أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عادل الياسري - دور الزعيم الياسري نور في الاستفتاء البريطاني في العراق 1918















المزيد.....



دور الزعيم الياسري نور في الاستفتاء البريطاني في العراق 1918


عادل الياسري
مؤرخ

(Adel Alyasiry)


الحوار المتمدن-العدد: 1771 - 2006 / 12 / 21 - 10:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



إن عملية الاستفتاء هي أول محاولة قامت بها إدارة الاحتلال البريطاني في العراق ؛ بعد إعلان الهدنة ؛ للحرب العالمية الاولى في 11/11/1918 . ولم يشهد العراقيون بمثل هذه الخطوة ؛ وقد سبقت هذة الخطوة الاعلان الانكليزي الفرنسي في 7 تشرين الثاني ؛ والذي تضمن تأسيس حكومات ؛ وإدارات وطنية تستمد سلطاتها من رغبة السكان المحليين . وأما طبيعة الاسئلة المصاغة في عملية الاستفتاء في العراق وهي : ـ
أولا : هل ترغبون في قيام دولة عربية تحت الوصايا البريطانية ؛ تمتد من الحدود الشمالية لولاية الموصل الى الخليج؟ .
ثانيا : وفي هذه الحالة هل؟ يريدون من اللازم تنصيب رئيس عربي إسمي على هذه الدولة .
ثالثا : واذا كان الامر كذلك ؛ فمن الذي يختارونه كرئيس .[ 1 ] .
يبدو ان طبيعة الاسئلة درست دراسة تتماشى مع طبيعة مشارب الاحتلال ؛ وكان الشيوخ و رؤساء العشائر في الارياف والرجال البارزين في المدن البارزين تمت مسائلتهم ؛ وأخذ آرائهم دون اخد رأي الشارع العراقي ؛ وهذا يعني أن عملية الاستفتاء إنحصرت على فئات إجتماعية وطبقية صغيرة ؛ وهي لاتمثل رأي الشعب العراقي بأسره .
وربما أريد بهذه العملية كشف أراء المعارضين للاحتلال ؛ وكذلك تعزيز مواقف الموالين للاحتلال ؛ ويمكن إدراك ذلك من خلال التعليمات و البيانات الصادرة من السلطات البريطانية او الادارة البريطانية . وقد وصل البيان السياسي العام وهو أول بيان تعلنه حكومة الجلالة للعراق منذ الهدنة مع الامر باجراء إستفتاء عام الى بغداد في تشرين الثاني عام 1918 . [ 2 ]
واصدر الحاكم السياسي للعراق يوم 30 تشرين الثاني عام 1918 من تعليمات سريّة الى الحكام السياسين في المدن و الاقاليم [ 3 ] .
وجاء في التعليمات ؛ يجب أن تبحثوا النقاط الواردة فيها بصورة سرّية مع الشخصيات البارزة في مناطقكم ؛و ما يكون عليه الاتجاه العام ؛ فتخبروني بموجب مايلزم . أما إذا ظهر الرأي العام منقسما بصورة واضحة ؛ أو بوضع غير مرغوب به ؛ فيجب تأجيل عقد الاجتماع ؛ و الاتصال بي لأخذ التعليمات المقتضبة [ 4 ] .
وكانت النجف أول مدينة جرت فيها عملية الاستفتاء ؛بيد أن التعليمات الصادرة من الادارة البريطانية ؛قد طلبت البداية أن تصبح من مدينة بغداد قبل غيرها من المدن ؛ وهذا ما يكشف عن فوضى ادارة الاحتلال في العراق
وقد كانت النجف قذى في عين الساسة البريطانيين كما يصفها السر برسي كوكس ؛ بسبب مركزها الديني الواسع النطاق ؛ وتأثير علمائها على جماهير الشعب ؛ فقد كانت أول بلدة تحسست بثقل السلطة الاجنبية ؛ واول مدينة عراقية فكرة بالتخلص من الاستعمار البريطاني ؛ بالنظر لما تشبعت من روح الحرية ؛ والنزوع الى الديمقراطية ؛ بسبب ماكانت تتلقاه من دروس متواصلة عن فلسفة نهضة الامام إبي عبدالله الحسين بن علي عليهم السلام .[ 5 ]
وكان الانكليز يظنون ان الاستفتاء في هذه المنطقة سيجري حسب رغباتهم لسببين ؛ أولهما وجود السيد كاظم اليزدي فيها ؛ والذي كان مواليا لهم ؛ والثاني ماجرى في النجف في ربيع 1918 من ثورة فاشلة على الانكليز؛ وما أعقبها من انزال العقوبات ؛ قد أرهبت أهل النجف ومن جاورها . [ 6 ]
وقد إهتم ولسن بمدينة النجف وقصدها بنفسه ؛ ليقف على آراء النجفيين ومن جاورهم من زعماء قبائل الشامية و أبي صخير ؛وعلى أجوبتهم عن الاسئلة . [ 7 ] وقد زار النجف وكيل الحاكم المدني ولسن و المصادف 7 ربيع الاول 1337 هـ 11 كانون الاول 1918 [ 8 ] . وفي اليوم التالي زار ولسن السيد كاظم اليزدي [ 9 ] . وفي اليوم الاخر 13 كانون الاول صباحا جرى الاستفتاء في النجف الاشرف وعقد خارج البلدة وحضرها حاكم النجف و الشامية وحضرها من العلماء والشيوخ والسادة و رؤساء القبائل العراقية ؛ العلامة الزاهد الشيخ عبدالكريم الجزائري ؛ و الشيخ جواد الجواهري ؛ وعبد الرضا ال شيخ راضي ؛ والسيد هادي الرفيعي سادن الروضة الحيدرية ؛ والمفكر و الاديب الشيخ محمد رضا الشبيبي ؛ والتاجر الوطني محسن شلاش ؛ والزعيم الكبير السيد نور الياسري ؛ و السيد الجليل محسن ابو طبيخ ؛ و الثائر العربي السيد علوان الياسري ؛ وشيخ مشايخ ال فتلة عبد الواحد أل سكر و الشيخ الجليل محمد العبطان و الشيخ عبادي الحسين ؛ والشيخ الجرئ بمواقفه الوطنية مرزوك العواد و الشيخ علوان الحاج سعدون والشيخ لفته الشمخي وغيرهم من الشيوخ الافاضل الذين اشتركوا في جهاد الشعيبة .
