أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل السابع أن تكون محارب الحرية لاجل شعب في طوق المؤامرة 12 -1















المزيد.....


من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل السابع أن تكون محارب الحرية لاجل شعب في طوق المؤامرة 12 -1


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 10:57
المحور: القضية الكردية
    


1 ـ فترة الولادة القيادية لأجل الشعب1970 ـ 1980
إن السير في حقل الشعب الكردي المليء بألغام الخيانة والتآمر منذ قرون هي الأرضية التي ظهرت فيها القيادة، فمنذ البداية يجب الأخذ في الحسبان التمزق في كل لحظة، إذ أن الخطورة لم تكن ناجمة عن الألغام الفيزيائية المكونة من عنف الدولة وحسب، بل كانت الخطورة الحقيقية ناجمة عن الألغام الفعالة التي ترسخت في عالم الذهن والروح التي تعد أخطر من الأولى بألف مرة، إنها من النوع الذي يملك القدرة على تفتيت الدماغ والقلب في لحظة واحدة، ولهذا تركت هذه الأرض أي واقع الشعب الكردي قاحلة مثل الساحات المليئة بالألغام على الحدود، فمهما كانت التربة خصبة، فإن الزراعة المكثفة حولتها إلى صحراء أو جبل، وإذا وضعنا بالحسبان عدم وجود كاسحات الألغام والأيدي الخبيرة فإننا سنجد أن العمل يدخل في إطار المعجزات.
كانت لديّ بعض المواهب آمل أن أتوقف عليها في فصل الهوية، لقد كانت آلهتي مكونة من دماغ يشك بكل شيء وقلب لا يخفق إلا من أجل الحرية في كل زاوية من زواياه، وكان هذان الإلهان يملكان القدرة على ملاحقة الحقيقة وابنتها الحرية، وكانا عنيدين لدرجة أنهما كانا يبحثان عنهما، إن لم يجداها سيخلقانها إن لم يتم خلقهما بعد، لقد كان صوت الشباب الثوري في انقرة السبعينيات قوياً وشجاعاً، وكان يمكن الإحساس بشجاعته في ساحة مليئة بالمصائد، فإذا كان لدى هؤلاء الجرأة والتضحية للدفاع عن وجودك، وإذا كان لديك شعور بالكرامة ولو بشكل محدود، فإنك لن تستطيع التخلف عن اللحاق بهؤلاء الشباب، لقد أعطي لنا نحن الأنصار الشرفاء مهمة متابعة مسيرة ذكرى استشهاد ماهر جايان ورفاقه في قزل دره، وإعدام دنيز كزميش ورفاقه، فلم تعد المدرسة أكثر من ذريعة، وكان من المؤكد بأنني سأمارس نشاطي من أجل الشعب، ولكن منذ البداية قد نُودي اسم شعبي على كرسي الإعدام، ولكن ما هو نوع الشعب الكردي..؟!، كان لا بد من معرفة ذلك، وهكذا بدأت بالمسألة الوطنية.
لقد كانت موجودة في السابق، فمنذ وجودي في المدرسة الابتدائية، كانت الكردية تلاحقني كذنب يلوح من ورائي، وكانت النزعة القومية الكردية البدائية تسير على المثل القائل:"الاصطياد في المياه العكرة"، تحاول اصطيادنا، كانت كل هذه الأحداث سبباً يدفعني للتعرف على المسألة الكردية التي تشبه الثقب السوداء، ولم يكن في تلك المرحلة العثور على شاب نشأ على ثقافة الشرق الأوسط، يمكنه تجاوز الذهنية الدوغمائية، بل كان ذلك قريباً من المستحيل، وقد بينت التجارب الكثيرة أنه لا يمكن التخلص من الدوغمائية عن طريق الاختيار بين الإسلام والاشتراكية، كما تبين منذ تلك المرحلة أنه من دون تجاوز الدوغمائية لن يكون هناك أي فرق بين ترديد العموميات الاشتراكية وترديد الآيات، واعتماداً على ثقتي بالاشتراكية المشيدة، تم تكليف طالب ذو ذهنية دوغمائية خام بتطبيق الاشتراكية المشيدة التي لم تتجاوز الذهنية الدوغمائية، على مسألة صعبة جداً مثل المسألة الكردية، لقد التقت المسألة مع مُحاورها وكان لا بد من ظهور شيء ما، وكان هذا الشيء هو الآبوجية.
