أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - من أخضعها اخضع سواها ومن ملكها هان عليه تملك غيرها (1)














المزيد.....

من أخضعها اخضع سواها ومن ملكها هان عليه تملك غيرها (1)


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7898 - 2024 / 2 / 25 - 08:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"المقاومة" في غزة ثقافة ومكون من مكونات الشخصية، جبلّة. والخنادق والأنفاق تقليد وسلاح قديم متجذر عميقا في تاريخ غزة وأهلها. هكذا تقول معطيات التاريخ القديم والقريب للشعب الفلسطيني وشعب غزة تحديدا.

وهكذا يقول مؤرخ مدينة غزة الشيخ عثمان الطباع في كتابه "إتحاف الأعزّة في تاريخ غزة" الذي يقع في أربعة مجلدات وأكثر من الفي صفحة.

ومما جاء في معطيات التاريخ أن غزة كانت من الأماكن التي استعصت على إسكندر الأكبر Alexandre le Grand ووجد صعوبة في دخولها والسيطرة عليها، إذ لم يتمكن من ذلك الا بعد حصار دام عدة أشهر وبعد أن حفرت جيوشه أنفاقا من تحت أسوار المدينة وتمكنت من دخول الانفاق التي كان اهل المدينة حفروها وبواسطتها حاربوا جيش الغزاة. كان ذلك في سنوات 330 قبل الميلاد.

وتجددت الحالة مع الجيوش الرومانية التي حاصرت مدينة غزة لأكثر من سنة وحينما دخلوها وقاموا بتدميرها جابههم أهل المدينة بالاعتماد على أنفاق تحصنوا بها وذلك سنة 96 قبل الميلاد.

وما من عهد مرّ إلا وعاشت فيه غزة معارك وحروبا لصدّ محاولات غزوها وإخضاعها. تجدد ذلك تباعا في عهد الدولة الاموية والخليفة معاوية بن ابي سفيان وفي وجه الحملة الصليبية سنة 1100 م وفي وجه حملة بونابارت على مصر والشام سنة 1798 حيث دخل غزة وأقام ثم ما لبث أن فرّ منها جرّاء ما تكبّد من خسائر وهزائم. وكان الامر كذلك في العهد العثماني منذ بداياته سنة 1500 م. حتى أواخره 1830 م. (تاريخ المواجهة الشرسة بين سكان المدينة بقيادة مصطفى الكاشف والحاكم العثماني عبد الله باشا).

وعندما قرر الاستعمار البريطاني، بعد احتلال مصر، التمدد في فلسطين لضمّها، جوبه بمقاومة شرسة جدا تكبّد فيها على امتداد حروب متتالية خسائر بشرية عالية كانت آخرها معركة شهر افريل 1917 التي خسر فيها حوالي 6500 قتيل (مقابل 2000 في صفوف اهل غزة) وكما يقول أباهر السقا الأستاذ بجامعة بيرزيت في دراسة بعنوان "قراءة سوسيو-تاريخية للمقاومة في غزة"، "كان أحد مبررات ذلك بسالة المقاتلين المحليين والخنادق التي حفروها لحماية بلدهم" (2).

ولم تهدأ روح الثورة في غزة (وعموم فلسطين) طوال سنوات الانتداب البريطاني فسجّل التاريخ سلسلة طويلة من ملاحم متلاحقة في نضال شعب غزة ضد العدو المحتل وضد قطعان الصهاينة الذين بدأوا بالتسلل الى تراب فلسطين إثر إعلان وعد بلفور المشؤوم في نوفمبر1917. ولا يكاد يخلو عام أو فصل أو شهر من تاريخ غزة المعاصر من ملحمة نضال ضد الاحتلال الصهيوني.

ويكفي أن نذكر بالحروب التي عاشتها غزة في العشرين سنة الأخيرة لندرك درجة تجذر الطبيعة الثورية لدى أهل غزة وعمقها. يقول الجامعي أباهر السقا في الدراسة المشار اليها "ففي العقد ونصف العقد الأخيرين شنت آلة الحرب الاستعمارية الإسرائيلية على قطاع غزة حرب 2008/2009 التي راح ضحيتها أكثر من 1400 شهيد وتدمير أكثر من ألف منزل، حرب 2012 التي راح ضحيتها أكثر من 180 شهيدا، حرب 2014 التي راح ضحيتها أكثر من 2300 شهيد وتدمير لمئات البيوت والمنشآت الاقتصادية والبنى التحتية، حرب 2019 التي راح ضحيتها أكثر من 34 شهيدا وعشرات البيوت المهدمة، حرب 2021 التي راح ضحيتها أكثر من 230 شهيدا وتدمير بنى تحتية مهمة، حرب 2022 التي راح ضحيتها 45 شهيدا. وخلال هذه الحروب استحدثت المقاومة أدوات جديدة لها علاقة بتطوير الأسلحة والصواريخ والمضادات الأرضية والعبوات ..." (3) ويستنتج من ذلك "يمكننا القول إن حجم العنف الشامل على الفلسطينيين في قطاع غزة أدى دورا في تصاعد العنف الثوري الفلسطيني على نحو مميز". (3)