وقد افتتح ولسن الاجتماع بعدالة بريطانية ورأفتها بالشعوب ؛ورغبتها في تقرير مصيرها ؛ وتطرق الى امور كثيرة ولعل من أهمها رغبته في بقاء السيطرة البريطانية في العراق ؛ ويقول سعد صالح في اوراقه : إدعى إنه عمل إستفتاء في أمهات المدن العراقية الكبرى في بغداد و البصرة و الموصل ؛ فكانت الاكثرية في طلب السير برسي كوكس [ 10 ] . وفي الوقت نفسه يقول البازركان علي حول الاستفتاء في بغداد ؛ بعد أن وصلنا صباح الاربعاء في الساعة التاسعة الى محل الاجتماع في حديقة الملة .. وقد أعطوني عدة بطاقات ؛ ولما أخذت مقعدي ؛ قرأت البطافات المذكورت ؛ فإذا تحتوي على أجوبة أهالي النجف و كربلاء بخصوص الاسئلة الثلاثة ؛ التي وجهها الحكام السياسيون؛ ومضمونها جميعا ؛ هو إبقاء الحكم البريطاني في العراق ؛مع بيان محاسن الادارة البريطانية ؛ وأن يكون ملك العراق السربرسي كوكس [ 11 ] . ويقول الخالصي :
كان الانكليز يذيعون في كل مكان إن العراقيين صمموا في جميع المدن على انتخاب الانكليز؛يريدون إغراء كل بلدة بهده الدسيسة على إختيارهم ؛ ولذلك منعوا المخابرات و المكاتبات [ 12 ] . وهذا مايكشف لنا الاساليب و الاحابيل و دسائس وكيل الحاكم المدني العام ولسن في العراق اثناء عملية الاستفتاء .
وبعد انتهاء ولسن من حديثه ؛ سأل الحاج محسن شلاش :
هل أن الحكومة البريطانية تريد أن تعامل العراقيين بهذه المعاملة رأفة منها بحال السكان ؛ أم هنالك عوامل اخرى تستدعي هذا الاستفتاء .؟
الحاكم العام : إن بريطانية عادلة ومن عدلها إنها تريد معرفة رأي السكان في تقرير مصيرهم [ 13 ] . انبرئ السيد هادي النقيب الرفيعي :
نحن لانريد و لانرضى بسوى بريطانية ؛ لانها عادلة و منصفة وقد كثرت الفلوس عندنا . فرد عليه الشيخ عبد الواحد ؛ بل نريد حكومة عربية .
الحاكم العام هل هذا رأيك أم رأي الجميع ؟ فاجابه : هو رأي الشخصي ؛ ولابد من ان اكثر الحاضرين يؤيدونه
[ 14 ] .
وقام الشيخ محمد رضا الشبيبي وخاطب الحاكم العام فقال : ان الشعب العراقي يرتائي ان الموصل جزء لايتجزء من العراق ؛ وان العراقيين يريدون ان تتألف حكومة وطنية مستقلة استقلالا تاما وليس فينا من يفكر في اختيار الحاكم الاجنبي . فغاظ هذا الخطاب الحاكم ؛ فقاطع كلام الشبيبي وضرب يده على المنضدة التي كانت عنده [ 15 ] .
ويبدو ان الحاكم العام لم يعتقد أن يواجهه معارضة علنية في هذا الاجتماع بالرغم من الجهود التي بذلتها سلطة الاحتلال ؛ للحصول على ماتشتهي رغباتهم ؛ فلم يطيق الحاضرين في الاجتماع .
ثم قام السيد علوان الياسري وقال : لما كان المدعون غير مسبوقين بالموضوع ؛ فأنهم يرجون إمهالهم الى الغد لدراسة الاسئلة الثلاثة ؛ وتوحيد الاجوبة عليها ؛ وذلك بعد الاتصال بالعلماء و الرؤساء ؛. فلم ير الحاكم مانعا من ذلك ؛ إلا إنه طلب أن ترسل الاجوبة اليه بواسطة حاكم النجف [ 16 ]
وتذكر المصادر البريطانية ؛ أيد المجتمعون إستمرار الحماية البريطانية ؛ من الموصل الى الخليج بدون أمير ؛ إلا ان مصادر عديدة ؛ قد أنكرت صحة الرواية السابقة ؛ وقد إدعت أن الاجتماع أنفض دون الوصول الى نتائج محدودة ؛ وان الجو يسوده الخلاف والتحدي أكثر من التأييد [ 17 ] .
ويمكن أن نستنتج بعض النقاط من هذا الاجتماع الرسمي : ـ
اولا : يعتبر هذا الاجتماع فاشل بالنسبة للمعارضة للاسباب التالية
أ ـ ظهور لاول مرة أمام الملأ تأييد الاحتلال البريطاني في العراق ؛ من قبل بعض العناصر المساومة .
ب ـ أتفقت بعض الآراء مع تعليمات ولسن للحكام (( إذا تكن الآراء غير متفقة ؛ يمكن تأجيله الى آجل معلوم )).
ثانيا : تعتبر الاجتماع فاشل بالنسبة لادارة الاحتلال :
أ ـ ظهور القوى المعارضة أمام سلطات الاحتلال وأفشلت جهودها التي بذلتها ادارة الاحتلال من أجل الحصول على تأييد على بقاء ها في العراق.
ب ـ رفض بقاء الاحتلال ؛ وطلبهم تشكيل حكومة عربية مستقلة
ج ـ التأكيد على وحدة العراق من الموصل شمالا الى الخليج جنوبا .
وخلاصة القول ان الاجتماع لم يحقق الاهداف لكلا الطرفين ؛ سواء أكان للمعارضة ؛ أو لأدارة الاحتلال ؛ ولم تتأرجح كفة على آخرى في هذا الاجتماع للاستفتاء . وبمعنى آخر ؛ ان الصراع بداء يبرز بوضوح بين سلطات الاحتلال و المعارضة و بين المعارضة و العناصر المساومة ؛ ولكن ولابد في النهاية تأرجح كفة على آخر ؛ وهكذا بالنسبة للمدن الاخرى؛ ولكن طبيعة الاحداث وإخلاص قوى المعارضة لمبادئها الوطنية ؛ جعلت الشارع العراقي يتمسك بها ؛ وصارت لها قول الفصل في تطور الاحداث .
لقد قام السيد نور الياسري بدور بارز وكبير في إفشال محاولاتهم لكسب تأييد الشيوخ بقبولهم الوصايا البريطانية على العراق ؛ بالرغم من إستخدامهم الاساليب القمعية ؛ فقد كان قطبا من أقطاب المعارضة في العراق في مقاومة الاحتلال البريطاني في هذا الاجتماع وغيرها من الاجتماعات اللاحقة .