ضمن فوضى الحركات اليسارية واليمينية في عام 1975، قدمت رئاسة "الجمعية الطلابية الثورية في انقرة" الأرضية الضرورية للمجموعة، لقد توفرت الأرضية من أجل انطلاقة ما، ضمن الشروط التي لم يكن هناك تأثير كبير لجمعية الثقافة الديمقراطية الثورية DDKD التي حاولت أن تترسخ بعد كتلة ثقافة الشرق الثوريةDDKO ، التي تنتمي للنزعة القومية البدائية الكردية، وبعد التصفيات التي شهدها اتحاد الشباب الثوري"ديف كنج"، بدأنا بتحقيق وتطوير الآبوجية ضمن هذه الشروط كميلاد جديد، وكانت الشبيبة في هذه المرحلة عاطفية بما يتجاوز الدوغمائية، لقد كانت مجموعتنا تتكون من شباب يقارب عددهم الدزينة، من الأصول الفقيرة، وكان قسم منها ذو أصول تركية، إذ أنهم انضموا إلى هذه المجموعة حسب تعبير كمال بير بمفهوم أممي وهو أن "طريق تحرير تركيا يمر عبر نيل الشعب الكردي لحريته"، وأما الشخص الذي كان مختلفاً عن باقي المجموعة كان كسيرة يلدرم، إذ أنها تنحدر من أسرة مشهورة بعمالتها، بل أكثر من العمالة، كانت قد قامت بدور ميليشيا نظام انقرة وتنتسب إلى حزب الشعب الجمهوري وهذا أمر طبيعي للميل إلى اليسار لأن حزب الشعب الجمهوري كان خصوصية المرحلة.
ومهما بدت هذه القضية التي نحن بصددها كقضية شخصية إلا أن لها نتائج عميقة تاريخياً واجتماعياً وثقافياً، لأنها أخذت شكل عقدة لهذه المزايا، فقد قيل الكثير حول شخصية كسيرة يلدرم ونوقشت بشكل جدي فيما إذا كان لها منصب في الدولة أم لا، ولن أدخل كثيراً في مناقشة هذا الجانب، سأحول اكثر تحليل علاقتها مع المجموعة.
إن انضمام كسيرة إلى المجموعة يأتي بمعنى إشارة قف، وكان يمكن إدراك ميولها لدرجة" إن القضية الكردية والقضية اليسارية من مسؤوليتي فنحن أصحابها"، وكانت تمتلك جاذبية أنثى رقيقة وذكية، وأما من الناحية الفيزيائية فقد كانت تحمل الخصائص الكردية، ولا أعرف إن كان هذا نوع من المصادفة، أنها عبارة عن سدٍ وضعت أمامي لتغيير مجرى حياتي رأساً على عقب، ومثلت ذلك في شخصيتها فقد كنت أدرك ذلك يوماً بعد يوم، ومواقفي وحتى إن لم تكن واعية فهي تشمل بعض النقاط الهامة، كان باستطاعتها أن تحول وضع أسرتها في الشروط الجديدة إلى ميزة، كانت شابة، وكان من الممكن أن تكون اشتراكية جيدة، فلم تعد القضية الكردية هي قضية الإقطاعيين، بل أصبحت قضية الشعب الكادح، وكان من الممكن أن تتبنى ذلك باعتبارها اشتراكية، وبالإضافة إلى ذلك فقد كانت من ديرسم، وبموقفها الصحيح نحو القضية كان يمكنها أن تكون مثالاً لتحول وحدة الشعب من جهة ولتحول الكثير من الشخصيات المشابهة من جهة أخرى، فقد وضعت حرية المرأة على جدول الأعمال، ولذلك كان بإمكانها أن تكون نموذجاً لهذا الطرح، إن هذه المواضيع متعلقة بالجوانب الإيديولوجية والسياسية للعمل، بالإضافة إلى ذلك فقد كانت هناك علاقة عاطفية تتطور، وعندما تتوحد كل هذه الأهداف بالإضافة لثقافتها العائلية التقليدية وجدت نفسي بشكل مبكر أطور فكرة وعرض "الزواج"، كان الموضوع ذو حساسية بالغة، وكان يُفهم أن عقارب التاريخ كانت ترن بألم، لقد تطور هذا الميل إلى حالة من الصراع، وربما تكون قد فسرت عرضي هذا بأنه شكل من الإشراف على الحركة وشلها، أو أنها أرادت تجربة ذلك كي تختبرني، في هذه الأثناء تم الدخول في عملية "إما أن تخطب لي أو لأحد عناصر المجموعة" مما أدى إلى وقوف المجموعة وجهاً لوجه أمام خطر التشتت، وأتذكر أنه راودتني فكرة هجرة المجموعة لفترة، لقد كانت تظهر قدرتها كامرأة ، وما عدا ذلك كان يصعب عليّ تحليله.
