رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 8019 - 2024 / 6 / 25 - 17:39
المحور:
الادب والفن
"أجيءُ إلى ذراعيكِ مسكوناً بالارتجافِ
الحربُ أمامي
ورائي
الحربُ فيَّ وفي جهاتي
فلا شارعَ يؤدي لشارعٍ
ولا دعاءَ يصعدُ...
أطلُّ على الدمارِ من ذاتي وأعود"
يبدو أن القارئ كلما قرأ لشاعر بعينه يتعرف عليه أكثر، ويفهمه بصورة أعمق، من هنا تأتي أهمية التركيز في قراءة الشعر، "جواد العقاد" من الذين أصبحت أفهمهم بعمق، خاصة بعد ديوانه "مقام البياض" الذي نجد فيه بعد صوفي.
لم يسبق لي أن قرأت لمسة صوفية تتناول حالة الألم في حالة الحرب والتدمير والقتل والجوع والتشرد، في هذا القصيدة المؤلمة يحافظ الشاعر على نهجه الصوفي، بحيث تبقى لغته الصوفية كما هي، وفي الوقت ذاته يتحدث عن همجية المحتل وما يفعله من تدمير وقتل، فاللغة الصوفية نجدها في: "مسكونا، أمامي/ورائي، فيّ وفي، جهاتي، دعاء يصعد، ذاتي/أعود" فكل من يقرأ هذه الألفاظ يعلم أنها لغة صوفي، فوجود أنا المتكلم: "أجيء، أمامي، فيّ، جهاتي، أطل، ذاتي، وأعود" حيث تكثر ياء المتكلم مما يجعل الومضة عن الأنا وللأنا، فالمحافظة على اللغة وقت الحرب، يعتبر إنجازا للشاعر الذي لم يفقد اتزانه وبقيّ محافظا على ذاته كشاعر.
أما القسوة فنجدها في: "الارتجاف، الحرب، فلا/لا، الدمار" نلاحظ أن هناك اربع كلمات فقط متعلقة بالحرب، لكنها أوصلت الفكرة/المضمون/الحدث للمتلقي بصورة (واضحة وجلية).
وإذا ما توقفنا عند القصيدة ككل سنجد جمال الطريقة واللغة والشكل الذي قدمت به، حتى أنها تبدو كالوردة لا يمكن (تفتيتها) لأنها ستفقد جمالها، فالشاعر بعد أن جاء "مسكونا بالارتجاف" حل في المحبوبة/القصيدة، حتى انه ذاب فيها/معها، وهذا يخدم وحدة القصيدة التي تماهت مع ذاتها، بحيث أصبح من الصعب فصل أجزاءها/مكوناتها عن بعض، مما يجعلها قصيدة صوفية بامتياز، لا يمكن تجزئتها، ويجب أخذها كاملة كما هي.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