أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ندى أسامة ملكاني - الديمقراطية والليبرالية














المزيد.....

الديمقراطية والليبرالية


ندى أسامة ملكاني

الحوار المتمدن-العدد: 7059 - 2021 / 10 / 27 - 20:30
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


عادة ما توصف الديمقراطية أنها حكم الأغلبية إما مباشرة أو عن طريق ممثليها الذين يحكمون باسمها. ومصطلح الديمقراطية مصطلح يعود للكلمتين الإغريقيتين Demos وتعني الشعب و Kratos وتعني حكم. أي حكم الشعب. يبدو أن نظام الحكم الديمقراطي أفضل أشكال الحكم التي عرفها التاريخ البشري. فحكم الشعب وسيادة القانون وفصل السلطات والمحاسبة والمساءلة والشفافية والتداول السلمي للسلطة وحرية الرأي والتعبير كمبادىء للحكم الديمقراطي تبدو إيجابية ولا يختلف اثنان أنها نموذج مثالي للحكم. إذن لماذا يذهب المفكر الليبرالي الشهير جون ستيوارت ميل في كتابه "في الحرية" إلى القول :" إن مشكلة الحرية تطرح بإلحاح داخل الدولة الديمقراطية، فبقدر ما تزداد ديمقراطية الدولة ، بقدر ما ينقص ضمان الحرية الفردية"؟ ومن جهة ثانية غالبا ما توصف هذه الديمقراطية بأنها ديمقراطية ليبرالية لتمييزها عن الديمقراطية الشعبوية التي سادت في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وكانت السبب في اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية ولتمييزها أيضا عن أحزاب اليمين المتطرف الشعبوية التي تشهد الآن صعودا في أوروبا. وإذا كانت تدعى الديمقراطيات اليوم بالديمقراطيات الليبرالية لماذا اتخذت النخبة الليبرالية موقفا مناهضا من الديمقراطية في منتصف القرن التاسع عشر كما يشير المفكر عبد الله العروي؟
عندما نقول ديمقراطية فذهننا يتجه عادة إلى حكم أغلبية الشعب ما يطرح سؤالا ملحا عن حقوق الأقليات وكيان الفرد ومصير فردانيته في ظل حكم المجموع. وهذا ما ذهب إليه ميل حين رأى أن طغيان التوجهات الديمقراطية الشعبية يشكل خطرا على الفرد وعلى مستقبل البشرية ، حيث تمثل الاتجاهات الديمقراطية الشعبية واحدة من أسوأ أنواع الديكتاتوريات وهي ديكتاتورية الحشود والمجموع، حيث يقول: "لقدر رجحت كفة المجتمع على كفة الفرد والخطر المحدق الآن بالبشرية ليس في فرط الميول الفردية، بل في اضمحلالها."
يعطي المذهب الليبرالي الأولوية للفرد على المجموع، وخلافا للمذاهب الاجتماعية ومنها الاشتراكية يرى أن المجتمع هو مجموعة من الأفراد "الرؤية الذرية". وعلى اختلاف تياراتهم، يرى الليبراليون أن الأفراد وليس الجماعات ولا الدول هم أساس الوجود. الفرد هو القوة الدافعة في المجتمع، أما في المذاهب الجماعية المجتمع وليس الفرد هو الحقيقة الأولى والنهائية. من هنا يأتي حرص ميل على حقوق الفرد في مواجهة حكم الأغلبية. يل يذهب لتسميته باستبداد الأغلبية طالما أنه يهمل حرية الفرد وكيانه. بل إن كتاب "في الحرية" يهدف فيه بالأساس إلى الدفاع عن الفرد ضد استبداد الدولة والمجتمع والأكثرية.
ويرى الباحث عزمي بشارة أن الليبراليين المدافعين عن الحريات وحقوق المواطن والسوق الحرة لم يكونوا ديمقراطيين تاريخيا. والديمقراطيون منذ بداية الثورة الفرنسية 1789 غالبا لم يكونوا ليبراليين تاريخيا. ويضيف أن الأمر احتاج إلى حربين عالميتين وإلى تحول الديمقراطيات الشعبية إلى أحد أسوأ أنواع الاستبداد، حتى بدأ الناس بتصور الديمقراطية كنظام ديمقراطي ليبرالي يقوم على حكم الأغلبية ولكن يحترم الحريات الشخصية وحقوق الأقليات والمواطنة. قبل ذلك وكما يرى عبد الله العروي أنه في منتصف القرن التاسع عشر اتخذت النخبة الليبرالية موقفا مناهضا للديمقراطية باعتبار أنها تعني حكم الأغلبية بصورة مطلقة دون اعتبار لحقوق الأقليات والحقوق الفردية. من جهة أخرى، لم تكن الأنظمة الليبرالية أنظمة ديمقراطية في الوقت عينه، فإنجلترا أعرق ديمقراطية في العالم كانت ليبرالية دستورية طيلة القرن التاسع عشر، ولكنها لم تصبح ديمقراطية بالفعل إلا في النصف الأول من القرن العشرين، لأن حق التصويت كان محصورا بالطبقات البرجوازية ذات الملكية.
