أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - ممارسة الديمقراطية ، ممارسة المساومة مع الوضع السائد ( الجزء 7 )















المزيد.....


ممارسة الديمقراطية ، ممارسة المساومة مع الوضع السائد ( الجزء 7 )


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7988 - 2024 / 5 / 25 - 16:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


آتاش / شعلة عدد 149 ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – الليسنيني – الماوي )
جريدة " الثورة " عدد 848 ، 7 أفريل 2024
https://revcom.us/

ملاحظة الناشر : المقال أدناه نُشر باللغة الفارسيّة في مجلّة آتاش / شعلة عدد 149 ، أفريل 2024 ، على موقع أنترنتcpimlm.org . و ترجمه إلى اللغة الأنجليزية متطوّعون من موقع أنترنت revcom.us .
و الكلمات و الجمل بين معقّفين أضافها المترجمون من أجل مزيد الوضوح . و الأجزاء 1 و2 و3 و4 و5 و6 نُشرت أيضا على موقع revcom.us .
و المصدر الأساسي لهذه السلسلة من المقالات هو كتاب بوب أفاكيان ، " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا إنجاز أفضل من ذلك ؟ " (1986 ) و أعماله الأخرى عن الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة .
-----------------------------------------------------
بصفة متكرّرة تنتهى إلى مسامعنا شعارات " الإنتقال الديمقراطي " و " ممارسة الديمقراطية " صادرة عن مروحة واسعة من القوى ، في كلّ من المعارضة لجمهوريّة إيران الإسلاميّة و من أولئك ضمن نظام تلك الجمهوريّة . و نسمع أنّ " الديمقراطيّة ليست نقطة نهاية بل سيرورة " أو أنّ " الديمقراطيّة تتطلّب أناسا مارسوا الديمقراطيّة " . [ في فيفري 2024،] أنتج برنامج برغار التابع لقناة البى بى سى باللغة الفارسيّة " الإنتقال الديمقراطي " (1) وهو عبارة عن سلسلة من الموائد المستديرة التي ركّزت على عديد البلدان بما فيها الشيلي و ماليزيا و كوريا و تركيا . و يبدو أنّ هناك فرضيّة واسعة الإنتشار بأنّ " مشكلنا " في إيران هو أنّنا لم نمارس الديمقراطيّة . لذا يتثار المسألة على النحو التالي : كيف يمكن نا الإنتقال إلى الديمقراطيّة أو نتوصّل إلى ممارسة الديمقراطيّة ؟
في هذا المقال ، ستبيّن أنّ " الإنتقال الديمقراطي " مفهوم يعنى البلدان مثل إيران و التي تهيمن عليها البرجوازيّة الإمبرياليّة. و تأكيد أنّ بلدان جنوب الكوكب لا تزال في مرحلة " إنتقاليّة " أو مرحلة " ممارسة " الديمقراطيّة ، من جهة ، مسعى إلى تبرير اللاتكافئ في العالم و البون الشاسع بين البلدان الإمبرياليّة لشمال الكوكب و بلدان جنوب الكوكب . و من الجهة الأخرى ، يصوّلا التدخّلات الإمبرياليّة و تركيزها لحكومات إستبداديّة كجزء من هذا الإنتقال . و في هذا المقال ، سنتفحّص إقتصاد و سياسة هذه " الإنتقالات " و تاليا نعود إلى الفهم [ العلمي ] للطبيعة الجوهريّة لل"ديمقراطيّة " : ديمقراطيّة / دكتاتوريّة برجوازيّة أم ديمقراطية / دكتاتوريّة بروليتاريّة .