وكتب الكابتن مين حاكم الشامية : لقد ربح الشيوخ الساخطين على الانكليز ربحا كبيرا وجاها عظيما وسمعة لاتفاق بمعاضدة الرجل الغتي المقدس وذي الجاه و السلطان على العشائر السيد نور الياسري ( 18)
ولاشك أن هذا الاجتماع هو من أخطر المراحل في عملية الاستفتاء في النجف و العراق؛ ولاسيما أن البداية في العمل الساسي لها نتائجها على الرأي العام ؛ وأن نتائجها ؛ لابد لها أن تؤثر على مجرى حياة الفرد العادي في مسرح الاحداث ؛ سلبا او إيجابا .
وبعد تفرق الحاضرين ذهب رؤساء القبائل الى الكوفة لاستطلاع رأي الزعيم الروحي الجليل السيد كاظم اليزدي في الموضوع ؛ فلما عرضوا عليه الاسئلة قال : ـ (( ان الامر خطير ولكل أحد إبداء الرأي ؛ سواء أكان تاجر او بقال )). ونصحهم بالاجتماع و المداولة ؛ وموافاته بالنتيجة ؛ فغادروا الى النجف ؛ وعقدوا إجتماعا في اليوم الثاني في دار محمد جواد الجواهري [ 19 ] .
ويقول السيد حسين كمال الدين : ـ عقد الااجتماع في بيت جواد الجواهري فضم جمعا غفيرا من أكابر النجف واعيانها ؛ وجمعا من زعماء الشامية . وكانت جلست المشايعين للانكليز على يمين الشيخ جواد الجواهري ؛ والاخرين على اليسار . فإقترح الشيخ جواد أن يبدأ باليمين ؛ فبدأ بأربعة من المعممين ؛ فأعطوا رأيهم بإنتخاب كوكس و الحكومة البريطانية [ 20 ] .و تشعبت الآراء وحمى وطيس النقاش و الجدل ؛ وادى الى فشل الاجتماع ؛ ولم يتوصلوا الى نتائج يتفق عليها الجميع ؛ ويمكن تسليط الضوء على ذلك الاجتماع .
أولا : ظهور القوة اليمينية قوية ومتحدة ؛ ويمكن الاصطلاح عليهم بالقوى اليمينية في النجف .
ثانيا : ظهور الدعوة الى إنتخاب السر برسي كوكس ؛ لاول مرة في هذا الاجتماع ؛ ومما يعني ان قوى الاحتلال بذلت جهودا كبيرة وحتما انها قد اغدقت اموالا من الاصفر الرنان لبلورتها افكارها لدى القوى اليمينية .
ثالثا : ظهور أراء متعددة للقوى اليسارية أو المعارضة في اختيار طبيعة الحكم
رابعا : ازداد تمسك المعارضة لرفض الاحتلال و الحماية البريطانية في العراق .
وبعد فشل الاجتماع قرروا عقد اجتماع اخر في بيت الشيخ علي كاشف الغطاء ؛ لسعته لكنه فشل أيضا .
وهكذا تفرق القوم وذهب الرؤساء الى الكوفة وطالبوا اليزدي بابداء رأيه ؛ فتراجع وقال :(( إنه رجل دين لايعرف غير الحلال و الحرام ؛ ولادخل له بالسياسة مطلقا . فلما ذكروه بما قاله بالامس قال : إختاروا ماهو اصلح للمسلمين))
مما يدل ان السلطة إتخذت للامر عدته [ 21 ] .
لقد ترك السيد نور الياسري الصلاة وراء السيد كاظم اليزدي بعد عقد الاجتماع معه [ 22 ] .
ان تركه الصلاة وراء اليزدي ؛ بالرغم كونه المرجع الاعلى للمسلمين الشيعة ؛ والعلاقة الوثيقة بين الاثنين ؛ كما تأكده الوثائق .. فقد كانت تلك الخطوة لها مدلولاتها السياسية في اوساط القوى المعارضة ؛. وكان لها تأثيرها على أبناء النجف و العشائر المحيط بها . وكانت لهذه الخطوة أبعادها على مكانة اليزدي في الاوساط الاجتماعية . وقد اسهمت تلك الخطوة بعدول اعداد غفيرة عن تقليد اليزدي في المجتمع العراقي الى تقليد الشيرازي . وبالوقت نفسه ظل بعض رجال العشائر الموالين للانكليز وغيرهم يتذرعون بتقليد اليزدي حتى بعد رحيله في المسائل الوطنية الحساسة و الخطيرة [ 23 ] .
وجد من الضروري أن يضغط رسميا على النجف قبل أن تستحصل من وجهائها المضابط المرغوب فيها [ 24 ] . وقد تابع زعماء النجف و الشامية جهودهم للتوقيع على مضبطة تعبر عن رغبتهم في استقلال العراق؛ وعقدوا إجتماعا في بيت السيد نور الياسري أحد السادة البارزين لبلورة اهدافهم ؛ وقد داهمت الشرطة الاجتماع ؛ واضطر المجتمعون الى الاحتماء بين عشائرهم [ 25 ] . أما السيد نور الياسري ؛ عرف عنه انه كان رجلا حذرا لبقا في معالجة الامور [ 26 ] . مما اضطر الانكليز أن يعملوا تدابير اخرى ؛ فقرروا فصل إستفتاء النجف عن عشائر الشامية على ان يكون في الهواء الطلق في الكوفة [ 27 ] . وبعد يومين دعاهم الحاكم الحاكم السياسي الى الكوفة . وحاول أن يحصل منهم مايريد؛ معتقدا إن الحصول على ذلك خارج المدينة أجدى و أنفع ؛ فأخفق إذ وقع الجميع على مظبطة طالبوا فيها : ـ (( أن يكون للعراق الممتدة حدوده من شمالي الموصل الى خليج البصرة؛ حكومة عربية اسلامية يرأسها ملك عربي مسلم هو احد أنجال الملك حسين على أن يكون مقيدا بمجلس تشريعي ))[28] .
وعقدوا أجتماعا آخر في بيت محسن شلاش لكن الانكليز رفضوا الاجوبة لتضمنه أمور كثيرة تخالف مصالح الانكليز [ 29 ] . فاتضح لهم سوء النية وان كل ذلك مكر وخديعة [ 30 ]. وعقدوا اجتماعا وهو الاخير في بيت شيخ الشريعة فتح الله في يوم الاحد 17 ربيع الاول 1337 هـ ؛ وكتبوا مضبطة مضمونها ؛ يريدون حكومة عربية عراقية شكلها دستوري نيابي ملكها احد انجال الشريف الحسين ؛ مستقلة إستقلالا تاما بلا حماية ولا وصاية و لا انتداب ؛ فابى الانكليز استلامها [ 31 ].
