|
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام المدن منظمة 23مارس. المغرب 5
عبدالرحيم قروي
الحوار المتمدن-العدد: 8049 - 2024 / 7 / 25 - 17:43
المحور:
الارشيف الماركسي
الحقيقة إن ماركس لما حلل وضعية هذا النوع من الموظفين في الستينات من القرن الماضي، لم يستعمل البتة عبارة العامل البروليتاري، حيث كان يطلق عليهم فقط اسم العمال المأجورين. لكن انجلز في تسعينات القرن الماضي، نعتهم بالبروليتاريين. ولقد جاء هذا النعت، في إحدى تعاليقه التي كتبها في هوامش الكتاب الثالث من رأس المال، الذي تولى مهمة إعداده ونشره بعد وفاة ماركس. وكون انجلز قد استعمل ذلك النعت بعد ثلاثة عقود من ماركس، فذاك له دلالته. إنه يعكس التدهور الحاصل في الوضع الاجتماعي لأولئك الموظفين في انجلترا. ففي معرض تعليقه على الحال التي آل إليه مآلهم، يقول: « إن هؤلاء الموظفين الذين يجيدون ثلاث أو أربع لغات، أصبحوا بدون طائل يبيعون خدماتهم لشارع المال والأعمال في لندن، بسعر 23 شيلنج للأسبوع، وهو سعر أقل بكثيرمن أجرة عامل ميكانيكي جيد ». إن وضعية موظفينا وموظفاتنا الصغار في الابناك، هي أكثر تدهورا وقساورة من زملائهم الانجليز، الذين سماهم انجلز بروليتاريين. في المغرب أدى توسع التعليم، ومأزق الاقتصاد الرأسمال التبعي، وتفاقم بطالة المتعلمين، وغلاء المعيشة، إلى إحداث زلزال في الوضع الاجتماعي لتلك الفنة من الموظفيه الصغار. إن أجرة موظف البنك، لا تمثل سوى الحد الأدنى الضروري جدا للعيش. من هنا فإن وضعية هذه الفئة من الشغيلة المأجورة، ينطبق عليها كليا الشرطان الأساسيان، اللذان يعتبرهما ماركس حاسمين في تحديد البروليتاري، وهما: 1) بيع قوة العمل بالرأسمال المتحول، وليس بالدخل... 2) وأن سعر قوة العمل لا يمثل مجموع العمل المبذول، بل فقط العمل الضروري للكلفة اللازمة لانتاج وإعادة انتاج قوة العمل. أما كون اولئك الموظفين الصغار، يقومون بأعمال ذهنية وليست عضلية، فإن ذلك لا يغير شيئا في جوهر المسألة، باعتبار ذلك يدخل في إطار قسمة العمل الرأسمالية فقط. والخلاصة مما سبق إذن، هي أنه، كما أن الرأسمال التجاري يحصل على حصته من فائض القيمة عن طريق استغلال قوة عمل المنتجين، عبر استغلال قوة عمل العمال التجاريين. فكذلك إن الرأسمال المالي يحصل على حصته من فائض القيمة عن طريق استغلال قوة عمل المنتجين، عبر استغلال قوة عمل موظفي وموظفات الأبناك. يتبين من التحليل السابق إذن، أن الرأسمال المغربي يتكون من أربعة أشكال كبرى، هي: الرأسمال الصناعي، والرأسمال الزراعي، والرأسمال الخدماتي المنتج، والرأسمال الخدماتي الغير منتج. وحول هذه الاشكال من الرساميل، تتوزع الطبقة العاملة المغربية كلها، التي يمكن بدورها تقسيمها إلى ثلاثة اشكال رئيسية انطلاقا من طبيعة الانتاج والعمل، وهي: الطبقة العاملة الصناعية والزراعية، المنتجة للسلع المادية، والطبقة العاملة الخدماتية المنتجة، التي تنتج الخدمات، السلع، والطبقة العاملة الخدماتية الغير منتجة، التي تقوم بأنشطة التجارة والمال. إن الظروف الاقتصادية الدولية والمحلية الراهنة، تسيرلصالح المزيد من التوسع الرأسمالي الخدماتي، وعلى رأسه الرأسمال الخدماتي السياحي، وهذا التوسع سيكون بالضرورة على حساب الرأسمال الصناعي. ولذلك فإن اجراءات تحرير التجارة الخارجية، وإلغاء العمل بلوائح مواد الواردات، ليس لها من هدف جوهري سوى تشجيع انتقال الرأسمال من القطاع الصناعي إلى القطاع الخدماتي. أما الخلافات التي نقرأ عنها في الصحف والنشرات الاقتصادية، بين رجال الصناعة المغاربة والدولة، فليست خلافات بين الرأسمال الصناعي والرأسمال الخدماتي، بين من يحرص على تطوير صناعة وطنية ومن يريد بها شرا، ولكنها خلافات تمس فقط المسطرة العملية للانتقال. وإن الدولة ليست أقل رغبة من الصناعيين، في الحفاظ على الصناعات التي لها قدرة المزاحمة في الأسواق الخارجية. لكن الصناعيين، ربما هم أكثر رغبة من الدولة نفسها، في نقل استثماراتهم من القطاع الصناعي إلى القطاع الخدماتي، لأنهم يعرفون أكثر من غيرهم بأن ذلك القطاع لم يعد مربحا كما كان في السابق، ومن هنا لابد من البحث عن بديل أكثر إغراءا لرساميلهم، وفي الشروط الحالية، ليس هناك ما هو أفضل من القطاع الخدماتي. إن جوهر الخلاف إذن بين الصناعيين والدولة، يكمن في كون هؤلاء يريدون في نفس الوقت الذي تتم فيه عملية