أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - صورة ماركس














المزيد.....

صورة ماركس


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7866 - 2024 / 1 / 24 - 15:01
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


على الرغم من أن التيار الذي يطلق على نفسه "الماركسي"، لعب دورًا غير قليل في الحياة السياسية العربية، لاسيّما في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، إلّا أن إنتاجه المعرفي، لا يكاد يذكر قياسًا بالنشاط السياسي وباستثناءات محدودة.
وقد واجهت "الماركسية العربية"، وماركس بالذات، نوعين من الإساءة والتشويه عن عمد أو دون قصد بسبب الجهل وعدم المعرفة، والجهل قسمان: إما من الاعداء والخصوم، حيث جرى أبلسة ماركس، ونُسبت إليه الكثير من المواقف لتشويهه لدرجة التأثيم والتحريم والتجريم، خصوصًا بتفسير بعض عباراته باعتبارها معادية للدين.
أو من المريدين والأنصار، حيث جرى تقديسه، فاقترب من منزلة الأنبياء والأئمة، لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه، واعتبرت آراءه واستنتاجاته صالحةً لكل زمان ومكان، وكأن التاريخ توقف بعده، وحاولت الأحزاب الشيوعية استثمار اسمه لأغراض سياسية وقومية أحيانًا، ففي روسيا جرى "روسنة" ماركس بإضافة اسم لينين ومن بعده ستالين إليه، وفي الصين "صيّن" ماركس، بإضافة اسم ماو تسي تونغ إليه، وفي ألبانيا كان اسم أنور خوجة جنبًا إلى جنب ماركس، وسميت الماركسية البولبوتية في كمبوديا، والماركسية الجيفارية في أمريكا اللاتينية، وفي عالمنا العربي تعاملنا مع ماركس كشيخ عشيرة أحيانًا، وهكذا تضبّبت صورة ماركس، فلم نعد نعرف أين هي صورته الحقيقية من صورته المتخيّلة؟
وحين أطيح بجدار برلين 9 نوفمبر / تشرين الثاني 1989 هناك من سارع إلى إعلان وفاة ماركس مجددًا، مع أنه رحل عن دنيانا في العام 1883، وانتقل بعض الماركسيين العتاة إلى الضفة المعاكسة بزعم التجديد وتغيّر الظروف، حتى استبعد لفظ الإمبريالية عن الولايات المتحدة، وبين عشية وضحاها، أصبح "العامل الدولي" مرادفًا للحديث عنها، في حين كانت الماكينة الإعلامية تضجّ بأسوأ النعوت لها باعتبارها العدو الأكبر للشعوب، بل إن البعض استقوى بها في مواجهة أنظمة بلاده الاستبدادية.
ليس غريبًا حين وجدنا من يقول: علينا وضع الماركسية في المتحف، لأنها من تراث الماضي، مثلما ظلّ نفرٌ يتشبّث بكلّ ما قاله ماركس باعتباره الحقيقة المطلقة، وبين التحلّل والجمود، ظلّت صورة ماركس تستخدم ذات اليمين وذات الشمال، حتى ضاع ملمحها الحقيقي، فمن الإمعان بالتنصّل من منهجه، إلى التمسك بتعاليمه، بما فيها تلك التي عفا عنها الزمن، ولم تعد تصلح لعصرنا، دون التوقف عند مراجعة أسباب فشل التجارب الاشتراكية، سواءً على المستوى النظري أم العملي.
ولعلّ الحديث عن صورة ماركس اليوم، إنما هو انعكاس لأزمة وعدم اطمئنان وقلق، وهو حديث عدم ثقة وضعف يقين وتشوّش رؤيا، فقد تخلخلت الأسس والقناعات السابقة والراهنة، ومثلما كان البعض منفصلًا عن الواقع في السابق والفجوة الهائلة بين النظرية والتطبيق، فإنه اليوم أشدّ انفصالًا عنه، سواء كان من أسرى الماضوية والسلفية والنصوصية، أم من المتفلتين من المنهج والمتحللين من تراث الماضي، حتى وإن ظلّ الفريقان يحملان الشعار والعنوان، لكن الزمن تغيّر، فلم يعد يصلح اجترار مقولات الماضي أو اللهاث وراء شعارات ليبرالية.
من يريد استعادة صورة ماركس فعليه اجتراح الواقع، فقد كان ماركس الحلقة الأولى في التمركس، ولا بدّ من الاستفادة من منهجه الاجتماعي، أما تعليماته والعديد من استنتاجاته، فهي تصلح لعصره وليس لعصرنا، وقد تجاوزها الزمن، حتى وإن كانت صحيحة في حينها، وعلينا قراءة الواقع واستنباط الأحكام المنسجمة مع الحاضر والمتطلعة إلى المستقبل، لأن المرجعية هي للواقع وليست للنصوص، ولا قيمة لنظرية دون الواقع، والممارسة جزء لا يتجزأ من النظرية.
