أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - سقوط الغرب.. ذلك الوهم المزمن














المزيد.....

سقوط الغرب.. ذلك الوهم المزمن


حميد زناز

الحوار المتمدن-العدد: 7937 - 2024 / 4 / 4 - 02:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يرى الكثير من المثقفين الأوروبيين والأميركيين والإسلاميين أن انهيار الغرب وسقوطه حتمية تاريخية باتت وشيكة. وهي في الحقيقة أطروحة شائعة منذ قرن ابتدعها المفكر الألماني أوسفالد شبينغلر (1880 – 1936) في كتاب تحت عنوان “انحدار الغرب” صدر سنة 1918. وترجم الكتاب إلى العربية وظهر في جزأين يحمل عنوانا نشتم فيه رائحة حقد الإخوان والقوميين واليساريين: “تدهور الحضارة الغربية”.

ولكن ما محتوى هذا الكتاب الذي لا يزال يلهم أعداء الحضارة الغربية؟ كان مؤلفه من المنبهرين بفاشية موسيليني. ولئن رفض الانضمام إلى حزب النازيين الألمان فقد ساهم في صعود الهتلرية عن طريق انتقاده القاسي والمتواصل للديمقراطية البرلمانية. أصبح الكتاب مع مرور السنوات أحد أناجيل اليمين المتطرف وكل الذين يؤمنون باحتضار الغرب ونهايته. وانتشرت المقولة كثيرا بعد مجزرة الحرب العالمية الأولى ومآسيها إذ نظر إليها منتظرو “سقوط الغرب” على أنها بداية تهديم الغرب لذاته. ولم تكن مرت على نهاية تلك الحرب سوى سنتان حتى نشر الشاعر والمفكر الفرنسي بول فاليري كتابه “أزمة العقل” والذي تحدث فيه هو أيضا عن احتضار الحضارة الأوروبية وتنبأ بأفولها القريب وكان ذلك سنة 1919 حيث كتب: “نحن، الحضارات، نعرف الآن أننا فانون”. وهي مقولة كثيرا ما يجترّها أعداء الغرب والحداثة بشكل عام.

◙ بحثا عن التطور تقلّد كل البلدان وبشكل دائم ومنهجي هذا "الغرب الذي ينتظر البعض سقوطه"، ويتعدى التقليد أو السرقة المجال التقني ويصل حتى إلى طرق وأشكال التنظيم القانونية والإدارية والتعليمية

وفي الحقيقة صدرت عشرات المؤلفات في انحسار الغرب طيلة المئة عام الماضية آخرها كتاب الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري: “من يسوع إلى بن لادن، حياة الغرب وموته” والذي يزعم فيه أن كل الحضارات ذائقة الموت وأن انهيار الحضارة الغربية أمر لا مرد له.

وعودة إلى أرض الواقع، فهل التمادي في الحديث عن انحدار وسقوط وأفول وتدهور الغرب وحضارته أمر مبرّر أم هو مجرد تمنيات؟

الغرب هو اليوم كيان جغرافي، اقتصادي وعسكري يجمع كلاّ من أوروبا الغربية والوسطى، أستراليا، وجزءا كبيرا من الأميركيتين، نيوزيلندا، إسرائيل واليابان.

لقد قيل في الماضي القريب كلام كثير عن خطر اليابان والنمور الآسيوية على الاقتصاد الغربي واليوم جاء دور الصين لتعيد تمثيل ذلك الخطر ولئن كان اقتصادها قد التحق نوعا ما بمستوى اقتصاد الغرب، فسيجد صعوبة في الاستمرار في التطور والتنوع بسبب النظام السياسي الشمولي الذي يفضل الأشغال الكبرى المتعلقة بالبنيات التحتية والصناعية بدل الابتكارات. ومن الطبيعي أن يستعيد بلد يضم 22 في المئة من سكان العالم مكانا له ضمن الاقتصاد العالمي. وهذا لا يمكن أن يسبّب أيّ ضرر للاقتصاد الغربي بل العكس إذ هو يفتح أمامه أسواقا متنوعة كبيرة.

أما الهند، فهي بلد مكبل إثنيا، دينيا، اجتماعيا وبيروقراطيا، لا يزال يعاني من مشاكل جمة على كل الأصعدة. ستكون الهند زبونا مهما وقوة اقتصادية ولكنها لا يمكن أن تضاهي الصين. وإن ظهرت علامات مشجعة على اقتصاد بعض البلدان الأفريقية، فيبقى اقتصاد أفريقيا ضعيفا جدا مقارنة بالاقتصاد الغربي خاصة وأنه في طريق مجابهة انفجار سكاني رهيب.

في المجال العسكري نجد أن ميزانية الولايات المتحدة الأميركية وحدها تفوق أربع مرات ميزانية الصين وعشر مرات ميزانية روسيا. وعموما يبقى الغرب أكثر إبداعا وأكثر جاذبية اقتصادية للاستثمار وللسياحة.