لقد كانت هذه الخطوبة المصطنعة التي كلفتنا أحد عناصرنا عبارة عن تآمر بالنسبة للمرحلة، فقد أرغمني العناد أو الشرف الكردي أو يمكن ما أسيمه الخصائص المترسبة، على عدم التراجع، أنهيتُ هذه الخطوبة المصطنعة بزواج رسمي تم في عام 1978، ثم نزلت في دياربكر مع أول طيران، وفي نهاية العام نفسه تحقق اجتماع قرية فيس، من اجل الإعلان الرسمي عن حزب العمال الكردستاني PKK، كنت أضحي بالعواطف الدوغمائية من أجل القضية، إن الذي كان منتظراً ليس النصر، بل التعريف بالقضية عن طريق تعظيمها، ومع ذلك فقد كانت خطوة هامة جداً، فهل كانت الدولة نائمة؟ جرى نقاش كثير حول هذا الموضوع، لقد ألف "أوغور مومجو" كتاباً زعم فيه أنه حاول أن يلقي الضوء على هذا الموضوع، وبعد ذلك بفترة قصيرة ذهب ضحية ذلك بعد تدبير مؤامرة له، ولم يتم فهم العلاقة بين الكتاب وهذا الموضوع، كان والد كسيرة علي يلدرم خادماً ذو خبرة لدى الدولة، وعلى ما أذكر قرأت مقالاً له في إحدى الصحف عام 1985:" لقد قبلنا بإعطاء الفتاة كي نحقق تقارباً مع الدولة"، ولكن هذا بمفرده لم يكن كافياً من أجل تفسير موقف الدولة.
تتجلى الأهمية التاريخية للحادثة بما يلي: لقد دخلت القيادة والأسرة والمؤامرة في جدول أعمال أكثر المراحل حساسية في التاريخ، فقد تحولت العلاقة التي كان يجب النظر إليها بشكل طبيعي على أنها علاقة أسرية، إلى أزمة اجتماعية وسياسية وتنظيمية راحت تتفاقم يوماً بيوم، ومرت المرحلة التي امتدت قرابة العام في ديار بكر كجهنم، فناهيك عن العلاقة الموجودة بين زوجين، كانت هناك امرأة لا يمكن فهمها، حيث كانت تقوم بعرض القوة بتحريض لا يمكن احتماله ولا يفهمه إلا من يقرأ الوجوه، لقد كان الشهيد العظيم محمد خيري دورموش شاهداً في إحدى المرات على هذه العلاقة في تلك المرحلة، وإلى جانبه جميل بايق والنتيجة التي توصلا إليها هي " ليس لها الحق في أن تفعل ذلك" ثم "يجب أن نزيلها من الوجود هذه الميول" تحدثوا عنها فيما بعد، وكمال بير أيضاً شاهد على الوضع نفسه في بيروت، ويقال بأنه ترك وصية قبل ذهابه إلى الاستشهاد تقول:" يجب ألا نترك لها ما فعلته"، كانت هذه وصيته كما قيل، وكانت صحيحة، وبقيت حتى عام 1987محتملاً هذه العلاقة التي لا يمكن أن يحتملها أي رجل لأربع وعشرين ساعة فقط، وبالرغم من أنها قهرت معظم الذين كانوا شهوداً عليها من أصدقائي.
لم يكن من السهل علينا أن نعلم بمدى تمثيل كسيرة للدولة بشكل واعٍ أو بطريقة غير مباشرة، ولكن هذا ليس مهماً، إذ كان باستطاعتها أن تستخدم أنوثتها باسم الدولة بشكل إيجابي، وبشكل عام كان هذا الأسلوب متبعاً، ولكن الأجواء المفروضة عليّ موضوعياً هي: "إما أن تستسلم أو سيحل عليك كل شيء " وعبارة " ماذا سيحدث لك " تقال على الأغلب بمعنى انك ستصاب بالجنون، وأقيّم هنا ما قالته بعد ذلك في مرحلة قريبة من الانفصال "لا تخف، إنني لن أسممك" وهو ما لم أقيّمه، ربما ما أوردته يكون غريباً ولكن التخلص من هذه المكيدة ليس سهلاً كما يعتقد الذين يريدون أن يفهموا الديالكتيك الكردي بعمق، لقد كان قتلها سهلاً، ولكن هذا لا يشكل حلاً، فحتى لو كانت عبارة عن عامل ضغط من الدولة سواءً بالمعنى الموضوعي أو الذاتي، فلا يمكن حل المشكلة بالعنف، وإن تم ذلك فإنه يعني الوقوع في اللعبة، وبالرغم من كل تحريضاتها، فإنني على يقين بأن الوقت الذي تم احتمالها فيه كان ضرورياً من أجل المجموعة ومن أجل حزب العمال الكردستاني PKK، فإذا ألقينا نظرة على التاريخ، سنجد أن كافة التجارب القيادية قد تأثرت بشدة بالقضايا العائلية، فقد كانت هذه المشكلة منتشرة جداً في العصور القديمة والوسطى، وأما عند الكرد فقد لعب دوراً مميتاً، إن العائلة كمؤسسة اجتماعية، أشبه بالوحش الذي يمسك بالرجل الكردي في سن مبكرة بين أعوام 15 ـ 20 سنة ويشل حركته، ومن المعروف بأنه لا يرجى خير ممن أمسكت به هذه سواءً على مستوى الأزواج أو على مستوى الأبوين، إذ أنه يستثمر كافة وقته وطاقاته تقريباً في هذه المسألة، والنتيجة تكون بشكل عام شبه مجنون أو معتوه، أو القضاء على الشخصية ذات المعنى من الناحية الاجتماعية والسياسية، إنها دوامة تبتلع الفرد من البحر الثقافي والاجتماعي الكردي، وما أن يضع قدمه في المستوى الأعلى المتعلق بالدولة أو السياسة حتى يقع بالمصيدة التي وقع فيه أنكيدو، ودور المرأة كان وسيلة إيقاعٍ تفوق ما يفعله أقوى المخربين، وذلك دون أي داعٍ لوجوده الذاتي، فمنذ نظام الدولة عند الكهنة السومريين، كانت المرأة كياناً أساسياً مؤهلاً لربط الرجل بالنظام والسياسة والدولة، فإذا تذكرنا كيف تم تربية أنكيدو سندرك تماماً جوهر النظام.
وفي حادثتي كانت كسيرة تلعب بمفردها دور الدولة، فإذا أجرينا تقييماً موضوعياً فإننا سنجد بأنها كانت امرأةُ ـ آغا، استمدت قوتها من علاقات الدولة والأسرة البرجوازية شبه الإقطاعية، ولم تكن امرأة كسائر النساء، فقد كانت تمتلك معظم المزايا القادرة على تحريك الرجل والتلاعب به على أعلى المستويات، وقد لا تحتاج للدولة مطلقاً، ونظراًُ لأنها امرأةٌ ـ آغا، فمن الواضح أنها لم تكن من اللواتي تستطيع قبول شخص قروي بسيط مثلنا، أكثر من أنها لن تكن تبيع نفسها رخيصة، لم يكن في نيتها التراجع عن عشق السيطرة والهيمنة، وكضرورة لطابعها الطبقي فهي تنحدر من مؤسسة تلاعبت بين الكرد والدولة، ويبدو واضحاً أنها أرادت استخدام الطرفين، شريطة ان تكون بنمط موضوعي، ومن المنتظر ألا تتخلى بسهولة عن المكانة القيادية ويمكن لهذا الموقف أن يكون أكثر واقعية لو أمسكت بيّ في قبضة يدها كمناضل يعمل بشكل جيد، وكانت بذلك تستطيع تحقيق إنجازات مهمة لنفسها، ومن المحتمل أنها حسبت آداب الزواج لهذا الهدف، وتراهن على هذا المسار حتى الموت وتمضي في دورها حتى النهاية عن طريق تحريض وإثارة المجموعة وتحويلها لولادة حزب العمال الكردستاني إلى كابوس، وتجعلني أندم على ولادتي، لقد واصلت موقفها الطبقي العميل بعناد كبير وببرودة دم الأفعى حتى النهاية.
حسناً ولكن ما الذي كنت أحسبه..؟ أدركت قبل كل شيء أن المشكلة ليست مشكلة عائلية بسيطة، وأدركت طبعها المتعصب لواقع العائلة، وأدركت بألم كبير أنه لم يحن بعد وقت الأحاسيس السامية في الواقع الكردي، لقد انفجر حلمي لوطن حر مع امرأة حرة، ومنذ الخطوة الأولى كانت كالكارثة التي انفجرت في قلبي وعلى رأسي، وقد كان وراء ذلك أن المرأة التي كانت أمامي تتجاوز أن تكون امرأة عادية، فقد كانت مثالاً لامرأة ـ آغا، لنموذج العائلة الكردية العميلة التي تعرضت للغربلة والتصفية منذ آلاف السنين، فلم تكن أحوالها تقبل بأن يكون أمثالنا أكثر من مرافقين في منازلها، ولكنني أنا أيضاً كنت أمثل الكردي المتميز الذي ولد حديثاً وكنت أراهن على ذلك، لقد أدركت المرأة التي أمامي هذا الأمر مبكراً، وفي فترة كانت تنشر الكلام التالي لمن حولها وبشكل متزايد " إنه لا يشبه أحداً منكم " وأما الذين يظهرون بأنهم الذين يشبهون سيتحولون إلى صيد ساذج بين أيديها.
لقد بدأ يظهر شيئاً فشيئاً بأنني لا أحمل علامات الزوج التقليدي وهذا ما كان يثير جنون المرأة، ومن المحتمل أن خاصيتي هذه كانت تفسد كل مخططاتها وتعيقها، فلم تستطع أمي أن تقيدني بالسلاسل، بينما هي كانت تسعى إلى ذلك ، وكانت حربي مع المرحلة قد بدأت منذ زمن بعيد، وأمر الآن في المرحلة الحساسة، فهل سأتحول إلى أنكيدو ؟ أم هل سأستطيع تخليصها من بين يدي العاهرات الخاصة والعامة للأنكيدويين وأضع الربة على عرشها مرة أخرى؟ حقاً لقد كانت القضية تاريخية، وحلها صعب جداً، إن استمرار الصراع وتعمقه على هذا المنوال مرتبط بأوضاع القوى المتبادلة بشكل وثيق، ففي وضع كهذا يصبح القتل الفيزيائي غير ذا قيمة، بينما حل العلاقة يمتلك قيمة تاريخية، ولم أشكك لحظة واحدة بصحة أسلوبي، وكانت المشكلة تتجلى في الزمن الذي سأستغرقه من أجل الوصول إلى الحل وبقدرتي على التحمل وكيف يمكنني أن أحمي المجموعة وحزب العمال الكردستاني الذي كان يشق طريقه بصعوبة وسط هذه الكارثة..؟ شهدت هذه المرحلة لحظات حياة أو موت مع المؤامرات الموضوعية والذاتية، أنا لا أتحدث عن الموت المادي والفيزيائي، بل إنني أتحدث عن نمط الموت الذي خبره أنكيدو، ربما ابتلعتني العائلة والمرأة، ولكن القدر والخطة جعلاني أحتمل ذلك.
