أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز الخزرجي - العراق بمهب الريح :















المزيد.....

العراق بمهب الريح :


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 7947 - 2024 / 4 / 14 - 18:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ألعراق بمهبّ الرّيح :
ألسّفاهة و التفاهة في العراق :
ثلاثة أسباب رئيسية تسبّبت في بيع و إخضاع و دمار العراق ..

الأوّل :
تسلّط أحزاب و حكومات صبيانيّة حدّدت قادتها (فلسفة الحكم و هدف السياسة) بآلأرتزاق و الأغتناء على حساب الفقراء و محاربة و إبعاد و تجويع كل مخلص ينتقد فسادهم و جهلهم .. بينما (الفلسفة الكونية العزيزية) ترى أنَّ : [مَنْ يستغني من وراء السياسة فاسد], لأنّ هدف الحكومات نتيجة العقول المتحجرة التي تقودها - خصوصاً الحكومية و ألبرلمانيّة - الديمقراطية يفترض أن تكون لتحقيق العدالة و المساواة و الرّفاه بين الناس و عدم خلق مجتمع طبقيّ بسبب تفاهة الشخصيات و سفاهة مبادئ الاحزاب و الرؤوساء و المليشيات التي تحمي الفساد و الفاسدين لسرقة الفقراء و التي حقّقت من - باب تحصيل حاصل - الطبقيّة بإبشع صورها بدل العدالة و كما هو واقع العراق اليوم و معظم - أن لم أقل - كلّ بلدان العالم بدرجات متفاوتة.

ألثّاني :
فرض أشخاص و تعيين مسؤوليين و حُكّام و وزراء و مستشارين بآلتحاصص و الواسطات و تقسيم الأدوار لسرقة أموال الدّولة - أي أموال الناس - و تحويلهم إلى مرتزقة و عبيد عن طريق دفع رواتب و إمتيازات للمطيعين منهم لدعمهم و بآلتالي للفوز في الأنتخابات كل حسب حزبه و إنتمائه العشائري ليضمن منصبه و منافعه و راتبه من الجهة التي انضمّوا إليها, و هذا ما آلت إليها أوضاع العراق بشكل مقرف, و صار كل حزب و حزبي فرح بما يغتني من المال الحرام ليعيش كما معظم حكومات الأرض الظالمة ..

أما لو تسألهم؛ لماذا تعيش؟ و لِمَ خلقك الله؟ فأنه لا يعرف حتى فلسفة و معنى السؤآل, ناهيك عن جوابه فقط .. بينما المطلوب أن يعرف جواب أربعين سؤآلاً مصيرياً [الأربعون سؤآل], ليعيش كإنسان واعٍ و حرّ و هادف لأداء رسالته الكونية بما يرضي الله لا نفسه أو حزبه أو عشيرته .. لبناء قصوره و حساباته و جسده وإشباع شهواته.

ألثالث :
هو ضياع بوصلة العلم و معايير التعليم :
في الحقيقة ليس معايير التعليم فقط, بل لا يوجد أي معيار(إستاندار) لأي أختصاص أو منتوج أو مصنوع أو مهنة في العراق, و هذا أيضا بسبب التعليم و التوسعة الصناعية و غيرها ..

لم يكُن طالب العلم و طلب العلم أساساً مُحدَّدًا بعمر و لا مُختَّصًا بفئة دون أخرى .. سوى في فترات تأريخيّة مظلمة محدودة حَكَمَها أباطره و شاهات إمبراطوريات كإيران و فرنسا و أوربا و بعض الدول, حيث حدّدوا التعليم و المعارف بأبناء طبقة النبلاء و المقرّبيين من البلاط فقط, و مُنعَ أبناء آلفلاحين و العمال و الطبقة الفقيرة عموماً من التعليم!

لكن تلك الحالة المؤسفة قامت لفترة محدودة إبان القرون الوسطى بآلذّات, و ربما لا تزال قائمة في بعض الدول لدراسة إختصاصات معيّنة, خصوصاً على الطلبة الأيرانيين حيث حضروا دراسة بعض العلوم و آلأختصاصات التكنولوجية و الذرية للطلبة الإيرانيين في أمريكا و كندا, و قد رفضها الإسلام بل و جعل طلب العلم واجب على كل إنسان مسلم و مسلمة, و إعتبر الجهل ذنباً و ظلماً يجب القضاء عليه, مؤكداً ذلك بنصوص واضحة لا تحتاج لشرح و بيان و تفصيل, و أول نصّ مشهور:
[أُطلُب العلمَ من المهدِ إلى اللحدٍ].
وقوله(ص): [أُطلُب العلمَ و لو كانَ في الصِّينِ].
وقوله(ص) : [طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة],
يعني لا يجوز شرعاً ترك العلم .. بل و فوق كل ذلك سبقهم القرآن الكريم بنصٍّ عظيم حدَّدَ الباري فيها منطلق الوجود و الهدف من الحياة الدُّنيا و آلآخرة و سرّ الفوز فيهما ؛ بآلمعرفة و في أوّل آية نزلت على الأرض في الرسالة الخاتمة للبشريّة نصّها :
[إقرأ ...]

