أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - ستالين مستعادٌ














المزيد.....

ستالين مستعادٌ


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7894 - 2024 / 2 / 21 - 16:53
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


"بعد موتي، ستُرمى على قبري أكوام النفايات، لكن رياح التاريخ ستبدّدها"، هذا ما توقّعه جوزيف ستالين قبل بضعة أشهر من وفاته في 5 آذار / مارس 1953، ولعل موجة الحنين، التي تجتاح بعض الشباب الروسي إلى "الديكتاتور الأحمر"، هي التي تذكّر بذلك، إذْ سيعتبر ستالين "الشخصية المجيدة في روسيا الخالدة"، خصوصًا بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية (24 شباط / فبراير 2022)، ذلك ما توصّل إليه الكاتب والديبلوماسي، الذي عمل مع غورباتشوف، وكان المتحدّث باسم البريسترويكا، فلاديمير فيدروفسكي، في كتابه المثير "بوتين: أوكرانيا - الأوجه الخفيّة". وهو ما يؤكده مركز ليفادا الروسي المستقل والمختص بالأبحاث الاجتماعية وإجراء الاستطلاعات، الذي صنّف ستالين على رأس الشخصيات التاريخية الأكثر تميّزًا.
وهكذا يُبرَّء ستالين "الكاريزمي، الجذاب" من الأخطاء والخطايا، التي ارتبطت باسمه، فهو صاحب الإرادة الفولاذية والعناد الثوري والتواضع الإنساني، وتلك الصفات أخذت تقرّبه من لينين سلفه المباشر، ومن القيصر بطرس الأكبر، ومن "إيفان الرهيب" باعتبارهم رموزًا لقوّة روسيا.
وتترافق استعادة ستالين، الذي "تسلّم روسيا الفقيرة وحوّلها إلى قوّة عظمى"، مع توجّه فلاديمير بوتين، الذي تولّى دست المسؤولية الأولى في روسيا منذ العام 2000، وحاول "إعادة العافية إلى روسيا" بعد أن غرقت في الفساد والانحلال، إثر الإطاحة بالنظام الشيوعي.
وحين تُقدّم صورة ستالين - بوتين، فإنها تُظهر الاختلاف والتعارض مع صورتي ميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسن، على المستويات السياسية والنفسية والأخلاقية، فالأول ضعيف وساذج، والثاني عاجز وسكّير، في حين أن ستالين يقدَّم باعتباره رجل الدولة المستقيم، ويبرر النيوستالينيون أعمال القمع، التي قام بها بأنها كانت من اختراع لينين، وأنها ماكينة حكم ثورة أكتوبر، المحاطة بالأعداء الداخليين والخارجيين، وهذه فرضت مثل هذا النوع من الحكم لمواجهتهم وحماية أمن البلاد.
وكانت المفكرة والاقتصادية الماركسية روزا لوكسمبورغ، المعروفة باسم "روزا الحمراء" والتي أطلق عليها لينين اسم "صقر الماركسية المحلّق"، أول من احتجّ على هذا النهج، وكتبت إلى لينين تقول "الثورة ليست حمام دم"، مثلما عارضها الروائي مكسيم غوركي، الذي مات مكسورًا بعد أن اضطرّ أن يتدثّر بالصمت، وانتقد كارل كاوتسكي، الديكتاتورية البلشفية، التي قامت عليها السلطة السوفيتية، علمًا بأنه يُعتبر أحد زعماء الأممية الثانية، والمنظّر الأبرز بعد وفاة صديقه إنجلز، وكان يُلقّب ﺑ "أبو الماركسية"، علمًا بأن لينين خالف الكثير من أطروحاته وردّ على أفكاره بكتاب عنوانه "الثورة البروليتارية والمرتد كاوتسكي".
والحجج التي تقف إلى جانب ستالين كنت قد سمعتها من العديد من الشيوعيين بشكل مباشر، مثل القيادي البارز آرا خاجادور والمفكر حسقيل قوجمان، اللذان ظلّا، حتى آخر أيامهما، يتغنّيان بمجد ستالين ويرفضان الاتهامات الموجهة إليه، علمًا بأن بعض الكتابات تستبعد الأرقام المبالغة بشأن الضحايا، وتختصرهم إلى مجرد بضع مئات آلاف، في حين يقدّرهم البعض الآخر بالملايين، وهنا يمكن استعادة كلام ينسب إلى ستالين "موت رجل واحد مأساة، أما موت ملايين فتلك إحصائية".
كان ستالين بارعًا في الدراما السياسية، فهو شديد التواضع في ملبسه ومسكنه ومأكله، غرفته تتزيّن بسجادتين بسيطتين وستائر سميكة وطاولة خشب مصقول وسماور للشاي وعلبة تبع وغليونين أو ثلاثة، وهذا ما يذكره المؤرخون، وقد رفض بناء قصر خاص له وأصرّ على البقاء في موسكو خلال الاجتياح النازي.
كما استطاع ستالين اللعب على الخصوم، فتحالف مع زينوفييف وكامينيف ضدّ تروتسكي، ثمّ أطاح ﺑ بوخارين وتومسكي وريكوف، وتدريجيًا أعدم بعض هؤلاء الزعماء، بمن فيهم بوخارين، الذي كان يلقّب "بمحبوب الحزب" وأعدم ابنه معه بتهم الخيانة والتجسس في محاكماته الشهيرة، الـتي أودت بالكادر القيادي، وصعد هؤلاء منصة الإعدام وهم يهتفون بحياة ستالين، وتلك مفارقة أخرى.
وفي ذاكرتي الطفلية، استعدت صورة ستالين، التي رأيتها أول مرّة مخبأة في إحدى كتب عمي شوقي شعبان المدرسية، فسألت عن هذا الرجل، وإذا بي أسمع اسم "ستالين"، باعتباره رئيسًا للشيوعيين في العالم. وحصلت المفاجأة والدهشة حينما عدت من المدرسة بعد أسابيع، ورأيت عيني عمي شوقي الزرقاوين الجميلتين وقد اغرورقتا بالدموع، وبدا الحزن واضحًا على وجه عمي ضياء، الذي كان من أنصار السلام، ثم عرفت الخبر: لقد مات ستالين، وبسذاجة طفولية سألت، هل ستلبس بيبتي (جدتي) السواد حدادًا عليه؟
ولم يمض وقت طويل وإذا بالصورة "المشرقة" تبهت وتتغيّر، بل اهتزت بعد التقرير الذي قدّمه خروتشوف إلى المؤتمر العشرين للحزب العام 1956، وتدريجيًا أخذت تسبّب لي نفورًا بمرور الأيام، ارتباطًا مع تعمّق وعيي، وانخفاض منسوب الحمولة الآيديولوجية، خصوصًا بالانتقال من اليقينية الإيمانية التبشيرية إلى التساؤلية العقلانية النقدية.
النظرة التقديسية إلى حد المعصومية أخذت تتبخّر، حتى وإن كانت ببطء شديد، بسبب ادعاء الأفضليات، وغضّ الطرف عن الأخطاء والنواقص، بل الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان، فضلًا عن منظومة الدعاية التوجيهية المضلّلة، التي كانت تُضخّ إلينا، ناهيك عن الجهل بالكثير من الحقائق والمعطيات الصادمة.
وكان صدور كتاب اسحق دويتشر الموسوم "ستالين - سيرة سياسية"، قد أحدث هزّة جديدة وعنيفة في النفوس، لاسيّما بكشفه معلومات لم نكن نعرفها، وهو ما أشرت إليه في مراجعتي للتجربة في محاضرتي في الكوفة كاليري في لندن بتاريخ 2 شباط / فبراير 1994 والمنشورة في كراس بعنوان "بعيدًا عن أعين الرقيب".