كل المؤشرات والدراسات تثبت أن مستوى المعيشة والحرية في الغرب هو الأحسن في العالم. تجذّر الحريات الفردية والدينية والسياسية هو الذي ينتج ذلك الغليان الفكري الذي لا يهدأ والذي يجد فيه الغرب نقدا ذاتيا مستمرا يشكل أرضية صلبة لقوته. وقد كان ذلك نتيجة لخلطة فريدة معقدة مكونة من فلسفة وأساطير اليونان القديمة، قانون الإمبراطورية الرومانية، المسيحية، البروتستانتية، النهضة، حركة الأنوار.. وكل هذا أدى إلى ظهور الديمقراطية الليبرالية التي تمكن الأفراد من عيش حياة حرة لم تعرفها البشرية قط.

◙ الغرب هو اليوم كيان جغرافي، اقتصادي وعسكري يجمع كلاّ من أوروبا الغربية والوسطى، أستراليا، وجزءا كبيرا من الأميركيتين، نيوزيلندا، إسرائيل واليابان

ومن المؤكد أن نسبة السكان الغربيين آخذة في التناقص. ولكن هذا هو الحال أيضا بالنسبة إلى الصين وروسيا. وسيكون ذلك مصير الهند في السنوات القادمة، لذلك فلم تحل آسيا محل الغرب ديمغرافيا بل أفريقيا هي التي ستزعزع كلا منهما ولكن تبقى أفريقيا بعيدة عن أن تكون منافسا اقتصاديا أو عسكريا أو ثقافيا للغرب إلا أن الهجرة منها نحو الغرب قد تمثل خطرا كما قد تمثل حلا.

وعلى عكس ادعاءات “السقوطيين”، يتم استعمال اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية في جزء كبير جدًا من العالم وهذا ما ينشر الغرب وقيمه، بينما تظل اللغة الصينية والهندية، على الرغم من العدد الكبير من المتحدثين بها، لغات إقليمية. ومن هنا فالغرب ليس جغرافيا فقط وإنما حضارة، فكرة موجودة في كل بقعة من هذا العالم. يتجسّد الغرب أيضا في رفض النساء الباكستانيات لجرائم الشرف ورفض الأفغانيات والإيرانيات لجنون طالبان والملالي والحلم بالحرية والتناوب على الحكم واحترام حقوق الإنسان لدى كل شباب العالم.

وبحثا عن التطور تقلّد كل البلدان وبشكل دائم ومنهجي هذا “الغرب الذي ينتظر البعض سقوطه”، ويتعدى التقليد أو السرقة المجال التقني ويصل حتى إلى طرق وأشكال التنظيم القانونية والإدارية والتعليمية. فمن ذا الذي يقلّد كيانا آيلا إلى السقوط؟ بكلمة واحدة، هل من المعقول الحديث عن “سقوط الغرب” في حين أن العالم هو الذي يتغربن؟ هل يوجد على هذه الأرض شعب يتمنى العيش تحت حكم فلاديمير بوتين أو شي جينبينغ أو كيم جونغ أون؟



#حميد_زناز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يتفلسف اليابانيون
- الغرب.. المرض العضال للشرق الإسلامي
- الفريق الوطني الجزائري، ذلك الفشل المبرمج
- لماذا نحن شعوب انتحارية تمجّد الموت ؟
- ما يؤخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .. تلك الاكذوبة الكبرى
- رسالة من المثقفين العرب إلى مثقفي الغرب.. سطحية و أصولية مست ...
- أخطار بقاء حماس في السلطة بعد الحرب
- طوفان الأقصى .. أغرق غزة
- لماذا فشل التنوير في الجزائر؟
- لماذا سينهار نظام الملالي في إيران؟
- حتى لا يبقى الناقد في بلداننا سجين التراث
- من القومية العربية المتطرفة إلى الإسلام المتطرف
- إلى متى يبقى سيف الردة مسلطاً على الرِقاب؟
- ما حقيقة أطروحة نهاية الدين في الغرب؟
- الباحثة الجزائرية فيروز رشام : الكتابة مقاومة و نضال من أجل ...
- متى تتوقف المدرسة الجزائرية عن تدريس التطرف؟
- هستيريا دينية خطيرة في الجزائر
- لماذا فشل القطاع السياحي في الجزائر؟
- ستون سنة بعد الاستقلال: ماذا حقّق الجزائريون؟
- هل يمكن حقاً استبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنجليزية في الج ...


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية سيلقي خطابا بذكرى رحيل الامام الخميني ...
- عالم مصري: الحضارة المصرية عقدة اليهود التاريخية ومستهدفة من ...
- رحلة العائلة المقدسة: المسيح في مصر بين المصادر الدينية القب ...
- فرحهم وسليهم.. مع أحدث تردد لقناة طيور الجنة 2024
- “اغاني اطفال طوال اليوم “ اضبطي الآن تردد قناة طيور الجنة عل ...
- حاخام يهودي يدعو لإبادة الفلسطينيين ويتفاءل بأحداث السابع من ...
- “استقبل الآن” ترددات القنوات الدينية الإسلامية 2024 بأعلى جو ...
- أكبر 10 دول منتجة ومصدرة للقطن في العالم.. بينها إسلامية
- لكل صلاة مؤذن وملازم ومؤذن احتياط.. تعرف على غرفة المكبرية ب ...
- “أغاني البيبي شغاله ليل ونهار” تردد قناة طيور الجنة بيبي على ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - سقوط الغرب.. ذلك الوهم المزمن