و علينا أن نعلم من ذلك مكانة العلم و المعرفة في الوجود ..
و أنّ هناك فَرقُ كبيرٌ بين التعلُّمِ و بينَ حصولك على شهادة أو شهادات ورقيّة بحفنةِ دولاراتٍ, و كما راج و إنتشر في معظم بلادنا و بكثرة للأسف خلال العقود الأخيرة, بل الأمَرّ و ألأتعس و الأقرف؛ أنّ شخص ساديّ جاهل و مجرم كـ(صدام) الذي حكم الناس بآلحديد والنار كأباطرة القرون الوسطى نصب نفسه مسؤولاً و مُقيّماً لشهادة الدكتوراه في العراق منذ عام 1980م بإعتباره العالم الوحيد و الأكبر الذي يعرف قيمة العلم و المعرفة في العراق و ربما تصوّر في العالم كله!
و الحال أن الشهادة وحدها لا تغني ولا تسمن من جوع ؛ لأنها مجرد وسيلة لأداء إختصاص معيّن - هذا في حال حقيقة الشهادة - أما ابعاد الحياة الأخرى الاجتماعية و العائلية و النفسية و السياسية فأنها تحتاج لغير الشهادة, و هذا أمر هام لم يفهمه العراقيون كما معظم الناس إن لم أقل كل الناس تقريباً!؟

و ماذا كانت النتيجة نتيجة ذلك الجهل و الفساد, سوى : حروب ؛ فساد ؛ قتل ؛ تهجير ؛ تعطل الحياة الأجتماعية و السياسية الصحيحة ؛ إستيراد كل شيئ , و في الآخر إفلاس العراق و إخضاعه لهيمنة كل دول العالم و تمريض شعبه بشتى الأمراض الروحية و النفسية و الجسدية!

في زيارتي العام الماضي للعراق, إلتقيت بآلكثير من الناس, و عندما كنت أسأل بعضهم عن إختصاصهم, قال أحدهم ؛ إختصاصي هو اللغة التركية و آخر قال ؛ اللغة الفارسية, و حين سألت الأخير, طيّب ماذا تعرف من الادب الفارسي .. و مَن مِن الأدباء و العلماء الإيرانيين .. و بأيّ أتجاه عُرف الأدب الإيراني .. و هل لك أن تذكر قصيدة أو بيت شعر معروف لأشهرهم!؟

حنى رأسه و تبيّنَ أنه لا يعرف شيئا من ذلك !؟
ثمّ سألته : طيب و ماذا درست خلال السنوات الأربع أو الخمس التي قضيتها في الجامعة!؟
لكنه إنزعج و تقلّص وجهه و تَهرّب من الجواب .. و سألت بعضهم ممّن حصل على شهادة الدكتوراه؛ هل ترجمت نصاً أو كتاباً من الفارسية التي درستها للعربية؟ كان جوابه النفيّ, مضيفاً: لست قادرا ًعلى الترجمة لأني ضعيف في اللغة العربية!؟
طيّب بآلله عليكم و ما فائدة دراسة لغة ثانية و أنت لا تعرف لغتك الأم جيّداً!؟
و هكذا شخص آخر حصل على بكالوريوس في الأدب التركي لكنه أيضا كان عاجزاً حتى عن تشكيل جملة مفيدة أو بيت شعر باللغة التركية.

أما العلوم و التكنولوجيا فحدّث و لا حرج .. فكان الحال مع المدّعين لها أسوء و أمرّ و هكذا ... فماذا تتوقع من مصير بلد بهذا الحال و المستوى!؟

يقول أحد الأساتذة ؛ في يومٍ إلتقيتُ أحدَ الإخوةِ من المسؤولينَ الذي يدَّعي أنه دكتور في اللغة العربية، و أحببتُ وقتها أن أذكُرَ لهُ طُرفةً تاريخيَّةً تتعلَّقُ بموضوعِ تعدُّدِ الزوجاتِ، فقلتُ: سُئِلَ الزَّمخشري: لماذا يجوزُ للرجل الزواجَ بأكثرِ من إمرأةٍ و لا يجوزُ ذلكَ للمرأة؟!

