أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ندى أسامة ملكاني - التعددية الثقافية في الهند














المزيد.....

التعددية الثقافية في الهند


ندى أسامة ملكاني

الحوار المتمدن-العدد: 7905 - 2024 / 3 / 3 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعد مصطلح التعددية الثقافية مصطلحا معاصرا في العلوم السياسية. ويرتبط ارتباطا وثيقا بالثقافة التي نعني بها الطرق المشتركة للحياة، المعتقدات المشتركة، وطرق لفهم العالم المحيط بنا. بالنسبة لتايلور الثقافة هي بنية معقدة تتضمن المعرفة، الفن، والمواهب المشابهة، بالإضافة إلى المهارات والعادات التي يتعلمها الناس كأفراد في مجتمع ما. وبذلك تكون الثقافة واحدة من الخصائص المميزة للمجتمعات البشرية. لكل مجتمع ثقافته ولكن يحدث أن توجد مجتمعات تتكون من أفراد ينتمون إلى ثقافات مختلفة. إن هذه النقطة الأخيرة أدت إلى ظهور ما يعرف باسم التعددية الثقافية. إنه يدل على المجتمع الذي توجد فيه ثقافات كثيرة تستطيع العيش مع بعضها. لا يشير مصطلح التعددية الثقافية إلى الاختلافات الفردية بل إلى الاختلافات والهويات التي تتكامل وتتغذى من عناصر ثقافية كاللغة والدين والعرق. بمعنى آخر، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المعتقدات الجمعية وأنماط الحياة، والممارسات الاجتماعية كأساس للحديث عن التعددية الثقافية.
حيث إن مضمون المصطلح يعبر عن أن الثقافات المختلفة يمكن أن تعيش مع بعضها بسلام في دولة ما بحيث تعطي التعددية الثقافية درجة الاحترام ذاتها لكل ثقافة من الثقافات المختلفة الموجودة في إطار الدولة الواحدة. وانطلاقا من ذلك، وكي لا يكون هناك ديكتاتورية الأغلبية كما أشار لذلك جون استيوارت ميل تعنى التعددية الثقافية بمراعاة حقوق الأقليات.
طرحت التعددية الثقافية بشكل رسمي لأول مرة في كندا في منتصف القرن التاسع عشر ثم بعد ذلك في أستراليا والأرجنتين والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا والعديد من الدول. دفعت تجربة دول ذات حضارات قديمة كالهند العديد من الفلاسفة إلى الاعتقاد أن التنوع الثقافي شيء جوهري لبناء مجتمع عادل.
ويعد النموذج الهندي نموذجا متقدما للتعددية الثقافية. الهند التي يوجد فيها أكثر من 1800 لغة، 1.410 مليار إنسان، ويشكل الهندوس حوالي 80% والمسلمون حوالي 13 % والمسيحيون حوالي 2 % والسيخ حوالي 19 %، يشير ذلك إلى التنوع الديني الملحوظ في الهند.
ضمن مفهوم التعددية الثقافية تعتبر كل ثقافة ذات قيمة لذلك تكون المقارنة بين الثقافات ليست صحيحة. لأن كل ثقافة يجب أن تثمن ضمن إطارها ومفهومها الخاص للحقائق. لذلك جرى التأكيد على مفهوم التعددية الثقافية من قبل مفكري ما بعد الحداثة الذين رفضوا أن يتم احتكار الحقيقة من قبل أحد أو تأليهها أو ادعاء أن الحقيقة التي تمثلها ثقافة ما تصدق وتنطبق على الثقافات كافة. وبذلك يكون لكل ثقافة شروطها الخاصة.
إذن يشير مصطلح التعددية الثقافية إلى التنوعات الثقافية الناجمة عن وجود مجموعتين أو أكثر في المجتمع حيث تولد آراء وممارسات الناس شعورا مميزا للهوية الجمعية. ويستخدم المصطلح حاليا فقط لتعريف الجماعات المهمشة والمحرومة كالقبائل والأقليات الدينية والثقافية واللغوية. بالإضافة إلى المهاجرين .
ترتكز نظريات التعددية الثقافية بشكل أساسي على تجربة الديمقراطيات الغربية ولكن هناك دول فيها تنوع أثني وديني ملفت للنظر والهند مثال على هذه الدول. ففي الهند تعود السياسات الخاصة بحقوق الجماعات المتنوعة إلى مرحلة بناء الدولة. يمثل دستور الهند لعام 1950 نموذجا واضحا للتعددية الثقافية. حيث وضع إطار ممأسسا لحقوق الأقليات والأخذ بحقوق الجماعات المهمشة
من المقطع السابق يتضح أن مصطلح التعددية الثقافية لا يشير فقط إلى المجتمع المتنوع ثقافيا بل أيضا إلى نوع من السياسة التي تهدف إلى حماية التنوع الثقافي ولاسيما قي بلد كالهند. فإذن يصف مصطلح التعددية الثقافية وجود عدة ثقافات في المجتمع بالإضافة إلى سياسة تتبعها الدولة حيال الأقليات الثقافية التي تقطن ضمن حدود سيادة تلك الدولة.
بالنسبة روتشانا باجباي تمثل الهند موطن سياسات التنوع التشريعي المتجسد مثلا في الحصص الممنوحة بموجب القانون للأقليات في المؤسسات التعليمية والوظائف الحكومية. وتوضح النقاشات السائدة في الهند عدم فاعلية الليبرالية كإطار لتقييم وإدراك التعددية الثقافية. تبدو قضايا الوحدة الوطنية والتنمية والقيم الديمقراطية مهمة وأساسية في تلك النقاشات الفكرية.
فإذا كانت الدولة في العلمانية محايدة بمعنى أنها تعامل الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية فإن الدولة في إطار التعددية الثقافية تعامل الناس بأخذ هذه الانتماءات بعين الاعتبار، ففي الهند للأقلية المسلمة كأكبر أقلية في الهند حصص في الجامعات والمؤسسات الحكومية. ما يعني أنه يمكن وصف التعددية الثقافية كنسخة معدلة عن العلمانية الجامدة التي لا تلحظ الفروق التي قد تهدد المجتمع إذا لم تؤخذ بعين الاعتبار.
لقد نظر إلى التنوع والتعدد في الهند كنقطة قوة لها، ولكن يبدو أن هناك مشاكل تمثل تهديدا للتعددية الثقافية، كالفقر وسوء عدالة توزيع الموارد، ونظام الطبقات في الهند حيث يصنف الناس ضمن الدين الهندوسي إلى طبقات. ويجب أن تضمن مقولة " التنوع ضمن الوحدة"
عدد الفقراء في الهند مرتفع بشكل مريع. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الطبيعة الديموغرافية والاجتماعية للفقراء ثابتة ولا يبدو عليها أنها في طريقها للتغير.
ديمغرافيا، يعتبر العمال (القرويون منهم والعمال المؤقتون في المدن) وافراد طبقة الداليت (أدنى طبقة في السلم الاجتماعي الهندوسي) والمسلمين أفقر طبقات المجتمع الهندي.
ويعيش 60 في المئة من فقراء الهند في ولايات بيهار وجهارخند واوريسا وماديا براديش وتشاتيسجار واوتار براديش واوتاراخند، ومن الملاحظ ان 85 في المئة من القبليين الهنود والداليت يعيشون أيضا في هذه الولايات.
ما يطرح سؤالا كبيرا عما إذا كانت تحديات التعددية الثقافية في الهند مرتبطة بسوء توزيع الموارد الاقتصادية أم أنها مرتبطة بضرورة أن تعبر كل ثقافة عن ذاتها بإطار الدولة عن هويتها؟ أي ديمقراطية الثقافات وليس فقط ثقافة الديمقراطية؟