لقد رسخت سلسلة هذه الحروب والحروب التي سبقتها لدى الشعب الفلسطيني في غزة وعي القمع والاحتلال ووعي النضال ضد القمع والاحتلال وعكس ما كان ينتظره المحتل الصهيوني لم تنل هذه الحروب من إيمان غزة العميق بالتحرير بالطريقة الثورية بالاعتماد على البندقية. وما عملية "طوفان الأقصى" إلا نتاج طبيعي ومنطقي في سياق تطور داخل حركة النضال التحريري في فلسطين عموما وفي غزة على وجه أخص.

وبالاطلاع على تاريخ المقاومة في غزة يجدر التأكيد على أن بروز حركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية" هذه المرة ليس غير تجلية من تجليات التعبير الثوري في نضال الشعب الفلسطيني من أجل القضاء على الاحتلال الصهيوني. فالتعبيرات الرّاهنة هي في معناها التاريخي امتداد لتعبيرات كثيرة سجلها التاريخ مثل "جيش التحرير الفلسطيني" و"فتح" و"قوات عين جالوت" و"النجادة" و"الفتوة" و"جيش القوات الشعبية" و"قوات التحرير الشعبي" و"خلايا زياد الحسيني" و"خلايا جيفارا غزة" والقائمة تطول. والرموز الرائجة الآن مثل السنوار والضيف وأبو عبيدة وغيرهم ليسوا غير نسخة حديثة من رموز نشطت في حقب ماضية من تاريخ النضال في غزة مثل محمد دلول وعزالدين القسام وياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف وحسين الخطيب وزياد الحسيني ومحمد الأسود الملقب بجيفارة غزة.

هكذا هي المقاومة متوارثة من فصيل الى فصيل ومن رمز الى رمز وذاك ما يجعل من غزة ساحة تكاد تختص بظاهرة المقاومة المتأصلة في تلك الربوع.



هوامش
1 – قولة للشيخ المؤرخ عثمان الطباع ذكرها أباهر السقا في دراسته بعنوان "قراءة سوسيو-تاريخية للمقاومة في غزة". مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 250 – شتاء 2024.
2 – المصدر السابق.
3 – المصدر السابق.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن اليسار النّقابي
- تفاقم أزمة البيروقراطيّة النّقابيّة
- اتّحاد الشّغل ومعركة الحرّيّة: أيّ دور؟
- المنتديات الاجتماعية، إجابة العصر المنقوصة
- استقلالية القرار النقابي: المظاهر والعوائق والآفاق( 1 )
- حول تمويل البنك المركزي لميزانية الدولة مباشرة
- حصيلة الثورة التونسية بعد 13 سنة: إلى ما قبل نقطة الصّفر
- حول بداية تحرير الدينار وأثاره الاقتصادية والاجتماعية
- قراءة سريعة في آخر تطورات الوضع السياسي في تونس
- الثورة التونسية: طابعها، آفاقها ومعيقات تطورها
- في الجدل حول الثورة ام الانتفاضة ومسائل أخرى
- تفاقم أزمة البيروقراطية النقابية
- في ذكرى 14 جانفي 2011 الازمة الثورية ... وأزمة الثورة في تون ...
- حصيلة الحرب وطبخة -غزة في اليوم التالي-
- أحداث 26 جانفي 1978 الأسباب والمجريات والدّروس
- -معجزة- انتخابية جديدة
- شتاء الغضب
- نشتم رائحة انتصار في غزة
- 17 – 14 أيام خالدة لن يقدر أحد على محوها من تاريخ تونس
- Le pouvoir d’un seul سلطة فرد


المزيد.....




- كيف يظهر -شكل الشيطان- في بورتريه الملك تشارلز؟.. تلاعب ونظر ...
- -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام ...
- شاهد.. إوزة بالغة تقود -تيارًا لا نهاية له- من صغار طيور الإ ...
- الملك سلمان يعاني من ارتفاع بالحرارة وألم مفاصل ويجري فحوصات ...
- شعر مستعار مذهل لأميرة مصرية بالعصور القديمة.. ما حقيقة الصو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة جثة رهينة من غزة
- مصر -غاضبة ومحبطة- ـ العلاقات مع إسرائيل في -أسوأ مراحلها-! ...
- دراسة: انخفاض التستوستيرون لدى الرجال يزيد من خطر الوفاة
- مجموعة علماء تكتشف علامات على وجود حضارة خارج كوكب الأرض
- -طلبي غريب شوية-.. عمرو أديب يوجه طلبا عاجلا لرئيس الوزراء ا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - من أخضعها اخضع سواها ومن ملكها هان عليه تملك غيرها (1)