أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - لست حيوانا؛ وليد عبدالرحيم















المزيد.....

لست حيوانا؛ وليد عبدالرحيم


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 7939 - 2024 / 4 / 6 - 10:28
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


لست حيوانا رواية لوليد عبد الرحيم، تقع على متن 243 صفحة من القطع المتوسط، وهي من اصدارات الاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين في رام الله سنة 2021.

جاء عنوان الرواية عتبة مناسبة لولوج النص والبوح باسراره عبر صفحات الرواية ذات الانساق الضبابية كثيرا. فبطل الرواية وساردها ماجد خليل الحلو المولود في مخيم اليرموك على يد القابلة ام محمد والمطهر الصفوري يلتحق بالفدائيين في لبنان، ويخوض معارك الصمود والبطولة على ارضها الى ان تخرج المقاومة من هناك...ثم تحدث مجزرة صبرا وشاتيلا والتي افرد لها الكاتب صفحات وفيرة شدت سطور الرواية بعد ان انفلتت كثيرا ...

الرواية اعتمدت على دروب من السيرة الذاتية المتخيلة او الحقيقية لايهم، المهم انها استخدمت دروب السيرة لبناء احداث الرواية التي جاءت محملة بكثير من القفزات والشطحات والتي قد تذهب بالقاريء بعيدا ، حتى انه يجتهد كثيرا للبقاء ضمن اجواء النص...وهذا قد يسجل ضعفا بحق النص او قد يسجل تميزا؟ فاذا اعتبرناه ضعفا فالرواية لا تلتزم بسرد تراتبي، ولا وقائع متوالدة، والاضافات والاسترجاعات فيها كثيرة وثقيلة... اما اذا اعتبرنا هذا الضياع الذي تسببه الفصول الاولى بالرواية متماهيا مع حالة الضياع التي لحقت بالشعب الفلسطيني عقب النكبة، وبالثورة الفلسطينية عقب هزيمتها وخروجها من بيروت، فقد تكون هذه الالتقاطة والمقاربة ميزة احسن الكاتب التقاطها ليبقي حالة من الانسجام بين النص والواقع وما بين النص وما حصل في حينها، وهذا مايربط القاريء بالنص ويجعله يدخل عوالمه وكأنه يعيش احداثه بنفسه.

والرواية اعتمدت كثيرا على الفانتازيا والغرائبية لبناء حبكة الرواية وتأثيث احداثها، لا سيما في قصة الجد القط ص٢٣٧ حيث يقول:" كان جدي القط بجناحيه الملائكيين قد اتى وهبط طائرا، صار تحتي تماما، فحملني وانطلقنا معا طائرين، وان هي الا ثوان معدودات حتى صرنا فوق سماء بيروت، هبطنا كطائرة مروحية على سطح مشفى غزه في صبرا، قبلني الجد القط وارتفع قليلا ثم صرخ بي قائلا: لا تفقد اعصابك، تحمل ما ستراه، وكن انسانا، لا تكن حيوانا.

على السطح حطمت الباب برفسة واحدة ونزلت الدرج قاصدا داخل البناء. في المستودع الواقع في الطابق السفلي لمشفى غزة وضعوا الجثث في اكياس مرقمة وفي عمق المكان رجل في الاربعينيات يجلس خلف طاولة ويدون قوائم الاسماء نقلا عن اوراق اخرى عنده مركونة عند يده اليسرى، اوقفته وسالته بصوت رعدي مختنق الاوصاف هل هناك احد هنا باسم منال باكير؟ ثلعثم الرجل قليلا مدركا حجم ما اعاني وبدا يبحث في الدفتر ذي الغطاء الجلدي البني وهو يردد باعتياد طاريء ويتابع باصبعه: منال.. منال منال .. وكلما ردد اسمها نقص وزني 10 كيلو غرامات حتى توقف ونظر الي وقال: نعم الكيس رقم 2012، فتفتت كليتاي وكبدي كملح اصابه الماء. كانت الاكياس في المستودع كثيرة، قبيلة كاملة من الاكياس وقد لطخها الدم الذي ابى ألاّ يظهر على وجه الكيس....

