أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أخبرني أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!














المزيد.....

أخبرني أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8013 - 2024 / 6 / 19 - 11:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


“…. وحين أصيرُ ملاكًا/
سوف أهبطُ ذاتَ مساء/
أنزعُ من جسد طفلي زهرةَ التوحّد/
وأنثرُ الكلماتِ على لسانه/
حتى يصيرَ الصمتُ/
أشعارًا … قصائدَ.”
هذا "عيدُ الأضحى" المبارك، أعاده اللهُ على الأمّة الإسلامية والبشرية جمعاء، بالرغد والأمان. وهذا عيدُ الميلاد الثاني لابني المتوحّد "عمر"، بعد كسره شرنقة العُزلة وخروجه منها إلى صخب الحياة.
المقطع الشعري في صدر المقال، كان واحدًا من مئات زفرات الوجع التي كان قلبي يكتبُها بمداد اليأس وأنا أرى السنوات تمرُّ دون أن يرغب ابني في الكلام أو الانخراط في عالمنا. وشاء الله أن يمنحني أثمن هداياي من فيض كرمه في مثل هذه الأيام من "عيد الأضحى" ٢٠٢٢، ودون مقدمات، بدأ ابني بهدوء يغادر عزلتَه محاولا الخروج إلينا ومشاركتنا العالم. استجاب اللهُ لدعائي وكسر "عمر" شرنقة العُزلة الاجتماعية، وبدأ التحليق مثل فراشة ملوّنة فوق أعناق زهور الحياة، يرتشفُ من شذاها معارفَ وأغانيَ وكلماتٍ وخبراتٍ جديدة. ومع كل جديد يتعلّمُه، يلهجُ لساني بشكر الله، ويخفقُ قلبي فرحًا ورجاءً في وجه الله الأكرم الذي لا تنفدُ هداياه، ولا تجفُّ أنهارُ عطائه. ومنذ لحظة انطلاقه الأولى بدأتُ أركضُ معه أسابقُ الزمنَ حتى نُعوَِّضَ ما فاتنا، وهو كثيرٌ.
عزلة ابني داخل كهف التوحد فوّتت عليه خبراتِ خمسة وعشرين عامًا، علينا تعويضها في أقصر وقت ممكن! كيف هذا؟! لا أدري! ولا ينبغي لي أن أدري، أو حتى أن أسأل. لأن السؤال في ذاته ينطوي على التعجيز والقنوط واليأس. لو توقفتُ لحظة عن الركض، لكي أسأل: (كيف أصلُ؟!!) بالتأكيد لن أصل. نحن علينا السعي، والله وحده يرسم خطّة النجاح. سمعتُ "نداء عمر" يطلبُ الحياةَ، فكان عليّ الركضُ بأقصى سرعة. هذا واجبي وشغفي، كـ"أمٍّ"، لشاب موهوب أتعلّم منه كل يوم قيمة جديدة وجمالا..
أخبرني أحد العارفين أن "كل طفل متوحد"، قبل مجيئة العالم، يختارُ أمَّه بنفسه. لأنه يدرك، وهو في عالم الغيب، حجم المسؤولية الهائلة التي ستُلقى على عاتق من ستكون أمَّه. لهذا فهو يختارُ سيدةً تليق بهذا هذه المسؤولية! هذا ما أقوله لكل أمٍّ مثلي حين يضربها القنوطُ، لكي تعرف أنها مميزة عن غيرها من نساء العالم. فهي "مُختارةٌ" لحمل هذا المجد. وأخبرني كذلك أحدُ العارفين، أن الله تعالى قد اختار "عيد الأضحى" تحديدًا لكي يكسر فيه "عمر" شرنقة التوحد، لأنه نفس اليوم الذي ملأ صدري اليقينُ بأنني مغادرةٌ هذا العالم. فمنحني الله "الفداء"، يوم الفداء، وأهداني حياةً جديدة لأستكمل رحلتي مع ابني.
أشكرُ اللهَ على نعمه التي لا تُعدُّ ولا تُحصى. أشكره على نعمة وجود "عمر" في الحياة ليمنحني منتهى الفرح والتعلّم. ثم أشكره على أن سمح أخيرًا بخروجه من شرنقة العزلة. أشكرك ربي كما ينبغي لجلال وجهك، ووافر عطائك.
صار ابني الجميل "عمر" يحيا اليوم حياةً "شبه" طبيعية. يأكل طعامًا صحيًّا حاشدًا بالخضروات العضوية والبروتين الصحي، خاليًا تماما من "الجلوتين" بفضل خبز جوز الهند وخبز اللوز الذي يُخبز له خصيصًا، وخاليا من "الكازيين" بفضل لبن اللوز وجوز الهند، وصار يذهب إلى النادي كل يوم ليمارس السباحة والجري والباسكيت وركوب الخيل والدراجات والباتيناج. وعاد إلى شغفه القديم المهجور، فصار يرسم لوحة جديدة كل يوم، بألوان الباستيل والجواش والأكواريل. وصار يرافقني إلى عشقه الأعظم: "دار الأوبرا" والمسارح والسينمات ولقاءات الأصدقاء. وصار يتفاعل مع الناس ويحاول أن يكسر حوائط الجليد التي كانت تفصل بينه وبين العالم. صار يشاركنا الطعام بعدما كان يأكل وحيدًا. وأخذت لغتُه التفاعلية ومخارج ألفاظه وطريقة نطقه للكلمات تتحسن يومًا بعد يوم بعد صمت دام لأكثر من ربع قرن. ومازلتُ أنتظر كل يوم معجزة جديدة يهديها اللهُ لي من فيض كرمه.
اللهم اشفِ كلَّ مريض، وانصر كلَّ مظلوم، وكُفّ كلَّ ظالم، وارحم موتى العالمين. اللهم احمِ أولادنا من كل سوء، واكتب لبلادنا الأمن والسلام والرغد. وكل عيد أضحى وأنتم طيبون.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “المصري اليوم-… جريدةُ -الضمير-
- مجتمع “قالولووو-!
- الرحلةُ المقدسة … عيدًا مصريًّا
- رسمُ الحياة … في عيون أطفالنا
- كلامٌ في -البديهيات-... المنسية!
- نبوءةُ الرجل المثقف!
- ٦٠ دقيقة… القتلُ مرتين!
- -المتوحّدون”.. النسخة -الأنقَى- من البشر
- -العالِم- … العالِمُ
- قانون -الأخلاق-... عند الجدِّ الصالح
- طيارة ورق … اتركها لفوضاها
- قلقاسٌ أخضرُ … وثلجٌ ناصعُ البياض
- زيارةٌ واحدة … كل شهر!
- إيزيس الحكيم … إيزيس السعداوي
- زهرة -وسيم السيسي- في حديقتي
- هيا نصنعُ الغد … ونكملُ مسيرةَ البناء
- عيد ميلاد -الاتفاقية الأنيقة-… هل ستذكرون -غزّة-؟
- لماذا تلاحقينه يا صغيرة؟! عشان شبه السيسي
- لماذا ... صوتي للرئيس السيسي؟
- أنا لا أنساكِ فلسطينُ


المزيد.....




- TOYOUER EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ا ...
- أنس بيرقلي: الإسلاموفوبيا في المجتمعات الإسلامية أكثر تطرفا ...
- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أخبرني أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!