الانتقال، أن ينتزعوا من الدولة أقصى التنازلات الممكنة لصالح الصناعة القائمة، وهي تنازلات تمس أساسا: رفع الضمانات القانونية لحماية الشغل لكي يصبح الرأسمال الصناعي مطلق الحرية في استغلال قوة العمل بشكل سافر، تخفيض الضرائب، وأسعار الطاقة، والنقل، وما شابهها. وهذه مطالب يراها الرأسمال الصناعي ضرورية لتخفيض كلفة الانتاج، من أجل تحسين موقعه التنافسي في السوق العالمية. إن نقل الاستثمار إلى القطاع الخدماتي، يدخل في صلب قسمه العمل الدولية، التي حكمت تطور الرأسمال الصناعي المغربي، منذ لحظة النشأة إلى الآن. ومن مميزات قسمة العمل تلك، هي أنها كانت في كل مرحلة من مراحل التاريخ، تغلب شكل الرأسمال الأكثر انسجاها مع طبيعة المرحلة. ولهذا يمكن رصد حركة الرأسمال الصناعي المغربي، منذ النشأة إلى الآن، على الشكل التالي: 1) مرحلة صناعة إحلال الواردات، التي غطت الستينات ومطلع السبعينات. (إن قسمة العمل الدولية لهذه المرحلة، كانت تعني تخصص الصناعة المغربية في انتاج منتوجات الاستهلاك الداخلي، على أن يظل الاقتصاد المغربي مرتبطا بالرأسمال الامبريالي، من أجل استيراد وسائل الانتاج ومواد التجهيز الأساسية). 2) إن هذه الصناعة ستستنفذ امكاناتها التاريخية بسبب محدودية السوق الداخلية المعاقة، ولذلك سيتم، ابتداءا من منتصف السبعينات بالخصوص، نهج استراتيجة جديدة هي استراتيجية الصناعة التصديرية. 3) إن الصناعة التصديرية بدورها، ستصطدم بمأزق حد من اندفاعاتها الطموحة. وذلك من جهة، بسبب حماية البلدان الأوربية لمنتوجاتها، الناجمة عن الأزمة العالمية، ومن جهة ثانية بسبب انضمام اسبانيا والبرتغال إلى المجموعة الأوربية. من هنا بدأ البحث عن البديل الاستراتيجي الجديد، وكل المؤشرات تؤكد أنه هو الصناعة الخدماتية السياحية. (لنلاحظ بالمناسبة، أن إحصائيات سنة 1985 للميزان التجاري، تبين أن مداخل السياحة قد فاقت كلا من مداخل الفوسفاط ومداخل الحوامض، ولم يتم تجاوزها إلا من قبل تحويلات العمال المهاجرين. ورغم ذلك فإن الرأسماليين المغاربة يصرحون، بأن السياحة لم تستخدم سوى 15 % فقط من طاقتها الايوائية الكامنة). يتبع
#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
ن أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلام
...
-
1من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - حول الطبقة العاملة - عبدالسلا
...
-
لن تسعفنا المجاملة في القضايا المبدئية وإنها لثورة حتى النصر
-
ن أجل ثقافة جماهيرية بديلة-العلاقات الجنسية والصراع الطبقي-
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-العلاقات الجنسية والصراع الطبقي-
...
-
من أجل ثقافة جماهيلرية بديلة-العلاقات الجنسية والصراع الطبقي
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
الخلفية الطبقية والسياسية لظاهرة الفساد في المجتمع التبعي ال
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
في الحياة ما يستحق الذكرى .فيسبوكيات
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - خطوط أولية لنقد الاقتصاد السيا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - في نفد الدين والاستغلال عند كا
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - ماهي الشيوعية - فريديريك إنجلس
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - ماهي الشيوعية - فريديريك إنجلس
...
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - ماهي الشيوعية - فريديريك إنجلس
المزيد.....
-
من أوكرانيا إلى فلسطين.. تحديات الأممية المتسقة
-
الشرطة الباكستانية تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهري
...
-
ترامب يهدد اليساريين المتطرفين بهذا الإجراء..وحملة هاريس ترد
...
-
بلاغ السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة
...
-
بيان اللجنة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي FNE التوجه
...
-
س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
-
س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
-
س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
-
الفصائل الفلسطينية تواصل خوض معارك ضارية ضد القوات الإسرائيل
...
-
الانتخابات البرلمانية لحكومة إقليم كوردستان؛ إفلاس سياسي وتع
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|