و من ميزات و عوامل الإنتقال الديمقراطي تقليص تدخّل الدولة في الاقتصاد أو تطوير إقتصاد " سوق حرّة " . فمثلا ، يقول [ الأستاذ ] محسن رناني ، " تحويل التحكّم في قوى السوق تطوير ديمقراطي . في معظم البلدان الديمقراطيّة نشاهد أنّ الحرّية الإقتصاديّة شرط ضروريّ للحرّية السياسيّة لكن العكس غير صحيح " (2). و كذلك يقول [ عالم الاقتصاد ] حسن منصور إنّ في الشيلي ، عبّدت السياسات الاقتصاديّة الليبراليّة الجديدة لبينوتشى و دكتاتوريّته العسكريّة الفاشيّة الطريق للديمقراطيّة ! و حتّى عقب رحيل بينوتشى [ عن طريق ] إستفتاء ، " شيكاغو بويز " ( علماء الاقتصاد الرأسماليّين الأمريكيّين المدرّبين ،) واصلوا ذات الاقتصاد في الشيلي طوال حكم حكومات ثلاثة متعاقبة . من جهة ، جلب هذا البرنامج نموّا إقتصاديّا هخاما للشيلي لفترة من الزمن . و من الجهة الأخرى، أفرزت عمليّة الخصخصة / الخوصصة الكبرى لامساواة إقتصاديّة مدهشة ، و كان لها تأثير سلبي طويل الأمد على الرعاية الصحّية و التعليم و التقاعد ، ما أفرز في النهاية أزمات إقتصاديّة . و في كوريا الجنوبيّة ، خوصصة [ المؤسّسات العموميّة ] و تطوير إقتصاد السوق الحرّة مع الإستثمار الأمريكي في ثمانينات القرن العشرين – إثر قتل الشيوعيّين و طرد كافة المعارضين تحت قناع قتال الشيوعيّة – يُقال أنّها مثّلت نقطة إنطلاق الإنتقال الديمقراطي ! و ما لا يُقال ، مع ذلك ، هو أنّ كوريا الجنوبيّة تحوّلت إلى بلد منتهى الإستقطاب الطبقي . حياة بعض الطفيليّين الأغنياء تقام على تحطيم حياة الكثيرين كما يصوّر ذلك تصويرا جيّدا في فلم الطفيلي . (3)
برنامج البى بى سى [ برغار ] وصف ماليزيا و تركيا على أنّهما على طريق الديمقراطيّة على الرغم من صعود الأصوليّة أفسلاميّة هناك – لتأقلم الإسلاميّين مع إقتصاد السوق ! و هذا الزعم يقدّم رغم القمع العنيف لحركة البيئة حديقة جيزي [ بتركيا ] ، و إيقاف الصحفيّين المعارضين لأردوغان [ الرئيس التركي ] ، و طرد أساتذة المعارضة من الجامعات ، و العمليّات العسكريّة الإجراميّة لأردوغان في كردستان و في جميع قوانين أردوغان الإسلاميّة المعادية للنساء . و هذه [ الأنظمة ] الإسلاميّة إندمجت صلب إقتصاد السوق [ العالمي ] .
و الشيء نفسه صحيح بالنسبة إلى جمهوريّة إيران الإسلاميّة و الفئات الرأسماليّة الإسلاميّة التي صعدت إلى السلطة سنة 1979 . و بوجه خاص ، شرعوا في سيرورة العولمة الرأسماليّة عندما طبّقوا أوامر صندوق النقد الدولى و البنك العالمي بشأن " التعديلات الهيكليّة " تطبيقا حرفيّا .
لذا لماذا يستبعد عديد الناس إيران من تقييمهم لهذه السيرورة من الدمقرطة ؟
للإجابة على هذا السؤال ، نحتاج إلى النظر إلى أبعد من الخلافات في هذه الجزئيّة أو في تلك من الأنظمة القانونيّة و البرلمانيّة . ما حصل في جميع البلدان المذكورة على أنّها نماذج ناجحة من الإنتقال الديمقراطي لم يكن التطوير المتمنّى للسوق [ الحرّة ] ، و إنّما تشديد الإندماج في النظام الرأسمالي العالمي ، بخاصة عقب الحرب العالميّة الثانية مع إنتصار الولايات المتّحدة على البلدان الإمبرياليّة التي خسرت الحرب ، و [ لاحقا ] عندما كان العالم الإمبريالي في نزاع مع الكتلة الإشتراكية السوفياتيّة ( قبل إعادة تركيز الرأسماليّة في ألإتّحاد السوفياتي أواسط خمسينات القرن العشرين ) و مع الصين ( من أواسط خمسينات القرن العشرين إلى إعادة تركيز الرأسماليّة فيها سنة 1976 ).
