أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - مفارقات الأمومة بين الأمس واليوم














المزيد.....

مفارقات الأمومة بين الأمس واليوم


حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)


الحوار المتمدن-العدد: 8096 - 2024 / 9 / 10 - 04:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تظهر مفارقة سوسيولوجية لافتة للانتباه ومثيرة للاهتمام، تستند إلى مشاهدتي ومعايشتي للوقائع المجتمعية والأسرية، وخاصة تلك المتعلقة بتربية الأمهات. تتمثل هذه المفارقة في أن الأمهات الأقل تعليمًا يُظهرن قدرة ملحوظة على تربية أبنائهن وتحسين تحصيلهم العلمي والأخلاقي، بينما تعاني الأمهات الأكثر تعليمًا من ضعف في تربية أبنائهن، حيث يبدو أن الأبناء لا ينصاعون لهن، مما يؤدي إلى ظهور مشاكل أسرية تؤثر سلبًا في حياتهن.
كما لوحظ تسرب الأبناء من التعليم وانخفاض مستويات أخلاقهم في هذه الفئة. لذا، نحن هنا أمام مرحلتين متميزتين ومختلفتين في تأثير التعليم على التربية. ومن المهم أن نصارح القارئ منذ البداية بأن هذه المفارقة لا تزال بحاجة إلى تحليل دقيق لفهم أبعادها وعواقبها.
كثيرًا ما أجد نفسي أمام قصص واقعية تُبرز نجاحات حققتها أمهات غير متعلمات في تربية أبنائهن. من بين هذه القصص المثيرة، هناك قصة أستاذ قام بإجراء استبيانات موجهة إلى المسؤولين في الدولة الليبية، من وزراء ومديري شركات كبرى. وتضمنت هذه الاستبيانات سؤالًا حول الوضع التعليمي للأم. أظهرت غالبية الإجابات أن الأمهات غير متعلمات، مما يعني أنهن أميات لا يقرأن ولا يكتبن. وعندما قام الطالب بتحليل النتائج وعرضها على مشرفه الأجنبي، لم يُصدق ذلك، إذ كيف يمكن أن يكون مخرجات هؤلاء الأمهات غير المتعلمات مسؤولين في الدولة وعلى مستوى الوزارات؟ هذه الجزئية الأخيرة تحمل أهمية كبيرة، إذ تطرح تساؤلات حول العلاقة بين التعليم ونجاح الأبناء في الحياة العملية.
تدفعنا هذه المفارقة (المسكوت عنها) إلى إجراء مقارنة بين مخرجات الفترتين: فترة التعليم التقليدي للمرأة وفترة خروجها إلى التعليم الحديث. ففي حين كانت مخرجات الفترة السابقة متميزة من حيث المستوى التعليمي والأخلاقي، نجد أن مخرجات المرحلة الحالية تعاني من تدنٍ واضح في هذين الجانبين.
لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا على أنه دعوة لعدم تعليم المرأة، بل هو دعوة للتأمل في أهم الممارسات الجيدة التي كانت تمارسها النساء في السابق، دون التركيز على عامل التعليم فقط. فقد شهدنا تراجعًا في جودة المخرجات، مما يستدعي دراسة العوامل التي أدت إلى هذا التغير.
عموماً، مما يعنينا الإشارة إليه في هذا الخصوص هو وجود عدد من العوامل المتشابكة والمعقدة (حسب وجهة نظري) التي ساعدت في بروز هذه المفارقة، والتي لم تكن مصادفة عابرة، بل هي نتيجة لزيادة الفجوة بين الجيل الأول من النساء والجيل الثاني. ويمكن حصر هذه العوامل في الآتي:
1. أعتقد أن المستوى التعليمي للأم ليس العامل الوحيد في تربية الأبناء؛ فهناك عوامل أخرى مهمة مثل البيئة الاجتماعية والاقتصادية، والدعم العاطفي، وأساليب التنشئة الاجتماعية، التي قد تؤثر بشكل أكبر على نتائج الأبناء.
2. قد تكون للأمهات الأكثر تعليمًا توقعات أعلى وطموحات أكبر لأبنائهن، مما يجعل التوافق بينهن وبين الأبناء أكثر تعقيدًا. بالمقابل، قد تتمتع الأمهات الأقل تعليمًا بتوقعات أكثر واقعية وطرق تربوية أكثر مرونة.
3. يؤثر المستوى التعليمي للأم على طرق التواصل والتفاعل مع الأبناء. فالأمهات الأكثر تعليمًا قد يستخدمن أساليب أكثر تعقيدًا وتوجيهية، بينما قد تكون طرق الأمهات الأقل تعليمًا أكثر بساطة وقربًا من الأبناء.
4. هناك احتمال أن الأمهات الأقل تعليمًا يمتلكن وقتًا أكثر للتفاعل المباشر مع أبنائهن، مما يتيح لهن تقديم الدعم العاطفي والمتابعة اليومية بشكل أفضل.
5. لم تعد الأسرة معزولة عن التأثيرات الخارجية كما كان في السابق. فقد أصبح للأبناء وصول سهل إلى المعلومات والتواصل مع الآخرين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، مما يؤثر على أساليب التربية والتنشئة. هذا التفاعل مع العالم الخارجي قد يغير القيم والمعايير التي يتم تعليمها في الأسرة، مما يتطلب من الأمهات، بغض النظر عن مستواهن التعليمي، التكيف مع هذه التغيرات.
ليس غريبًا إذن، في ظل هذه البيئة التي ظهرت فيها الممارسات الجيدة للأمهات الأقل تعليمًا، أن تظهر الفجوة في النتائج. وهذا ما يفسر أن بنية أداء الأسرة قد تغيرت من الداخل ومن الخارج. عمومًا، فإن هذه المفارقة المثيرة للاهتمام تحتاج إلى دراسة وتحليل دقيق لفهم أهم الممارسات الجيدة التي كانت تمارسها النساء في السابق، دون النظر إلى عامل التعليم فحسب. كما يتطلب الأمر الغوص في هذه الممارسات للوصول إلى فهم أفضل لآثارها ودورها في تشكيل سلوك الأبناء. إن فهم هذه الممارسات يمكن أن يسهم في استنباط استراتيجيات جديدة تُعزز من جودة التربية، وتساعد في تحقيق توازن بين التعليم والتربية، مما يساهم في إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات بكفاءة ونجاح.



#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)       Hussein_Salem__Mrgin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبادل الأدوار في النسيج الليبي: عندما يصنع الرجال ملابس النس ...
- إعادة التفكير في دور علم الاجتماع : منظور نقدي وتقويمي
- تعزيز العافية الشخصية والمجتمعية من أجل جودة ورفاهية الحياة
- الأزمة الصامتة بين ليبيا والدول المجاروة حول المياه الجوفية
- الجامعات وصناعة قادة المستقبل.
- التعليم في ليبيا : تحديات يومية متزايدة ومتنامية
- دروس من الأردن: كيف بنت كوريا الجنوبية نظامها للبحث العلمي
- الجامعات الليبية : الأولوية الأساسية : جودة التعليم أم التصن ...
- قراءة نقدية : للمؤتمر الدولي العلمي الأول الموسوم ب( توظيف ا ...
- تحديد مفاهيم الأخلاق الأكاديمية والاخلاق الجامعية وتوجيهها ن ...
- جودة التعليم وقواعد الأخلاق في التعليم الجامعي
- الكلمات لها أيضًا أيادٍ: ربما تربتُ أو تخنق
- قراءة نقدية حول دراسة بعنوان : تعزيز الدبلوماسية العلمية: خا ...
- الابتكار في مناهج البحث العلمي في العلوم الاجتماعية: توظيف ا ...
- توظيف منهجية البحث العلمي في علم الجيولوجيا في العلوم الاجتم ...
- طوفان الأقصى: التأثيرات والنتائج على الاحتلال الإسرائيلي
- مفهوم الخرائط الاجتماعية مفتاح لفهم العلاقات البينية بين علم ...
- استعادة محرك التغيير : دور الجامعات الليبية في صناعة السياسا ...
- البحث العلمي وأزمة مدينة زليتن الليبية
- رحلتي من الصمت والهروب إلى استعادة الثقة والانخراط في البحث ...


المزيد.....




- إسرائيل تعلن إحباط عملية دبرتها إيران لاغتيال قائد قاعدة -ني ...
- كيف يرى الإسرائيليون مستقبل الدولة العبرية بين وعود هاريس وت ...
- عشية اليوم الكبير.. هاريس وترامب يوجهان -النداء الأخير-
- الشركات الألمانية -قلقة- من احتمالية عودة ترامب إلى السلطة
- تحذير جديد.. خطر القرفة المسرطنة يتزايد في الأسواق الأمريكية ...
- -رئيسة الشتات-.. أكبر حزب معارض في مولدوفا يرفض الاعتراف بنت ...
- الحكومة المصرية تصدر توضيحا بعد بيان مثير للجدل
- العدو الخفي لصحة الأجيال الجديدة!
- وكالة: كوريا الشمالية تقيم مناطق مضادة للدبابات وأسوارا تراب ...
- ضابط إسرائيلي يهاجم القاهرة: المخابرات المصرية خدرت إسرائيل ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين سالم مرجين - مفارقات الأمومة بين الأمس واليوم