حملت منال على ظهري كانت عباره عن كيس كبير قماشي يسمع صوت النايل في داخله اثناء الاحتكاكات مجرد كيس برقم اللعين كئيب ومتوحش، وصلت المقبرة مع الواصلين وهم كثر، كان بعض الشبان الذين اتوا من خارج المخيم للمساعدة قد حفروا عشرات القبور تطوعا وجلبوا عروقا خضراء كانوا قد قصوها عن اشجار ارصفة بيروت وهم في طريقهم ...
وضعت منال الى جانب احد القبور القديمة لكنني قررت ما يلي: الا ادفنها، قلت سازرعها كشتلة ورد هناك عند السور العظيم.
ظهر الجد القط في السماء مجددا محلقا بجناحيه كان بعيدا جدا، لمحته قرب غيمة نصف سوداء تتحرك قليلا كانها تسير في موكب جنائزي، قلت لنفسي: حسنا ها هو الجد قادم نحوي طائرا كملاك معتاد.
لاحظه الجنود الاسرائيليون فبداوا يطلقون النار عليه، لم يابه لذلك ابدا ولم يصب، مما اذهلهم، لقد راوا بام اعينهم بانه لا يمكن ان يصاب باذى، ولا ان تؤثر في اي طلقة، او اي مجزرة، ففروا مختبئين في داخل المباني المحصنة وهم مرتعبون في انتظار تفسيرات الحاخام .

ظل يتقدم هابطا نحوي حتى وصل لارتفاع متر واحد عن الارض. قال الجد ضعها على جناحي. قلت: كيف يكون ذلك؟ اين ساخذها؟ قال: . قلت: لا ...لن ندفنها ...

نظر غاضبا الى وجهه محتجا على غبائي، وقال: لا لن تدفن، بل سانقلها هناك، الى ارضنا الابدية حيث انك يوما ما ستلتقيها ايضا...
وضعتها على جناحيه، قال لي غدر الان، ثم طار بها نحو الاعلى، صار الكيس ذو الرقم 2012 يبتعد تدريجيا حتى غاب في عمق السماء" ص ٢٤٠.

لم اقدر على الصعود الى السماء عدت الى مشفى غزة سالت عن مكان مقتلها، قيل لي في الغرفة الاولى على يمين الممر، دخلتها، سرد لي الممرض المتطوع القصة كاملة مع بعض تخيلاته، ظل يوما كاملا يقص لي ما حدث مع منال... جلست في تلك البقعة خلف الستارة البيضاء، شاهدت كل شيء حدث، استوعبت المشهد باكمله، بقيت جالسا الايام ثلاث كبوذي يصلي، ثم وقفت بعد ان قررت الخروج نحو الممر، كنت افكر في ان افعل بهم مثلما فعلوا بها...
ظهر الجد من النافذة الزجاجية المحطمة المطلة على الشارع الخلفي وقال لي مؤنبا: لا، لن تفعل، فلست مثلهم...

غضبت... وتوترت.. انفجرت، طارت راسي وانحلت عقدة من دماغي، وبصرخة مدوية صعقت اركان الارض الاربعة، وكتبت على لوح السماء بخط كوفي كبير، قلت: اجل لن افعل مثلهم، فانا لست حيوانا ص٢٤٣.

في تلك الحكايايتين السابقتين تبرز قيمة عنوان الرواية كعتبة ومدخل للنص، كما تبرز الى العيان فكرة الرواية الاساسية التي شغلت ذهن الكاتب وصاغ كل الاحداث لخدمة فكرته الانسانية والسامية والمتصالحة مع ذاتها ومع من حولها [لست حيوانا].

لست حيوانا؛ سيرة شعب قاتل وكافح ونافح بكل ضراوة عن كل ذرة تراب وحفنة كرامة وعن كل حرف وكلمة من تاريخ الاجداد، ورغم كل العسف والبطش في مسيرته الطويلة بقي انسانا بحق، ورفض ان يكون حيوانا...
وبقي يناضل ليحافظ على انسانيته بينما غرق العدو واذنابه في مستنقع الحيونة...



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدهيشي؛ عيسى قراقع
- طقوس ومعتقدات شعبية من فلسطين؛ نضال طه
- من سرق روايتي؛ عبدالغني سلامة
- النقد والنقد الذاتي؛ صخر حبش ابو نزار
- وارث الشواهد؛ وليد الشرفا
- كفاح كفاح؛ كفاح خطاب
- جنّة لَم تَسقُط تُفاحَتها، ثورة حوامدة
- الخوّاص؛ حافظ البرغوثي
- حقائب الذاكرة؛ شربل قطان
- المقاومة الفلسطينية الواقع والتوقعات
- في التجربة الثورية الفلسطينية؛ حسام الخطيب
- وداعا مريم ؛ زياد عبدالفتاح
- ولو بعد حين أو موت مؤجل؛ بسام ابو شاويش
- أنصار ٣٣؛ سعدون حسين
- العصا والناي؛ خيري منصور
- الرصاصة والظلام ]الاغتيالات الاسرائيلية للقيادات الفلسطينية[
- متاهات الكتابة؛ فاروق وادي
- مذكرات سمسار أراضٍ صهيوني، يوسف نحماني
- الخيمة البيضاء؛ ليانة بدر
- بيروت صغيرة بحجم راحة اليد -يوميات من حصار عام 1982- امجد نا ...


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - لست حيوانا؛ وليد عبدالرحيم