أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم حسين صالح - علي الوردي..في ذكرى رحيله














المزيد.....

علي الوردي..في ذكرى رحيله


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 8039 - 2024 / 7 / 15 - 20:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


د. قاسم حسين صالح
في (13 تموز 1995) خسر العراق والعالم العربي عالم اجتماع كبير هو الدكتور علي الوردي،الذي تجاوز تأثيره حدود النخبة الى الناس العاديين،وتعدت شهرته حدود الوطن والعرب الى العالمية،يكفينا ان نستشهد بمقولة البروفسور جاك بيرك الذي وصف الوردي بأنه (كاتب يحلّق الى العالمية باسلوبه الذي يضرب في المناطق الحساسة في المجتمع كفولتير).

واذا كان (مشروعا او مبررا) انه لم يجر له في الزمن الدكتاتوري موكب تشييع يليق بمكانته العلمية ، فان ذكرى وفاته مرّت و تمر في الزمن الديمقراطي دون ان نحييها علميا في جامعاتنا ،ولا اعلاميا في الفضائيات والصحف العراقية.
الوردي ..كما عرفته

تعود علاقتي بالدكتور علي الوردي إلى عام " 1989 ". ففي تلك السنة كان على رأس وزارة التعليم العالي وزير مثقف بثقافة فرنسية محب للأدب والثقافة والفلسفة، هو الدكتور منذر الشاوي.وكان من نشاطاته الثقافية أن اصدر جريدة رصينة باسم " الجامعة "،وكنت انا مسؤول الصفحة الأخيرة فيها ،فخططت لاجراء حوارات مع الرموز العلمية والثقافية لأعمل ارشيفا لمفكّري العراق ومبدعيه،فبدأت بأول وزيرة للتعليم العالي الدكتورة سعاد إسماعيل،وكان هدفي الثاني هو الوردي الذي زرته بداره الواقعة خلف إعدادية الحريري للبنات في الأعظمية،واجريت معه حوارا نشر المسموح به في حينه مع صورة كاريكاتيرية بريشة الفنان "علي المندلاوي".

لم ينشر الحوار كله ،فسألني عن السبب فأجبته: " إذا نشر يا دكتور فسيكون طريقك لبو زعبل"، فرد مازحا :" والله إذا أنا وأنت سوا..يا محلاها ". وتطورت العلاقة إلى صداقة وزيارات في بيته.

وكنت أحرص ان ادعوه لكل ندوة علمية يوم كنت خبيرا بمركزالدراسات بوزارة الداخلية .ففي الدراسة الميدانية بعنوان:(البغاء..أسبابه ووسائله وتحليل لشخصية البغي) والتي تعدّ الأولى من نوعها في العراق والعالم العربي من حيث نوعية ادوات البحث والاختبارات النفسية،وعدد البغايا والسمسيرات( 300 بينهن من لها علاقة بمسؤولين كبار!)،أتيت بالوردي واجلسته في الصف الأول في ندوة دعت لها وزارة الداخلية ضمت اكاديميين وقضاة. وحين انتهت الندوة مدّ يده نحوي وسحبني (على صفحة )وقال:

" تدري دراستك هاي عن (الكحاب) تذكرني بحادثة ظريفة. في الأربعينات ناقشت الحكومة موضوع فتح مبغى عام في بغداد،وعقدت لقاءا ضم كلاّ من الوصي ونوري سعيد ووزير الداخلية ووزير الصحة ومدير الأمن العام. فاتفقوا على الفكرة لكنهم اختلفوا على المكان ،بين الباب الشرقي وساحة الميدان. وكان بين الحاضرين شخص مصّلاوي يجيد فن النكته فقال لهم :

ان افضل مكان للمبغى هو الميدان والما يصدّق خل يروح يسأل أمّه ! ".
خلاف..علمي
كنت اختلف مع الوردي بخصوص رأيه في الشخصية كونها اختصاصي الذي ادرّسه في جامعات عراقية وعربية ، ولي فيها خمسة مؤلفات ،ثلاثة منها كتب منهجية في اقسام علم النفس. وكان اول اختلاف علمي معه هو عن (ازدواج الشخصية) وقد اوضحنا خطاه العلمي بمقالة موثقة في غوغل .ومع ذلك فان المصطلح شاع واقترن باسمه وصار حديث الناس.ومن جميل ما استشهد عنه قوله:

* إن العراقي ، سامحه الله ، أكثر من غيره هياما بالمثل العليا ودعوة إليها في خطاباته وكتاباته ، ولكنه في نفس الوقت من أكثر الناس انحرافا عن هذه المثل في واقع حياته .

* حدث مرة أن أقيمت حفلة كبرى في بغداد للدعوة الى مقاطعة البضاعة الأجنبية، وقد خطب فيها الخطباء خطبا رنانة وأنشد الشعراء قصائد عامرة. وقد لوحظ آنذاك أن اغلب الخطباء والشعراء كانوا يلبسون أقمشة أجنبية والعياذ بالله .