الجدير بالذكر ان سلطات الاحتلال كلما وردت اليهم مضابط لا توافق رغباتهم رفضوا استلامها ؛ وناهيك عن الضغوط التي استخدمت ضد المعارضة ؛ وفيما بعد اصبحت تلك الضغوط احد العناصر الرئيسية للقيام الثورة العراقية الكبرى .
ففي النجف مرالاستفتاء في ثلاثة مراحل بالنسبة لموظفي الحكومة المسؤولين عن سيره ؛ فقد استبان لاول وهلة بانه لايجابه صعوبة كبيرة [32 ] .
ولاشك ان قيام الاستفتاء في النجف و الشامية كان عنصر مهم في توحيد المعارضة وتشكيل قيادتها الرافضة للاحتلال . وقد كانت تلك الجهود الحثيثة من عناصر المعارضة ؛ قد كتبت صفحة مشرق لها و للاجيال ... لانها تمثل البداية وصارت بوصلة للمدن العراقية الاخرى . وعند قراءة المضابط التي قدمت الى ادارة الاحتلال في النجف ؛ سوف توضح حقيقة المعارضة وطبيعة مطالبها .
ان المضبطة التي وقع عليها واحد وعشرين شخصا تجاهلت فكرة الوصايا البريطانية؛ وطالبت بأمير عربي من دون تحديد هويته الا انها اشترطت ان يكون محمديا ؛ أما المضبطة التي وقع عليها ستة وثلاثون من الوجهاء و التجار وخدم الروضة الحيدرية ؛ فقد دعت صراحة استمرار الادارة البريطانية . واعقب ذلك مضبطة موقعة من قبل النقيب الرفيعي وواحد وعشرين من وجهاء التجار ؛ وتحمل اتجاه المضبطة السابقة . وفي 28 كانون الاول وصلت مضبطة من الشامية تحمل عشرة من الشيوخ و تطالب باستقلال العراق في ظل امير من عائلة الشريف الحسين بن علي [33 ] .
وفي كربلاء دعا الحاكم السياسي الميجر يوفل رهط من تجارها ووجوهها واهل الرأي فيها الى اجتماع عقده في سراي الحكومة ؛ وأعرب عن رغبته في إبقاء العهود التي قطعوها للعرب و للعراق خاصة وبعد طرح الاسئلة الثلاثة ؛ وإبداء الرأي فيها ؛ نهض السيد عبد الوهاب الوهاب وطلب إمهالهم ثلاثة ايام للبحث في الامر [34] .
ويبدو هنالك تشابه كبير بين النجف وكربلاء في البداية عملية الاستفتاء فكليهما طلب التأجيل ؛ غير إن الاختلاف هوبين الشيخ محمد تقي الحائري وكان قد افتى بضرورة إنتخاب احد المسلمين للإمارة وهذا الموقف يختلف عن موقف اليزدي .
وهذا نصها : ـ (( ليس لاحد من المسلمين أن ينتخب ويختار غير مسلم للامارة و السلطنة على المسلمين .)) 20 ربيع الاول . ولاشك ان هذه الفتوى جاءت متأخرة بعد أن انتهت مدينة النجف من عملية الاستفتاء . .
وتعتبر هذه اول فتوى تصدر من علماء الدين بخصوص عملية الاستفتاء . وقامت جمعية النهضة الاسلامية والتي كانت تحت اشراف آية الله الحائري بدور هام في إنتخاب أحد أنجال الشريف [ 35 ] .
وتقول المس بيل :
وقد وصلت قصص مبالغ فيها عما كان يجري في النجف وكربلاء الى اهالي الكاظمية؛ حيث كان الشعور الوطني آخذ بالطغيان حيث عارضة بقاء الادارة البريطانية في العراق [ 36 ] .
وقد نظموا مضبطة أكدوا فيها بتشكيل حكومة اسلامية يرأسها أحد أنجال الحسين بن علي ؛ على أن يكون مقيدا بمجلس تشريعي [37 ]. وقد قاد السيد جعفر عطفية رئيس البلدية الحركة لتقديم مضبطة تؤيد الحماية البريطانية [ 38 ] .
اما بغداد كان ولسن يعتقد اهم مراكز المعارضة في العراق ؛ وانها مصدر الدسائس و الفتن ؛ ولذا أجل الاستفتاء فيها حتى يتجلى فيها مواقف الاهلين في سائر الجهات [ 39 ] . لقد اكدت المعارضة في بغداد على وحدة العراق من الموصل شمالا و الخليج جنوب ؛ واختاروا احد انجال الشريف الحسين بن علي وهي لاتختلف عن النجف وكربلاء .ومن الجدير بالذكر إن بعض سرات مدينة بغداد واشرافها هم الذين أيدوا بقاءالاحتلال البريطاني في العراق اثناء عملية الاستفتاء ؛ لحماية مصالحهم الشخصية ومنافعهم الذاتية ؛ ولاسيما طبقة التجارواصحاب العقارات و الاملاك .
وكان عبدالرحمن النقيب نقيب اشراف بغداد من اشد اعوان و انصار الاحتلال البريطاني في العراق ؛ وكان يعارض قيام حكومة عربية [ 40 ].
وكتبت المس بيل في احد رسائلها بتاريخ 13 كانون الاول 1918 (اعتقد ان وجهاء الناس في المناطق يعارضون بشدة فكرة تنصيب امير عربي ؛ ويعارضون حتى تأسيس حكومة عربية في البلاد )
وبرزت فئة من التجار في معارضة بقاء الاحتلال البريطاني في العراق ؛ وكانت هذه الفئة لها نشاط ملحوظ واهمها جعفر ابو التمن وفي حقل التعليم علي البازركان احد الناشطين في الحركة الوطنية في بغداد.
وترى المس بيل ان العراقيين جميعم اجمعوا على نقطة واحدة ؛ إذ كان الجميع يريدون ان ولاية الموصل يجب ان تنظم الى ولايتي بغداد والبصرة [ 41 ] . واقول نعم ان العراقيين وحدويون بغريزتهم .. ولايفرطون بوحدة عراقهم ..تلك هي شمائل الاسر العريقة في العراق التي خلقها الله ....! .
