أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - حفارو القبور في صناعة النفط














المزيد.....

حفارو القبور في صناعة النفط


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7906 - 2024 / 3 / 4 - 00:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حفارو القبور في صناعة النفط


تعد صناعة النفط واحدة من أكثر القطاعات قيمة وتأثيرا في الاقتصاد العالمي. من التنقيب عن النفط إلى التكرير والتوزيع، تتمتع الصناعة بتأثير كبير على أسواق الطاقة العالمية والجغرافيا السياسية. ومع ذلك، في هذه الصناعة المربحة، هناك بطن مظلم يتميز بالفساد والصفقات والمؤامرات. حفارو القبور في صناعة النفط هم أفراد أو مجموعات ينخرطون في أنشطة غير قانونية للحصول على ميزة غير عادلة، وغالبا ما يكون ذلك على حساب الآخرين.

تاريخيا، كان الفساد قضية منتشرة في صناعة النفط. وفي العديد من البلدان النامية، تواطأ المسؤولون الفاسدون ومديرو الأعمال الفاسدون لاختلاس عائدات إنتاج النفط لتحقيق مكاسب شخصية، في حين أهملوا احتياجات السكان المحليين. وتشكل قضية صناعة النفط النيجيرية المشينة مثالا ساطعا على الكيفية التي يمكن بها للفساد أن يدمر اقتصاد أي بلد وأن يؤدي إلى إدامة الفقر. ولطالما اتُهمت الحكومة النيجيرية بسوء إدارة عائدات النفط وغض الطرف عن الأنشطة غير المشروعة داخل الصناعة.

إحدى الشخصيات الرئيسية في شبكة الفساد هذه هي ديزاني أليسون مادويكي، الوزيرة السابقة للموارد البترولية في نيجيريا. يُزعم أن أليسون مادويكي اختلست مليارات الدولارات من قطاع النفط في البلاد، مستخدمة موقعها في السلطة لإثراء نفسها وشركائها. وفي عام 2015، ألقي القبض عليها في لندن بتهم غسل الأموال والفساد، لكنها أفلتت منذ ذلك الحين من الملاحقة القضائية بطلب اللجوء السياسي في المملكة المتحدة.

إن تأثير حفار القبور في صناعة النفط يتجاوز الخسائر المالية. وفي العديد من الحالات، أدت الممارسات الفاسدة إلى التدهور البيئي، والاضطرابات الاجتماعية، وعدم الاستقرار السياسي. على سبيل المثال، في منطقة دلتا النيجر في نيجيريا، أدت الانسكابات النفطية والتلوث إلى تدمير المجتمعات المحلية وتدمير سبل العيش. وقد سمح الافتقار إلى المساءلة والرقابة في الصناعة باستمرار مثل هذه الانتهاكات دون رادع، مما أدى إلى إدامة دائرة الفقر والمعاناة.

ورغم الجهود المبذولة لمكافحة الفساد في صناعة النفط، مثل مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية، إلا أن التقدم كان بطيئا ومتزايدا. إن الشبكة المعقدة من المصالح الخاصة وديناميكيات السلطة داخل الصناعة تجعل من الصعب استئصال الفساد ومحاسبة الجناة. وفي كثير من الحالات، يتم إسكات أو تخويف أولئك الذين يتحدثون ضد الفساد في الصناعة من قبل جهات فاعلة قوية قد تخسر من زيادة الشفافية والمساءلة.

بالإضافة إلى الفساد، كانت الصفقات والمؤامرات داخل صناعة النفط أيضا مدعاة للقلق. إن مفهوم "الصفقات الودية" حيث يمنح المسؤولون الحكوميون عقودا مواتية لشركات مختارة مقابل رشاوى أو فوائد أخرى، كان ممارسة شائعة في العديد من البلدان الغنية بالنفط. وكثيرا ما تؤدي هذه الصفقات إلى الافتقار إلى المنافسة، وعدم الكفاءة، وإهدار الموارد، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالاقتصاد والسكان بشكل عام.

في السنوات الأخيرة، تم تسليط الضوء على دور الشركات المتعددة الجنسيات في إدامة الفساد والصفقات داخل صناعة النفط. وقد واجهت شركات مثل شل، وإكسون موبيل، وبي بي ادعاءات بالرشوة، والانتهاكات البيئية، وانتهاكات حقوق الإنسان في عملياتها في جميع أنحاء العالم. وتشكل فضيحة "النفط مقابل الغذاء" في العراق، حيث تواطأت الشركات مع نظام صدّام حسين للتحايل على العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، مثالا صارخا على الكيفية التي قد يؤدي بها جشع الشركات إلى تقويض الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز السلام والاستقرار.

