|
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام المدن منظمة 23مارس. المغرب 7
عبدالرحيم قروي
الحوار المتمدن-العدد: 8051 - 2024 / 7 / 27 - 18:13
المحور:
الارشيف الماركسي
نزوع الطبقة الوسطى المتعلمة إلى البلترة في مرحلة صعود البرجوازية الكبرى المغربية، كانت الرأسمالية التبعية في أمسّ الحاجة إلى الموظفين من مختلف المستويات والكفاءات لتشغيل الإدارة وتأطير الإقتصاد. لكن بالمقابل لم يكن العرض يساير الطلب، بل كان ضعيفا، بسبب ضعف انتشار التعليم الموروث عن المرحلة الكولونيالية. إن هذه الوضعية المتميزة، سمحت لموظفي الدولة آنذاك بأن تكون لهم امتيازات حقيقية: فلقد كانت رواتب الموظفين مرتفعة بالنسبة لمستوى المعيشة، كما كانت هناك قيمة للشهادات. لذلك يمكن القول، بأن راتب الموظف كان أقرب إلى الدخل الموافق للعمل المبذول (مع اقتطاع الضريبة على الراتب)، منه إلى الأجرة التي توافق قيمة كلفة قوة العمل. كما أن الحدود الفاصلة بين الطبقة الوسطى المتعلمة والبروليتاريا، كانت واضحة ومحددة. إن الإرتفاع النسبي في الداخل للطبقة الوسطى المتعلمة الكبيرة (أطر تقنية، مهندسون، أطباء، محامون، أساتذة الجامعة وغيرهم)، كان يسمح بتخصيص جزء من الدخل لأعمال استثمارية، يتمكن بواسطتها بعض أفراد تلك الشريحة الاجتماعية من التسلق الطبقي والتحول إلى صف الرأسماليين الحقيقيين. كما أن تراكم دخل الطبقة الوسطى المتعلمة الصغيرة (صغار الموظفين)، كان بدوره يسمح لبعض أفرادها من تحسين وضعهم الاجتماعي. والتحول إلى طبقة وسطى متعلمة كبيرة. وفي تلك الأيام الخوالي، كان المرء الذي ينتمي إلى الطبقة الوسطى المتعلمة، يعتبرحقا امرءا محظوظا. لكن هذه الوضعية ستنقلب رأسا على عقب ابتداءا من منتصف السبعينات بالخصوص. فلقد أدى مأزق البورجوازية الكبرى المغربية، وأزمة الرأسمالية العالمية، وانتشار التعليم، إلى قلب العلاقة بين العرض والطلب بالنسبة للأطر المتعلمة: لقد أصبح الطلب محدودا، بينما العرض متضخما. وهذا الخلل الناجم في الأصل، عن طبيعة النظام الرأسمالي التبعي، قاد إلى العديد من الظواهر الجديدة: انهيار قيمة الشهادات الدراسية (فالشغل الذي كان مضمونا بالشهادة الثانوية، أصبح غير مضمون بشهادة الإجازة. والباكلوريا التي كانت تسمح بالالتحاق رأسا بأية كلية أو معهد أو مدرسة عليا، فقدت قيمتها لدرجة أن الالتحاق بكليات الطب والصيدلة وجراحة الأسنان وكل المعاهد والمدارس العليا، أصبح يشترط اجتياز مباراة)، كما أن هناك تخفيضا في قيمة بعض الوظائف الحكومية (تحويل أستاذ السلك الثاني في التعليم الثانوي من السلم العاشر إلى السلم التاسع)، التراجع عن اجبارية الخدمة المدنية، تفاقم بطالة الخريجين الجامعيين حملة الاجازة (ويقدر عددهم سنة 1985 بحوالي 15000). ولعل أبرز ظاهرة رافقت ذلك، هي تدهور مداخيل الطبقة الوسطى المتعلمة، بسبب تداخل ثلاثة عوامل مباشرة: 1- اشتداد المزاحمة في سوق العمل... 2- الارتفاع الهائل في تكاليف المعيشة... 3- تجميد الأجور. إن هذه العوامل قد جعلت من دخل الفئات الدنيا من الطبقة الوسطى المتعلمة، الذي كان فيما مضى يعتبر امتيازا، يتحول إلى مجرد أجرة بسيطة تكاد لا تكافئ حتى قيمة كلفة العمل نفسها. على هذا الصعيد إذن، لم يبق هناك أي فرق بين أجور الموظفين الصغار وأجور العمال البروليتاريين. لكن مع ذلك، لازال هناك فرق جوهري بين الفئتين الاجتماعيتين. فرغم أن فئة الموظفين العاملين في الوظيفة العمومية، قد انحدرت نحو التبلتر بسبب تدهور دخلها الذي أصبح مشابها أو متقاربا مع أجور العمال