أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الاساطير الإعلامية الحديثة














المزيد.....

الاساطير الإعلامية الحديثة


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7908 - 2024 / 3 / 6 - 14:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لكل عصر اساطيره . واساطير عصرنا هذا كثيرة وطويلة وباهرة . ولعل من أهمها وأقواها الاساطير التي تنشؤها وتمطرنا بها وسائل الاعلام الكثيرة .
كانت الاساطير في المجتمعات البدائية ، بطيئة النشأة وبطيئة الانتشار ، إذ كانت تستغرق العقود والقرون . اما اساطير اليوم فهي اسرع من البرق واقوى من الرعد ، واطول من عمر فقاعة الصابون . انها تعكس القدرة الهائلة للتطور المهول لوسائل الاعلام ، ولتقنياته التي اخذت تلف الكوكب عبر غشاء من الأقمار الصناعية . وقد لا يكون من المبالغة ان نقول ، اننا امام نوع جديد من الصناعة ، هو صناعة المتخيل وتسويقه على أوسع نطاق . فوسائل الاعلام اليوم تتمتع بقدرة رهيبة على التدويل والتهويل ، إذ انها انطلاقا من حدث صغير وقع في اقصى ركن من اركان الكرة الأرضية ، تستطيع ان تنشئ اساطير فقاعية ، تشد النفوس لفترة ، وتلهب العقول والاخيلة ، والافئدة لمدة .
وطيف الاساطير الحديثة ، طيف واسع وعريض ، يمزج الرعبة بالمتخيل ، والمعقول باللامعقول ، جائبا فضاءات تمتد من الطبيعة الى الانسان ، الى التقنية : من اساطير النجوم ( البشرية ) ، الى اساطير النجوم الفلكية ، ومن حياة وممارسات الساسة ، الى الكوارث الكونية ( مذنب هالي ) ، ومن غزو الكواكب البعيدة ، الى كوارث البيئة ، ومن الكوارث النقدية الى الغرائب والحروب .
الالية الأساسية في عمليات الاسْطرة الإعلامية ، تقوم على التضخيم والتهويل ، واضفاء الطابع الدرامي والقدري ، على الأشخاص والوقائع والاحداث . لهذا الأسلوب البيداغوجي الدرامي والسوداوي ، وظيفة أساسية هي جلب الانتباه ، واستقطاب اهتمام المشاهد الكوني ( ولا نقول المواطن او الكائن البشري ) ، في اتجاه دفعه الى ان يعيش هذه المسرحيات الكونية المُؤسْطرة ، وكأنها قدر من نوع جديد ، قدر دهري لا فكاك منه ابدا .
هذا فيما يخص الأسلوب . اما فيما يتعلق بالمرجعية الخلفية التي تلجأ اليها الاساطير الإعلامية الحديثة ، لكي تدعم مصداقيتها ، وتضفي على ذاتها مشروعية من زاوية المنطق والحقيقة ، فان هذه المرجعية المتعددة ، فهي في الاغلب الاعم ، تتحدث باسم العلم والاكتشافات العلمية . و نحن جميعا نعلم مدى القوة السحرية لمفهوم العلم في الخطاب الحديث . فالعلم هو مصدر المعرفة ، وكاشف الحقيقة ، واساس القوة ، ومطية الترقي والتقدم . والحديث باسم العلم اشبه ما يكون بأداء القسم بقول الحقيقة . فذكر مصطلح العلم يغني الخطاب عن البرهنة على صدقه ، لأنه يحيل الى مرجعية هي مصدر الصدق والحقيقة . وقد يختفي مصطلح العلم ، ويستبدل بمصطلح بديل آخر هو مصطلح الحقيقة . ومن البديهي ان المقصود في اغلب الأحيان بمصطلح الحقيقة هنا ، هو الحقيقة العلمية سواء من حيث المنهج والطريقة ، او من حيث الموضوع والغاية . وهكذا تأخذ الإحالة الى العلم طابعا سحريا ، وكأن العلم هو سحر العصر الحديث .
وقد تلجأ الاساطير الإعلامية الحديثة الى مرجعية أخرى قريبة من العلم ، او ذات طابع علمي هي التجربة . فما تقدمه لنا وسائل الاعلام الحديثة ، لييس وليد الخيال او الهذيان ، بل هو وليد الواقع والتجربة والاختبار . ومن ثمة الحرص على التحقيقات الميدانية ، والمراسلات الميدانية . فالخبر الأكثر صحة لم يعد يستمد صدقيته من نوع وكالة الانباء والاخبار ، بل من صوت وصورة المراسل في الميدان . أي في عين المكان .