و قد طبٌّت تركيا الديمقراطية مع الإلتحاق بحلف الناتو العسكري و مع الهجوم على الأكراد و الأرمن و المثليّين و المتحوّلين جنسيّا ! و صارت كوريا الجنوبيّة دولة مستقلّة و " ديمقراطيّة " في حين كان الجيش الأمريكي يحتلّها ! ( لا يزال في كوريا الجنوبيّة حوالي 30 ألف جندي من الولايات المتّحدة ). و ماليزيا ، حسب أزادة بورزاند [ مقطع 24 فيفري من " برغار" ] ، تمارس الديمقراطيّة بمساعدة السياسة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة نظرا لإرثها الكولونيالي ! و الشيلي [ مارست الديمقراطية ] بتنفيذ إنقلاب دموي للولايات المتّحدة ضد حكومة آلندى التي طالبت بالإستقلال عن إمبرياليّة الولايات المتّحدة . و إيران ليست جزءا من المجموعة " الديمقراطيّة " ليس لعمق و توسّع جرائمها ضد الشعب الإيراني – بل لأنّ إيران ليست حليفا لإمبرياليّة الولايات المتّحدة .
و سبب آخر تبدو فيه فكرة الإنتقال نحو الديمقراطي!ّة جالبة لإهتمام كبير هي مفهوم " التقدّم بلا ألم " وهي منسجمة مع النظرة البرجوازيّة الصغيرة . و [ هذه الطبقة ] تحبّذ التفكير في أنّ÷ بإمكانها التقدّم نحو مستقبل " مثالي " دون إجتثاث النظام الحاكم ، بفقط إدخال تغييرات تدريجيّة على قوانين النظام القائم الذى يسير في إطار الرأسماليّة . و حين يثبت الواقع غير ذلك ، تصبح محبطة و [ تفرض ] إمكانيّة إنجاز تغيير و تتخلّى عن الثورة لأنّها الثورة تتطلّب تضحيات بما تضحيات يقدّمونها هم أنفسهم ! و الأوهام الشعبيّة حول الديمقراطيّة جزء من ظاهرة حيث بإستمرار يحدّد الناس أنفسهم بالأفق الضيّق لما يتمّ توفيره لهم من قبل الطبقة الحاكمة العالميّة .
لأنّه حتّى مع أنّ مثل هذه الحلول متقادمة و لا تمثّل شيئا إيجابيّا في نهاية التحليل ، يجدون أنفسهم نسبيّا آمنين سياسيّا ، على الأقلّ إلى حدّ الآن ، ب‘تبار أنّهم يعوّلون على القوى " الديمقراطيّة " العالميّة .
و فضلا عن ذلك ، ما يسمّى بممارسة الديمقراطيّة هو ، في الواقع ، ممارسة التسامح و التسوية بين الشعب المضطهَد و الطبقة الحاكمة المضطهِدَة . لهذا يقول محسن رناني ، " في البلد أ ، عندما يحتجّ الناس و تعالجهم الشرطة بالضرب ، يستخدمون سكاكينا أو بنادق و يهاجمون الشرطة ". و بوضوح ، البلد أ أكثر ديمقراطيّة من البلد ب ، لأنّ شعبه قد تعلّم قدرات التراجع ، لأنّ " القدرة على التراجع هي قدرة إيقاف العنف ". و لا تستخدم هذه الحجّة من طرف الذين يقدّمون أنفسهم على أنّهم مثقّفون الذين يلجؤون إلى الخداع للإنقلاب على جوهر العنف المنظّم ضد الشعب على يد الطبقة الحاكمة بواسطة قوّات الشرطة و قوّات الجيش . و العديد من المثقّفين غارقين في هذا الإطار من الأفكار الذى صنعه النظام الرأسمالي بأنّ المساومة مع الوضع السائد إلى درجة أنّه يبدو لهم أنّ المساومة مع الوضع القائم مقبولة بالنسبة إليهم و هم ينبذون تمرّد الشعب ضد ظروف إضطهاده و إستغلاله ، و ينعتونه بأنّه لاديمقراطي .
