أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - كتاب جحيم المعتقلات في العراق ج2















المزيد.....

كتاب جحيم المعتقلات في العراق ج2


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 7900 - 2024 / 2 / 27 - 22:26
المحور: الادب والفن
    


محكمة الثورة
اسس حزب البعث في العراق بعد تسلمه السلطة, محكمة خاصة تتولى البت بالقضايا الكبرى اسماها محكمة الثورة , وقد عقدت تلك المحكمة جلساتها بسرية تامة بعد أن أعلن أمر (مجلس قيادة الثورة) في شتاء عام 1969 بتشكيل تلك المحكمة العسكرية الخاصة برئاسة العقيد علي هادي وتولت محاكمة ماسمي بـ «شبكة التجسس لصالح العدو الصهيوني».
وعندما انتهت من أعمالها وأصدرت أحكامها النهائية غير الخاضعة للتمييز بثت وقائع جلساتها بحلقات يومية من الإذاعة والتلفزيون حرص الجميع على متابعتها باهتمام وشغف وعلى مدى ثلاثين يوما وشاهدنا حتى صدور أحكام الاعدام في نهاية جلساتها بين ( رميا بالرصاص او شنقا حتى الموت )..ثم علقت جثثهم في ساحة التحرير ببغداد وفي ساحة أم البروم في البصرة وتدفقت الجماهير وهي تطلق الهتافات منها (عاش قرار المحكمة بإعدام زلخة وجيته).).
وقد توالى على رئاسة محكمة الثورة العلاف و مسلم الجبوري و عواد حمد البندر.
ج ـ على أن الأشخاص الذين ثبتت أدانتهم من محكمة مختصة بجريمة التجسس لحساب الأجنبي أو التآمر على تقويض نظام الحكم التقدمي الاشتراكي وأساسه الاقتصادي والاجتماعي فيجوز مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة وقيدها إيراداً للدولة بموجب قانون
الفصل الرابع: السلطة القضائية

