أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ثنائية الإبداع في قصيدة -خلف الباب- سمير التميمي














المزيد.....

ثنائية الإبداع في قصيدة -خلف الباب- سمير التميمي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7998 - 2024 / 6 / 4 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


ثنائية الإبداع في قصيدة
"خلف الباب"
سمير التميمي
"خلف الباب
..........
بابٌ مغلَقْ
أوصَدَهُ طفلٌ في الخامسةِ من عمرٍ كانْ
على نفسهْ
خوف الموت بقذيفة تأتيه
من صاروخٍ أعمى
أو من مدفعْ
تأتيه قذيفة من أيِّ مكان
وبصمت
جلس الطفل في زاوية الغرفة
يرقب اصوات القصف واللمعان
يبكي
تتفجر من قلب الطفل الاحزان
ينادي أباه
ينادي أخاه وينادي أمه والجيران
وما من أحد يسمع نداء الطفلِ
صوت دوي صمَّ الآذان
ينفتحُ البابُ الموصد
ويسود الصمت في كلِّ الأركانْ
يهرعُ
رجالُ الإنقاذ إلى حيثُ الطفلْ
ما وجدوا الطفلَ
ما وجدوا غير صورةِ طفلْ
بلونِ الدَّمْ قد رُسِمتْ
مكتوبٌ فوق الصورةْ
(كان يا ما كان)
طفلٌ من غزةْ
استُشهِدََ هذا اليوم بفعل القصفْ
ترقص من حولهْ شاراتُ النصرْ
وكل الألوانْ".
أن يقدم الشاعر قصة من خلال قصيدة، وبما يقارب المائة كلمة فقط، فهذا يعد استثناء، ويحسب للشاعر الذي جمع الحسنين معا، القصيدة والقصة، وبما أنه قدم قصة غير عادية، تجمع بين الواقع وبين الفانتازيا، فقد أضاف جمالية ثالثة على "خلف الباب" مما يجعل المتلقي يتوقف متأملا عند هذه الفنية التي جاءت في القصيدة/القصة.
يفتتح الشاعر القصيدة/القصة بمشهد طفل يوصد بابا مغلقا، مما يجع فتحه أكثر صعوبة، وقد حدد عمر الطفال ب "الخامسة" وهذا الإيضاح لم يأت من فراغ، أو لنتعاطف مع الطفل فحسب، بل أيضا لأنه من مقتضيات العمل الأدبي وفنية القصة، فهناك أحداث متعلقة بهذا الطفل، وعلى القاص/الشاعر أن يتقن ما يقدمه من أحداث/تفاصيل متعلقة بشخصية القصة التي يتحدث عنها.
إذن نحن أمام طفل يوصد بابا مغلقا، وهنا يدخلنا القاص إلى معلومة جديدة متعلقة بالهدف/السبب وراء هذا الإغلاق المزدوج للباب: خوفا من الموت، وكلنا يعلم أن الموت واحد، لكن الشاعر/القاص يجعل أسبابه متعددة: "قذيفة، صاروخ، مدفع" وهذا يدخلنا إلى مفارقة مدهشة "طفل بعمر خمس سنوات تطارده "قذائف، صاروخ، مدفع" مما يجعل المتلقي يصاب بصدمة، بدهشة، وتجعله يتساءل: هل فعلا هذا الأمر/الحدث حقيقي، أم من خيال الشاعر، وهل يعقل أن نكون في الألفية الثالثة، وفي زمن الحرية وحقوق الإنسان والطفل، ويكون/يحصل مثل هذا الحدث!؟
يدخلنا الشاعر/القاص إلى تفاصيل أخرى متعلقة بحال الطفل، ناقلا لنا الرعب الملازم "للقذيفة، للصاروخ، للمدفع" والمتمثل بالصوت ومشاهد الانفجارات التي تحدثها أدوات الموت، مستخدما لفظ: "وبصمت" وفي سطر منفصل، وكأنه بهذا "الصمت" يريدنا أن نتوقف عند ما يجري للطفل الوحيد، وهو يتعرض لأدوات الموت والتدمير:
"جلس الطفل في زاوية الغرفة
يراقب أصوات القصف واللمعان"
ثم ينقل لنا ردة فعل الطفل "يبكي" على ما يشاهده ويسمعه، في سطر منفصل كإشارة على أهمية فعل "يبكي" وما يتبعه من:
"ينفجر من قلب الطفل الأحزان"
المثير في هذا المشهد جعل الانفجارات متعلقة بقلب/بأحزان الطفل وليس للقذيفة/للصاروخ، للمدفع" كما أن عدد من نادتهم/استنجد بهم: "أباه، أخاه، أمه، الجيران" يتجاوز عدد مصادر الخوف/الهلع الذي شاهده وسمعه، وهذا يقودنا إلى حالة الرعب/الهلع التي يمر بها الطفل، لكن عدد النداءات/ينادي" مساوي لعدد مصادر الرعب.
بعدها يركز الشاعر/القاص على الأصوات من خلال: "يسمع، نداء صوت، دوي، صمت، صمّ الآذان" نلاحظ أن الأصوات متعددة المستويات، ومنها ما هو متعلق بحالة الطفل، ومنها ما هو متعلق بالمكان، الغرفة والبناية والحي الذي يجري قصفه.
يبتعد الشاعر/القاص عن مشهد الطفل والمكان الذي تعرض للقصف، وينقلنا إلى رجال الإنقاذ الذين "ما وجدوا الطفل، ما وجدوا غير صورة طفل" ثم يدخلنا إلى فانتازيا مثيرة من خلال: "صورة، طفل من غزة، استشهد هذا اليوم بفعل القصف" كان يفترض أن تتم القصة/القصيدة بواقعية كما بدأت، لكن هذا الخروج عن العقل/المنطق يمثل ثورة/صرخة على حجم المجازر التي يقترفها العدو بحق أهلنا في غزة.
وإذا ما توقفنا عند نهاية القصة سنجدها بيضاء "ترقص من حوله شارات النصر وكل الألوان" وكأن الشاعر/القاص يريد بها القول إن هناك شعب يحب الحياة/رقص/النصر/الألوان رغم القذيفة والصارخ والمدفع.
واللافت في هذه القصيدة/القصة اللغة السهلة والسلسة التي جاءت بها، مما يجعلها مفهومة/مقبولة من قبل الراشدين والأطفال معا، وبما أنها تتناول حالة ساخنة في فلسطين، فهذا يجعلها قصيدة في مكانها ووقتها الصحيح.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر
Sameer Tamimi