و من المهمّ ، توجد سابقة لهذه النظرة التي تقلب الأمور رأسا على عقب في وثيقة تأسيسيّة هامة للديمقراطيّة البرجوازيّة – إعلان إستقلال الولايات المتّحدة . فهناك أيضا ، [ هناك تقلب رأسا على عقب ] الحقيقة و الأكاذيب ، الصواب و الخطأ، و الضحيّة و الجلاّد و الحروب العادلة و الحروب غير العادلة في العلاقات بين السكّأن الأصليّين [ في شمال أمريكا ] و الأوروبيّين الذين ركّزوا الولايات المتّحدة على أساس المذابح و النهب و الإستيلاء على أراضي السكّان الأصليّين . بهذا المعنى تنهض إستراتيجيا " العدالة الإنتقاليّة " دورا هاما في الإنتقال إلى الديمقراطيّة ، بتيسير تسوية بين الباقين على قيد الحياة و المجرمين . و فى الشيلي بعد بينوتشى ، رغم مأسسة بعض اللجان للبحث في الوقائع ، لم يقع عقاب حتّى بينوتشى نفسه على جرائمه ، و هكذا لا الباقون على قيد الحياة و لا الذاكرة التاريخيّة قد تمّت دراستها لتقييد مدى هذه الجرائم .
هذا هو ذات " المسامحة و النسيان " لرضا بهلوي [ أمير التاج ] (4)- الذى يشغل نفسه على الدوام بإعطاء الضوء الأخضر لمجرمى جمهوريّة إيران الإسلاميّة . و هذه سيرورة جوهريّة لمشروع " الإنتقال إلى الديمقراطيّة " الذى يتمّ الترويج له الآن – بدلا من ثورة فعليّة – من طرف حتّى أناس من مثل نرجس محمّدى . و بالرغم من كون الثورة لا تعنى الثأر ، فهي كذلك لا تعنى الإبقاء على الهيكلة الأمنيّة – العسكريّة للدولة دون مساس و إدماجها في الحكم الجديد . هكذا يُمارس الشكل البرجوازي من الديمقراطية . هل نرغب في مثل هذه الديمقراطيّة ؟ هل نرغب في ممارسة الديمقراطية بالترحيب بمجرمى الأنظمة السابقة ؟
إنّ إنشاء " مجتمع مدني " قويّ و مستقلّ يشمل وسائل الإعلام و النشطاء الإجتماعيّين و المثقّفين ، يكون منفصلا عن الدولة ، مظهر آخر من ممارسة الديمقراطية عامة ما ينبت في صفوف الطبقة الوسطى . لهذا تجرى المحاججة بأنّه من أجل الحصول على مجتمع مدني ، يجب على المرء أن يبني طبقة وسطى و لبناء طبقة وسطى يجب على المرء أن يطوّر الرأسماليّ’ . و بالتفكير على هذا النحو ، نموّ الرأسماليّة هو الذى يضمن الديمقراطيّة و السبب في أنّ إيران تفتقد إلى مجتمع مدني قويّ هو تخلّف الرأسماليّة و صغر طبقتها الوسطى ! و بالعكس ، في البلدان المهيمن عليها في جنوب الكوكب ليست منفصلة عن النظام الرأسمالي العالمي و هياكله – غير أنّ سير و ديناميكيّة نموّ الرأسماليّة الذى يؤدّى إلى تقليص الطبقات الوسطى ، و يؤدّى إلى التحديد من الحرّيات السياسيّة و المدنيّة ، و حتّى إلى دوس حقوق الإنسان الأساسييّة . و حسب [ المساهمين في سلسلة " برغار " ] مع ذلك ، نعت أيّ من هذه الدول ب " الديمقراطيّة " ليس خطأ ، رغم دوسها لعديد حقوق الإنسان الأساسيّة – من قمع النساء و المثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا ، إلى الإيقافات ، إلى التطهيرات الواسعة من المعارضين السياسيّين – هذا هو جوهر الديمقراطيّة / الدكتاتوريّة البرجوازيّة . بكلمات أخرى ، [ الديمقراطيّة] تعتمد على اللامساواة و على إضطهاد القسم الأكبر من الشعب و على العلاقات الإستغلاليّة المعتمد على الرأسماليّة . و الخاطئ هو الحديث عن طبيعة هذه الديمقراطيّة : من أجل من توجد ؟ ما هو النظام الطبقي الذى تخدمه ؟ و خطأ آخر عندما يتمّ كشف قبح الديمقراطية البرجوازية ، هو اللجوء إلى الحجّة الواهية القائلة بأنّ " هذا ليس بعدُ ديمقراطية خالصة" و الديمقراطية " الخالصة " " لم تأت بعدُ ".
كتب بوب أفاكيان أنّ الديمقراطيّة :
" ...فى حدّ ذاتها مصدر متكرّر – و على ما يبدو " لانهائي " – للأوهام حول " تحسين " النظام الديمقراطي أو " التكريس الفعلي " للمُثُل الديمقراطيّة – بإختصار ، للأفكار المسبّقة و الخداع الديمقراطيّين ...
و طبعا ، هناك قاعدة ماديّة قويّة لهذا في ظروف العالم الموضوعي في هذا العصر ، خاصة أساس الإنقسام بين حفنة من الدول الإمبرياليّة و العدد الكبير من الأمم التي تضطهدها الإمبرياليّة ." (5)
لهذا السبب بالضبط ، تقرع البرجوازيّة [ في الأمم المضطهَدَة ] طبل " الإنتقال الديمقراطي " ما يعنى أنّه لا يمكن للمرء أن يحصل على ديمقراطية في هذه المستعمرات مرّة واحدة ، و يجب أن توجد دكتاتوريّات عسكريّة أو حكم أتوقراطي لفترة من الزمن ، بوهم أنّها في يوم ما ستبلغ الديمقراطية الحقيقيّة مثل تلك في البلدان الإمبرياليّة . لكن هذا اليوم لن يأتي أبدا إلاّ إذا أصبحت هذه البلدان بلدانا إمبرياليّة ، نتيجة حروب أو تفكّ:ات كبيرة في الهياكل العالميّة السياسيّة منها و الإقتصاديّة و الأمنيّة .
و هذا الضرب من التنظير ، مثل مفهوم " البلدان النامية " قائم على إعتقاد بوجود سيرورة تطوّر أو دمقرَطَة في العالم أين بعض البلدان ببساطة تقف فوق بلدان أخرى لا تزال متخلّفة ! إنّه لا يعترف بأنّ البون الشاسع بين البلدان الإمبرياليّة و البلدان المهيمَن عليها نتيجة ضروريّة و منطقيّة لسير الرأسماليّة المعولمة ، حيث حفنة من البلدان لها ديمقراطيّة و نموّ لا يمكن أن توجد إلاّ على أساس الإضطهاد و الإستغلال إلى أقصى الحدود لعديد [ الشعوب ] في بلدان أخرى . و تاريخيّا، إنّه لواقع أنّه كلّما ضعُف موقع الطبقات الحاكمة في إيران و الإمبرياليّين ، تصبح الديمقراطيّة شبه مهيمنة و تنمو حرّية الشعوب ، على سبيل المثال بين عشرينات القرن العشرين و خمسيناته ( قبل إنقلاب الولايات المتّحدة سنة 1953 ) ! و الكتاب غير المنتهى " الديمقراطية غير التامة " الذى ألّفته منظّمة الشيوعيّين الثوريّين ( لاحقا " إتّحاد الشيوعيّين الإيرانيّين " ) يعالج الدور الأساسي للإمبرياليّين في هذا التخلّف و هذا القمع .
