أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - مهرجان للحزن ومهرجان للفرح














المزيد.....

مهرجان للحزن ومهرجان للفرح


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 531 - 2003 / 7 / 2 - 03:47
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                  

دعاني صديقي العراقي لحضور حفل تخرج أبنته من الأعدادية في المدينة السويدية التي نسكنها سوية  .
أستجبت لدعوته وكان علي أن أحضر مع عائلتي الى المدرسة حيث يتخرج الطلبة.
كان الطلبة شباباً وشابات يرتدون الملابس البيضاء الناصعة والقبعات التي توزعها عليهم أدارات المدارس قبل التخرج ن وكان الطلبة داخل المدرسة والأهالي التي حضرت للفرح بأولادها في حدائق وباحة المدرسة .
الطلاب كانوا يرقصون ويطلقون الصفارات والأهالي يرفعون صوراً لأولادهم حينما كانوا في عمر الحضانة ، وهو تقليد سويدي ، الأخوة الصغار يحملون البالونات الملونة ، الأمهات والجدات يحملون باقات الورود ، الأصدقاء يحملون الهدايا .
الفرح يصعد مع الدماء المتوردة الى كل الوجوه ، لاأدري لم أستذكرت العراق في هذه اللحظة وخرجت دمعتي التي طفرت دون أن أستطع أخفائها .
أستذكرت المآتم والأحزان التي تحيط بكل مدن بلادي ، وتذكرت المناحات التي يقيمها الأهل على أولادهم حيث دفنت شهاداتهم وكفاءاتهم معهم في قبورهم المجهولة .
تذكرت حيث الطالب السويدي يبحث عن أهله بين الجموع بفرح فيصلهم وهو يضحك ويستقبلونه بالعناق والقبلات وهم يضحكون ، ونحن نبحث عن جثث أولادنا بين المقابر والأرقام المجهولة فنلثم بقايا عظامهم ونبلل بدموعنا أكفانهم  .
تذكرت حيث تغمر وجوه الناس  الممتلئة بالحياة  البهجة  والفرح الغامر ، ونحن نتقدم بالتعازي لبعضنا البعض ونستخرج جثث شبابنا بعد أن نتعرف عليهم لنقيم لهم قبوراً نزورها ونسكب فوقها من وجعنا حزناً آخر .
تذكرت الأطفال الفرحين بتخرج أخواتهم وأخوانهم وهم يحملون البالونات ، وأطفالنا المرعوبين والذين فقدوا أحبتهم وأبائهم ، وأطفالنا الذين تعلموا شكل النخيل في الصور ولم يستنشقوا هواء العراق ولاتذوقوا من ماء دجلة والفرات يعانون ويختصر الزمن الحزين طفولتهم .
يتقدمون بالتهاني ويتعانقون فرحاً ويركــبون السيارات التي تطلق لأصواتها العنان وهم يرقصون ، ونحن نتعانق ونحن نلملم عظام أولادنا ونقيم مآتمنا ونركب السيارات يلفنا صمت الموت ووجوم الحزن الذي يقف لنا مع شهقة الهواء .
تذكرت أولادنا المتخرجين من الأعدادية وهم يلوذون ببيوتنا يبكون من عدم حصولهم على المقاعد الدراسية التي يستحقونها أو التي يحلمون بها ، فلا فرح ولاسيارات ولابالونات ملونة ولازهور  .
يرفعون صور أطفالهم الذين تخرجوا من الأعدادية ، ونرفع نحن صور أولادنا الذين دفنتهم السلطات الظالمة ، يرفعون صور أولادهم الحلوة ويكتبون التعليقات وأسماء الطفولة  ويحيطونها بعلم بلادهم ، ونرفع صور المغيبين وهوياتهم وأشيائهم الخاصة المدفونة معهم .
وجوه ممتلئة بالدم والعافية  وتضحك  فالدنيا كانت لها وستبقى لها ، ونبكي نحن مرارة  زمن مرير مثل العلقم لم نكن قد شعرنا بحلاوة أيامه ،  وسلبت منا السلطة أيامنا وماضينا وحاضرنا وأربكت مستقبلنا .
دمعتي التي خذلتني وفضحت سؤالي لماذا هم يفرحون ونحن نبكي ؟
أهلهم الأكثر فرحاً بأولادهم ويطلقون لهم الحرية والعنان أن يفعــلوا مايريدون فقد كبروا وتخرجوا ، ونحن نخاف عليهم من السلطات ونرقبهم ونحرص على عودتهم لبيوتنا وعدم أختلاطهم بالغير وتحديد علاقاتهم حتى لاتزعل عليهم وعلينا سلطاتنا القامعة .
محلات بيع الورود بالرغم من غلاء أسعارها أستطاعت أن تبيع كل باقات ورودها للناس فلاتجد باقة ورد معروضة ذاك اليوم للبيع  ، العجائز يحملن الورد لأحفادهن وحفيداتهن ، الأطفال يحملون باقات أخوتهم ، الأمهات يحملن باقات خاصة الأباء يصورون بكاميرات الفـ يديوتيب  للذكرى ،  وتزدهر فينا تجارة حفر المقابر ونبش المقابر والتفتيش عن المقابر والسجون .
هل نستطيع أن نفرح دوماً ونؤجل أحزاننا أن لم نلغيها ونلقي بها في أسفل الذكريات مع السلطة البائدة ؟
هل نستطيع أن نعوض فرحنا المسروق وأيامنا التي قضمت أجهزة الأمن والمخابرات نصفها وأكل الحزن نصفها الآخر ؟
هل نتعلم الفرح الذي بقي في ذاكرتنا قبل أن تحل علينا لعنة الزمن ويتسلط علينا جلاد العصر ؟
هل نستطيع أن نفرح لأفراحنا بدلاً من اللطم في كل المناسبات ؟