المادة التاسعة والسبعون ( الحكام والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في استقلال القضاء أو في شؤون العدالة وتنظم السلطة القضائية بقانون).
(بسم الله الرحمن الرحيم
إيمانا بحق هذا الشعب في الحياة الحرة الكريمة وثقته بقدرته على مواجهة الصعاب وإرادته التي لا تقهر وبعد الاتكال على الله وعلى المخلصين من أبناء الشعب والقوات المسلحة قامت فئة بارة من أبناء الشعب مؤمنة بربها وبأهداف الأمة العربية بتفجير ثورة السابع عشر من تموز 1968 وإنهاء الأوضاع الشاذة واستلام مقاليد الأمور بغية تأمين سيادة القانون وإيجاد تكافؤ الفرص للمواطنين والعمل على تحقيق الوحدة الوطنية والقضاء على أسباب التمزق الداخلي وتحرير المواطن من الاستغلال والخوف والجهل والنعرات الطائفية والعنصرية والقبلية وكافة مظاهر الاستعباد وإقامة مجتمع تسوده الأخوة والمحبة والتآلف والشعور بالمسؤولية إزاء الأحداث المصيرية وذلك عن طريق توفير الحياة الديمقراطية للمواطنين في إطار التنظيمات الشعبية وصولاً إلى أقامة المجلس الوطني الذي يمثل كافة القطاعات الوطنية نعلن هذا الدستور المؤقت الذي ثبتت فيه قواعد الحكم ونظمت به علاقة الدولة بالفرد والمجتمع وليعمل به حتى يوضع دستور البلاد الدائم الذي ستكون فيه الكلمة الأخيرة للشعب مستعينين جميعاً بالله العلي القدير.
مجلس قيادة الثورة).
في السرداب حيث تعلوه محكمة الثورة رأيت هناك امرأة مكتزة الجسم بيضاء طويلة تحمل رضيعها بيديها ..واتى بعض الحراس وفصلوا الرضيع عنها .. ستقضي ثلاث سنوات في السجن , لانهم وجدوا في حساباتها اموالا زائدة.
وقال لي العلاف هل لديك محامي قلت لا , قال هل نوكل لك محامي قلت .. وتلا ب(اني اتهمت السلطة بقتل الشاعر مهدي طه وبان السلطة الفعلية للبلد لصدام حسين وليس للبكر ..) وضحكوا ..استفزتني ضحكاتهم لكني لم اعلق ..كانوا يصغون وكأنهم يسمعون طرفة مثيرة .. فاما انهم كانوا جهلة حقا او انهم يتسترون .. فقد اكدت الوقائع والادلة بان صدام حسين كان الحاكم الفعلي للبلد وليس البكر .
فبعد القضاء على مدير الامن ناظم كزار عام 1974. أثر محاولة انقلاب فاشلة كان مخططا ان يتم اغتيال البكر فيها في المطار فيما حجز كزار وزيري الداخلية والدفاع .. فاصاب احدهما وقتل الاخر ...اصبح صدام الحاكم الفعلي للعراق وحجم دور الرئيس البكرشيئا فشيئا حتى وفاته او (تصفيته ).
بعد ذلك نودي على الشهود ,واستغربت وانا ارى ام صديقي الشاعر الغريق مهدي طه واباه يدليان بشهادة ضدي .. كنت اودهما وتعاطفت معهما بعد حادثة الغرق ولم اقطع زيارتي لمنزلهما في منطقة الجمهورية لفترة طويلة .... كل ما في الامر ان احد اقربائهما كان رجل امن و لم اكن اعرف بذلك وتحدثت من باب الثقة بما ادنت به : (قذف السلطة )..وكانا اثناء الادلاء مرتبكين ومتضاربين بالاراء فحكمني العلاف بالحبس لمدة سنة ..وتم نقلي الى سجن ابو غريب .
سجن ابو غريب : 1976
سجن أبو غريب يقع قرب قضاء أبو غريب( الذي يبعد 32 كم غرب بغداد و يعود تاريخ تأسيسه إلى العهد الملكي في عام 1944م) .. كان السجن يدار بعهدي البكر وصدام من قبل مديرية الأمن العام ووزارة الداخلية.
من اليوم الاول حجزوني في زنزانة منفردة تقع في نهاية ممر طويل ,على جانبيه انتشرت الزنزانات الانفرادية ,يبقونك هناك اياما قليلة .. ثم يزودونك بملابس السجن ..اذكر وصلتها وقت الظهيرة ورأيت حوالي خمسة محتجزين.. عصرا جذبنا حديث شيق لنزيل معتق : قال (اراكم في حزن وقلق لكنها مدة ستنقضي وسيفرج عنكم ... وان التفكير لا يطلق سراحكم .. فاسمعوا مني قصة العرب ...).. ولما وجدنا نصغي اخذ يقص قصة مشوقة من التراث الشعبي ..
بعد ايام تم نقلي الى ردهة (قاووش رقم 13) ( القاووش كلمة تركية الأصل معناها السجن ويستخدمها أهالي جدّة وهي عندهم بمعنى العنبر الذي يسكنه الجنود).
وهي ردهة واسعة وطويلة يقع في مقدمتها الحمامات, والمطبخ , وتمتد الاسرّة بنسق متواز بثلاثة صفوف : اثنان جوار الجدار والثالث في المنتصف ..ولها باب مشبك من القضبان .
شيئا فشيئا بدات اكتشف بان النزلاء هنا صغار السن , وان الشذوذ منتشر ..وبدأت فورا رحلة الاستكشاف لمواقع السجن ... كان من نظام السجن ان يستخدم النزلاء الجدد لمدة حوالي شهر في ثرم وتقشير المخضرات في المطبخ وهو قاعة واسعة تنتشر فيه المصطبات الحجرية الطويلة حيث يتناول السجناء وجباتهم هنا .. ورأيت ان كل عدد من الردهات (القواويش ) يتم حجزها بباب مشبك , وهو اسلوب يحفظ النظام , فان حدث تمرد او وباء مثلا يمكن حجز مجموعة عن اخرى لكن الابواب ابدا مشرعة ولا تغلق الا ليلا .