يجب أن أقول أمام التاريخ بأنني حققت الخطوة الأولى الناجحة بخروجي من الوطن، ومن ثم يتم إجراء التحليل الكافي لتخلصي من هذه العلاقة دون انهيار مادي ومعنوي، ولكن حتماً هناك أهمية محددة لإنهاء مرحلة من الديالكتيك الكردي وهذا يعني السير إلى مرحلة جديدة، ويمكن إجراء تقييمات واقعية حول المرحلة التي تبينت فيها تطلعات ومواقف الدولة في هذا الموضوع، وعندها يمكن إجراء تقييمات واقعية حول المرحلة، وينعكس البعد الأعلى لهذا الموضوع في أنشطة الشرق الأوسط وأوروبا التي بدأت عام 1980، وسأعمل على تقييم ذلك في الجزء الثاني.
كما أن بعض العلاقات الهامة المرتبطة بالتطور القيادي في مرحلة نشوء المجموعة وتأسيس حزب العمال الكردستاني يضفي أهمية بالغة على تقييمي للأمور بشكل صحيح، وهذه العلاقات هي : نزعة شاهين دونمز للانطلاق إلى المقدمة ومقتل حقي قرار، وعلاقة الكابتن نجاتي قايا، حيث تم الوصول إلى قناعة بأنه عميل مأجور، فقد كان حقي قرار مثالاً للجرأة والتضحية ضمن المجموعة، ويمثل روحي الخفية، ويجب أن نذكر حياته القصيرة والغنية باستمرار، وأن نعتبره مصدر إلهام لنا لإيصال شعبينا إلى الأخوة الناضجة والوحدة والحرية، ونعتبر ذلك إحدى مهامنا، على الرغم من الدور التحريضي الذي لعبه بعض أفراد أسرته وفي مقدمتهم باقي قرار، الذي تسبب دوره التآمري في أضرار جسيمة، فإن قيمة هذه الذكرى ستبقى جليلة، وربما يكون نزوع علاء الدين قابان الذي ينتمي لجماعة "الأجزاء الخمسة" التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني ذو القومية البدائية لاقتراف جريمة القتل، ربما كانت عملية مخططة، فهي تشبه جريمة متعامل ومحرض، ويمكن أن نقول أنهم حرموني من ساعدي الأيمن بهذه الجريمة، فإذا كانت عملية القتل مخططة فقد تم اقترافها لتحقيق هذا الهدف، إذ كان حقي يراقب الكابتن نجاتي عن قرب، لكن المجموعة عززت علاقاتها وألقت خطوة إلى الأمام احتراماً لذكرى شهيد المجموعة، وبذلك تكون هذه الحادثة قد أعطت نتيجة بعكس ما كان منتظراً.
يمكن أن يشكل نجاتي قايا مثالاً على تدخل الجيش لأول مرة، اقتراحه لي مباشرة بعدة عمليات استفزازية، وعلاقاته الأخرى ساعدتني على تشخيصه بشكل مبكر، كان كردياً من آغري، لم أستطع فهم عالمه الداخلي ولم استطع إدراك هدفه الحقيقي، أذكر مرة عندما كنا في المبنى الذي أقطن فيه قال:" يا أخي ما عليك إلا إصدار الأوامر، فإنني على استعداد لأرمي بنفسي من الطابق الرابع، وأن أسرق أمين الصندوق وأن أقتل أي فاشي" ولكنني لم آمره، وقالوا لي فيما بعد أنه أصيب بالجنون عندما خرجت من البلد، وبعد ذلك سمعت أنه لقي مصرعه في حادث طائرة زراعية، لقد احتفظت به ذاكرتي كرجل مهمات، وكان من الممكن أن يكون نسخة أخرى من المقدم إلياس أيدن الذي نفذ عملية مع ماهر جايان ورفاقه، ولكنني كنت أسأل نفسي ألا يمكن أن يكون متعاطفاً؟ لقد كانت له إسهاماته في تقوية المجموعة بشكل موضوعي في انقرة، وكان يبدو أنه لا يوجد أي عضو في المجموعة إلا وقام بتغذيته.
كان شاهين دونمز الكادر البارز في تلك المرحلة وكان يراهن على أن يكون معاوناً لي، أما داخلياً فهو الذي ارتكب أول جريمة وحشية ضد رفيق له، وبمثل هذه المبادرات كان يرغب أن يتظاهر بالقوة، وتعقيداته النفسية كانت ناجمة عن بنيته العائلية. وشكل نقطة الضعف في مرحلة تشكل القيادة، لقد أدى انهياره المباشر باستجوابات الشرطة للإسراع بحملة المبادرة إلى الشرق الأوسط، ولو لم ينهار لتغير مجرى التاريخ، ولو لم يرغم رفاقه الذين يخوضون حرب الكرامة على الإضراب عن الطعام حتى الموت، لما تطورت مرحلة 15 آب بالشكل الذي تطورت به، وشاهين يمثل النموذج الكردي الذي يغير مواقعه بسهولة في الظروف الصعبة، بينما في أيام الراحة يفضلون أن يتظاهروا وكأنهم قدوة.
يمكن أن نوضح ذلك بأن الدولة أرادت أن تسيطر على المجموعة وعلى شخصي بشكل خاص عن طريق كسيرة ونجاتي، وأنها أرادت القيام بذلك عن طريق النقود والمرأة لأنهما النهج التقليدي للسيطرة، ولو ارتكبتُ أخطاءً كبيرة لتمت تصفية حزب العمال الكردستاني قبل ولادته وهو لا يزال مجموعة، حيث تم استخدام المال والمرأة كسلاحين فعالين ضد الشخصية الكردية وسبب هزيمتها، لقد جاءت الجريمة والانهيار المبكر مع أولى خطواتي في سبيل تغيير مجرى التاريخ، فلأول مرة في تاريخ الجمهورية يقف تاريخ الإرادة الحرة للشعب وجهاً لوجه أمام حالة تأسيس تاريخية، فقد تجاوزت شخصيتي مرحلة صعبة، ولأول مرة تبلورت الوطنية وتم التخلص من طوق العائلة والتخلص من العاطفية المريضة للشباب دون انهيار واكتساب هوية جديدة باسم حزب العمال الكردستاني، وظهوره لأول مرة على مسرح التاريخ في تلك المرحلة، كانت ولادة خيار الشعب، لقد أعطت المؤامرات التقليدية نتائج عكسية ليست أقل أهمية من الأمثلة التاريخية للهجرات إلى الشرق الأوسط، إنها تمثل محطة هامة في صيرورة القيادة.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني ...


المزيد.....




- يونيسف: إصابة نحو 12 ألف طفل منذ بداية الحرب على غزة
- الأمم المتحدة تحذر من كارثة بيئية خطيرة في غزة.. ما هي؟
- اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين في جامعة كولومبيا بنيويورك
- اللجنة الشعبية الأهلية توزع الطحين على السكان النازحين في غز ...
- الصين: الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة خطوة لتصحيح ظل ...
- أبو مازن عن الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة: ...
- رئيس فلسطين: حرب الإبادة ضد شعبنا والحملة ضد الأونروا ستدفع ...
- اعتقال 30 فلسطينيا يرفع عدد المتعقلين منذ 7 أكتوبر لنحو 8340 ...
- الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور جبهة جديدة في دارفور
- تصاعد الدعوات من أجل استئناف الأونروا مهامها في قطاع غزة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل السابع أن تكون محارب الحرية لاجل شعب في طوق المؤامرة 12 -1