#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحاف يدافع عن نفسه
- مطالبة التحالف بالرحيل سذاجة أم تكتيك سياسي ؟
- بلى يستقيم العراق بدون الدكتاتور
- الحاجة الى نصوص قانونية تحكم السطوالثقافي والتعدي على حقوق ا ...
- أنصاف المسفرين والأكراد الفيلية واليهود العراقيين
- لنساهم جميعاً في أعادة رسم وجه العراق الجميل
- هروب المتهم قرينة على صحة التهمة
- الموت القانوني
- المنطق بالمقلوب
- شهداء العراق عنوان الخلاص ومعارضة السلطة البائدة
- متى نشطب صدام من ذاكرتنا ؟
- من يقطع أذن عبد حمود التكريتي ؟
- تعقيب على مقالة الدفاع عن قناة أبوظبي
- بالمحبة والتسامح نبدأ حياتنا العراقية الجديدة
- القاضي العراقي لايعمل أو يعين بأمر الحاكم الأمريكي
- الأحزاب والحركات السياسية وضرورة الجبهة الوطنية
- حزب الكتائب الحاضر في قناة العربية
- أعادة العقارات والحقوق المصادرة مهمة وطنية مستعجلة
- القوانين والقرارات يجب أن تكون عراقية
- الطاغية صدام مناضل في قناة ( العربية


المزيد.....




- مشتبه به في إطلاق نار يهرب من موقع الحادث.. ونظام جديد ساهم ...
- الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟
- بشار الأسد يستقبل وزير خارجية البحرين لبحث تحضيرات القمة الع ...
- ماكرون يدعو إلى إنشاء دفاع أوروبي موثوق يشمل النووي الفرنسي ...
- بعد 7 أشهر من الحرب على غزة.. عباس من الرياض: من حق إسرائيل ...
- المطبخ المركزي العالمي يعلن استئناف عملياته في غزة بعد نحو ش ...
- أوكرانيا تحذر من تدهور الجبهة وروسيا تحذر من المساس بأصولها ...
- ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعدا ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو أثار غضبا كبيرا في ال ...
- مصر.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو -الطفل يوسف العائد من الموت- ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - مهرجان للحزن ومهرجان للفرح