مدريد وتحذير من مغادرة المنازل
- ليس إرهابيا.. الكشف عن دافع منفذ هجوم الطعن في فنلندا
- حماس تسلّم الوسطاء ردّها على مقترح وقف إطلاق النار
- حرائق ضخمة تدفع السلطات إلى إخلاء قرى في محافظة اللاذقية
- قرقاش: لا مخرج من أزمات المنطقة بالحلول العسكرية
- مصادر: رد حماس على مقترح غزة -مبهم-
- تقرير إسرائيلي يكشف -العقبة الرئيسية- أمام اتفاق غزة
- مصادر مصرية: رد حماس تضمن فتح المجال أمام مفاوضات غير مباشرة ...
- رد فعل أولي.. كيف تفاعلت إسرائيل مع رد حماس على مقترح غزة؟
- فيديو.. عشرات القتلى والمفقودين بعد فيضانات مدمرة في تكساس


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إلزا ساسين - حسد القضيب وهمٌ ذكوري