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزام والطريق: زمن الصين أم ماذا؟
- لغز -أوراسيا-
- أمسية الاحتفاء بعبد الحسين شعبان: زمن فلسطين والثقافة العربي ...
- طوفان الأقصى صراع الإرادات والعقول
- غزة والمعركة القانونية
- تداولية المسؤولية في الرابطة العربية للقانون الدولي
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ...
- رسالة إلى الرابطة العربية للقانون الدولي
- صورة ماركس
- الجواهري: ضَوءٌ غيرُ قابلٍ للخُفوت - كلمة الشاعرة د. سعاد ال ...
- غزّة وميزان العدالة
- إضمامة: صلاح عمر العلي -تراويح المراجعة وامتحانات اليقين- - ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين - الحلقة ال ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الس ...
- عبد الحسين شعبان: لا بدّ من مصالحات تاريخية وإلا فنحن سائرون ...
- الاستخدام السياسي للدين
- لماذا يُستهدف مسيحيو الشرق؟ Why are Christians in the East t ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الر ...
- -الإسلاموية- و-العلمانوية-
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين ( الحلقة الخ ...


المزيد.....




- رغم تحصين المتظاهرين الأبواب.. شاهد كيف دخلت شرطة نيويورك مب ...
- عمدة نيويورك يحذر من -جهات خارجية- تثير مشكلات في احتجاجات ا ...
- عزالدين اباسيدي// المجالس التأديبية، كاتم الصوت.
- بيان المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بمناسبة عيد الشغ ...
- لقطات من الحملة التي أقامها الحزب الشيوعي العمالي العراقي بن ...
- على طريق الشعب.. عشية انعقاد المؤتمر الرابع للتيار الديمقراط ...
- بيان تيار المناضل-ة فاتح مايو 2024: الكفاح العمالي، ومعه ال ...
- فاتح مايو يوم نضال العمال/ات الأممي: بيان الشبكة النقابية ال ...
- رغم القمع، المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين تتوسع في الولا ...
- سمير لزعر// الموقوفون، عنوان تضحية الذات الأستاذية وجريمة ا ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - ستالين مستعادٌ