وبتعريف الديمقراطية الليبرالية بأنها حكم الأغلبية مع احترام الحريات الشخصية وحقوق الأقليات، يبدو جليا سبب التخوف من صعود تيارات اليمين المتطرف بأوروبا أو ما يسمى بالديمقراطية الشعبوية. حيث تكن هذه التيارات العداء للأقليات الدينية والعرقية وتنتهك خصوصيتها وحقوقها الفردية.
أما عن النتائج المترتبة على دمج الليبرالية بالديمقراطية لتصبح الديمقراطية الليبرالية، فهي كالتالي:
- لا تكتفي الديمقراطية الليبرالية بأن تكون حكم الأغلبية بل تعني أيضا مراعاة حقوق الأقليات وحريات الأفراد جنبا إلى جنب مع سيادة حكم القانون. وبالتالي الكل سواسية أمام القانون.
- الديمقراطية تصبح مذهبا فرديا ليس بالمعنى الليبرالي القائم على تصور المجتمع على أنه مجموعة كمية من الأفراد وأولوية الفرد على الجماعة، بل تقر الديمقراطية الليبرالية بالحقوق السياسية لأفراد المجتمع. وهناك عقد اجتماعي ليبرالي سياسي قائم بين الحاكمين والمحكومين ، إذا أخل الحاكم بشروط العقد جاز للأغلبية أن تعبر عن رأيها بالانتخابات الحرة والنزيهة. وذلك يعني حماية الحرية الفردية وحرية الرأي والتعبير وهي من مبادئ الليبرالية.
- إقرار حقوق الأقليات في التعبير عن عقائدها ونمط حياتها دون قمع أو تعسف من قبل الدولة، والهند مثال على هذا النمط من الديمقراطية، حيث ينص الدستور على حقوق خاصة للأقليات الثقافية والعرقية والدينية. ومن هنا التخوف من الشعبوية المتصاعدة في أوروبا وعدائها للأقليات، وبالتالي تمييز أحزابها عن الأحزاب الديمقراطية الليبرالية.
- الديمقراطية الليبرالية هي حكم الأغلبية مع حماية حقوق الأقليات وليست ديمقراطية لصالح الأقلية. وبذلك تغدو الديمقراطية حكما من أجل الشعب وليس فقط بالشعب.
- وجود مجتمع مدني قوي كمجال متميز عن الدولة، تقوده النخب الفكرية وتغدو فيه مشاركة الشعب بما يتجاوز صناديق الاقتراع إحدى المبادئ الديمقراطية
ومن هنا فإن الديمقراطية الليبرالية تهدف إلى ترسيخ حكم الأغلبية مع ضمان الحريات الفردية وحقوق الأقليات، ومن هنا أيضا فإن تصاعد الأحزاب اليمينية المتطرفة هو أزمة للديمقراطية الليبرالية من ناحية استعداء الأقليات والمساس بالحريات المدنية الليبرالية والحقوق الفردية.



#ندى_أسامة_ملكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والمجتمع المدني
- العلاقات الروسية الأمريكية....بين التعاون والمواجهة
- أصل التفاوت بين الناس
- قراءة في كتاب المجتمع المدني والدولة المدنية
- اقتباسات
- روح السياسة ل غوستاف لوبون
- الشعبوية ٢
- الشعبوية ١
- لمجتمع المدني: دراسة نقدية 2
- قراءة في كتاب المجتمع المدني : دراسة نقدية 1
- قراءة في كتاب غريزة الحرية 2
- قراءة في كتاب غريزة الحرية 1
- هل انتهى القرن الأمريكي 2: قراءة نقدية
- قراءة نقدية في كتاب القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة ال ...
- المجتمع المفتوح والثقافة المدنية
- قراءة في كتاب أفيون الشعوب
- العبثية 3
- قراءة في كتاب سيكولوجية الإنسان المقهور 2
- قراءة في كتاب سيكولوجية الإنسان المقهور1
- قراءة في كتاب -في العنف-


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ندى أسامة ملكاني - الديمقراطية والليبرالية