|
التعليم في الحلقات القرآنية بجمهورية تشاد اعداد: أحمد عمر أبكر تقديم :ابراهيم محمد جبريل
ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث
(Ibrahim Mahmat)
الحوار المتمدن-العدد: 7986 - 2024 / 5 / 23 - 18:14
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
التعليم في الحلقات القرآنية بجمهورية تشاد Résumé Le sujet intitulé (l’éducation coranique au Tchad) vise à montrer le rôle des écoles coraniques dans la promotion de la langue arabe au Tchad. Pour ce faire, nous avons Utilisé la méthode historique et de---script---ive. A l’issu de cette étude, l’on retient les résultats suivants : Renforcement de l’identité culturelle des arabophones Promotion de la langue arabe valorisation de l’image du Tchad à travers la compétition en matière de la mémorisation du saint coran. En fin, l’auteur suggère ce qui suit : Au gouvernement : l’application effective du bilinguisme, la reconnaissance des écoles coranique comme identité culturelle des arabophones A la Banque Islamique de développement : le renfoncement des écoles coraniques, afin de les transformer en établissements formels Mots clés : Ecole coranique, enseignement, promotion, langue arabe, identité culturelle. ملخص البحث يهدف الموضوع الذي بعنوان: (التعليم في الحلقات القرآنية بجمهورية تشاد) إلى إبراز دور الخلاوي القرآنية في تطوير اللغة العربية في تشاد، ولمعالجة هذا الموضوع انتهج الباحث المنهج التاريخية الوصفي، تحصلت الدراسة إلى النتائج الآتية: 1. دعم الهوية الثقافية لمثقفي اللغة العربية. 2. تطوير اللغة العربية. 3. تحسين صورة تشاد في المسابقات الدولية لتحفيظ القرآن الكريم. وعلى ضوء هذه النتائج، توصي الدراسة إلى الأخذ في الاعتبار التوصيات الآتية: 1. أن تهتم الدولة بتطبيق الثنائية اللغوية. 2. الاهتمام بالخلاوي القرآنية باعتبارها الهوية الثقافية لمثقفي اللغة العربية. 3. وإلى البنك الإسلامي للتنمية تضافر الجهود في دعم الخلاوي القرآنية وتحويلها إلى مؤسسات تعليمية نظامية. كلمات أساسية: خلوة-تعليم-تطوير- لغة عربية-هوية ثقافية. مقدمة: ظل مسلمو تشاد منذ دخول الإسلام يهتمون بتعليم القرآن الكريم الذي يعرف بالخلوة القرآنية، فكان التعليم القرآني مركزاً هاماً لتعليم الأطفال، فمن قديم الزمان كانت الخلوة منتشرة في القرى وفي المدن، وفي عصرنا الحاضر تكاثرت الخلاوي القرآنية إذ توجد في كل حي خلوة أو شكل معاهد قرآنية يقرأ التلاميذ بأصوات مرتفعة أمام معلميهم ، فتعتبر الخلوة القرآنية كمدرسة ابتدائية أو روضة، إذ يدخلها الأطفال للتعليم عندما يبلغون السابعة من العمر، فهي تؤدي دورها في محو الأمية بين الكبار والصغار وفي تعليم القرآن الكريم وحفظه كله أو بعضه. فهذه الخلوة مستمرة في التدريس ما عدى يوم الخميس وفي أيام الأعياد، فالخلاوي مستمرة ومازالت تستمر بعون الله لأنها قائمة بكتاب الله كما ورد قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}( الحجرات الآية:9).1 تعتبر الخلوة من أقدم أنماط التعليم في تشاد وشقت طريقها منذ قرون ولا يزال عملها رفرافاً كأنها تقول سأمضي إلى طريقي إلى يوم يبعثون (أحمد بين آدم، 1990م:1) 2 الخلفية التاريخية لانتشار التعليم القرآني. كان مراحل التعليم في تشاد قبل الاستعمار وهذا كان باللغة العربية، لأن تعليم اللغة العربية في تشاد له جذور عميقة منذ دخول الإسلام، فالشعب التشادي أصبح تعليمه تراثي وهذا يرجع إلى الممالك الثلاث وهي مملكة كانم وباقرمي ووداي. وفي القرنين السابع والتاسع الميلادي وجدت مؤسسات لتعليم التربية الإسلامية في المساجد والمسيك أي المدرسة القرآنية وبدأ التعليم الإجباري في مؤسسات التعليم التقليدي، ومن أهم المؤسسات في تلك الفترة كانت المسيك والتعليم التراثي يهدف إلى حفظ القرآن الكريم واستيعاب علوم الدين واللغة (إبراهيم داغي ماجدة 2014م:58).3 تاريخ التعليم العربي في تشاد: فلو تتبعنا تاريخ التعليم العربي في تشاد لوجدنا له وجوداً فيها منذ القرن السابع الميلادي كما ذكر الأستاذ الدكتور: أيوب حيث استطاعت اللغة العربية مع مرور الأيام أن تكون اللغة الوطنية الأولى ولغة التخاطب للأمة التشادية إلى أن منيت البلاد في بداية القرن العشرين بالاستعمار الفرنسي الذي حاوله في نهايات وبدايات القرنين 19 و20 هان يطمس معالمها ويفقدها ميزتها، ويمحو وجودها ويعمها بالخراب، مع ذلك فقد بقيت اللغة العربية صامدة تتطور شيئا فشيئاً إلى أن بلغت المرحلة التي هي فيها الآن. ففي عام 1901ه1960م تدرس اللغة العربية على شكل تعليم قرآني اختياري، الهدف منه جذب أبناء المسلمين إلى المدارس الاستعمارية، فقد قام المستعمر بعدما فشل في سياسته التعليمية في تشاد وتنبه أن السبب الرئيسي في ذلك ه م العلماء قام بارتكاب مجزرة الكبكب عام 1917م في مدينة أبشة، حيث قتل فيها أكثر من 400 عالماً وهدفه من ذلك هو توطيد هيمنة الثقافة الفرنسية. ولم يقتصر على هذه الحادثة وإنما قام بمذبحة فايا نفس عام 1917م ومذبحة كانم عام 1940م وتدمير بعض المدن التشادية أمثال موسورو ببحر الغزال. وبرغم هذه الحوادث صمد التعليم العربي فإن شأت معها د من قبل المواطنين حفاظاً على مستقبل أبنائه م الثقافي والديني ضد الثقافة الفرنسية الغازية ومن هذه المعاهد: معهد أم سويقو العلمي الإسلامي بمدينة أبشة عام 1946م؛ معهد بستان العارفين للتربية الإسلامية بمدينة أبشة عام 1955م؛ المركز الإسلامي بمدينة أنجمينا عام 1955م معهد الثقافة الإسلامية بانجمينا عام 1956م مدرسة النهضة العربية بانجمينا عام 1958م كما أشعلوا من نيران الخلأوي وأشهرها في تلك الفترة: خلوة الشيخ آدم بركة بمدينة أبشة؛ خلوة الشيخ جبل يونس بمدينة أبشة؛ خلوة القوني عمر بمدينة أنجمينا؛ خلوة القوني تجاني محمد الأول بمدينة أنجمينا؛ خلوة محمد زين بموسورو. إلى جانب هذا، توقد نيران القرآن الكريم في البوادي والقرى التشادية الكثيرة العدد، نظراً لذلك، قام المستعمر بمحاولات منع أبناء المسلمين بعد التخرج من هذه المعهد والخلاوي من الذهاب إلى البلدان العربية لاكتساب العلم والمعرفة وليتمكن هو من نشر لغته وثقافته بين أوساط الأمة المسلمة، قام بتأسيس المدرسة الإعدادية الفرنسية العربية عام 1957م بمدينة أبشة، من عام 1960 – 1970م بعد أن استقلت البلاد، فإن دستور 14 إبريل عام 1960م فقد منح مكانا للغة العربية في التعليم. فأدخلت وزارة التربية الوطنية تعليم هذه اللغة في برامجها كمادة اختيارية . ففي أكتوبر عام 1961م عين أول مفتش رئيس قسم التعليم العربي، مهمته إعداد التعيين وتثبيت وترقية الموظفين وإعداد برامج المعلمين والقيام بشراء وتوزيع الكتب المدرسية وأيضا تنظيم التدريبات التربوية. (محمد صالح مورخ تشادي تعريف مملكة كانم، مملكة وداى محمد صالح مورخ)4 ما المقصود بالخلوة القرآنية. المقصود بالخلوة كما ورد في المعاجم العربية عند لسان العرب: وعن ابن إسحق خلو أو خلاء وخلوة الأخيرة عن اللحياني اجتمع معه في خلوة وقيل الخلاء والخلو – المصدر والخلوة الاسم (العلامة بن فضل، بدون تاريخ:261).4 فالخلوة القرآنية تعني المدرسة التقليدية التي يدرس فيها القرآن الكريم، كما ورد في مجلة اليونسكو كان معلم التعليم في مكة دار الأرقم، وفي هذا المكان تعلم الكثير، ومن هذا المبتدأ اتخذ كثير من الناس هذه العادات باتخاذ جانب من منازلهم كمثل هذه الحاجة (Abdelaziz 1983:26).5 ففي مصر تسمى كتاب للتي تبني مستقلة عن المساجد والتي لم تلحق بالمساجد، يدرس فيها القراءة والكتابة والحساب والدين ولأهم فيها حفظ القرآن ودراسته عن ظهر قلب ، وتسمى خلوة في السودان وهي عبارة عن غرفة صغيرة ملحقة بالمسجد وتستهل أصلاً للاختلاء والتأمل والتصوف وأماكن لمساعدة التلاميذ لحفظ القرآن الكريم، وهناك مدارس إسلامية أخرى: الزاوية في ليبيا، الدكسي في الصومال، الميلاما اليمنية، مسيد في المغرب وعلى مختلف الأشكال والكتاب. فالخلوة القرآنية لها عدة أسماء في تشاد فهي تسمى غالباً مسيج "أو مسيك" أو "قراية مسلم" أو سنقاية أما جمع الخلوة هي خلاوي. ظلت الخلاوي تؤدي دورها في محو الأمية بين الكبار والصغار وفي تعلم القرآن الكريم وحفظه كله أو بعضه. كان للخلاوي القرآنية في تشاد دور عظيم في تحفيظ القرآن الكريم وشتى العلوم الدينية كالفقه والتوحيد والأحاديث النبوية وتفسير القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية. للخلوة نظامين: النظام القديم والنظام الحديث. أولاً: النظام القديم: وهي تنقسم إلى نوعين: أ/ دراسة محلية تكون في منزل الفقيه أو في مكان خاص في ظل شجرة ظليلة أو بجوار المسجد أو في منزل السلطان. ب/ دراسة المهجر: وهي الدراسة التي تكون بعيدة عن أسرة المهاجر، من قرية إلى قرية أو من محافظة إلى محافظة أو إلى العاصمة، فتجد الفقيه في المهجر يوكل إليه من أي قرية أو بادية عدد من الأولاد ثم يسافر بهم إلى أمكان بعيدة من أسرهم وهؤلاء المهاجرين يجدون معيشتهم من المهجر وسيدهم يكتسب معيشته منهم، والغريب نجد أن أغلب آباء هؤلاء الأولاد أغنياء. ثانياً: النظام الحديث: هي الدراسة التي يكتسب فيها الفقيه معيشة لأنه يدرس في بيت غني أو في المعاهد القرآنية، فالنفقة تكون من قبل أولياء المهاجرين أو المعاهد القرآنية التي تجد بعض الدعم من بعض المنظمات الإسلامية، ومن ضمن هذه المعاهد القرآنية مثل: معهد بستان العارفين بتكرا أجمينا، معهد مبروكة بسار، معهد كرل في مدينة كرل الذي يسمى بالمدينة القرآنية ، ومعهد مجمع دار السلام لتحفيظ القرآن الكريم وعلومه بأبشة. يبدو للباحث أن دراسة المهجر فيها إيجابيات كثيرة رغم بعض السلبيات، لأن الذي يهاجر غالباً له الرغبة في حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ولكن الاعتماد على التلقين والحفظ وحده لا يكفي بل لابد من الاجتهاد لفهم القرآن الكريم وتفسيره لأن الصحابة رضوان الله عليهم عندما تنزل عليهم أية يحفظونها ثم يعرفون معناها ويعملون بها. طرق تعليم القرآن الكريم. 1/ الطفل في الخلوة: ففي السن الخامسة أو السادسة من العمر يذهب الطفل مع ولي أمره إلى الخلوة، وقد يتخد الآباء بيوم الأربعاء أو السبت مراعين في ذلك خاصة يوم الأربعاء نوع من التخفيف على الطفل الحديث. وقد اعتاد الناس أن يحملوا مع الطفل الجديد شيء من التمر أو البليلة يوزع على المهاجرين أي الحيران ابتهاجاً بهذه المناسبة ، فحينئذ يرشد الفقيه الطفل بالوعظ والإرشاد ويدعو له بالخير. 2/ كيفية التدرج: يتسلم المهاجر الكبير (الطالب في الخلوة) الطفل الصغير لكي يبدأ معه ولكل طالب له عدد من التلاميذ يكفله سيده بتعليمهم وهذا يكون على النحو التالي: أولاً: يلقن الطفل التعويذ والبسملة وسورة الفاتحة ويستمر فيها تقريباً أسبوعين أو شهر. ثانياً: يلقن الطفل بعض الحروف الهجائية ثم يكتب له على الأرض وبهذه الطريقة يتعلم الطفل الحروف الهجائية. عندما تأكد الفقيه أن المهاجري حفظ كل الحروف الهجائية عن ظهر قلب وأصبح قادراً على كتابتها ينتقل إلى مرحلة أخرى. ثالثاً: يبدأ الطفل بتعلم الكتابة البسيطة مثل: بسم الله – قال – قالوا- هؤلاء – عليكم (هذه الكلمات تسمى بأمهات الحروف) في أثناء ذلك قد يكلف المهاجري بغسل لوحه ويسطر لوحه بالرماد لاستقامة الكتابة، ثم يبدأ من سورة الفاتحة وفي فترة معينة يكلف المهاجري بمعرفة الحركات الثلاثة والسكون فمثل: بَ ، بِ ، بُ ويقرأ: بَ فتحة ، بِ كسرة ، بُ ضمة وقُلْ جَزَمْ وبهذه الطريقة يتعلم الشكل بكيفية كتابة الحروف المشددة وقراءتها وكذلك التنوين وقراءته. رابعاً: يقرأ الفقيه الآية فيكرر المهاجري هذه الآية في الاستيعاب الجيد والنطق السليم مرتين ثم يحاول كتابتها فيلاحظ المعلم، فيتوقف المهاجري في الكتابة عن لوحه على حسب مستواه، بعد ذلك يأخذ الفقيه لوح المهاجري ويصحح الأخطاء ثم يأمر الفقيه بحفظ اللوح وتسميعه إن أمكن في المساء أو الصباح الباكر، وهكذا حتى ينتهي من كتابة سورة البقرة وعند نهاية هذه السورة يوصف المهاجر بأنه ختم القرآن الكريم. خامساً: مفهوم الشرافة: الشرافة في الخلوة معناها الصدقة أو الكرامة وهي تعتبر تشريفاً لدارس القرآن الكريم، فالشرافة هي تلك الذبيحة التي تذبح لوصول سورة معينة، وهي تتراوح من دجاجة على بقرة. أما الطفل الذي أدخل في الخلوة لا تذبح له هذه الشرافة بل تقدم له العجينة أو التمر أو حلويات باعتبارها شرافة للمبتدئين كما ذكر سابقاً. أما العجينة هي ذلك الدخن (الخلة) أو الرز الذي يدق في المهراس ويضاف عليه الماء والسكر والحب الأسود أحياناً وتوضع عليه حبيبات من الملح والشطة والغالب عليها هو السكر وتوزع على تلاميذ الخلوة. فالشرافة في تشاد تختلف من منطقة إلى أخرى وهذا يتوقف على حسب الظروف الاجتماعية، إذا بلغ المهاجري سورة البينة تقدم له العجينة أو التمر، أما في سورة الأعلى تقدم له الشرافة عبارة عن دجاجة تذبح له ثم توزع لحمها على المهاجرين ما عدا الفخذين تكون للفقيه في بعض الأحيان، في سورة النبأ دجاجتين أو خروف كذلك إذا بلغ سورة الجن ليقيه الله من الجن وسورة الملك التي تعتبر شرافة أساسية فيها بعض الأحيان دجاجة. فمن أهم الشرافات في تشاد هي شرافة سورة يس وسورة مريم وسورة التوبة ، وهي تعتبر شرافة أساسية وعلى حسب الاعتقاد السائد إذ يقولون بالدارجية (براءة تكسر الرقبة من وراء) ثم شرافة في الأعراف كل هذه السور يذبح فيها خروفاً. وبهذا لا نجد شرافة أخرى إلا في سورة البقرة وهي ختامة القرآن الكريم التي يذبح فيها ثور إن استطاعت الأسرة. فيبدو للباحث أن هذه الشرافات لها أهمية بالغة إذ تشجع أسرة المهاجري لتعليم أبنائها والاعتناء بالفقيه مما يجعل الأسرة مفتخرة بابنها الذي ختم القرآن الكريم. الأدوات المستعملة في الخلوة. فالخلوة لها عدة أدوات تستعمل فيها فالأدوات الأساسية هي: - القرآن الكريم ويعرف بالكتاب، وهذا المصحف الشريف مطبوع وعلى رواية حفظ غالباً، ولكن بعض المشايخ القدامى محتفظين بالكتاب المخطوط باليد وهو على رواية أبي عمرو الدوري أو رواية ورش. - اللوح وهو مستطيل الشكل مصنوع من شجرة الهجليج. - القلم وهو غالباً ما يكون من القصب. - الدواية وهي المادة التي يكتب بها على الألواح وهي حبر الكتابة أما كيفية صنع الدواية هي عبارة عن حصير قديم يشعل فيه النار ثم يخمد ناره فيصبح الحصير أسود، فيضعونه في المحراث مختلطاً بالصمغ ففي النهاية يصبح (سجما) فيضعونه في بخسة أو في زجاجة دهن فارغة ومعه ماء ليلاءم الكتابة. - القلم يصنع من قصب الذرة أو بعض النباتات ذات الساق القوي فيبرى بالموس أو السكين ويكتب به. دخل الفقيه (الفكي). إن كلمة الفقيه يقصد بها في تشاد معلم القرآن الكريم ويطلق عليه أسماء أخرى مثل: الفكي، أو سيدنا ، أو القوني. لم يعتبر فقيه الخلوة موظف ذي راتب شهري، بل أن الشعب وحده يتكفل ضمان العيش له بإحدى الوسائل: الوسيلة الأولى: الأربعاء هو اليوم الآخر للأسبوع الدراسي إذ هو لفظ يطلق على مقدار النقود بدفعه المهاجرون كل يوم الأربعاء عشرين ريال تشادي وبهذه الطريقة يتجمع مبلغ من المال يعينه على قضاء حاجاته الأسبوعية. الوسيلة الثانية: كل مهاجري مكلف أن يأتي بثمانين ريال تشادي في كل شهر وبهذا أن الآباء لم يهتموا بالتكلفة الشهرية. الوسيلة الثالثة: إن بعض الأغنياء يهتمون بالفقيه للدراسة المنزلية ويجعلون له مرتباً شهرياً مثل ما تعمله المعاهد القرآنية. الوسيلة الرابعة: الهدايا: يستقبل الفقيه الهدايا المتنوعة من آباء المهاجرين والمحسنين وكذلك من بعض كبار المهاجرين الذين تخرجوا ونالوا بعض الأعمال الأخرى وكذلك الفطرة والزكاة. أما من الناحية الاجتماعية نجد الفقيه يتمتع بأخلاق حميدة تقليدية تنطبق مع قيود المجتمع، فنراه لا يهتم بالمطالبة في كل شهر من آباء المهاجرين لأن تدريسه لوجه الله، فالفقيه يلتزم بما يلتزم به الناس ولا يخرج عن هذه القيود، ولكن المتفقهين من الفقهاء يحاولون أن يوجهوا الناس إلى الأعمال الصالحة. فأما الذي كانت ثقافته محدودة تراه رجلاً عادياً لا يريد من المجتمع إلا أن يراعى له ذلك النشاط المقدس الذي يؤديه، وإذا وجه إليه كلام جارح فهو يغضب من ذلك لأن الذي جرحه لا يراعى عمله المقدس، فهو يغضب لنفسه ولكن هذا الغضب لأجل الوظيفة التي يؤديها وهي تدريس كتاب الله عز وجل. كان المجتمع في ذلك العصر يضع في المعلم ثقة كبيرة فهو المعلم والمستشار في كل أمر ديني أو دنيوي وصار شيخ الخلوة الرجل الأول في القرية كما يؤدي واجبات شتى وأعمال نافعة فمن هذه المهام التي يؤديها هو: المعلم، وإمام جمعة أو جماعة وعقد النكاح وعلاج المرض ويقوم بدور الصلح الاجتماعي (الطيب محمد الطيب، 1998م:69).6 تأثير الخلوة في المجتمع التشادي. 1/ عامل اللغة العربية: إن قبائل تشاد المسلمة أكثرهم يتكلمون بلغة الأم ولكنهم متأثرين بالقرآن الكريم لذلك تراهم مضطرين أن يواصلوا في الحلقات يقرءون فيها اللغة العربية بدلاً من الأعجمية. فمن هذا المنطلق ترى في وداي سابقاً إذا كان الولد لم يحفظ القرآن الكريم يكون مركزه ناقصاً في مجتمعه حتى لا يجد عند الزواج زوجة محترمة من أسرة محترمة. أن الفتيات سابقاً لا يقبلن أن يكن زوجات لمن لم يحفظ القرآن وكل بنت إذا تزوجت برجل لم يحفظ القرآن كما يسمونه جاهلاً فتصبح البنت أقل من أخواتها في المجتمع لأنها لا تستطيع أن تتمتع بشرفها الكامل مع أخواتها (محمد يعقوب دبيو: نبذة من تاريخ علماء تشاد:21).7 ومن بين هذا التأثير هي الروايات وأشهرها رواية ورش ويليها رواية أبي عمرو الدوري ثم رواية حفص. 2/ حفلة ختم القرآن الكريم: الختامة هي المناسبة العظمى التي تقام بعد ختم القرآن الكريم، فالأسرة تذبح بقرة أو عدد من الكباش لهذه المناسبة ويجتمع فيها أهل الحي وأعيان المدينة ليباركوا على هذه المناسبة ويختم في ذلك اليوم القرآن تلاوة. وهذه المناسبة أخذت في وقتنا الراهن منعطفاً آخر وهو منعطف مادي إذ أصبحت الختامة مناسبة لجمع الأموال من الأقرباء والأصحاب فأم الطفل تنادي صاحباتها عبر الإذاعة إن كانت مستطيعة. 3/ حوافز المسابقات: كانت المسابقات تكون في معهد القراءات القرآنية بجامع الملك فيصل بأنجمينا، فتكون على حسب مقدرة حفظ الطالب سواء عشرة أو عشرين حزباً فصاعداً مع الرواية المطلوبة. يكون لجنة الامتحان لكي تلاحظ الأخطاء ثم يعلن نتائج الناجحين فيرسل أسمائهم على الدول المنظمة للمسابقات العالمية كمصر والسعودية والإمارات. هذه المسابقات لها أثر مادي مما جعل كثير من الطلاب يتنافسون لهذه المناسبة الكريمة، فالذي ساعده الحظ واشترك في المسابقات الدولية يجد هدايا تتوفر له في حياته اليومية وتأهله لمواصلة دروسه في الجامعة أو تساعد في تحركه التجاري. الخاتمة: تعتبر الخلوة المكان الذي يدرس القرآن الكريم وبازدهارها ازدهرت اللغة العربية إلى أن وصلت إلى الجامعات. إذ كانت للخلوة نظامين: فالنظام القديم هو المهجر الذي يهاجر المهاجر مع سيده لمدة سنوات إلى أن يتخرج، أما النظام الحديث فهو فتح المعاهد القرآنية والدراسة الأكاديمية. إذ توجد في الخلوة فوائد من خلال الحلقات والمدائح لنشر اللغة العربية بطريقة غير مباشرة مما أدى إلى انتشار المعاهد لتدريس البنين والبنات وللحفظ ومعرفة العلوم العصرية. النتائج: 1. للخلاوي القرآنية أهمية كبرى في حفظ الثقافة الإسلامية. 2. للخلاوي القرآنية دور كبير في نشر اللغة العربية في المجتمع التشادي. 3. تطور الكثير من الخلاوي لتصبح مدارس نظامية عصرية. 4. قامت الخلاوي بربط المجتمع وذلك من خلال الالتقاء والتعايش المشترك بين طلاب الخلاوي. 5. للخلاوي القرآنية دور في الصلح بين القبائل وأغلبها تكون في المناسبات والاحتفالات الكبيرة مثل الختامة والمسابقات. 6. دعم الهوية الثقافية لمثقفي اللغة العربية. التوصيات: 1. تشجيع الخلاوي القرآنية للسير قدماً إلى الأهداف. 2. إجراء أو تخصيص مكافأة شهرية للمشرفين والقائمين على الخلاوي القرآنية وذلك من قبل الحكومة والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. 3. تأسيس صندوق وقفي لمساعدة طلاب الخلاوي القرآنية. 4. رد اعتبار مدرسي وطلاب الخلاوي القرآنية ومساواتهم مع غيرهم من معلمي وطلاب المدارس النظامية. 5. استعمال الطرق العلمية الحديثة في تدريس القرآن الكريم. 6. حث دراسة اللغة العربية ومثقفيها على التعمق في معرفة القرآن الكريم واكتشاف أسراره. 7. أن تهتم الدولة بتطبيق الثنائية اللغوية. المراجع: 1. القرآن الكريم 2. أحمد بين آدم ، تدريس القرآن الكريم في تشاد ، منطقتي كانم ووداي، الخرطوم، 1999م:1. 3. إبراهيم داغي مايدة ، مشكلات مناهج تعليم اللغة العربية بمراحل التعليم، مصر،2014م:58. 4. ابن فضل جمال الدين بن منظور ، لسان العرب المجلد الثامن عشر، دار الفكر بيروت ، ب.ت:261. 5. Abdelaziz elkoussy, le courier de l’unesco,edication, Maroc,1983,p:26. 6. الطيب محمد الطيب ، المسيد، ط:1، الخرطوم، 1991م:69. 7. محمد يعقوب ديبيو، مخطوط نبذة تاريخية من علماء تشاد، مكتبة جامعة أنجمينا، ب.ت:21.
#ابراهيم_محمد_جبريل (هاشتاغ)
Ibrahim_Mahmat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفهوم التنوير
-
واقع الغزو الفكري في المجتمع العربي والإسلامي (1)
-
الخطابة في العصر الجاهلي
-
تاريخ الأدب الجاهلي مفهومه وعناصره وخصائصه ودواوينه
-
تاريخ الأدب الجاهلي( النثر الجاهلي)
-
التعايش الفكري في المؤسسات التعليمية لأحمد عمر أبكر
-
الأديب الإفريقي بين الأسلوب والواقع الاجتماعي
-
الهوية اللّغوية والدينية في الكاميرون دراسة وصفية تحليلية
-
خصائص الشعر الجاهلي
-
خلاصة تاريخ الأدب الجاهلي -شوقي ضيف-
-
الغزو الفكري وعمليات غسيل الدماغ
-
النثر الجاهلي
-
مواجهة الإستعمار في ظل التفكير الإسلامي المعاصر
-
العلاقات العربية الأفريقية والتركية الإفريقية
-
ألكساندر بوب، شاعر إنكليزي
-
مجنون ليلى
-
الأسلوب
-
سوق -العبيد- في تونس
-
المدراس الأدبية في العصر الحديث
-
الفرنكوفونية
المزيد.....
-
-حقبته على وشك الانتهاء-.. أكاديمي إماراتي يعدد ما -يجب على
...
-
مصر.. نجيب ساويرس يُعلق على موقفه من هجمات -7 أكتوبر-
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب قبالة سواحل نيوزيلندا
-
مقتل سبعين شخصا ونزوح الآلاف إثر هجوم عصابات في هاييتي
-
الخارجية الروسية تعلق على فكرة عضوية أوكرانيا في الناتو
-
هل ستلتقين بوتين؟.. كامالا هاريس تجيب (فيديو)
-
خطة إسرائيلية لـ-حماس- ومخطط لـ-لغزة-!
-
روسيا تضع قوائم بأسماء المرتزقة الأجانب في أوكرانيا
-
الجيش الإسرائيلي يعلن عن اغتيال أحد قادة حزب الله باستهدافه
...
-
?? مباشر- عام على حرب غزة: نتنياهو يصر على القتال وسط تصاعد
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|