تريد الاساطير الإعلامية الحديثة ، من خلال مرجعيتها الضمنية ، ان تقول لنا ، ان ما تقدمه ليس فيلما من نسج خيال هيئة التحرير ، بل مجرد حكاية وصفية لما يقع في الميدان ، وكأنها – ان لم توفق الى ايهام المتلقي بانه قد انتقل شخصيا ( بطريقة سحرية الى عين المكان ) – فهي انما تنوب عنه في المشاهدة والوصف .
هذا فيما يخص المرجعيات المعرفية ، او الابستيمولوجية للأساطير وللأسطورة الإعلامية الحديثة . اما فيما يتعلق بالمرجعية الأيديولوجية ، فقوامها عنصران اساسيان : النزعة الإنسانية ، والديمقراطية في سياقهما الليبرالي .
الأسطورة الإعلامية الحديثة هي خير نصير للديمقراطية ، وحكم الأغلبية ، وصناديق الاقتراع ، وخير نصير للإنسان في صراعه ضد استبداد الطبيعة ( الفيضانات ، الزلازل ، البراكين ، الامراض والكوارث ) ، وضد الاستبداد السياسي ، وحكم الفرد ، ومن اجل نصرة قوى الخير والحق على قوى الشر والبغيان والاستبداد والطغيان .
انها اسطورة حكائية كثيفة ودرامية ، منسوجة من صوت وضوء ، ابطالها فاعلون حقيقيون مرئيون ، ومادتها وقائع سياسية واجتماعية وبيئية ، تم إخراجها بالشكل الملائم ، في أسلوب لا يخلو من درامية وتهويل ، حكاية تنال صدقها من العقل والعلم والتجربة والحقيقة ، وتستمد طلاءها من القيم الليبرالية والنزعة الإنسانية ، وذلك من اجل خير الجميع ، ولصالح الإنسانية كلها ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرْ تْضِيمْ ، وسير حتّى ..
- ماذا يحضر من مخططات ومشاريع للنظام المغربي ؟
- هل تدعم فرنسا واسبانيا حل الحكم الذاتي في نزاع الصحراء المغر ...
- برنامج حركة 3 مارس / إحدى وخمسين سنة مرت على ثورة فشلت من يو ...
- الثورة المغربية . يوم ثار الثوار المغارية
- الملك محمد السادس الغائب
- ثمانية وأربعين سنة مرت على انشاء الجمهورية العربية الصحراوية ...
- هل تبخر والى الابد ، مشروع الدويْلة الفلسطينية المنزوعة السل ...
- نزاع الصحراء الغربية بين الجمهورية الموريتانية والنظام المزا ...
- نزاع الصحراء الغربية والقضاء الأوروبي
- الخطاب الأيديولوجي السياسي
- جمهورية دبلن ايرلندة تستقبل الجمهورية العربية الصحراوية
- عندما خرج الشعب يتظاهر من اجل كرامته وحقوقه وبالدولة الديمقر ...
- الكتلة التاريخية الجماهيرية ، قنطرة الوصول لبناء الدولة الدي ...
- اشكال القهر والحكم في النظام السياسي العربي
- المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، السيد - ستيفان د ...
- اعوجاج في نزاع الصحراء الغربية
- الملك ودعوة إرحل
- هل ستندلع حرب أمريكية إسرائيلية مع الجمهورية الإيرانية
- بين محكمة العدل الدولية ، والمحكمة الجنائية الدولية


المزيد.....




- سانت كاترين.. تجربة روحية فريدة جنوبي سيناء
- محللان: نتنياهو يريد مفاوضات تثبت وقائع عسكرية وتهجر الغزيين ...
- زيلينسكي يعلن عن ترشيحات لـ-أكبر تعديل وزاري- تشهده أوكرانيا ...
- ترامب يوضح آخر التطورات بشأن -مفاوضات غزة-
- بعد معركة طويلة.. والدة الناشط علاء عبد الفتاح تنهي إضرابها ...
- إسبانيا تفكك شبكة دولية لتهريب المخدرات بين مدريد وأنقرة
- نشطاء: الدعم السريع قتل حوالي 300 بشمال كردفان منذ السبت
- جيش لبنان يعلن تفكيك أحد أضخم معامل الكبتاغون قرب حدود سوريا ...
- 9 قتلى وعشرات المصابين بحريق مركز رعاية مسنين في أميركا
- مليشيا -الشفتة- الإثيوبية تهاجم وتنهب 3 قرى سودانية حدودية


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الاساطير الإعلامية الحديثة