.
ارآء و طرائف ومفارقات في الاستفتاء
لاشك إن عملية الاستفتاء العام في العراق ؛ اشتملت واحتوت على مفارقات و طرائف في المذكرات و الوثائق وبعض المصادر ؛ ولعل الوقوف عليها اقدم للباحث والقارئ صورة من الامس القريب ؛ فقد وردت في وثيقة كتبها زعماء الثورة الى الجهات الدولية ؛ إشتكى فيها عن الممارسات الضغوط التي مارستها ادارة الاحتلال معهم اثناء عماية الاستفتاء.. وجاء فيها
صاروا يسعون في تضيع حقوقنا وحريتنا ؛ ومن ذلك إنهم برزوا لجماعة من الاعراب أوراقا بالخط الانكليزي ؛ زعموا إنها أوراق مالية وطالبوا توقيع الاعراب فيها ؛ فظهر بعد ذلك إنها إعتراف بالوصايا للانكليز على العراق ؛ وصايقوا منا بالصراحة على الاعتراف [ 42 ] .
ويقول الشبيبي محمد رضا : ولابد من القول ان هذا الاستفتاء كان صوريا إذ قد أعد الانكليز عدتهم للفوز بنتائج التصويت ؛ وأخذ الاراء الى جانب سياستهم ؛ فاتصلوا بكثير من الوجهاء في الحواصر و الارياف ؛ وحاولوا التأثير عليهم بالوعد و الوعيد؛ ولكن السياسة البريطانية أخطأها التوفيق ؛ وفشلت فشلا ذريعا في محاولاتها مع العراقيين ليجئ الاستفتاء موافقا لسياسة الاستعماريين [43 ] .
وقد كتب لورنس مقالا في صحيفة السندي تايمز اكد فيه ان الثورة في العراق واقعت لامحال نتيجة القسوة والعنف التي مارستها ادارة الاحتلال في العراق مع الاحرار ويقول حول الاستفتاء : وكانوافي سنة 1919 ينتزعون من السكان في العراق ؛ بيانات عن ( تقرير المصير ) ترجح كفة بريطانية عن طريق الضغط السياسي واظهار العضلات بواسطة الطائرات وعن طريق نفي الشخصيات الى الهند ( 44 )
واما المس بيل قالت في رسالة لها بعد قيام الثورة وهي تسجل اعترافات صريحةعن الاسلوب الطريقة لادارة الاحتلال : ان سياستنا غير مستقرة .. جاءني في احدهذه الايام سيد صغير متحير من النجف فأفضى الىّ بمخاوفه واماله وكان خجولا جدا .. فتركني أشعر بأنهم لا يعرفون ما هو غرضنا في كل ما نعمله . فنحن ندخلهم السجن من جهة لانهم يطلبون الامير عبدالله ؛ ونشجعهم على طلب فيصل من جهة اخرى( 45 )
والجانب الاخر اتهمت المعارضة بالخيانة وورد في رسالة لها وجاء فيها . لقد كان من الخيانة في العام الماضي ان يقول المرء بأنه يريد أحد أبناء الشريف حسين هنا؛ وحتى يومنا هذا نجد ان بعض ضباطنا البريطانيين لا يستطيعون تماما ان يتراجعوا عن الموقف السابق [ 46 ] .
لقد ذكر معظم المؤرخين العراقيين إن ولسن قد ( شوه ) و ( زيف ) الاستفتاء الذي لم يكن إلا سخفا وخرافة و مهزلة مآساوية . إن أقوال المؤرخيين الوطنيين العراقيين لاتقدم إلا نصف الحقيقة ؛ فبالرغم من التدخل العلني للسلطات في عمليات الاستفتاء ؛ إلا إنه كان صحيحا أيضا إن عدد من العراقيين كان يحبذ إستمرار الادارة البريطانية [ 47 ] .
وقد وصلت الينا كثير من الحقائق حول الاستفتاء مغلفة بالمبالغات الكبيرة ؛ حتى تكاد تكن من الاباطيل و الاساطير ؛ والاغرب من ذلك حين ينسب البعض له صناعة الاقدار . وان كاظم الدجيلي يقدم صورة عن القدر الذي صنعه في تغيير نتائج الاستفتاء في النجف [ 48 ] . الجدير بالذكر فقد ورد في احد التقارير البريطانية أنه سياسي ثانوي ولم يشترك في ثورة العشرين )) . [ 49 ] .
وقد حصلت على بعص مذكراته الخطية والتي كانت بحوزة عميد المؤرخين العراقيين السيد عبد الرزاق الحسني ويقول فيها : (( كان سبب هذا السجن هو إني ذهبت الى النجف قبل ثورة العشرين الفراتية على الانكليز بشهرين لشراء بعض الكتب ؛ وهناك إجتمعت في دار الحاج محسن شلاش ؛ بطائفة من شيوخ عشائر الفرات وساداتهم وعلى رأسهم السيد نور الياسري و السيد علوان الياسري ؛ وعبدالواحد الحاج سكر و عبادي الحسين وعلوان وعمران الحاج سعدون والشيخ محمد رضا الشبيبي وعلي الشرقي ...)) [ 50 ] .
الغريب في هذه المذكرات يزعم انه حضر الاجتماع قبل ثورة العشرين بشهرين ؛ ولكنه نسى إن آخر إحتماع عقد في بيت شيخ الشريعة فتح الله بتاريخ 17 ربيع الاول 1337 هـ [ 51 ] . وقد راجعت مذكرات الذين حضروا الاجتماع فلم أجد إشارة له من قريب أو بعيد ؛ ولكن المس بيل تقول عند وصوله الى النجف إدعى إنه (( وكيل سري )) من وكلاء الحكومة [ 52 ] .
واما رأي عليم ومطلع بخفايا الاموروعلى اسرار الحركة الوطنية في بغداد علي البازركان ؛ يقول إن الشيخ كاظم كان موظفا من شرطة الاحتلال ؛ فلابد من ذهابه الى النجف كان مرسلا و ليس على رسله [ 53 ] .
