أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس)














المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8059 - 2024 / 8 / 4 - 14:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


6 – ما تدين به الحرية للحقيقة
في بداية هذا المطلب، أكدت ألكسندرا رو أن توضيح مصدر الجواهر الأبدية والإمكانية الأصلية للأشياء، هو في نفس الوقت توضيح للعلاقة التي تربطها بالله نفسه. ثم أشارت إلى أن لايبنيز، وفقا لشيلينج، لم يقلق بشأن ذلك، معتقدا أن الوولفيين من بعده لم يكونوا أفضل حالًا: من المؤكد أنهم شعروا أن هناك حاجة إلى شيء آخر غير الفهم الإلهي لتبيان من أين يستمد الله معرفته بالممكنات؛ لكنهم سمحوا لأنفسهم بأن ينخدعوا بالكوني، أو ينبهروا به، وبذلك يتخلون عن التفرد الذي يحدد الله نفسه. العقلانية الضعيفة، وهي تتحاشى الله، سهلت عليها المهمة. لحسن الحظ، كان كانط، وفقا لشيلينج دائما، قد أعاد المثل الأعلى فوق الفكرة، ومن خلال التأكيد على التفرد بالإضافة إلى الكوني، والواحد بالإضافة إلى مملكة الإمكانات، إلى الكلية، حتى لو لم يجن الفائدة الممكنة من تمييز  مماثل.
هنا يعلن شيلينج عن دينه (بتسكين الياء) ودين العصر الحديث تجاه المفهوم الذي وضعه كانط بالفعل في أساس المفهوم الشامل للإمكانات: وهو على وجه التحديد، "الكائن المفرد"، "كونه الأكثر واقعية". إذا كان المصدر المطلوب، مصدر الكوني، لا يجب أن يعتمد بشكل مطلق على الله أكثر من ألا يعتمد عليه بشكل مطلق، فكيف يمكننا أن نتصور ذلك؟ 
استعان شيلينج بالمفهوم الذي وجده عند أرسطو، وهو مفهوم الهيولى: المادة هي تلك التي، بامتياز، تعتمد نسبيا على الآخر الذي هو مادة؛ فهي غير موجودة لذاتها بل هي للآخر (هي بغير وجود لذاته). ومع ذلك، فهي لم تتخلق من العدم ، لأنها العدم الذي انطلاقا منه يمكن للآخر أن ينتج بالفعل. فهي إذن في علاقة ضرورة مشتركة مع الآخرية القادرة على الإنتاج. هذا، وفقا لشيلينج، هو وضغ المبدإ الذي هو مصدر الجواهر الأبدية: إنه متميز عن الله لأنه المادة التي يمكن لله فعلا أن يعرف بها مخلوقاته. ولذلك فهو لا يتوقف عليه بشكل مطلق، بل يفرض نفسه بالضرورة على الله. وهنا نجد الضرورة الغامضة التي تربط الله بالممكن، والمثل الأعلى بالفكرة. ويبدو أن شيلينج يحاول أن يجعلها واضحة من خلال استدعاء قانون، قانون وحدة الوجود والفكر، قانون الحر والممكن. بموجب هذا القانون، لا يمكن لله ألا يكون الجوهر الشامل، ولا يمكنه ألا يفكر، ويلج إلى الفكر، ويحضر في كل الإمكانات، أي يعرفها. ولكن أين ينشأ قانون هذه الضرورة؟ ويبقى السؤال مطروحا. لا تشير ملاحظات شيلينج إلى مصدر يمكن تحديده بوضوح، على الأقل بشكل صريح. ومع ذلك، يمكننا أن نحاول، بجهد أخير، البحث عن مصدره.
يبذل شيلينج نفسه جهدا أخيرا عندما يحدد كيفية يتحقق هذا القانون من نفسه: لله ييهب الكون نفسه إلى الأبد، أي أنه ينضاف إلبه بكل ضرورة، دون أن يقرر الله ذلك، دون أن يكون حرا في اتخاذ القرار. صيغ شيلينج هي تلك التي يستخدمها في مكان آخر للإشارة إلى واقعة أن يقدم نفسه لله إلى الأبد الإمكان الأصلي للأشياء (Urmöglichkeit)، بعبارة أخرى مصدر الإمكانات، الجواهر الأبدية: من اختصاص الله وحده أن يكون الكوني، "في حد ذاته" يجب أن يكون كذلك، ولكن على وجه التحديد لأن الله هو هذا الآخر دون أن يكونه لأجل لاشيء، بطريقة غير مطلوبة، وبالتالي في ما يتعلق بذاته بطريقة عرضية (zufällig)، يتعلق الأمر بشيء يطرأ له"، أي شيء غير متأصل في جوهر الله .
تبرز هذه الصيغ حقيقة أن ربط الفكر بالوجود ضروري بكل تأكيد، لكنه ليس ضروريا بمعنى أنه قد يكون مدرجا في الله ذاته كنوع من اللزوم؛ لأنه لو كان الحال كذلك، لما كان الله خارج نطاق الكوني أو الحر بإطلاق، يفترض في ذاته ما يأتي لينضاف إليها.
كذلك الكوني يأتي إلى المتفرد (أو الفكر إلى الوجود)، ليس كمحموله الأساسي على وجه التحديد، ولكن كعرض (symbébèkos). يجب أن يظهر عالم الإمكانات لله: وبهذه الطريقة "تترابط في ما بينها". ولكن إلى الله تؤول مصفوفة الإمكانات؛ ليست الذات الإلهية هي التي تجذب المحمول، بل المخنول هو الذي يطرأ أمام الذات الإلهية. الإمكان الأصلي للأشياء يحضر أمام الله فجأة من خلال الانضمام إليه تعالى من تلقاء ذاته.
هذه الواقعة تفترض أن الإمكان الأصلي للأشياء علة ذاته، وأن لا شيء يمكن أن يأتي منه يسبقه، وأنه بالتالي لا يختلف عن انبثاقه، وأن الضرورة تقف إلى جانبه تماما. كذلك من المشكوك فيه تنفيذه قانونا قد يوضع في استقلال عنه أو عن حدثه.
تعتقد ألكسندرا أن قانون الحقيقة ليس في عقل شيلينج سوى صياغة لحدث مماثل، حدث يجد نفسه التفرد الإلهي من خلاله في اتصال مع الكوني، أو الله مع العقل، أو الوجود مع الفكر، أو الواحد مع كل الإمكانات.
الحقيقة إذن هي هذا الحدث نفسه الذي يجب أن تكون الحرية موضوعا له، أي شيئًا يجب طلبه، خلقه. هذا هو الدين (بتسكين الياء دائما) الذي أراد شيلينج التأمل فيه، وحتى يترك الحرية الإلهية سليمة، وضعنا وجها لوجه مع هذه الأطروحة المربكة، لكنها لا يمكن أن تكون أكثر عمقًا: المتفرد يلتزم بدينه إلى الأبد بقدر ما يلتزم بالعقلانية، بقدر ما تسير الأخيرة أمامه، وتفرض نفسها عليه في ما بعد. عرض مثير للانتباه كون العقل نفسه، عالم الحقائق، عالم الإمكانات: عرض ضروري كما ينص قانون الحقيقة، العرض الذي ينبه الحرية الإلهية إلى قوتها الخاصة وإلى هذا القانون الآخر الذي هو قانون العدالة.
(يتبع)
__________________________________
المرجع: https://www.cairn.info/revue-philosophique-2014-2-page-175.htm&wt.src=pdf