على الرغم من التحديات التي يفرضها حفارو القبور في صناعة النفط، إلا أن هناك أفرادا ومنظمات يعملون من أجل تحقيق قدر أكبر من الشفافية والمساءلة. لقد سلط المبلغون عن المخالفات، مثل إدوارد سنودن وتشيلسي مانينغ، الضوء على مدى المراقبة الحكومية والفساد في مختلف القطاعات، بما في ذلك صناعة النفط. كما تلعب المنظمات غير الحكومية مثل جلوبال ويتنس ومنظمة الشفافية الدولية دورا فعالا في فضح الممارسات الفاسدة والدعوة إلى الإصلاح.

وفي الختام، فإن قضية حفاري القبور في صناعة النفط هي مشكلة معقدة ومتعددة الأوجه تتطلب جهودا متضافرة من الحكومات والشركات والمجتمع المدني لمعالجتها. ورغم أن الفساد والصفقات والمؤامرات ابتليت بها الصناعة منذ فترة طويلة، إلا أن هناك اعترافا متزايدا بالحاجة إلى قدر أكبر من الشفافية والمساءلة. ومن خلال العمل معا لاستئصال الفساد وتعزيز الممارسات التجارية الأخلاقية، يمكننا أن نضمن أن صناعة النفط تخدم مصالح جميع أصحاب المصلحة، وليس قِلة مختارة. ولن يتسنى لنا أن نأمل في بناء مستقبل أكثر استدامة وإنصافا للصناعة والعالم ككل إلا من خلال اليقظة المستمرة والالتزام بدعم سيادة القانون.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل الحب في العصر الرقمي ، محمد عبد الكريم يوسف
- الحب في العصر الرقمي
- نسيت أن أخبرك أنك نور الشمس في حياتي،
- نساء طروادة يتكررن في كل الثورات، محمد عبد الكريم يوسف
- لا تثق أبدا بالسياسيين - فضائح النساء، محمد عبد الكريم يوسف
- نحن والعقل ريك لويس، محرر مجلة الفلسفة الآن
- لا تثق أبدا في رجل سياسي: قوة المال
- للغيوم البيض ظلال سود
- للغيوم البيض ظلال داكنة في السياسة، محمد عبد الكريم يوسف
- لا تثق في رجل السياسة أبدا: تأثير المرأة عليه، محمد عبد الكر ...
- كيف صور كريستوفر مارلو اليهود في مسرحية -اليهودي المالطي- ، ...
- لا تثق أبدا برجل سياسي، تأثير جماعات الضغط ، محمد عبد الكريم ...
- هل يمكن أن تكون ثورة الحليب الهولندية نموذجا للثورات ، محمد ...
- لا تثق أبدا في رجل سياسي: عدم الوفاء في الوعود ، الحلقة الثا ...
- الطلاق في العصر الرقمي
- الغد مجرد فكرة، محمد عبد الكريم يوسف
- ترانيم على وتر الطائفية، والقبيلة، والمناطقية، وحكم الأقلية ...
- لغة المنصب(3) (المحامون، القضاة، الأطباء، المعلمون) محمد عبد ...
- فتاة غسان ، قنديل من بلدي سورية محمد عبد الكريم يوسف
- لغة المنصب (1) (فلاسفة ورجال أعمال ومديرون)،


المزيد.....




- ترامب يتوجه إلى وادي السليكون وعينه على تبرعات سخية
- أسباب تساقط الشعر
- 5 دول جديدة تحصل على مقاعد في مجلس الأمن
- بوشيلين يكشف مصير ممتلكات الأقلية الأوليغارشية الأوكرانية في ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /07.06.2024/ ...
- نتنياهو يلقي خطابا أمام الكونغرس الأميركي في 24 يوليو
- نتنياهو يلقي خطابا أمام الكونغرس أواخر الشهر المقبل وسط توتر ...
- -زلة لسان- جديدة لبايدن خلال حديثه عن العملية العسكرية الإسر ...
- الإعلان عن موعد إلقاء نتنياهو كلمة أمام الكونغرس
- مصادر تكشف لـCNNعن ضغوط أمريكا على حلفاءها ليجبروا -حماس- عل ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - حفارو القبور في صناعة النفط