#ندى_أسامة_ملكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الحقيقة -هناك- أم أنها نسبية؟
- تسييس أمريكي أم تعددية قطبية؟!
- السياسة كتدبير لشؤون المجتمع
- الديمقراطية والليبرالية
- الديمقراطية والمجتمع المدني
- العلاقات الروسية الأمريكية....بين التعاون والمواجهة
- أصل التفاوت بين الناس
- قراءة في كتاب المجتمع المدني والدولة المدنية
- اقتباسات
- روح السياسة ل غوستاف لوبون
- الشعبوية ٢
- الشعبوية ١
- لمجتمع المدني: دراسة نقدية 2
- قراءة في كتاب المجتمع المدني : دراسة نقدية 1
- قراءة في كتاب غريزة الحرية 2
- قراءة في كتاب غريزة الحرية 1
- هل انتهى القرن الأمريكي 2: قراءة نقدية
- قراءة نقدية في كتاب القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة ال ...
- المجتمع المفتوح والثقافة المدنية
- قراءة في كتاب أفيون الشعوب


المزيد.....




- وجهة واعدة في الشرق الأوسط.. كيف أصبحت السعودية رائدة في قطا ...
- أذربيجان تطالب وزير الداخلية الفرنسي بالاعتذار
- -قوات دولية وتطبيق حل الدولتين-.. هل توصيات القمة العربية قا ...
- من هم قضاة محكمة العدل الدولية في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائ ...
- في محكمة العدل الدولية: إسرائيل تعتبر قراءة جنوب إفريقيا للق ...
- المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من ...
- مبادرة تسلق جبال ويليز..طفل في السادسة يحاول إنقاذ عائلته في ...
- بوتين من الصين: لا خطط حاليا لتحرير خاركوف
- وزير الخارجية الأمريكية يمنح سلطات كييف حرية قصف الأراضي الر ...
- حزب تركي يدعو لتجمعات جماهيرية ضد محاكمة قيادات كردية بارزة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ندى أسامة ملكاني - التعددية الثقافية في الهند