وإذا كانت الغايات شريفة وعادله فلا بدّ من وسائل شريفة وعادلة أيضًا للوصول إلى تلكم الغايات، لأن الوسيلة من شرف الغاية، والوسيلة إلى الغاية مثل البذرة إلى الشجرة على حد تعبير المهاتما غاندي، لذلك فإن العديد من التجارب الاشتراكية التي زعمت تحقيق العدالة والمساواة وإلغاء الاستغلال، فشلت بالتطبيق العملي، بل كانت نموذجًا آخر للاستبداد والطغيان، ولم يشفع لها التشبّث بالنصوص النظرية، لاسيّما بإهمالها الواقع ، فلا قيمة للنصوص إذا لم تأخذ الواقع ومتغيراته بنظر الاعتبار.
وهكذا كانت بعض النصوص الماركسية تقرأ باعتبارها مقدسة مثل الأسفار التوراتية والآيات الإنجيلية أو القرآنية، واقتربت من التعاويذ والأدعية بطريقة كهنوتية، لا تقبل النقد أو المخالفة أو التقريظ، حتى غدت آيقونات خالدة وسرمدية، وتنطبق على كل زمان ومكان، وفي ذلك خلافًا لماركس نفسه، الذي كان ناقدًا، وهو القائل "كلّ ما أعرفه أنني لست ماركسيًا"، بمعنى عدم رغبته في أن يكون خارج النقد، وحاول تعميم معارف عصره لاستنباط الحلول، التي تتلاءم مع تطوره، وسواء نجح أم أخفق، فقد كان منهجه حيويًا، لكن "الماركسية" المطبقة، جرى امتهانها، في ظلّ بيروقراطية حزبوية شديدة، قادتها إلى الفشل في مواطنها الأصلية أو في فروعها في العالم العربي، التي اكتست برداء ريفي أو بدوي أو طائفي أحيانًا.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجواهري: ضَوءٌ غيرُ قابلٍ للخُفوت - كلمة الشاعرة د. سعاد ال ...
- غزّة وميزان العدالة
- إضمامة: صلاح عمر العلي -تراويح المراجعة وامتحانات اليقين- - ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين - الحلقة ال ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الس ...
- عبد الحسين شعبان: لا بدّ من مصالحات تاريخية وإلا فنحن سائرون ...
- الاستخدام السياسي للدين
- لماذا يُستهدف مسيحيو الشرق؟ Why are Christians in the East t ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الر ...
- -الإسلاموية- و-العلمانوية-
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين ( الحلقة الخ ...
- العرقية ومرادفاتها في عالم اليوم
- على هامش الحوار بين القومية والأممية
- منصور الكيخيا في الثلاجة
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين / الحلقة الث ...
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين / الحلقة الث ...
- بصمة -الثعلب العجوز-
- المناخ والإنسان
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الأو ...
- غزّة في مجلس اللوردات البريطاني


المزيد.....




- مؤسس -تويتر- يعرب عن دعمه للمتظاهرين في جامعة كولومبيا
- بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ ...
- تدمير فلسطين هو تدمير كوكب الأرض
- مصير فلسطين في ضوء العدوان على غزة
- بعد تداول فيديو -صراخه على متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين-.. رو ...
- لا لاتفاق العار، لا للمس بمكاسبنا في حرية الإضراب والتقاعد و ...
- مئات المتظاهرين في تل أبيب يطالبون بصفقة لتبادل الأسرى
- ‏ -الفوضويون- ينفذون أعمال شغب في مونتريال والشرطة تتصدى بال ...
- مدججين بمعدات مكافحة الشغب.. الشرطة الأمريكية تواجه وتعتقل م ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-صريخ- روبرت دي نيرو في متظاهرين ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - صورة ماركس