فأجابهُ بقاعدةٍ نحويَّةٍ: [يجوزُ تعدُّد المفعول به و لا يجوز تعدُّد الفاعل]. تفاجأتُ بأنَّ مُدَّعي دكتوراه العربية لم يفهم الطُرفةَ، لأنَّهُ ببساطةٍ لم يفهم تعدُّد المفعولِ بهِ !؟
و يضيف؛ كانت مشاكلنا مع وزراء التعليم العالي هو قولنا الحقَّ، قال الله تعالى: (و أكثرُهُم للحقِّ كارهونَ) منهم مَن حَشَّدَ الوزارةَ ضِدَّنا لأننا كشفنا عن (دكتوراه الأكشاكِ) حيثُ انتشرت في مناطقَ عديدةٍ من بغداد في باب المعظم و شارع الصناعة و الجادرية و غيرها … مكاتب لكتابة الماجستير و الدكتوراه بعضهم مختصّ في رسائل آلسّحر و البقلاوة و الطبخ و منها قبل أيام صدور شهادة عليا في (أثر إضافة الفلفل الحار للدولمة)!

المشكلة القائمة اليوم في العراق إضافة لما أسلفت :
هي وجود عديد من الأساتذة الجامعيين المتقاعدين الذين تخصَّصوا في كتابة الأطاريح و الرسائل الجامعيّة مقابل مبالغ، و تعرَّض من قاوم ذلك إلى المضايقات و الدعوات القضائية و حملة من التسقيط و التشهير من أقطاب وزارة التعليم العالي بعد آلكشف عن أكثر من (30) ألف شهادة جامعية عليا من لبنان مزوَّرة كانت عبارة عن جدارية و مجموعة أوراق مقابل بِضعةِ آلافٍ من الدولاراتِ، و بيَّنا وقتها بالأدلة فساد دائرة البعثات و التي سهَّلت تزوير الشهادات إلى بلدان أخرى شملت عشرات الألوف من إيران و ألوف من تركيا و أضعاف ذلك من مصر و الهند و الأردن و بيلاروسيا و أذربيجان.

يقول أحد المطلعين : سألتُ أحدَ الأصدقاءِ الذي حصل على ماجستير هندسة من إيران عن أُطروحتهِ، فأجابني : إنها مكتوبة بالفارسية، وسألتهُ: كيفَ تمَّ معادلتها!؟
أجابني: ترجموها لي في إيران إلى الانكليزية، و عندما سألته عن معرفته للغة الفارسيّة و الإنكليزيّة، أجابني: أنه لا يعرف الفارسية و لا الإنكليزية….

و الغريب ‏أنَّ مسؤولًا في دائرة البعثات الدراسية يقول:
لدينا (100) ألف شهادة عليا ماجستير و دكتوراه قادمة من إيران؛ أكثر من 85 ألف من هذه الشهادات مع الأطاريح تمَّ بيعها من قبل الجامعات الإيرانية للطلاب العراقيين الذين حصلوا عليها و هُم نائمونَ في بيوتهم !!

طيب ؛ أسأل أهل العقول و القلوب إن وجدوا :
كيف يمكن لبلدٍ يحتل هذا الكم الهائل من أصحاب تلك الشهادات المزورة أن يفلح و يتطور .. إلى جانب السياسيين الذي كشفت الأيام و المواقف مدى ظلمهم و تخلفهم و فسادهم على كل صعيد, حيث أكثرهم يحملون مثل تلك الشهادات!؟

إذن العراق في مهب الريح .. بل تناثر مع الرياح للأسف كنتيجة طبيعية للظلم و الجهل و ترك التعليم الحقيقي المعرفي .. وعدم معرفة العراقي الفرق بين التعليم الأبجدي و التعليم الفكري أو حتى الفرق بينهما.
و إنا لله و إنا إليه راجعون
عزيز حميد مجيد



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيانة العظمى للعراق !
- هدية العيد من العارف الحكيم :
- في وصف العيد :
- معايير إنتخاب الأصلح :
- الفوارق الحقوقية و العدالة النسبيّة :
- أوّل شهيد ضد البعث الرجيم في العراق :
- ما ندمت إلّا لعودتي لبلدي !؟
- ما فائدة الفلسفة؟
- حال العراق بعد 2003م :
- العدالة أساس الفلاح :
- أخطر ما في السياسة و الحكم, أنصاف المثقفين : الحلقة الخامسة
- ثلاث قضايا و وصيّتين :
- أخطر ما في السياسة و الحكم أنصاف المثقفين : الحلقة الخامسة
- أخطر ظاهرة في الحكم و السياسة؛ أنصاف المثقفين - القسم الرابع
- أخطر ظاهرة في الحكم و السياسة أنصاف المثقفين - القسم الثالث
- تعميم الكفر في العراق !
- أخطر ظاهرة في الحكم و السياسة أنصاف المتعلمين - الحلقة الثال ...
- ألأطار مدين للتيار :
- أزمة المثقفين في بلادنا!؟
- مصير ألخائن !؟


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز الخزرجي - العراق بمهب الريح :