أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف هسوف - وجب القصاص... ولكن














المزيد.....

وجب القصاص... ولكن


عبداللطيف هسوف

الحوار المتمدن-العدد: 1751 - 2006 / 12 / 1 - 10:58
المحور: الادب والفن
    


مشيا على الأقدام تحت أشعة الشمس إلى أن بلغا إحدى المقاهي وسط المدينة. ليس أفضل من مشروب بارد ‏يروي عطشهما ويذهب الغم عنهما. كان النور خافتا جدا. تلمسا طريقهما عبر هذه الظلمة المقصودة، ظلمة تخفي ‏وسخ المكان وسفور بنات المقاهي. يغلب على الجو عطر الدرجة الثالثة الذي يفوح من أجساد فتيات كن في عري ‏فاضح. داخل المقهى يطغى الصخب على موسيقى (الراي) التي لم يسلم منها أي مكان. طلبا أغنية لمحمد عبد ‏الوهاب. جاءتهما إحدى الفتيات بقنينتين من مشروب بارد وطلبت أن تصاحبهما إن دعواها إلى الجلوس. أشار ‏إليها عمر بالقبول، فالظاهر أنهن هنا لمؤانسة الزبون. جلست بجانبه، أحس بحرارة جسدها المكتنز ورأى في ‏عينيها دعوة إلى ما يتجاوز الصحبة والمؤانسة. لم يتجاوب معها، ذلك أنه دخل في حديث مع أحمد يعود بهما إلى ‏ذكريات متفرقة عاشاها معا. قامت الأنثى بعد أن تمتمت كلاما غير مفهوم، ثم تركتهما حين تأكدت أنهما لا ‏يرغبان في أكثر من الاستراحة من عناء الطريق وتجاذب أطراف الحديث. وهما يرشفان من مشروبيهما، أخذا ‏يطربان لموسيقى عبد الوهاب ويرددان معه: (مسافر زاده الخيال والسحر والعطر والظلال...).‏
بعد فترة من الصمت، استأنفا الحديث. قال عمر مخاطبا أحمد:‏
‏- ألا تظن أن لمثل هذه التنظيمات الإسلاموية القدرة على تعبئة الجماهير الشعبية وحشد الهمم، مما قد يساعد ‏فعلا على التمرد وزعزعة بعض الأنظمة المتسلطة والفاسدة في العالم العربي؟
رد أحمد:‏
‏- ربما، لكنها ستكون ثورة دامية والنتيجة بعد ذلك لا يعلمها إلا ربك. إن البلدان العربية في حاجة إلى من ‏يسير بها نحو الأمام، لا من يعيدها إلى الخلف. يجب أن نبني على مكتسباتنا ولو ضؤلت. لهذا، فنحن في حاجة ‏لانتقال سلمي من أنظمة فاسدة إلى أنظمة وطنية وديمقراطية حداثية. ‏
قاطعه عمر:‏
‏- لكن، أصحاب هذه التوجهات يقولون إنهم ينشدون العدل وتقسيم الثروات بالقسطاس.‏
صاح أحمد محتدا:‏
‏- ومتى رأيت من يتطلع إلى الحكم يقول غير هذا الكلام؟ إنهم دائما يقابلون الخير للشر، العدل للظلم والغنى ‏للفقر، وما أن يتقلدوا مسؤولية الحكم حتى يتقمصوا شخصيات أخرى غير تلك التي ظهروا بها في البداية. ‏
حين دقت الساعة السادسة مساءا، غادر عمر وأحمد المقهى. لم يكن الجو يجنح نحو الاعتدال، لكنهما لم يسأما ‏من استرجاع ذكريات الصبا المثيرة، فقررا المشي على مقربة من الشاطئ. كانت رائحة ملح البحر تغزو أنفيهما ‏لتعود بهما إلى ذكريات الأمس البعيدة. في أحد أيام ثاني عيد الأضحى حين خرج المنظمون في الشبيبة الإسلامية، ‏بمن فيهم الأشبال، إلى ضواحي الدارالبيضاء في الخلاء الممتد بين منطقة الذروة ومديونة. كان العدد يفوق ‏الخمسين. مر اليوم في الحلقات التعليمية والمبارزات الرياضية. وفي لحظة من لحظات الاستراحة، تنبأ (الأمير) ‏إلى سيارة رونو كانت تنحرف عن الطريق لتدخل الغابة وتحتمي بين الأشجار من العيون المتلصصة. تم الاتفاق ‏على إرسال عمر للتقصي. عندما عاد، أخبر أمير الجماعة أن هناك رجل يختلي بامرأة داخل السيارة، يحدب ‏عليها ويقبلها وربما... انتصبت فرائص الجميع وتوجهوا بعصيهم وسلاسلهم الحديدية إلى السيارة الرونو. تبعهم ‏الأشبال حدو النعل للنعل. ولولا أن انتبه السائق ومن تصاحبه إلى الجماعة قبل أن يتمكن أفرادها منهما لحدث ما ‏لم يكن في الحسبان، ولربما أقاموا عليهما الحد بالجلد أو بالرجم... انطلقت السيارة في سرعة جنونية نحو الطريق ‏وبقي الإسلاميون في مكانهم بضعة دقائق يتوعدون متجهمين حتى استوثقوا من اختفاء السيارة الرونو عن ‏الأنظار. ‏



#عبداللطيف_هسوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حال أمتي
- في صحبة اللئيم والقاضي والجاني
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبيرالية المتوحشة ...
- هل سيحكم النساء العالم بعد أن فشل الرجال؟ سيكولين رويال تفوز ...
- المغرب: أحزاب سياسية مريضة يسيرها زعماء لا ديمقراطيون
- المغرب الكبير: بين تغييب البعد الأمازيغي واللعب على وتر العد ...
- الأحزاب المغربية لا ترشح للانتخابات سوى مرتزقين وانتهازيين ج ...
- الأمريكيون يحاسبون رئيسهم بوش عن سياساته الرعناء - إقالة وزي ...
- اتحاد المغرب (العربي) الكبير:‏‎ ‎ضخامة تكلفة انقسام ‏
- المغرب (العربي) الكبير مؤجل إلى حين: السعي وراء زعامات فارغة ...
- المغرب خلال عشر سنوات الأخيرة: تعددية حزبية مفبركة وحكومة تن ...
- حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي: انفتاح على فعاليات وطنية بديل ...
- المغرب: انعدام الأمن وإرهاب المواطنين في وضح النهار، من المس ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف هسوف - وجب القصاص... ولكن