ويجب أن لانستغرب من تلك الرواية فهنالك رواية اخرى على شاكلتها ويعتقد صاحبها هي التي غيرت نتائج الاستفتاء ويقول صاحب الرواية حسن الاسدي (( فكلف بذلك الميجر نور بري حاكم المنطقة ليدعوهم على عجل الى الحضور في دار الحكومة في النجف ؛ فدعى الحاكم المذكور عددا كبيرا من رؤساء الشامية و ابي صخير وجميع الموالين من النجف مع عدد قليل من الوطنيين ليخرج الاستفتاء بإسم النجف ؛ و لكن بالشكل الذي يريده غير ان الوطنيين أدركوا هذه اللعبة ؛ وحشدوا جميع النجفيين في مظاهرة صاخبة امام الاجتماع تستمع الى هتاف الشباب المنتشرين هنا و هناك ( وكان المؤلف من جملتهم ) ؛ الامر الذي جبن معه حتى الموالين من أن يستجيبوا لطلب ولسن المذكور ؛ لذلك فانهم عندما خطب فيهم ولسن مهددا و متوعدا طلب اليهم أن يعلنوا رأيهم في نوع الحكم الذي يريدون ؛ أجمعوا على طلب حكومة وطنية مستقلة إستقلالا تاما [ 54 ] .لقد ذكرت ان الاستفتاء كان خارج المدينة للاجتماع الاول ؛ وأين الشباب؟ ياشباب اليوم ؛ يا اشياخ الغد ..!

الاستفتاء ومؤتمر الصلح في باريس
لم تكن عملية الاستفتاء في العراق إلا وسيلة لتحقيق غاية كبرى هي تأييد العراقيون للبريطانيين في مؤتمر الصلح. ولم تكن غايته الحقيقية الاطلاع على أراء العراقيين ؛ فقد اكدت مصادر كثيرة؛ ان تلك الخطوة هي نتيجة صراع الاطماع الاستعمارية ؛ وانتقلت الصراعات من عواصم الدول الاستعمارية الى امهات المدن العراقية الكبرى؛ ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تفحص طبيعة الاسئلة الثلاثة والتي اكدت على الوصايا البريطانية .
ولعل من ابرز الاسباب التي دعت الى الاستفتاء ومن اهم العوامل التي عجلت بنتائجه للحصول على تأييد العرب في مؤتمر الصلح ؛ وإقناع الامريكيين خصوصا بان اهل البلاد يرغبون في حكم الانكليز . والتي بحثتها اللجنة الشرقية في يوم 27 تشرين الثاني 1918 حول مستقبل العراق .( 55 )
وتعد اللجنة الشرقية اول لجنة لدراسة الاوضاع العربية فيها نهاية الحرب العالمية الاولى بأيام قلائل ؛ وبرزت اهمية هذه اللجنة بعد إنتهاء الحرب مباشرة ( 56 ) .
لقد عادت اللجنة المذكورة فأكدت البيان الانكلوفرنسي؛ لكنها لم تظهر سوى القليل من النوايا بشأن التخلي عن السيطرة البريطانية المباشرة؛ فقد تم تخويل أرنولد ولسن بأن يقوم بإجراءإستفتاء في العراق (57 ) .
فقد استطاعوا زعماء المعارضة الوطنية أن ينقلوا هذا الصراع الى حلبة الصراعات الدولية الكبرى باريس ؛ أثناء إنعقاد مؤتمر الصلح ؛ ويعد مؤتمر الصلح من اكبر المؤامرات التي شهدتها اوربا و العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى مباشرة . وقد اجتمع ثلاثة من أعمدة الحركة الوطنية كل من السيد نور الياسري و الشيخ عبد الواحد ال سكر و السيد علوان الياسري في بيت الحاج محسن شلاش ؛ وقررا إيفاد الشيخ محمد رضا الشبيبي الى الملك حسين بن علي ملك الحجاز ؛ وحرروا المضابط الى الملك حسين واخرى الى الامير فيصل عند حضوره الى مؤتمر الصلح ( 58 ) وجاء فيها :( ها نحن سادات قبائل الشامية وزعمائها ومشايخها ورؤساء عرب فرات النجف و الكوفة ؛ نفوض سموكم تفويضا مطلقا على تحقيق آمالنا القومية ؛ ونوكلكم توكيلا عاما شاملا أن تطالبوا مؤتمر السلام و جمعية الامم و رؤساء الحكومات الحرة ؛ بإستقلال بلادنا العراقية العزيزة بحدودها الاصلية من شمال الموصل الى الخليج ( الفارسي ) إستقلالا تاما مجردا من شائبة الحماية و الوصايا تحت إمارة سمو شقيقكم الامير عبد الله بن الملك حسين ...) ( 59 ) .
وتجدر الاشارة كانت معظم نفقات سفر الشبيبي من عند السيد نور الياسري[ 60 ] .
لاشك ان تحرير المضابط الى فيصل يكشف ان السيد نور الياسري كان يتابع مجريات الاحداث الدولية التي تخدم العراق متخذا جميع السبل السياسية والوسائل الاعلامية في المحافل الدولية من اجل استقلال العراق الاستقلال الناجز ؛ المجرد عن شائبة الوصايا والحماية .
لقد واجهة هذه المضابط مصاعب جمة و عراقيل كثيرة حين أدركت السلطات البريطانية بمضمونها وغايتها وهي في طريقها الى مؤتمر الصلح ؛ سواء في العراق أو الحجاز .ويقول الشبيبي ان الشريف الحسين ؛ قد بر بوعده بوصولها الى فيصل . ولاريب ان هذه الوثائق و المضابط قد عززت الملك حسين و الامير فيصل ليتجهز بها امام المؤتمر ؛ ولاسيما ظهرت حاجة فيصل الملحة في المؤتمر الى مضابط التوكيل من السوريين ليشد آزره (61 ) .
وبقدر لما كانت لهذه المضابط من اهمية بالغة في المؤتمر كانت هناك وثائق اخرى حجبتها بريطانية عن الرئيس الامريكي ولسن حين طلب إرسال لجنة الى العراق .حيث قال بلفور انه تسلم من العراقيين عرائض تطالب بإدارة بريطانية مباشرة وعدم الرغبة في حكومة يرأسها أمير عربي ( 62 ) .
