الرأسمالية خارج نطاق السيطرة / بقلم أنطونيو غرامشي -- ت: من الإيطالية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8067 - 2024 / 8 / 12 - 10:42
المحور: الادب والفن
    

اختيار وإعداد الغزالي الجبوري - ت: من الإيطالية أكد الجبوري

"...الرأسمالية هي الدولة البرجوازية، التي تتشكل في القوانين، في الإدارة البيروقراطية، في السلطات التنفيذية. وهذه، بدورها، تتشكل في الأفراد الذين يعيشون، ويلبسون، ويمكن أن يكونوا الأوغاد أو السادة " (أنطونيو غرامشي)

مقال للفيلسوف والمنظر الماركسي والسياسي وعالم الاجتماع والصحفي الإيطالي أنطونيو غرامشي (1891 - 1937). المنشور في كتابه ("كراهية اللامبالي". 1917).


النص؛
وجهة نظرنا حول فضيحة النفايات، وفقًا لـ(العدالة) بقلم ج. برامبوليني (1859 - 1930)، ستكون كما يلي: الرأسمالية تستغل وتضارب - يجب عليها أن تضارب وتستغل، فهي تعاني من الخراب – دائمًا، في أوقات الحرب والسلم على حد سواء.

تبحث الرأسمالية عن أسواق لمنتجاتها وأرباحها لمساهميها، كيف وأين تستطيع ذلك. إنها طبيعتها، ورسالتها، ومصيرها. الإيطاليون يبيعون للألمان، والنمساويون يبيعون للفرنسيين، والبريطانيون يبيعون للأتراك. الرأسمالية دولية وإيطاليا ليست أسوأ من الدول الأخرى.

ستكون هذه وجهة نظرنا، وهي وجهة نظرنا إلى حد كبير بحيث تتطابق تمامًا مع وجهة نظر "الفكرة الوطنية". ومن المفهوم أن هذه هي وجهة نظر "الفكرة الوطنية": ولهذا السبب تبدو المسؤوليات غامضة ومخففة للغاية، في الواقع، لن يكون أحد مسؤولاً بعد الآن؛ يجب إطلاق سراح المعتقلين فوراً، ويجب القبض على السيد الرأسمالي، المتشرد الذي ليس له منزل ثابت، والذي يمكن العثور عليه في جميع دول العالم في نفس الوقت.

لكن هذه، في الواقع، ليست وجهة نظر الاشتراكيين. عند كتابة التاريخ، أو التأريخ (حتى تاريخ المحاكم)، يتجنب الاشتراكيون تجريد الأسماء العامة المنتشرة. وهم يجادلون بأن هناك ميلًا عامًا إلى ارتكاب أشياء خاطئة في المجتمع الرأسمالي، لكن هذا لا يعني أنهم يخلطون بين المسؤوليات الاجتماعية والمسؤوليات الفردية.

يمكن للإنتاج البرجوازي أن يصبح مضاربة، واحتيالا، ووهما، لكن مهمته ومصيره ليس الاحتيال: فهو يحاول زيادة الثروة، وزيادة مجموع السلع الاجتماعية. إن وجهة نظر “العدالة" هي جزء من رؤية لاهوتية للمجتمع، حيث يتم استبدال إله الكاثوليك القدير والموجود في كل مكان وكلي المعرفة بألوهية مجردة مكافئة.

ولهذا السبب يصبح البحث عديم الفائدة، ودراسة الحقائق والتاريخ عديمة الفائدة، وفحص العادات عديم الفائدة: كل شيء هو نفسه في كل مكان، لأن الرأسمالية في كل مكان ولا تتحرك ورقة دون أن ترغب الرأسمالية في ذلك.

وهذا التجريد القدري ليس ولا يمكن أن يكون وجهة نظرنا على الإطلاق، لأنه خارج الواقع الفعلي. في الواقع الفعلي، الرأسمالية هي الدولة البرجوازية، التي تتشكل في القوانين، في الإدارة البيروقراطية، في السلطات التنفيذية. وهؤلاء، بدورهم، يتخذون شكل أفراد يعيشون، ويلبسون، ويمكن أن يكونوا أوغادًا أو سادة. حتى القوانين، قانون العقوبات، هي أنشطة رأسمالية وتعاقب تجار النفايات، وهو ما يعني بالنسبة لهم ألا يكونوا رأسماليين خالصين وبسيطين، بل رأسماليين، رجالًا تصرفوا بشكل منحرف.

ووجهة نظرنا هي ما يلي: توجد في التنظيم البرجوازي للمجتمع الإيطالي مؤسسات رقابية لا تعمل، مما يؤدي بالتالي إلى الإضرار بالإنتاج الرأسمالي الحقيقي، لأنها سمحت للمنحرفين والمجرمين بمواصلة أنشطتهم على الرغم من حقيقة أن هؤلاء هم كانوا مشبوهين لدرجة أنه من الصعب تجاهلهم. مما يعني أن التنظيم البرجوازي الإيطالي شرير أيضًا في مفهومه للرأسمالية.

لدى البروليتاريا مهمة محددة تتمثل في الضغط باستمرار على المنظمة الحالية بحيث يتم تجديدها وجعلها أكثر ملاءمة للإنتاج ولزيادة الثروة: يجب عليها ممارسة الضغط بحيث لا يتمكن إلا أولئك الأفراد الذين، من خلال رأسماليتهم الصادقة، النشاط، يجعل الظروف الميكانيكية والطبيعية للحياة الاجتماعية أكثر ملاءمة لانتقال السلطة الطبقية. ولهذا السبب يريد الاشتراكيون أن تكون مؤسسات مراقبة الدولة مختصة وقادرة على القيام بواجباتها بكفاءة. الاشتراكيون وحدهم هم الذين يستطيعون أن يريدوا ذلك، لأنهم غير مهتمين، لأنهم خارج عالم الأعمال. ولا يمكنهم الاكتفاء بالتجريدات والمسؤوليات العامة.

في الواقع، هناك بيروقراطية يجب أن تتحكم في النشاط التجاري لصناع النفايات، ويجب على السلطة التنفيذية منع المضاربة. ماذا فعلت البيروقراطية؟ هل قمت بواجبك؟ وعلى أية حال، لماذا لم يفعل ذلك؟ يجب إجراء التحقيق وتحديد المسؤوليات. يجب القضاء على المحتالين غير الأكفاء. إنه اختبار حقيقي للنظام: لأنه لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إثبات أنه قادر دائمًا على أداء وظيفته الاجتماعية. لكن إذا لم يجبرها أحد باستمرار على اجتياز الاختبار، فسوف تديم نفسها وسط لامبالاة الجميع، الذين يستمتعون بالحديث عن الرأسمالية، التي بدون إرادتها لا تتحرك ورقة واحدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 8/12/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل