أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غازي الصوراني - التخلف الفكري في الثقافة العربية وأهمية الفلسفة العقلانية التقدمية الديمقراطية للنهوض المنشود..........















المزيد.....

التخلف الفكري في الثقافة العربية وأهمية الفلسفة العقلانية التقدمية الديمقراطية للنهوض المنشود..........


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 7968 - 2024 / 5 / 5 - 08:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إن الحديث عن أهم عوامل التخلف الفكري في الثقافة العربية، مرتبط بصور مباشرة وغير مباشرة بالمناهج والكتب التربوية في المدارس والجامعات العربية، التي تكرس المفاهيم السلفية الشكلية من منطلق التناقض مع المفاهيم والقيم الحضارية الحديثة، خاصة قيم الاختلاف والرأي والرأي الآخر والديمقراطية والمواطنة وتعلن رفضها لمفاهيم الوطنية والقومية، علاوة على انها لا تتناول أي إشارة إلى التنوع الديني في بلادنا من منطلق المساواة أمام القانون، بل إن معظم الكتب المقررة للتعلم في المدارس العربية تنطلق من المذهب الديني المعتمد في هذا البلد أو ذاك، سنياً أو شيعياً أو غير ذلك من المذاهب، وفق رؤى وأفكار ومناهج تراثيه ماضويه يتم فرضها باعتبارها حقائق مطلقه ووحيده طالما أنها لا تتناقض مع المصالح الطبقيه للفئة الحاكمة في هذا البلد أو ذاك، الأمر الذي كرس مظاهر التخلف والتبعية، ومن ثم خلق المناخات التي تشجع على التطرف والعنصرية تجاه الآخر، الأمر الذي يدرج أصحاب العقائد الأخرى ضمن مفاهيم الضلال والكفر، ويسهم في تربية جيل ناقل وحافظ للمعلومة، غير قادر على الخلق والتفكير الموضوعي السليم، وكل ذلك يعود إلى أن النظام التربوي في الوطن العربي يحد من القدرة لدى الطالب على طرح الأسئلة وعلى فهم المعلومة المقدمة له، وإعادة صياغتها في عقله، بشكل نقدي بل يؤسس ويكرس لفعل قمع العقل عن التساؤل وتهيئته فقط للتلقي، ما يضعف قدرة الطلاب على التفكير والفهم العقلاني ويخلق منهم جيلاً ناقلاً لا فاهماً أو مساهماً في صنع الفكرة، بحيث بات الأسلوب والمنهج التربوي الديني في ثقافة مجتمعاتنا عموماً، والأطفال وطلاب المدارس خصوصاً، نقيضاً للاستنارة العقلانيه الدينية الموضوعيه التي عبَّر عنها ابن رشد والكندي والفارابي وابن سينا وغيرهم من فلاسفة المسلمين، وصولاً إلى الشيخ محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي والشيخ علي عبد الرازق في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وحسن حنفي وجمال البنا ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد وغيرهم من المفكرين الاسلاميين العقلانيين في القرن الحادي والعشرين .
ذلك ان التنشئه الدينية العقلانيه المستنيرة، ستوفر مجالا رحباً للعقل وحرية التفكير والاختلاف، بمثل ما تضمن تحفيز ونشر أفكار التسامح والتقدم والتطور والنهوض المنشود انطلاقاً من قواعد التفكير الحر الديمقراطي في إطار فصل الدين عن الدولة كضمانه رئيسية على طريق الخلاص من التخلف والتبعية صوب النهوض الوطني والقومي المنشود.
وفي هذا السياق، فإننا "نخطئ خطأً جسيماً لو ظننا أن تجديد الفكر الدينى يتمثل أساسا فى مراجعة ونقد بعض الأفكار المتطرفة المبثوثة فى الخطاب الدينى، وذلك لأن المطلوب قبل إحداث ثورة دينية هو القيام "بثورة معرفية" تركز على مناهج التعليم العتيقة البالية سواء فى المعاهد الأزهرية التى تخصصت فى تعليم الفكر الدينى، أو فى مؤسسات التعليم المدنى الزاخرة بقشور العلم، والتى لا محل فيها لفكر دينى مستنير".
"وهذه الثورة المعرفية المقترحة لها أركان أساسية، أهمها على الإطلاق تأسيس العقل النقدى الذى يطرح كل الظواهر الاجتماعية والثقافية والطبيعية للمساءلة وفق قواعد التفكير النقدى المسلم بها فى علوم الفلسفة والمنطق. والركن الثانى تجسير الفجوة بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية على أساس مبدأ وحدة العلوم.والركن الثالث هو الدراسة العلمية للسلوك الدينى فى العهدين الأموي والعباسي وما تلاهما من الدويلات الإسلامية التركية والفارسية والمملوكية والحكم العثماني وصولاً إلى مرحلة الانحطاط الراهنة لمعرفة صور ذلك السلوك التراثي وأنماطه السوية والمنحرفة على السواء. والركن الرابع والأخير استخدام الاكتشافات الجديدة فى علم اللغة والمنهجيات المستحدثة فى تحليل الخطاب لتأويل الآيات القرآنية حتى تتناسب أحكامها مع روح العصر".
والنتيجة أن مجتمعاتنا العربية، أصبحت تعاني من " ازدواجية واضحة على مختلف المستويات العمرانية، والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، والإدارية، والثقافية. ازدواجية تتمثل في وجود قطاعين أو نمطين من الحياة الفكرية والمادية، منفصلين ولكنهما متعايشان معاً داخل المجتمع الواحد: أولهما عصري مستنسخ عن النموذج الغربي، ومرتبط به ارتباطاً تبعياً، والثاني تقليدي أو أصيل، وهو استمرار لما كان قائماً من قبل التغلغل الإمبريالي، ويتم الدفاع عنه بدعوى الأصالة والحفاظ على تراث الأسلاف"!.
والسؤال الآن: كيف وصل العرب في المرحلة الراهنة إلى هذه الحال الشديدة الانحطاط التي أدت إلى اعادة انتاج وتجديد التخلف بكل مضامينه الاجتماعية والثقافية، وأين يكمن الخلل؟، وجوابنا انه يكمن في طبيعة التطور الاجتماعي الاقتصادي التاريخي المشوه والمتخلف، وخصوصاً في مرحلة الانفتاح والبترودولار، التي وفرت المناخ الملائم لإعادة تجديد وانتاج الأفكار والحركات السلفية الغيبية المتزمتة، تمهيدا لهيمنتها على صعيد الفكر والمجتمع العربي، انسجاما مع تزايد تبعية وتخلف وارتهان معظم المجتمعات العربية للنظام الإمبريالي، بما أدى إلى ازاحة المعرفة العقلانية والسلوك الديمقراطي لحساب التخلف والأفكار الرجعية السلفية، التي كانت - وما زالت - تشكل عقبةً في وجه تفتح الرؤية العقلانية التنويرية العربية، وأبقت الأوضاع العربية أسيرة لمناخ التخلف ومظاهره، التي تتبدى في أن " العقل السياسي العربي محكوم في ماضيه وحاضره – كما يقول المفكر الراحل محمد الجابري – " بمحددات ثلاثة هي : القبيلة والغنيمة والعقيدة، أي بعلاقات سياسية معينة تتمثل في القبيلة، وفي نمط إنتاجي معين هو النمط الربوي، الذي يرمز إليه بالغنيمة (الدخل غير الإنتاجي)، وسيادة العقيدة الدينية، ويرى أنه لا سبيل إلى تحقيق متطلبات النهضة والتقدم بغير نفي هذه المحددات الثلاثة نفياً تاريخياً وإحلال بدائل أخرى معاصرة لها.
ولهذا يقول المفكر الراحل محمود العالم " إن قضية تجديد العقل السياسي العربي اليوم مطالبة بأن، تحول "القبيلة" في مجتمعنا إلى تنظيم مدني سياسي اجتماعي، وتحول " الغنيمة "أو الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد إنتاجي، يمهد لقيام وحدة اقتصادية بين الأقطار العربية، كفيلة بإرساء الأساس الضروري لتنمية عربية مستقلة، وتحويل العقيدة إلى مجرد رأي، أي التحرر من سلطة عقل الطائفة والعقل الدوجمائي، دينياً كان أو علمانياً، وبالتالي التعامل بعقل اجتهادي نقدي"، ما يستدعي من المثقف العربي في مجابهة هذا التمدد الرجعي السلفي غير المسبوق، التأمل والتفكير والنضال الديمقراطي ضد الاستبداد والاستغلال ومتابعة المستجدات النوعية التي ستدفع إلى بلورة مفهوم جديد للمعرفة، صاعداً وثوريا وديمقراطيا بلا حدود أو ضوابط، بعد أن أصبحت صناعة الثقافة والمعلومات من أهم صناعات هذا العصر بلا منازع .
وهنا بالضبط تتجلى أهمية الفلسفة العقلانية التقدمية ونشرها عبر الجامعات والمدارس في بلادنا لمجابهة تحديات الانحطاط الاجتماعي الثقافي الراهن، عبر إعادة الاعتبار للفكر الفلسفي الديمقراطي والتقدمي، من خلال إعادة بلورة وصياغة أسس ومفاهيم الحداثة والعقل والعقلانية والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية بما يسهم في استنهاض الفكر العربي المعاصر ونقله بصورة نوعية قادرة على إحداث التغيير النهضوي الديمقراطي المطلوب، ذلك هو هدف الفلسفة العقلانية الحداثية الديمقراطية التقدمية القادرة على مجابهة وهزيمة القوى اليمينية بمختلف منطلقاتها وأطيافها والوانها ومسمياتها.
في هذا الجانب، أشير إلى العلاقة التبادلية، والترابط الجدلي بين حالة التخلف المعرفي، وبين أوضاع التخلف الاجتماعي الاقتصادي في مجتمعاتنا العربية، التي تعيش حالة من الانحطاط والانقطاع المعرفي منذ القرن الثالث عشر الميلادي حتى اليوم، بحيث باتت دول الوطن العربي مجرد حلقات طرفية تابعة ومرتهنة للنظام الامبريالي الأوروبي والأمريكي، وأصبحنا –كعرب- نعيش على هامش الحضارة الغربية.
صحيح ان هناك عوامل خارجية وظروف موضوعية، أدت إلى مراكمة وتكريس أوضاع التخلف والاستتباع، إلا أننا لا يمكن أن نتجاوز العوامل الذاتية العربية من حيث غيابها وقصورها وعجزها، ارتباطاً بالمصالح الطبقية الانتهازية، ودورها الرئيسي في وصول مجتمعاتنا وبلداننا إلى هذه الدرجة من الخضوع والتخلف المعرفي والمجتمعي، الذي حال دون ظهور أي فيلسوف عربي بعد ابن رشد، في مقابل نهوض أوروبا المعرفي والمجتمعي، رغم تخلف وظلام القرون الوسطى، عبر مئات الفلاسفة والمفكرين والعلماء الذين صنعوا معالم نهضتها .



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول تطور -الوعي بالذات- أو بالهوية القومية، عبر التاريخ، لدي ...
- دراسة تتناول المؤشرات أو الظواهر الدالة على التمهيد لإنهاء خ ...
- المادية الجدلية والمنهج العلمي الجدلي وتعريف المادة وأشكال و ...
- تغيرات واقع الثقافة والفكر والأدب في الوطن العربي بين إبداع ...
- سؤال العولمة ؟
- العولمة وتأثيرها على الوضع الدولي والعربي
- باختصار: مصطلح الصهيونية وتاريخها
- الأخلاق بين الديمقراطية والاستبداد
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ...
- من خيمة النزوح ورغم القصف الهمجي الذي أدى إلى قتل نحو 9 آلاف ...
- بمناسبة يوم مولدي الثامن والسبعين - يوم بطعم الخيمة والخيبة. ...
- غزة بعد أربعة أشهر على الحرب العدوانية
- مجابهة الوجود الاستعماري-الاستيطاني الصهيوني:
- المسألة اليهودية والحل الصهيوني وسبل المجابهة......
- باختصار عن سياسات الانفتاح والتبعية ودورها في إنتاج الفساد.. ...
- ما الحداثة وما هي أبرز سماتها وأنواعها؟............
- معايدة الى اهلنا احباءنا المسيحيين من غزةالصامدة بمناسبة عيد ...
- غزة تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي ..............
- الضرورة الملحة لمراجعة مفهوم المركزية وتعميم الديمقراطية منه ...
- احزاب وفصائل اليسار الماركسي وأهمية الالتزام بالديمقراطية مف ...


المزيد.....




- احترقت تلقائيًا في ممر المنزل.. شاهد اشتعال نيران بسيارة بشك ...
- بعد أوامر محكمة العدل الدولية.. نتنياهو يتحدث مع وزرائه وبن ...
- ما هي عملية هيروشيما التي انضمت إليها الإمارات؟
- محكمة العدل الدولية تأمر بوقف هجوم رفح وتحث على الإفراج عن ا ...
- الرئيس البيلاروسي يحمل واشنطن مسؤولية مقتل الرئيس الإيراني
- خبير دولي لـRT: قرار العدل الدولية بوقف العدوان على رفح ملزم ...
- كانوا يرقصون على الشرفة.. قتلى وجرحى بحادث مأساوي في جزيرة أ ...
- عناكب -شديدة السّمية- تجتاح ولايات أمريكية
- الأردن.. مطالبات بطرد السفير الإسرائيلي
- الإمارات.. حديث أنور قرقاش عن تقارب بين دول الخليج وإيران يث ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غازي الصوراني - التخلف الفكري في الثقافة العربية وأهمية الفلسفة العقلانية التقدمية الديمقراطية للنهوض المنشود..........