البروليتاريين، إلا أنها مع ذلك لم تتحول بالكامل إلى طبقة بروليتارية فعلية. والسبب في ذلك هو أنها لازالت توجد خارج إطار العلاقات الرأسمالية، بمعنى أن الدخل الذي تتقاضاه من الدولة، وهي تزاول أنشطتها الادارية في إحدى المرافق الحكومية خارج النطاق الاقتصادي، هو على أي حال دخل مهما كان تشابهه بالدخل البروليتاري، لأن الدولة تسدد للموظف الصغير بصفته دخلا فعلا وليس رأسمالا متحولا، الغرض منه إنتاج فائض القيمة والاستحواذ عليه. لكن من ناحية أخرى، هناك فئة واسعة من الموظفين الحكوميين المنخرطين حقا في العلاقات الرأسمالية. إنها الفئة المرتبطة باقتصاد القطاع العام، الذي يوجد في ملكية الدولة. والقطاع العام هو في حقيقته، قطاع الرأسمال العام، أي الرأسمال الذي لا يملكه الرأسماليون الخواص، لكنهم مع ذلك هم المستفيدون الحقيقيون من عوائده وأرباحه (في الفترة الأخيرة التي تم فيها تفويت العديد من مؤسسات القطاع العام إلى الخواص، يكون بذلك قد تحقق التطابق بين الربح والملكية، بدل الانفصال الذي كان قائما بين الملكية العمومية والربح الخاص). إن موظفي القطاع العام الصغار، الذين لا تتجاوز مرتباتهم أجور العمال، والذين هم منخرطون في العلاقات الرأسمالية، وبالتالي يساهمون جنبا إلى جنب مع العمال العضليين في إنتاج فائض القيمة، يعتبرون بدورهم من حيث الجوهر عمالا بروليتاريين، بالرغم من قسمة العمل الرأسمالية قد .جعلت منهم موظفين للعمل الذهني في المكاتب. انتهى المصدر : "الطبقة العاملة الحديثة والنظرية الماركسية - عيون المقالات - الدار البيضاء (الطبعة الأولى - 1990) ص 8-42 نسخ الكتروني: وجدي حمدي (سبتمبر 2005
#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
ن أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
1من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلا
...
-
لن تسعفنا المجاملة في القضايا المبدئية وإنها لثورة حتى النصر
-
ن أجل ثقافة جماهيرية بديلة-العلاقات الجنسية والصراع الطبقي-
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-العلاقات الجنسية والصراع الطبقي-
...
-
من أجل ثقافة جماهيلرية بديلة-العلاقات الجنسية والصراع الطبقي
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
الخلفية الطبقية والسياسية لظاهرة الفساد في المجتمع التبعي ال
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
في الحياة ما يستحق الذكرى .فيسبوكيات
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - في نفد الدين والاستغلال عند كا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - ماهي الشيوعية - فريديريك إنجلس
...
المزيد.....
-
رسالة تعزية ومواساة ،من الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
-
زعماء دول رابطة الدول المستقلة يدعون إلى اعتبار جرائم النازي
...
-
فرنسا.. الجمعية الوطنية ترفض مذكرة التحالف اليساري بحجب الثق
...
-
صحف عالمية: تحديات هائلة أمام إسرائيل وليبراليوها يعيشون معض
...
-
-حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل تريد استغلال يوم 7 أكتوبر ل
...
-
القضاء الفرنسي يحدد 15 أكتوبر موعدا لإصدار قراره حول طلب الإ
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي: لا للتهميش والاقصاء للجهة الشر
...
-
الشيخ قيس الخزعلي: من يحكم الكيان الان وهو اليمين المتطرف هم
...
-
التقدم والاشتراكية والشيوعي الفيتنامي يبحثان تعزيز التعاون و
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|