أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مهند صلاحات - نفديك للأبد يا -أبو العبد-*














المزيد.....

نفديك للأبد يا -أبو العبد-*


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 09:44
المحور: كتابات ساخرة
    


كعادتي كل صباح، أستيقظ متأخراً عن عملي، أرتدي نصف ملابسي قرب الباب، وأهرول على الدرجات، لا أنتبه لمرور ابن الجيران يحمل صحن الحمص بيديه، يهرب الولد بعيداً عني، فيسكب الزيت على ملابسه، واسمع بعد دقائق من وصولي الشارع صوت أمه وهي تؤنبه.
أسير مسرعاً باتجاه موقف الحافلات، حيث تقف الحافلة الحمراء والبيضاء الكئيبة التي ستقلني باتجاه الدوار السادس، إلى مكان عملي، وكعادتي أكاد أنسى، تكون الحافلة الأولى على وشك المغادرة، ولكني لن أنسى بالتأكيد.
أتركها تغادر، وأبحث عن أبو العبد.
السيد أبو العبد رجل مهم جداً في العاصمة الأردنية عمّان، توازي أهميته محافظ المدينة، ولولاه لمات الكثيرون من الجوع، فهو الذي يُطعم نصف العاملين في العاصمة.
أو كما قال عادل إمام "ده هو اللي بيوكلهم"، فأبو العبد هذا رجل محترف، وأفضل من يصنع الكعك "أبو عشرة قروش".
لا يمكن أن أعتبر اليوم يوماً إذا لم افتتحته بكعكة من أبي العبد. والذي يسمى في المجمع "بأبي كعكة".
أبو كعكة هذا له حكاية غريبة جداً، فهو يعتبر نفسه أماً لكل الموظفين، والعمال، والفلاحين، والعاطلين عن العمل، والطلاب، يحضر قبل الشمس للمجمع، يجهز عربة الكعك، ولمجرد أن تشتري منه مرتين، في المرة الثالثة تحضر فتجده قد جهز لك ما تريد من غير أن تطلب، رغم أنه يومياً يمر عليه أكثر من مائتين أو أكثر.
دوماً حين يحضر أي مشترٍ، يقول له : كُل يا "ميمتي".
(ميمتي كلمة عامية تعني أمي) ولما نسأله لماذا يا أبو كعكة تقول لنا "يا ميمتي"، يقول لأني مثل أمكم، من ليس له أم تحضّر له طعام الإفطار أنا أطعمه في الصباح، ومن له زوجة كسولة تبقى نائمة وهو يفيق لعمله باكراً فلا تفيق لأجله وتطعمه؛ أكون مثل أمه الحنون التي وإن رضيت الزوجة بأن يمضي زوجها بلا فطور، فهي لا ترضى.
يومياً أبو العبد يقول لنا أخبار الصباح قبل "مونتي كارلو" أو "عمّان أف أم"، أو جريدة الدستور، فلديه دوماً الراديو يعمل، وأبو العبد / عفواً أبو كعكة / يحب نانسي عجرم، ويحب مرسيل خليفة، ويسمع الأخبار من إذاعة القدس التي تبث من سوريا عن (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة)، ويسمع فيروز كل صباح، ويحلل الأخبار، ويصنع الكعك الساخن للعمال والفلاحين، وطلبة الجامعات.
أبو العبد اشتراكي، ويحب حكومة حماس، ويعتبر نفسه أحق بالرئاسة من أبو العبد "هنية"، أما أبو مازن فهو لا يعتبره رئيساً، لأنه يقول عنه : ذنب للأمريكان و ........ (عيب).
ويقول أن (محمد دحلان رأس الحية)، ويجب قطعه، وأن المرحوم العبد الناصر(يقصد جمال عبد الناصر، لو كان موجوداً ما كان قَبِلَ بهذا يصير، لأنه المرحوم صحيح ضيّع فلسطين، بس "بكا"** أحسن رئيس عربي).
ويشدد أبو كعكة على كلمة: (قلت أحسن رئيس مش أحسن عربي، لأنه في فرق، لأنو من بين هالإثنين وعشرين (قو.....د)، على مدى السنين اللي انحكمنا فيها، يعني بيظل هاظ أحسنهم).
-طبعاً على ذمة أبو العبد –
أبو العبد مدرك تماماً لخفايا السياسة الفلسطينية جيداً، فهو فعلاً أحق برئاسة الوزراء، لأنه يطعمنا، ولا يجوعنا، وهو مدرك أن (محمد دحلان رأس الحية) وأن (العرصات) بحسب تعبيره يقصد التنظيمات الفلسطينية الأخرى، قاعدين في سوريا وفي لبنان، وفي الضفة وغزة وساكتين وشايفين، وجماعة (أبو زفت) يقصد أبو مازن، بيضربوا الناس وهمي طالعين من الصلاة، والهنية جوّع الناس وخلاهم يوكلو بعض من الجوع.
أبو العبد، ودوماً بعد كل نهاية حديث، وكعكة، يقول: خذوا الحكمة من ثم فيروز " أتاري الكلام بضلو كلام" وكل كلام السياسيين بيطير بالهواء لا تصدقوهم.
وأنا كل صباح حين يناولني الكعكة لألحق بالحافلة الملونة بالأحمر والأبيض، أهتف له هتاف العروبة، وأقول له: نفديك للأبد يا أبو العبد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

• * المفروض أن تكون أبي العبد منصوبة، لكنها كتبت أبو للضرورة العامية.
• ** بكا : كلمة عامية فلسطينية هي في الأصل (بقا) وتعني كانَ.



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال غزة ... كبش فداء المشاريع السياسية
- الديمقراطية تعتدي علينا
- شهيداً.. شهيداً.. شهيداً
- بالسني الفصيح
- من يعتذر للشعب الكردي عن تصريحات رئيس الحكومة الفلسطينية -إس ...
- شقائق النعمان : فرقة تراثية فلسطينية تعيد الروح العربية للمد ...
- سيناريو الحرب المحتملة بين إيران وأمريكا بالأدوات السعودية
- المُقيمانِ في أُمنياتِ الحضور
- فيروس الشرق
- من صور العنف النفسي ضد المرأة في العادات والتقاليد
- صورة تشبهني
- قصص قصيرة جداً في زمن حرب عادية
- ناجي العلي المنتمي لأوجاع الفقراء
- نشرة أخبار -لا- إنسانية
- إسرائيل تتنفس الصعداء عبر التصريحات السعودية
- حماس ومحمد دحلان، والخطر المحدق في الشعب الفلسطيني / دراسة س ...
- النظافةُ منَ الإيمانِ السياسيِ
- الدم الفلسطيني ... مانشيت جيد لعنوان قصيدة أو مقال
- الجميع في معركة التجويع مع مشروع أولمرت
- السلطات السورية وأدت قانون دخول الفلسطينيين لأراضيها


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مهند صلاحات - نفديك للأبد يا -أبو العبد-*