لكن إذا نظرنا إلى إيران بمعنى ميزات الديمقراطيّة البرجوازيّة التي تطرّقنا إليها هنا ، ديمقراطيّة أساسيّة ما وقع تطبيقها في إيران . و نجم عن تشكّل الدولة – الأمّة المعاصرة في إيران ديمقراطية / دكتاتوريّة برجوازيّة لها قرن من التاريخ ، بدستور ، و مؤسّسات عسكريّة و أمنيّة . و قد إنجزت انتخابات في ظلّ نظام بهلوى [ الشاه محمّد ] و صارت حتّى أوسع في ظلّ الجمهوريّة الإسلاميّة . طوال هذه المدّة ، " أجنحة الطبقة الحاكمة " المتنوّعة قد حكمت بإنتقالات ديمقراطيّة [ للسلطة عقب الانتخابات ] ، و في الوقت نفسه وقع قمع صوت العمّال و الفلاّحين و الجماهير عامة و بوجه خاص النساء و الأقلّيات القوميّة ، و إهانتهم و إخضاعهم .
و بالفعل ، ما لم يوجد هو حلّ حقيقيّ لكسر دائرة هذه الحركات من المدّ و الجزر في حكومات الطبقات المستغِلّة بأشكال متنوّعة من الأنظمة الملكيّة و جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، حلّ جمهوريّة إشتراكية جديدة و تركيز ديمقراطية / دكتاتوريّة البروليتاريا حينما لن توجد الدولة نفسها إلاّ من خلال سيرورة إنتقال إلى عالم شيوعي . بيد أنّ هذه المرحلة الإنتقاليّة لن يمكن بلوغها في ظلّ هذا النظام أو بنسخ علاقات الإنتاج و البنية الفوقيّة السياسيّة و العلاقات و القيم الإجتماعيّة لهذا النظام.
هل يعنى هذا أنّ النظرة الشيوعيّة للديمقراطيّة نظرة سلبيّة كلّيا ؟ أجاب بوب أفاكيان :
" لا، إنّها نظرة ماديّة جدليّة . بالملموس ، هذا يعنى أنّ الشيوعيّين يعترفون بأنّ الديمقراطيّة ليست هدفا في حدّ ذاته بل وسيلة لبلوغ هدف ؛ و أنّها جزء من البنية الفوقيّة ، و تتناغم مع و تخدم قاعدة إقتصاديّة خاصة ؛ و أنّها تقوم في ظروف تاريخيّة معيّنة وهي عموما مرتبطة بالعصر البرجوازي ؛ و أنّها لم توجد أبدا بشكل مطلق أو شكل " خالص " و إنّما كان لها على الدوام طابع طبقي محدّد وهي مشروطة بالعلاقات الجوهريّة بين الطبقات ؛ و أنّ لها طابع و دور مميّزين في المرحلة الإنتتقاليّة من المجتمع الرأسمالي و العصر البرجوازي إلى عصر الشيوعيّة العالميّة ، و ستضمحلّ مع بلوغ الشيوعيّة " .(6) ( التسطير مضاف في النسخة الفارسيّة )
و العمل في سبيل هذه الديمقراطية الإشتراكيّة ، بداية من الآن ، يعنى تحويل تفكير الناس خدمة للثورة للإطاحة بالدولة القائمة و إنشاء ديمقراطية إشتراكيّة – و ليس بالعمل من أجل المساومات مع الطبقة المستغِلّة .
و الحقوق الأساسيّة للشعب في الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة سيجرى نقاشها في الأعداد القادمة [ من مجلّة آتاش / شعلة ].
هوامش المقال :
1. BBC Persian podcast, “Pargar” held a series on the "Transition to Democracy: Chile, South Korea, Turkey and Malaysia.” Guests: journalist Habib Hosseinifard, and economist Hassan Mansour.
