أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مجتمع “قالولووو-!














المزيد.....

مجتمع “قالولووو-!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8006 - 2024 / 6 / 12 - 11:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



بعدما قرأ لي عشرات المقالات حول القضية الفلسطينة وغشم المحتل الصهيوني البغيض، كتب على صفحتي: (حضرتك حد كويس وبيفكر، أمال ايه كمّ الهجوم ده؟! دا أنا آسف بجد! ليه مش بتدافعوا عن نفسكم؟!) كاتب التعليق اسمه الأستاذ/ “أحمد رجب عبد الغني". الهجوم الذي يعني موجودٌ صفحات سوشيال ميديا التي يعبئها كلُّ مَن يشاء بأيّ شيء يشاء، مهما كان غثاءً وعبثًا، دون رقيب ولا حسيب؛ وكأن "حرية التعبير" تعني: "حرية الاغتيال الأدبي، والتشويه والخوض في العرض والشرف"!
وضعني كاتبُ التعليق أمام سؤال خالد: “هل يدافعُ الكاتبُ عن نفسه إن تعرّض للتشويه؟ أم يترك كلماتِه وكتبَه تُدافعُ عن نفسها بنفسها على مبدأ: “موتُ المؤلف" كما وضعها الفرنسي "رولان بارت"، باعتبار الفكرة أو النص كائنًا مستقلا كاملَ الأهلية، يدافع عن وجوده بنفسه دون الاتكاء على كاتبه؟ لكن النظرية تفترض "قراءة" النصّ والحكم عليه دون النظر إلى كاتبه؛ فهل تصمد هذه النظرية في مجتمع يعتمد "الثقافة السمعية" دون بحث ولا تقصٍّ ولا قراءة؟! و"الثقافة السمعية" هي أن تسمع أن "فلان كافر"، فتصدّقُ حضرتك دون بحث ولا تبيّن، ثم لا تكتفي بالتصديق، بل تركضُ من فورك لتنشر ما سمعت، ويصدقك سامعوك، ثم لا يكتفون بتصديقك، بل يركضون ينشرون ما سمعوا، إلى ما لا نهاية! والدليل دائمًا: “قالولوووو!”، كما وردت في مسرحية "شاهد مشافش حاجة". أولئك ينكرون الآية القرآنية العقلانية العبقرية: “إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا أن تُصيبوا قومًا بجهالة".
قتلةُ التنويريين عبر التاريخ، دائمًا لا يقرأون، ولا يتبيّنون! لكنهم واثقون أنهم يقتلون دفاعًا عن الله! والله تعالى لم يطلب دفاعَهم، بل طلب أن: “يقرأوا" "يتبيّنوا" "يتدبّروا" "يتفكّروا" و"يعقلوا". لكنهم لا يفعلون! ولماذا يفعلون ومعهم دليلُ "هدر الدم" جاهزٌ سهلٌ طيّبُ الثمر؟! الدليل: "قالولووو".
= "سقراط"، تجرّع السُّمَ طوعًا، رافضًا الهروب كما رتّب له تلامذته. لحظةَ الحكم بإعدامه أيقن أنه جاء في الوقت الخطأ، ليُنير الطريق لعميان لم يُقدّروا فكره، فآثر الرحيلَ واستعذب مذاقَ السمّ! وغالب الظنّ أن كل تنويري يُهانُ ويُسبُّ ويُشتَم ولا يُقدّر في مجتمعه، يشعرُ في لحظة ما بأنه: "جاء في الوقت الخطأ". وهذا غير صحيح. فلو جاء في زمان مستنير، ما كان لمشعله رسالة.
= فلاسفةٌ ومفكرون وأدباءُ عُذِّبوا وأهينوا ولُعِنوا من أناسٍ لم يقرأوا كتبهم ولا قاربوا فكرهم. "نصر حامد أبو زيد" (العقلانية في تفسير النص)، الشيخ "علي عبد الرازق" (الإسلام وأصول الحكم)، "خالد محمد خالد" (من هنا نبدأ)، والقائمة تخترقُ الزمانَ وصولا إلى الحلاج والسهروردي والنفّري وابن عربي، والفيلسوف الشارح صاحب اليد البيضاء على نهضة أوروبا "الوليد ابن رشد"، الذي قال بعدما اكتشف أن فكره أصعب من أن يستوعبه الجميع: “لا ترمِ نورَك للعامّة.”
تلك إحدى الِمحن الفكرية "الطفولية" المتجذّرة فينا، بكل أسف. ثقافتُنا "سمعيةٌ"، وصوتُنا عالٍ، وضمائرُنا، دائمًا، مستريحة ونحن نَسبّ ونلعن ونُكفِّر ونقتل! لهذا ينعتُ الغربُ العربَ بأنهم: "ظاهرةٌ صوتية"، ولا شيء أكثر.
= الذي طعن "نجيب محفوظ" لم يرهِق نفسَه وبقراءة رواية ولا مقالا قبل أن يغرس خنجرَه في عنق كهل يتوكأ على عصاه! والذي قتل "فرج فودة"، الناس "قالولووو" إنه عدو الإسلام! فاغتاله دون أن يقرأ له حرفًا. ولو فعل لعرف أنه أكبرُ ناصر للإسلام. لكن "ضغط الزناد" أسهل من "القراءة” في مجتمع قالولوووو! وعُد بالزمن لتُذهل من كمّ شهداء عظام كُفّروا وأهينوا ونُفيو وخيض في أعراضهم بالزور والكذب والبهتان؛ ومفتاح السر دائما: "قالولوووو".
= (لماذا قتلت الدكتور "فرج فودة"؟)، (عشان كافر!). (أي كتاب من كتبه عرفت منه إنه كافر؟). (أنا مبعرفش أقرأ. بس قالولي إنه كافر، فقتلته!). هذا القاتل "من ضحايا قالولووو”. وسَلْ أيَّ ضحية مماثلة: (تعرف ايه عن ابن رشد؟!) سوف يقسم لك إنه كافر! هو لم يقرأ "ابن رشد”. لكنه "سمع" من "سامع" عن "سامع" عن "سامع السامع" أن أحدهم كان "يسمع" ممن "سمع" أنه كافر! تلك هي "الثقافة السمعية" التي تُزهق الأرواحَ وتدمر المجتمعات.
كم من جرائم إنسانية كبرى راحت ضحيتها قممٌ فكرية ورموز شواهق من العسير على الإنسانية أن تعوضهم، بسبب تلك الثقافة الطفولية "الببغائية" البغيضة، ثقافة: “قالولووووووووو".
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرحلةُ المقدسة … عيدًا مصريًّا
- رسمُ الحياة … في عيون أطفالنا
- كلامٌ في -البديهيات-... المنسية!
- نبوءةُ الرجل المثقف!
- ٦٠ دقيقة… القتلُ مرتين!
- -المتوحّدون”.. النسخة -الأنقَى- من البشر
- -العالِم- … العالِمُ
- قانون -الأخلاق-... عند الجدِّ الصالح
- طيارة ورق … اتركها لفوضاها
- قلقاسٌ أخضرُ … وثلجٌ ناصعُ البياض
- زيارةٌ واحدة … كل شهر!
- إيزيس الحكيم … إيزيس السعداوي
- زهرة -وسيم السيسي- في حديقتي
- هيا نصنعُ الغد … ونكملُ مسيرةَ البناء
- عيد ميلاد -الاتفاقية الأنيقة-… هل ستذكرون -غزّة-؟
- لماذا تلاحقينه يا صغيرة؟! عشان شبه السيسي
- لماذا ... صوتي للرئيس السيسي؟
- أنا لا أنساكِ فلسطينُ
- زيارة أول الشهر
- قديش كان فيه ناس


المزيد.....




- 31 دولة عربية وإسلامية تدين تصريحات نتنياهو وخطة الاحتلال ال ...
- وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية يدينون تصريحات نتنياهو و ...
- -إسرائيل الكبرى-.. 31 دولة عربية وإسلامية تصدر بيانا مشتركا ...
- فلسطين تحذر من هجمة إسرائيلية -غير مسبوقة- على الكنائس
- حركة طالبان الأفغانية تحيي الذكرى الرابعة لاستيلائها على الس ...
- 31 دولة عربية وإسلامية تهاجم تصريحات نتنياهو وخطط الاستيطان ...
- في ذكرى السيطرة على أفغانستان.. زعيم طالبان يُحذّر من أن الل ...
- الرئاسية العليا: الاحتلال يستهدف الكنيسة الأرثوذكسية في القد ...
- إسلاميون أجانب يطالبون الدولة السورية بمنحهم الجنسية
- زعيم طالبان يحذر الأفغان: الله سيعاقب بشدة الذين لا يشكرون ا ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مجتمع “قالولووو-!