* ومن العجيب حقا أن نرى بين مثقفينا ورجال دين فينا من يكون ازدواج الشخصية فيه واضحا : فهو تارة يحدثك عن المثل العليا وينتقد من يخالفها ، وتارة يعتدي أو يهدد بالاعتداء لأي سبب يحفزه الى الغضب تافه أو جليل ، ضاربا عرض الحائط بتلك المثل التي تحمس لها قبل ساعة.
العنف ..والشخصية العراقية
مع اشتداد العنف في العراق ، كثرت مقالات في الصحافة يحلل أصحابها الشخصية العراقية بمفاهيم الراحل الدكتور الوردي ، عازين العنف فيها الى " صراع البداوة والحضارة" ، فيما عزوناها نحن إلا أن العامل الرئيس للعنف في الشخصية العراقية بعد 2003 لا يعود الى " صراع البدواة والحضارة " إنما الى طبيعة " الصراع على السلطة "..
ومع ذلك ،كانت تحليلات الوردي ممتعة ومدهشة ، وستبقى تراثا فكريا رائدا لعالم اجتماع فذ بقامة إبداعية باسقة . غير أن الفاصل الزمني بين ما عليه الشخصية العراقية الآن وما كانت عليه قبل نصف قرن ، وطبيعة الأحداث الكارثية التي شهدها العراقيون في العقود الأربعة الأخيرة ، تجعل الأسباب التي عزاها الوردي للعنف في الشخصية العراقية تتراجع لصالح أسباب أخرى أقوى وأشد تأثيرا،اوضحناها فيما بعد بكتابينا: ( الشخصية العراقية في نصف قرن) و ( الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية).
قبلة الوداع

كنت اجلس على فراش مرضه في داره الواقعة خلف اعدادية الحريري للبنات في الأعظمية ،فقال لي :
* تدري قاسم ..شيعوزني هسه؟
نظرت اليه والدمعة احبسها،فقال:
*ما يعوزني الآن هو ..ايمان العجائز.
نظرت اليه والدمعة احبسها، فمد يده نحوي ،وقال:
تدري آنه ما احب الماركسيين، بس الك.. احبك..تعال ابوسك. وكانت قبلة الوداع!.

لك منّا ايها العالم المبدع، المفكر من طراز رفيع، الجريء، الجدلي الساخر..كل الاحترام والتقدير والذكر الخالد..راجين ان يكون فيما كتبناه يوفيك بعض حقك علينا، فنحن الأكاديميين ،كما يقول المتنبي:
لا خيل عندك تهديها ولا مال & فليسعد النطق ان لم يسعد الحال.
مع أمنية كنت قبل عشر سنوات قد دعوت قادة الكتل الشيعية الى اقامة تمثال للوردي يوضع في مدخل جسر الأئمة من جهة الكاظمية ووجهه نحو الأعظمية مادّا نحوها يدا مفتوحة..وما فعلوا!..ولكم ان تقولوا لهم الآن..أن افعلوا.


*



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الكريم قاسم - قدوة الأخلاق والنزاهة الذي نفتقده
- لماذا يقتل الانسان أخاه الأنسان؟
- سيكولوجيا الأعياد..في الديانات
- لهذه الأسباب ألغى البرلمان الاحتفاء بيوم 14 تموز عيداً وطنيا ...
- ثقافة الاستبداد و ثقافة الاحتجاج
- حين لا يكون الكاتب موضوعيا. الدكتور طه جزاع مثالا
- الفنانات..وسيكولوجيا التوبة!
- الشاعر حين لا يكون منافقا- عبد الرزاق عبد الواحد مثالا
- الأنتحاري الأرهابي والشخصية الداعشية - تحليل من منظور علم ال ...
- قانون الجنسية المثلية.. اعادة النظر فيه واجب ديني وانساني
- جيل الهشاشة النفسية في عصر نظم التفاهة
- التسامح في العيد ..ما اجمله!
- لمناسبة استشهاده.مواصفات الحاكم من منظور الأمام علي ومنظور ا ...
- الفضائح الأخلاقية نتائج..والأسباب باقية
- فضيحة عميد في البصرة..نتيجة والسبب باق!
- نوروز..ماذا يعني سيكولوجيا وسياسيا
- اسرار نوروز..مدهشة للعربي والكوردي
- معالجة مشكلات الشباب..شرط لتحقيقي الأمن المجتمعي
- المرأة العراقية في يوم عيدها العالمي- سيدتي..أنت استثناء
- علماء نفس في اربعة مواقف من الدين


المزيد.....




- إسرائيل تعلن إحباط عملية دبرتها إيران لاغتيال قائد قاعدة -ني ...
- كيف يرى الإسرائيليون مستقبل الدولة العبرية بين وعود هاريس وت ...
- عشية اليوم الكبير.. هاريس وترامب يوجهان -النداء الأخير-
- الشركات الألمانية -قلقة- من احتمالية عودة ترامب إلى السلطة
- تحذير جديد.. خطر القرفة المسرطنة يتزايد في الأسواق الأمريكية ...
- -رئيسة الشتات-.. أكبر حزب معارض في مولدوفا يرفض الاعتراف بنت ...
- الحكومة المصرية تصدر توضيحا بعد بيان مثير للجدل
- العدو الخفي لصحة الأجيال الجديدة!
- وكالة: كوريا الشمالية تقيم مناطق مضادة للدبابات وأسوارا تراب ...
- ضابط إسرائيلي يهاجم القاهرة: المخابرات المصرية خدرت إسرائيل ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم حسين صالح - علي الوردي..في ذكرى رحيله