وقد صور مرارة الالم لورنس لفيصل حيث يقول ؛. أدرك فيصل ان مسألة حضوره للمؤتمر كان موضع جدال فقضي ليلة تعيسة بسبب ذلك فلقد وجدته يتجول في أرجاء الفندق في الثانية صباحا؛ وعندما كسبنا المسألة أعتبر ذلك بشرى حسنة عن جميع المعارك القادمة وإمتلاء سرورا (63 )
لقد علق العراقيون آمالهم بالمؤتمر و جهود فيصل بقدر ما علق فيصل نجاحه في المؤتمر لكن مآرب الاستعمار حالت دون تحقيق هدف من أهدافهم في المؤتمر ؛ مثلما كانت لدى لورنس الثقة المطلقة بأن الرئيس الامريكي ولسن سوف يضمن للشعب العربي حق تقرير المصير عند حضوره مؤتمر الصلح. إلا إنه أدرك انه كان على وهم عند عودته من المؤتمر ..! .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش المصادر [1 ] فصول من تاريخ العراق القريب / المس بيل /ص 387 . [ 2 ] تطور الحكم السياسي في العراق / إيرلند ــ ص 119 . [ 3 ] الثورة العربية الكبرى /أمين سعيد /ص 18 م / 2 . [ 4 ] ايرلند /تطور الحكم السياسي في العراق / ص 120
[ 5 ] الحسني عبدالزراق / الثورة العراقية الكبرى / ص 56 / ط 5 . [ 6 ] الوردي علي / لمحات اجتماعية من تاريخ العراق / ص 68 / ج5 / ق 1 . [ 7 ] محبوبة باقر ماضي النجف وحاضرها / ص 355 / ج1 . [ 8 ] معلومات سعد صالح / المتحف الوثائقي لثورة العشرين / النجف . [ 9 ] الوردي علي ص 69 / مصدر سابق . [ 10 ] معلومات سعد صالح / مصدر سابق . [ 11] علي البازركان / الوقائع الحقيقة ص 66 . [ 12 ] الوردي علي / مصدر سابق ص 78 ج5 / ق1 . [ 13 ] الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق ص 57 / ط / 5 .[ 15 ] الفرعون فريق / الحقائق الناصعة / ص 75 ؛ وانظر الحسني / مصدر سابق ص 58 . [ 14 ] محبوبة باقر / مصدر سابق/ ص 356 / ج 1 و انظر الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق / ص 58 . [ 16 ] الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق / ص 58 ؛ وانظر محبوبة باقر مصدر سابق ص 356 [ 17 ] وميض عمر نظمي / ثورة العشرين ص 305 . [18] الكابتن مين / الاداري في طريق التكوين ص 293 [ 19 ] الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق ص 59 . [ 20 ] معلومات السيد حسين كمال الدين المتحف الوثائقي للثورة العشرين / النجف / رقــــــم الملف10/1 . [ 21 ] الحسني عبد الرزاق / مصدر سابق ص 59 . [22 ] معلومات سعد صالح / المتحف الوثائقي لثورة العشرين . [ 23 ] انظر مذكرات السيد سعيد كمال الدين حول عدول السيد نور الياسري من تقليد اليزدي الى الشيخ محمد تقي الشيرازي.. فيما بعد أصبح الزعيم الروحي للثورة العراقية الكبرى .
..[ 24 ] ايرلند فيليب / مصدر سابق ص 129 .[25 ] الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق ص 61 .. وانظرنظمي وميض / مصدر سابق ص 307 . [ 26 ] النفيسي عبدالله / دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث
ص 119 . [ 27 ] معلومات حسين كمال الدين وثيقة 1/10 مصدر سابق .[ 28 ] الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق ص 60 و أمين سعيد / / مصدر سابق ص19/ ج2 . [29 ] معلومات حسين كمال الدين / مصدر سابق/ ملف 10/1 . [ 30 ] محبوبه باقر / مصدر سابق ص 356 . [ 31 ] معلومات سعد صالح / مصدر سابق ؛اطلعت على رسالة كتبها الشيخ محمد رضا الشبيبي الى السيد المفكر الاسلامي الكبير هبة الدين الشهرستاني ومؤرخة في 21 ربيع الاول 1337 هـ ؛ يحتفظ بها نجله الاستاذ المحامي جواد الشهرستاني. [ 32 ] ايرلند فيليب / مصدر سابق
ص 115 و الشرقي علي / الاحلام ص 103 .[ 33 ] نظمي وميض / مصدر سابق ص 307ـ 308 .[ 34 ] الحسني عبد الرزاق / مصدر سابق / ص 48 . [ 35 ] الوهاب عبدالرزاق / كربلاء في التاريخ / ص 25 /ج3 مطبعة الشعب 1935 .[ 36 ] المس بيل / فصول من تاريخ العراق القريب / ص 464 . [ 37 ] الوردي علي /مصدر سابق ص87/ج5 / ق1 و الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق ص 52 . [ 38 ] صفوة فتحي نجدة / العراق في تقارير البريطانية ص 64 .[ 39 ] الحسني عبدالرزاق / مصدر سابق ص 53 . [ 40 ] ذكرت المس بيل في تقريرها / فصول من تاريخ العراق القريب ؛ وهو تقرير اعدته رسميا لوكيل المندوب السامي ؛ الكتاب او التقرير كان يتحدث عن بداية الحملة البريطانية في العراق وحتى بداية الثورة العراقية وانتصاراتها الباهرة مثل معركة الرارنجية و غيرها ــ وعن شخصية عبدالرحمن النقيب في صفحات عديدة ؛ وايضا في رسائلها ؛ وهي تعتبر رسائلها جزء من حياتها الخاصة وحياتها اليومية .