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدار البيضاء: المكتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد يعقد دور ...
- تبادل السجناء مع موسكو: جدل ساخن في ألمانيا
- الجنة الوطنية للقطاع الحقوقي في الاشتراكي الموحد تعتبر الإفر ...
- حوار على الفيسبوك مع مواطن مغربي أمازيغي ساخط على العرب
- الانتخابات الرئاسية في فنزويلا: ما هي الدول التي اعترفت بانت ...
- بيان الحزب الشيوعي الأمريكي حول خطاب نتنياهو أمام الكونغرس
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- لماذا لا تساهم الصناعة المغربية في إنتاج القيمة المضافة وخلق ...
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر
- المحمدية: قضية كنزة العاملة المنزلية وما عرفته من تطورات
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر (2/2)
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر (2/1)
- مكناس: احتجاجات عاملات وعمال سيكوميك مستمرة منذ 2017 ولا بار ...
- قراءة في كتاب -هيغل والإسلام- لحسين عزيز الهنداوي
- قراءة في كتاب -هيغل والإسلام- لحسين عزيز الهنداوي (الجزء الر ...
- عضوات في رابطة كاتبات المغرب يتقدمن بطعن في الجمع الاستثنائي ...
- عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان يطالبون عزيز غالي بالا ...


المزيد.....




- مطالبات بجزء جديد من -مرايا-.. تفاعل على صورة لياسر العظمة م ...
- ترامب يهاجم بيلوسي قبيل الانتخابات: -أرغب بوصفها بكلمة تبدأ ...
- شاهد لحظة إعلان أول نتائج اقتراع في انتخابات الرئاسة الأمريك ...
- السفارة الروسية بواشنطن: موقف الإدارة الأمريكية من انتخابات ...
- وصول طائرة روسية محملة بمساعدات طبية إلى مطار بيروت (فيديو) ...
- الانتخابات الأمريكية.. هل تنبأ برنامج -عائلة سيمبسون- بنتيجت ...
- مسابقة -ريد بُل- للتسلق: الفريق النمساوي يتألق ويُحرز فوزاً ...
- قطر.. استفتاء على التعديلات الدستورية (فيديو)
- ترامب أم هاريس؟.. الولايات المتحدة الأمريكية تشهد انتخابات ر ...
- صواريخ من لبنان ومسيرة من سوريا.. صفارات الإنذار تدوي في حيف ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الخامس)