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الازدواجية في كتاب متلازمة ديسمبر للكاتب فراس حج محمد
- الغرب والمنطقة العربية في كتاب -انتفاضة رشيد عالي الكيلاني و ...
- الخطورة في رواية -سجينة الشر- بدر رمضان
- مأساة المثقف في رواية -يوم عادي في حياة عرفات- يوسف حطيني
- الأسطورة والواقع في ديوان -مواويل في الليل الطويل- فهد الرما ...
- -من بين أزقة المخيم- ريتاج إسحاق المنسي
- تمرد المرأة في رواية -نساء بروكسيل- نسمة العكلوك
- التكامل بين المضمون والشكل في قصيدة -محاصرون- قمر عبد الرحمن
- ثنائية الحنين عند يونس عطاري
- الصعيد المصري في رواية -شامة (21 متر مربع)- رضوى جاويش
- الشكل والمضمون في قصة -البحث عن معتوه- نافذ الرفاعي
- الصوفية والاغتراب في ديوان -الهدي- أمين طاهر الربيع
- ديوان تقفل يدها ثانية سميح فرج
- تمازج البياض والسواد في قصيدة -سأنسى بأني سأنسى- العلمي الدر ...
- الديني والاجتماعي والسياسي في كتاب -الحريم السياسي- فاطمة ال ...
- الواقع وأثره على الشاعر في ديوان -بارقات تومض في المرايا- من ...
- دعاء الصوفي في قصيدة -مولاي- مأمون حسن
- التجمع الصهيوني في رواية ترجمة خاطئة أسامة مغربي
- المجتمع الفلسطينيفي رواية -ترجمة خاطئة- أسامة مغربي
- الشاعر يسبق الزمن في قصيدة -الليل- منير إبراهيم


المزيد.....




- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ثنائية الإبداع في قصيدة -خلف الباب- سمير التميمي