February 3, 2024, “Chile in the Transition to Democracy”
February 10, 2024, “South Korea: Labyrinthine Transition to Democracy”
February 24, 2024, “Malaysia, the Reasons for the Stability of its Democracy”
2. “Transition to Democracy in Iran Today,” Mohsen Renani s Interview with Iran Farda Monthly.
3. Parasite, Bong Joon-ho, 2019.
4. Prince Reza Pahlavi in a meeting with a number of Republicans: “The end of the line will be whether the armed forces stand with the people´-or-the regime my red line is revenge!”
5. Bob Avakian, Democracy, Can’t We Do Better Than That? Chapter 3, “Illusions of Democracy,” pg. 86. 1986, Banner Press.
6. Ibid, Chapter 7 “Democracy and the Communist Revolution,” pg. 215.



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم الإعدام لا يزال قائما ضدمغنّى الراب توماج صالحى : أصوات ...
- تحيين بشأن غزّة : إسرائيل تصعّد من نسق القتل من الشمال إلى ا ...
- المكسيك : مخيّم في الجامعة الوطنيّة -NAM - ضد الإبادة الجماع ...
- غرف تعذيب - الجيش الأكثر أخلاقيّة في العالم -
- جو بايدن الإبادي الجماعي يكذب بينما يحوّل غزو إسرائيل رفح إل ...
- تمرّد الطلبة المطالب بوضع نهاية للمذابح الإباديّة الجماعيّة ...
- الولايات المتّحدة تستخدم - مفاوضات إيقاف إطلاق النار - كسلاح ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : غد ...
- المجموعة الشوعيّة الثوريّة - كولمبيا : غرّة ماي أمميّة ثوريّ ...
- الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة : غرّة م ...
- المنظّمة الشيوعيّة الثوريّة ، المكسيك : من أجل غرّة ماي ثوري ...
- كتب الصحفي بيتر مآس : - أنا يهودي و قمت بتغطية حروب و أعرف ج ...
- المذابح المدبّرة – طقوس عربدة العنف كانت فى يوم من الأيّام م ...
- هذا الأسبوع في غزّة : سيل من الأكاذيب بينما يتواصل قتل الفلس ...
- إسرائيل و إيران تتبادلان الهجمات – خطر إندلاع حرب إقليميّة – ...
- الشيوعيّة الثوريّة مقابل نظريّة - تصفية الإستعمار - : إختلاف ...
- تصعيد التطهير العرقي للإبادة الجماعيّة و إشتداد خطر توسّع ال ...
- الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة : لنلتحق ...
- مقدّمة الكتاب 48 : مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإن ...
- بوب أفاكيان : أجل ، عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن ...


المزيد.....




- التيار الماركسي و مسارات الأوضاع السياسية الراهنة في العراق ...
- آلاف المتظاهرين في بروكسل ضد اليمين المتطرف
- انتخابات بريطانيا.. اختبار للعلاقات بين حزب العمال والمسلمين ...
- هل يعترف حزب العمال البريطاني بفلسطين إذا فاز بالانتخابات؟
- فرنسا: تصدعات بتحالف اليسار وبلبلة ببيت اليمين التقليدي والح ...
- المسألة النقابية منذ عام 1955 ودور الاتحاد الوطني للقوات الش ...
- الطبعة الثانية من ثلاثية إسحاق دويتشر عن تروتسكي: النبي المس ...
- مظاهرة حاشدة في برلين للتنديد بالإرادة الجماعية التي يتعرض ل ...
- كيف خلقت كرة القدم الطبقة العاملة
- أفريقيا كميدان ورهان للصراع بين الإمبرياليات


المزيد.....

- ليون تروتسكى فى المسألة اليهودية والوطن القومى / سعيد العليمى
- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - ممارسة الديمقراطية ، ممارسة المساومة مع الوضع السائد ( الجزء 7 )