السجن الذي اصفه هنا هو سجن الاحكام الخفيفة المقدرة بخمس سنوات فنازلا , ولم ار سجن الاحكام الثقيلة .
ينقل بعض النزلاء لمعامل داخل السجن ليصنعوا او يتعلموا صنع الاثاث ... لم اطلع على تلك المعامل الا ان السجناء الملتحقين بها اخبروني عنها ,وهي خطة صائبة فالانسان ميال لعمل مثمر .
كنا نقصد كل يوم ساحة للرياضة واسعة وكنت اتدرب على الملاكمة ,وقد كان بردهتي شاب قوي الجسم ابيض البشرة يحب الملاكمة ايضا فقويت علاقتنا واخبرني مرة (بانه عصبي وان هذا الطبع يسبب له مشاكل كثيرة , في البيت مثلا كان يكسر الصحون والكؤوس والاثاث لاتفه سبب) وكان ابو زمن وهو سجين يساري من منطقتي .. لطيف الملامح مرن التعامل هاديء تجذبك فيه جمال عينيه السوداويين وبشرته التي تتحول في الوجه احيانا الى الحمرة , يدربنا ونحن مثله مزودون بقفازات الملاكمة .. الا ان صاحبي العصبي تلقى ضربة منه وأخذ انفه ينزف ..كان يقول (لن تكون ملاكما حتى يكسر انفك )..
في زيارتهم الاولى اتى الاهل ومعهم <ديوان المتنبي بجزئين للبرقوقي)..ما هيأ فرصة لي لدراسته ..ولا اعلم نوع وعدد الكتب التي قرأتها في السجن , ولا اتذكر نوع الكتابات .. تلك مشكلة الذاكرة , كنت ارى ان على الشاعر ان يظل شاعرا ولا يتوزع .. كانت فكرة خاطئة خسرت خلالها ربع قرن من الكتابة .. وكنت لا احتفظ بالاوراق والوثائق تماشيا مع نظرية نسيان الماضي , وتميزت بذاكرة لم تدّرب على حفظ الاسماء .
وانا اكتب هذه المذكرات بعد مرور حوالي نصف قرن عليها مع تسارع الاحداث وظروف العراق الصاخبة , لا احب الا ان اكون امينا لما علق بالذاكرة .
جوار سريري شاب صغير عيناها ضعيفتان تفتحان بجهد ..وكان احد النزلاء بعمره .. يصادقه لمصلحة (لما يوفره من مبلغ وطعام له ).. فلفت انظار الشاب الى صاحبه وبينت له علاقة المنفعة .. بعد ساعات استدعاني صاحبه القبيح الجشع واخرج موسى وحاول طعني .... لقد تسرب له الكلام .. وحل النزاع بسرعة .
كنت في السجن اقضي جل وقتي بتحليل الشخصيات واستكشاف اسرارها الخفية , ولقد التقيت بعدد كبير.
لقد كان يتقارب لدي الاهتمام بالاداب وسبر الشخصيات , واذكر اني صادفت ثلاثة نزلاء اعترفوا لي بانهم راودوا اخواتهم عن انفسهن .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب رأي في بعض الاصول النحوية واللغوية .
- البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج18
- الجنس في العصر الذهبي للروائي للصيني وانغ شياوبو.
- كتابة الشاعر ريتسوس عن البريكان لون من خرافة .
- كتاب القرامطة للمستشرق دي خوية
- المؤمن الصادق لايريك هوفر بحث في الحركات الجماهيرية .
- انطولوجيا الرواية العراقية في المهجر
- كتاب سفر نامة للرحالة الفارسي ناصر خسرو
- ابيات علقت في الذاكرة نجهل كتابها
- رواية 1234 لاوستر ثيمات سيكولوجية وفكرية عبر الدراما .
- ما مدى الاصالة في قصيدة الزائر الاخير
- سفاح فرويد والهفوات اللسانية والطباعية .
- قصيدة الجواهري على تلة تنعي حفيدتها الكلاسيكية.
- الجذور التاريخية لمدرسة التحليل النفسي
- هل حقا تحرق الفتيات في الهند اذا بلغن من العزوبة ثلاثين عاما ...
- كتاب تحقيق النصوص لشيخ المحققين عبد السلام هارون .
- سحر الايقاع في الشعر العربي
- وبعد لولا غالبا حذف الخبر
- الترابط الصوري احد اهم اسباب نجاح القصيدة
- الشعر الحديث في العراق تبرعم في حقل الكلاسيكية الرومانسية .


المزيد.....




- الفرانكو- جزائري يخرج عن صمته ويعلق بشأن -فضيحة حوريات-
- نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا ...
- شون بين يتحدث في مراكش عن قناعاته وتجربته في السينما
- تكريم مؤثر للفنانة المغربية الراحلة نعيمة المشرقي في مهرجان ...
- بوتين يتذكر مناسبة مع شرودر ويعلق على رجل أعمال ألماني سأله ...
- على طريقة أفلام الأكشن.. فرار 9 سجناء من مركز اعتقال في نيس ...
- -الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي- في فرنسا لنجوان درويش
- الخنجر.. فيلم من إنتاج RT يعرض في مسقط
- ملف -القندورة والملحفة- الجزائري بقائمة اليونسكو للتراث غير ...
- صور| طلبة المدارس يتوافدون على معرض العراق الدولي للكتاب: خط ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - كتاب جحيم المعتقلات في العراق ج2