أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - عباس ماسحة














المزيد.....

عباس ماسحة


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 8045 - 2024 / 7 / 21 - 14:23
المحور: الادب والفن
    


جال "كمال" بأنظاره المتفحصة على مختلف أنواع عبوات البضائع المكدسة على صفوف الرفوف الطويلة في محل صديقه "فاضل"، وهاله سوء ترتيبها وتداخلها، فسأل الأخير:
- ألاحظ منذ مدة طويلة - يا سيد فاضل - انعدام الترتيب والتنسيق المطلوب في عرض البضائع على رفوف مخزنكم العامر هذا، مما يشوه منظرها، ويسيء لسمعة هذا المحل الممتاز. لماذا لا تستأجر عاملاً يختص بتأمين ترتيبها وحسن تنسيقها وذلك بتحديد مكان خاص لكل صنف من البضاعة، ومن ثم التأكد من وضع وترتيب وتنسيق مفردات كل صنف منها في المكان المحدد له؟
- معك كل الحق في هذا، يا صديقي العزيز. ولقد أزعجني واعجزني هذا الأمر تماماً، ولكن المشتكى إلى الله! والسبب في هذا كله هم الزبائن، وخصوصاً النساء منهم. تحمل احداهن علبة بخاخ سائل تنظيف أواني المطبخ، مثلاً، وتسير وهي تدقق فيها، فإذا لم تعجبها، أعادتها إلى رف قناني العصائر أو رف علب زيوت الطعام الكائن إلى جانبها، وهكذا دواليك، فيختلط الحابل بالنابل. أنا وشريكي حسن منشغلان طوال ساعات بالعمل على كاونتر الحساب والتغليف، ولا وقت لدينا للترتيب.
- الحل هو في تشغيلك لملاك النظافة عباس!
- هم؟ ومن هو هذا العباس، سيد كمال؟
- هو أخي الصغير؛ إنه ساحر النظافة والترتيب والتنسيق!
- صحيح؟
- بالتأكيد، يا عزيزي، سيد فاضل. ليس هذا فقط، بل انه يتقزز من التعرض للتلوث بالجراثيم أو سوائل الجسم أو غيرها من المواد. وهو يحرص كل الحرص على تنظيف الأشياء و المساحات بترتيب بديع و بتكرار متناظر دقيق بغية تجنب التلوث والعدوى.
- صحيح؟
- بل وأكثر من ذلك. أنه يتفحص بإمعان تام كل شيء، ثم يكرر فحصه بعدئذٍ عدة مرات حتى يبلغ درجة الكمال. إنه ملاك التنظيف، بالإضافة إلى حرصه الشديد على التماثل والترتيب. كما أنه عاطل عن العمل رغم حصوله على بكالوريوس الإدارة والاقتصاد!
- طيب، أستاذ كمال. ما دام أخوك عباس هو مثلما تفضلت بالعرض، فليمرَّ بي صباح يوم بكرة. الدوام عندنا هو من الساعة السادسة صباحا وحنى الرابعة مساء، مع فترة استراحة ساعتين لفترة الغداء!
- وهو كذلك!

أول مباشرة عباس بدوامه صباح اليوم التالي، بدأ بتطهير واعادة تطهير أرضية المخزن ومسحها وإعادة مسحها كمن يمارس طقوساً مقدسة من الواجبات والنوافل، مما أغرى حَسَناً بإطلاق اسم "عباس ماسحة" عليه. وبين كل جولة تنظيف واخرى، راح يغسل يديه ويستبدل ملابسه عدة مرات. أما أصناف البضائع، فقد كان يشعر بالقلق الشديد إذا لم يتم ترتيب واعادة ترتيب كل أصناف بضاعة المخزن بالشكل الصحيح الذي يرتأيه. كما لوحظ عليه هوسه في أداء طقوس اللمس والتنصت وعد الأشياء واعادة عدها مرات.

فرح فاضل وشريكه حسن بهذا الموظف الجديد اللقطة!

بعد انتهاء فترة الغداء، دخل عباس المخزن ببدلته الثالثة لذلك اليوم. سأله حسن:
- أين وضعت أكياس الملح التي أعطيتك إياها لترتيبها ضحى اليوم؟
- رميتها كلها في سلة المهملات!
- صحيح؟ ولماذا؟
- انها تشبه الطرشي المعفّن! وهو خطر عظيم على الصحة الخاصة والعامة، مثلما يعلم الجميع!
- من قلة الخيل شدوا على الكلاب سروج! أنت مفصول، يا سيد عباس ماسحة!

سمع فاضل مقالة شريكه حسن لعباس، فأستدرك قائلا:
- شوف، يا سيد عباس. شريكي حسن يحب المزاح مع الشباب الرائعين من أمثالك. واصل عملك الممتاز هذا، وابدأه بإعادة أكياس الملح إلى مكانها بعد التأكد من تطهيرها تماماً، وإياك إياك ورمي البضاعة بالزبالة مرة أخرى! هيا، انطلق للتنفيذ فورا!
- حاضر، أستاذ!

عندما غادر عباس لتنفيذ المهمة المطلوبة منه، عاتب حسن شريكه فاضلاً لـ "كسره كلامه" بإلغائه أمر طرده لعباس ماسحة من الشغل، فرد عليه فاضل بالقول:
- ألم تسمع – يا سيد حسن الورد – بالحكمة القائلة: لو خليت الدنيا من الدماغسزية المهووسين، لقُلبَتْ؟!



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلة لانسيت: (186000) شهيد غزاوي بحلول 6 أب 2024
- هل سيستطيع نتنياهو جر أذن بايدن الى الحرب النووية في المنطقة ...
- كلاب الموت الغربية
- السرسري أبو مرض البوتان
- علم الأخلاق الماركسي ونعيم إيليا/ 6
- علم الأخلاق الماركسي ونعيم أيليا/ 5
- علم الأخلاق الماركسي ونعيم أيليا/ 4
- علم الأخلاق الماركسي ونعيم أيليا/ 3
- سمو تقديس الحب في عشتاريات الشاعر محمد بن زكري: وصفٌ وترجمة/ ...
- علم الأخلاق الماركسي ونعيم إيليا/ 2
- هوّا عُذر؟ أم عَرْكة؟
- علم الأخلاق الماركسي ونعيم أيليا/ 1
- من حكايات الحاخام موشي بن عزرا
- خمريات الشاعرة الكبيرة وئام ملا سلمان: بلوغ الأرقى (4-10)
- المكالمة الهاتفية لبايدن مع نتنياهو
- خمريات الشاعرة الكبيرة وئام ملا سلمان: بلوغ الأرقى (3-10)
- خمريات الشاعرة الكبيرة وئام ملا سلمان: بلوغ الأرقى (2-10)
- خمريات الشاعرة الكبيرة وئام ملا سلمان: بلوغ الأرقى (1- )
- الإبادات الامبريالية تتفاقم، ولكن كل الطرق تؤدي إلى الحرية
- سعر الفائدة واعفاء الديون: اكتشافان سومريا فشلت الرأسمالية ف ...


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - عباس ماسحة