الجدير بالذكر اصدرت الباحثة رجاء حسني عن عبدالرحمن النقيب كتيب ؛ وتحدثت مع عميد المؤرخين العراقيين السيد عبد الرزاق الحسني ؛ حول الكتيب ؛ في احد زيارتي له في داره الواقعة في الكرادة / محلة البو جمعة / بغداد وقال : (( لقد جعلته نبيا )) واخبرني الحسني ايضا ان زوجها مستشارا في القصر الجمهوري . وكانت رجاء حسني لها بحث عن الحركة الوطنية في العراق ؛ وقد منعت وزارة الاعلام العراقية تداول هذا الكتاب في المكتبات العامة . وربما ارادت رجاء حسني من كتيبها عن النقيب مناغات هواجس فاضل البراك ؛ مدير الامن العام و مدير المخابرات العراقية .. لقد اشتهر البراك بالطائفية البغيضة ؛ وهو احد مهندسي الطائفية السياسية في العراق وبالذات في مفاصل آمن الدولة ؛. وقد أراد البراك الاساءة للمسلمين الشيعة من خلال مواقف اليزدي في كتابه المدارس اليهودية والايرانية في العراق ص هامش 103 وغيرها من الصفحات ؛ ولكنه نسى ان النجف الاشرف وبالذات اليزدي قد افتى بوجوب الجهاد لدفاع عن ثغر العراق قبل دار الافتاء التركية التي كانت تهيمن على العراق ... ونسى البراك ان المس بيل كتبت في احد رسائلها ان عبدالرحمن النقيب استقبلنا استقبالا حارا وبذراعين مفتوحتين ؛ ولم يكتفي البراك باليزدي بل ذهب الى رموز الحركة الوطنية في العراق الى ابي القاسم الكاشاني [ انظر ص102 ] صاحب المواقف المشهورة ولعل هنا اقدم هذه الحقيقة لاول مرة عن ابي القاسم الكاشاني ؛يقول السيد هبة الدين الشهرستاني ؛ كنت انا و ابو القاسم الكاشاني ؛ وبعد ان تناولنا الافطار من بائعات القيمر ـ القشطه ـ في العمارة ظل ابو القاسم الكاشاني يطيل الحديث معها ؛ ويقول الشهرستاني ؛ سألته وقلت له بماذا كنت تحدث هذه البائعة .؟ قال حدثتها عن جرائم الانكليز اذا سيطروا على البلاد . وقلت له وماذا تعرف هذه المرأة عن الانكليز؟ . قال سوف تصبح احد مصادر الدعاية المضاد ضد الانكليز بين الناس في الاسواق .. هذا ماحدثني به المحامي السيد جواد الشهرستاني ..ونختم هذا الهامش حول هبة الدين وقد وجدت في اوراق محمد حسين كاشف الغطاء ؛ كان هبة الدين يحمل راية ابناء المجتهدين عند توجهنا الى سلمان بك لمقاتلة جيوش الانكليز بعد مبيتنا في خان سيد نور الياسري في الكفل. وبالوقت نفسه يمكن القول ان الدوافع القومية لمراجع الدين الشيعة الايرانيين هي التي تحركهم قبل الدوافع الدينية . فقد كتبت المس بيل بعد اسبوع من هزيمتهم في معركة الرارنجية ( وفي ايران ؛ اضطررنا الى التراجع من قمة البرز الى قزوين ؛ وطلب المستر نورمان اسعافه بلوائين لايمكن ان يزود بهما [ 41 ] المس بيل / فصول من تاريخ العراق القريب / ص 387 .
هامش المصادر[ 42 ] الوردي علي مصدر سابق ص 336 . [ 43] فريق مزهر / مصدر سابق ص 570 .[ 44 صندي نايمز 22/8/1920 . [ 45 ] رسائل المس بيل تاريخ الرسالة 8 ايار 1921 . [ 46 ] تاريخ الرسالة 15 ايار 1921 . [ 47 ] وميض نظمي / مصدر سابق ص 290 .[ 48 ] إنظر الوردي علي مصدر سابق / قصة الدجيلي ص73
ج5 ق1 . [ 49 ] نجدة فتحي / مصدر سابق . [ 50 ] لازلت أحتفظ بهذه الاوراق . [ 51 ] راجعت كل اوراق الذين حضروا و الاسماء الذين ذكرهم فلم اجد اشارة الى ذلك كالشبيبي أو علي الشرقي / الاحلام ؛ وقد اطلعت على عشرات الوثائق فلم ار تلك الرواية إلا هي اقرب من السراب .[52 ] المس بيل / فصول من تاريخ العراق ص 475 . [ 53 ] علي البازركان مصدر سابق ص 108 . [ 54 ] الاسدي حسن / ثورة النجف / ص 365 دار الحرية للطباعة 1975 / بغداد
( 55 ) سليمان موسى /الحركة العربية ص454 . (56 ) نفس المصدر ص 449 .( 57 ) العراق الحديث 1900ـ 1950 ج 1 / ترجمة التكريتي ص 189 . ( 58 ) علي الوردي / مصدر سابق ص 122 . وانظر الحسني مصدر سابق ص 125؛ صورة من المضابط للملك الحسين بن علي . وانظر ص 357 ماضي النجف و حاضرها ؛ وانظر الراوي / مذكراتي ص 146 ؛ وانظر عباس علي / زعيم الثورة ص 130 .( 59 ) المتحف الوثائقي لثورة العشرين رقم الملف 5 / الوثيقة 4 . ( 60 ) ذكر السيد عبد الشهيد الياسري في سفره البطولة في ثورة العشرين ص 125
اطلعني المؤرخ المرحوم الاستاذ عبد الرزاق الوهاب في كربلاءعلى بعض الوثائق والاوراق التي تخص الثورة لسنة عام 1920 و التي يحتفظ بها سيادته ؛ ومنها قائمة بمصاريف الثورة معظمها من السيد نور و عبد الواحد ال سكر؛ ومنها المبلغ الذي زود به الشبيبي . ( 61 ) انظر سليمان موسى / مصدر سابق ص 476 .وكذلك ظهرت بعض المضابط من السوريين المغتربين تدعو الى انضمام سوريا تحت الانتداب الفرنسي واشهرهم شكري غانم / جريدة القبلة . ( 62 ) سليمان موسى / مصدر سابق ص 474 . ( 63 )رسائل لورنس / ترجمة
الدكتور عبد المنعم الناصر ص94

[email protected]
الولايات المتحدة
يبقى القول هذا هو فصل من كتاب جهاد الزعيم الياسري نور خلال ربع قرن في العراق..وسوف يجد القارئ حقائق ووثائق تنشر لاول مرة.. وسوف يناقش في الفصول اللاحقة لماذا كتب في وصيته تنقل اموالي الى ابنائي واذا انقرضوا الى عالم عربي مسلم اثتا عشري..!؟



#عادل_الياسري (هاشتاغ)       Adel_Alyasiry#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضاعت لحان يامانه بين عمار الحكيم وباسم العوادي
- بين تصريحات لورنس العرب وتصريحات رئيس الاركان البريطاني دانا ...
- الظاهرة الزرقاوية والشارع العربي .. وماذا بعد مقتل الزرقاوي؟
- الظاهرة الزرقاوية و الشارع العربي .. وماذا بعد مقتل الزرقاوي ...
- العراق و الصحافة في رسائل المس بيل
- العراق و الصحافة في رسائل المس بيل
- عبد المحسن السعدون وهزائم الانتهازية السياسية في العراق
- الزرقاوي من السينما الصامتة الى الصور المتحركة
- الصدر و الموساد صنوان للحملة الدعائية لتعظيم الزرقاوي في الع ...
- مكافأة الزرقاوي صرفت في تعظيم الزرقاوي في العراق ..!
- الزرقاوي حقيقة ام اسطورة
- مهندس نظرية الثلث الاقوى للمخابرات العراقية برزان يستجير ..!


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عادل الياسري - دور الزعيم الياسري نور في الاستفتاء البريطاني في العراق 1918