انعدام الأمن الأقتصادي/ بقلم بترند رسل - ت: من الإنكليزية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8096 - 2024 / 9 / 10 - 11:50
المحور: الادب والفن
    

"إن الرغبة في الحصول على ثروة استثنائية ليست بأي حال من الأحوال حافزاً ضرورياً للعمل. واليوم، يعمل معظم الناس، ليس لكي يصبحوا أغنياء، ولكن لتجنب الموت من الجوع". (برتراند راسل)

برترند رسل ( 1872- 1970) فيلسوفًا ومنطقيًا ومصلحًا اجتماعيًا بريطانيًا، وشخصية مؤسسية في الحركة التحليلية في الفلسفة الأنجلو أمريكية، و حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1950. إذ شاركت مساهماته في المنطق ونظرية المعرفة وفلسفة الرياضيات في جعله أحد أبرز فلاسفة القرن العشرين. ومع ذلك، كان معروفًا لعامة الناس بأنه ناشط من أجل السلام وكاتب مشهور في الموضوعات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية. خلال حياة طويلة ومثمرة ومضطربة في كثير من الأحيان، نشر أكثر من 70 كتابًا وحوالي 2000 مقالة، وانخرط في عدد لا يحصى من الجدل العام.

إليكم ادناه. مقال بقلم عالم الرياضيات والمنطق والفيلسوف برتراند راسل أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية. نشر لأول مرة في كتابه ("في مديح الكسل". 1935).


النص:

في الوضع الحالي الذي يعيشه العالم، لا يقتصر الأمر على وجود العديد من الأشخاص العاطلين عن العمل فحسب، بل إن أغلب أولئك الذين يعملون لديهم يطاردهم خوف معقول تماماً من فقدان وظائفهم في أي لحظة. يعيش الموظفون في خطر البطالة المستمر: فهم يعلمون أن الشركة التي يعملون فيها قد تفلس أو تجد أنه من الضروري تقليص قوتها العاملة؛ رجال الأعمال، حتى أولئك الذين يشتهرون بأنهم أثرياء للغاية، يعرفون أن خسارة كل أموالهم ليست مستبعدة على الإطلاق.

يجب على المحترفين القتال بقوة. وبعد أن بذلوا تضحيات كبيرة من أجل تعليم أبنائهم وبناتهم، وجدوا أنه لا توجد فرص كما كانت متاحة لأولئك الذين حصلوا على التدريب الذي اكتسبه أطفالهم. وإذا كانوا محامين، فإنهم يكتشفون أن الناس لم يعد بإمكانهم تحمل تكاليف التقاضي، حتى لو ظلت المظالم الجسيمة دون علاج؛ وإذا كانوا أطباء، فإنهم يدركون أن مرضاهم المصابين بالوساوس المرضية الذين كانوا مربحين ذات يوم لم يعودوا قادرين على تحمل تكاليف المرض، في حين يضطر العديد من المرضى الحقيقيين إلى التخلي عن العلاج الطبي الأكثر ضرورة. فنجد رجالاً ونساءً من حملة الشهادات الجامعية يعملون خلف واجهات المتاجر، وهو ما يمكن أن ينقذهم من البطالة، ولكن فقط على حساب أولئك الذين كانوا سيحصلون على تلك الوظيفة من قبل. وفي جميع الطبقات من أدنىها إلى أعلاها تقريباً، يسيطر الخوف الاقتصادي على أفكار الإنسان نهاراً وأحلامه ليلاً، فيرهق عمله أعصابه ويمنعه من الراحة في أوقات فراغه. وأعتقد أن هذا الإرهاب المنتشر في كل مكان هو السبب الرئيسي لمناخ الجنون الذي انتشر في مناطق واسعة من العالم المتحضر.

تعود الرغبة في الثروة، في كثير من الحالات، إلى الرغبة في الأمان. يدخر الرجال المال ويستثمرونه على أمل أن يحصلوا على شيء يعيشون عليه عندما يكبرون ويمرضون، وأن يتمكنوا من منع أطفالهم من الهبوط في السلم الاجتماعي. في الماضي، كان هذا الأمل عقلانيا، حيث كانت هناك أشياء مثل الاستثمارات الآمنة. لكن الأمن أصبح الآن بعيد المنال: تفشل أكبر الشركات، وتفلس الدول، وكل ما تبقى معرض لخطر الجرف في الحرب القادمة. والنتيجة، باستثناء أولئك الذين ما زالوا يعيشون في طي النسيان، هي حالة من الاستهتار البائس الذي يجعل التفكير العقلاني في الحلول الممكنة أمراً بالغ الصعوبة.

فالأمن الاقتصادي من شأنه أن يساهم في زيادة سعادة المجتمعات المتحضرة أكثر من أي تغيير آخر يمكن تصوره باستثناء تجنب الحرب. يجب أن يكون العمل - إلى الحد الذي يمكن أن يكون ضروريًا اجتماعيًا - إلزاميًا قانونًا لجميع البالغين الأصحاء، ولكن يجب أن يعتمد الدخل المقابل فقط على استعدادهم للعمل، ولا يتوقف عندما تصبح خدماتهم غير متاحة مؤقتًا لأي سبب من الأسباب. غير ضرورية. فالطبيب، على سبيل المثال، يجب أن يحصل على راتبه حتى وفاته، على الرغم من أننا لا نتوقع منه أن يعمل بعد سن معينة. يجب عليك التأكد من حصول أطفالك على تعليم جيد. إذا تحسنت صحة المجتمع إلى حد كبير لدرجة أن الخدمات الطبية المباشرة لجميع الخريجين لم تعد ضرورية، فيجب توظيف بعضهم في البحوث الطبية أو الصحية، أو في الترويج لنظام غذائي أكثر ملاءمة. ولا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك أي شك في أن الغالبية العظمى من الأطباء سيكونون أكثر سعادة بمثل هذا النظام من النظام الحالي، حتى لو كان الأول يعني انخفاضًا في أجر القلة التي تحقق نجاحًا بارزًا.

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل