|
مفاوضات منظمة التحرير الفلسطينية ومفاوضات حركة حماس
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 16:13
المحور:
القضية الفلسطينية
عندما مارست منظمة التحرير بقيادة حركة فتح الكفاح المسلح لثلاثين سنة كان ذلك من أجل الوصول للوطن والدولة والهوية الوطنية المستقلة، وعندما اضطرت للدخول في مفاوضات أوسلو كان لنفس الهدف وإن بأدوات مختلفة. صحيح، إن التفاوض كان على حدود ٦٧ اي ٢٢% من مساحة فلسطين، إلا أن القدس واللاجئين ووقف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى كانت أهم ملفات التفاوض. أما حركة حماس فلم تكن الدولة الوطنية والهوية والثقافة الوطنية من ثوابتها ولا من أهدافها بل ناصبتهم العداء ومنعت كل ما يرمز لهم، وحتى الآن هناك غموض في موقفها من الدولة والهوية والثقافة الوطنية، وعندما كانت تدخل في مفاوضات بعد كل عدوان إسرائيلي على غزة ومنها حرب الإبادة الأخيرة التي أدت لدمار شبه كامل للقطاع وفقدان أكثر من ٢٠٠ ألف ما بين شهيد ومفقود وجريح، فهي تفاوض حول غزة في محاولة لوقف الحرب والحفاظ على سلطتها في غزة التي تشكل ١،٥% (واحد ونصف بالمائة) من مساحة فلسطين وغياب كلى للقضايا الوطنية الرئيسية. ومع أن كلا الطرفين وصل لطريق مسدود إلا أن المقارنة ضرورية للتمييز بين من هو حريص على شعبه ويرفض اقحامه في حرب مباشرة لا تخدم قضيته الوطنية ويسعى للحفاظ على ثبات الشعب على الأرض، من جانب، ومن يحول الشعب الفلسطيني لحقل تجارب ويرهنه بأجندة خارجية ومستعد للتضحية بالشعب لصالح هذه الأجندة ودفاعا عن جماعة وحزب من جانب آخر.
لم يكن توقيع اتفاقية اوسلو انتصارا وطنيا ولم يزعم موقعوها أنها كذلك بل كان منتقدوها من داخل حركة فتح ومنظمة التحرير لا يقلون عن مؤيديها، والراحل الزعيم أبو عمار أعلن أكثر من مرة عن تخوفات من عدم التزام اسرائيل بالاتفاق والرئيس أبو مازن قال إن اتفاقية أوسلو إما أن تؤدي لدولة أو لمصيبة، وأكدت الأيام ان أطراف وأسباب متعددة كانت وراء فشل المراهنة على أوسلو. كانت المنظمة مُجبرة على الدخول بمسلسل التسوية بعد خروجها من لبنان 1982 وحرب الخليج الثانية ومحاصرة المنظمة ماليا وسياسيا وعسكريا ومشاركة العرب في مؤتمر مدريد للسلام ١٩٩١ والذي حضرته كل الدول العربية عدا الذين لم تدعوهم واشنطن، آنذاك كانت حركة حماس في أوج صعودها وترفع شعارات تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر ووجدت كل الدعم من دول الخليج وجماعة الإخوان المسلمين التي كانت قياداتها متمركزة في دول الخليج والمانيا وبريطانيا ،ليس لأنهم مع تحرير فلسطين ومستعدين لدعم حماس في عملها الجهادي ردا على تخلى منظمة التحرير عنه بل انتقاما ونكاية بمنظمة التحرير التي تمسكت باستقلالية القرار الوطني وعقابا لها على موقفها في حرب الخليج الثانية، وكانت إسرائيل تسكت على حماس وأحيانا تسمح بتهريب السلاح لها ما دامت منافسا وعدوا لمنظمة التحرير العدو الاستراتيجي لإسرائيل.. لم يحارب الرئيس أبو عمار وحتى الرئيس أبو مازن حركة حماس وفصائل المقاومة التي رفضت اوسلو ولم يخونهم بل شاركت حركة فتح في العمل العسكري من خلال كتائب شهداء الأقصى وقوات العاصفة ومن خلال المقاومة السلمية، وكل ما كانت تطلبه القيادة هدنة حتى لا توظف اسرائيل العمليات الاستشهادية للتهرب مما عليها من استحقاقات. لكن حماس والجهاد والجبهة الشعبية أصروا على مواصلة عملياتهم التي أدت في نهاية المطاف لأن تجتاح إسرائيل الضفة في مارس ٢٠٠٢ ومحاصرة أبو عمار وتدمير كل ما انجزته السلطة ثم اغتيال أبو عمار الذي كانت حماس تتهمه بالخيانة وقبوله بالتفاوض على دويلة على مساحة ٢٢% من فلسطين. وهكذا وبعد سبع وعشرين سنة من انطلاقتها وممارسة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال في فلسطين ودول الجوار وعبر العالم قررت منظمة التحرير الفلسطينية الدخول في مفاوضات في مراهنة أن تؤدي لقيام دولة على حدود حزيران 1967، وأدت مفاوضات أوسلو لقيام سلطة حكم ذاتي فلسطينية وعودة أكثر من مئتي ألف فلسطيني وبناء مطار غزة الدولي ووزارات وجواز سفر وإقامة علاقات دبلوماسية مع غالبية دول العالم. اليوم وبعد سبعة وثلاثين سنة من تأسيسها وممارستها المقاومة والجهاد وجر الفلسطينيين لعدة حروب في غزة ذهب ضحيتها أكثر من مائتي ألف شهيد وجريح وأسير وتدمير قطاع غزة وتشريد مئات الآلاف خارج فلسطين... تجري حركة حماس مفاوضات لانسحاب جيش الاحتلال من القطاع فقط والذي كانت تسيطر عليه لمدة 17 سنة والعودة الى ما قبل السابع من أكتوبر وتثبيت سلطتها في القطاع الذي تقل مساحته عن ١.٥% واحد ونصف بالمائة من مساحة فلسطين وتعتبر أن صفقة بهذا الخصوص إنجازاً كما يقول قادة حماس.!! فهل كان من الضروري زج القضية الفلسطينية مجددا في لعبة دولية تتحكم فيها إيران بالقضية الفلسطينية لخدمة مصالحها وأطماعها الاقليمية؟ ولماذا تُحول حركة حماس القضية وخصوصا قطاع غزة لحقل تجارب لمشاريع غير وطنية أو مغامرة تؤدي إلى ما نحن عليه؟ وإذا كان التفاوض للوصول إلى دولة على ٢٢% خيانة فماذا نسمي التفاوض للوصول لتثبيت سلطة على ١،٥ % واحد ونصف بالمئة من مساحة فلسطين؟ لا يعني ما سبق تبرئة المنظمة وحركة فتح والسلطة من كثير من الأخطاء والتجاوزات وتضييع فرص وحالات فساد والتضييق على حرية الرأي والتعبير وصعود نخب وشخصيات لا يمكن الاطمئنان والثقة بمواقفها الوطنية ...ولكن ما جرى ويجري في القطاع من فظاعات تحت حكم حركة حماس يفوق بكثير ما جري ويجري في مناطق السلطة الفلسطينية؟ أيضا وبعد مواقف الحكومة اليمينية اليهودية الرافضة لأية تسوية سياسية وخصوصا تصويت الكنيست الصهيوني على مشروع قرار برفض قيام دولة فلسطينية، ومع ما جرى ويجري في غزة والضفة بعد عشرة أشهر من حرب الإبادة التي باتت أهدافها مكشوفة ويعلن نتنياهو وقادة اليمين أنهم لا يريدون لا حركة حماس ولا منظمة التحرير ولا السلطة الوطنية وبعد وصول المراهنة على الشرعية الدولية فقط للوصول للدولة إلى طريق مسدود، يجب التفكير بشكل وطني جماعي عن بديل لمراهنة أوسلو وبديل للشكل المغامر للمقاومة المسلحة كما تمارسها حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى في قطاع غزة. [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفلسطينيون والعرب، مَن يعتب على الآخر؟
-
مفاوضات الدوحة وحماس والمصلحة الوطنية
-
اسرائيل و اليهود على حقيقتهم
-
أي حرب إقليمية لن تكون في مصلحة الفلسطينيين
-
ما الذي تريده الفضائيات الناطقة بالعربية؟
-
صفقة هدنة باتت قريبة ، ولكن بعد ماذا؟
-
هل ما زالت منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي
...
-
ماذا تنتظر حركة حماس؟
-
هل ستكون حوارات المصالحة في بكين مختلفة عن سابقاتها؟
-
الجزيرة والدويري يبررون للعدو استمرار عدوانه
-
الحاجة لمنظمة التحرير اليوم أكثر من أي وقت مضى
-
أرحموا غزة من عواطفكم وشعاراتكم الكاذبة
-
أدوار مشبوهة للفضائيات والمحللين السياسيين
-
منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس في الميزان
-
رب العالمين محايد في تدبير أمور السياسة والحرب
-
ما يجري في العالم العربي ليس عبثيا
-
التحولات في الرأى العام العالمي:تراجع أم إخفاء متعمد؟
-
رب واحد أم أرباب؟
-
الثابت والمتغير في علاقة المغرب بفلسطين
-
حركة حماس ومنظمة التحرير والخروج عن نهج التحرير
المزيد.....
-
سكان حمص يمزقون ملصقات الأسد في لفتة رمزية تعود لاحتجاجات 20
...
-
-أعيننا على دمشق-.. المعارضة السورية بعد استيلائها على 4 مدن
...
-
بولندا توقع عقودا لشراء أسلحة بقيمة 30 مليار دولار في 2024
-
روسيا.. إطلاق الدورة الختامية لاختبار وقود المستقبل النووي
-
داغستان.. القبض على 12 عضوا في خلية إرهابية خططوا لهجوم إرها
...
-
واشنطن تشعر بالقلق إزاء تطور الوضع في سوريا
-
الاتحاد الأوروبي يدعو لتحقيق التسوية السياسية في سوريا وحماي
...
-
دوي الانفجارات سمع وسط إسرائيل..القوات الإسرائيلية تنفذ أكبر
...
-
رويترز: واشنطن تحضر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيم
...
-
مصدر عسكري سوري: لا صحة للأخبار عن انسحاب القوات المسلحة من
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|